عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

أمريكا وعالمها الجديد

يخطئ الحاكمون بأمرهم في الولايات المتحدة إذا اعتقدوا أن بإمكانهم إخضاع الشعوب بالقوة المسلحة، مهما بلغ جبروت الولايات المتحدة، ومهما ملكت من مختلف الأسلحة الفتاكة، ومهما امتلكت من الأموال والطاقات والتكنولوجيا.
إن الولايات المتحدة، بعد أن حققت انتصارها في حرب الخليج الثانية [عاصفة الصحراء ]، وبعد أن انهار ما كان يعرف بالمعسكر الاشتراكي، وبعد أن سقط الاتحاد السوفيتي، وقد غدت القوة العظمى الوحيدة في عالم اليوم، قد أخذها الغرور، واعتقدت أن بإمكانها أن تفرض هيمنتها على العالم أجمع، ولاسيما بعد أحداث الحادي عشر من أيلول الإجرامية، والتي استغلتها الولايات المتحدة لتنفيذ مخططها الهادف للهيمنة على العالم، فأخذت تتصرف في مجلس الأمن وكأنه منظمة تابعة لها، متجاهلة حتى القوى الكبرى الأخرى التي تمتلك حق النقض، تارة بالضغوط الاقتصادية والسياسية، وتارة أخرى بالتهديد حتى وصل الأمر بالرئيس بوش إلى أن يهدد وجود الأمم المتحدة نفسها إن هي لم تنصاع إلى مطالبه فيما يخص الحرب التي تزمع شنها على العراق .

إن عالم اليوم ليس عالم النصف الأول من القرن العشرين، حيث كانت الشعوب والبلدان نهباً للقوى الإمبريالية التي استخدمت القوة العسكرية الغاشمة للسيطرة على مقدرات الشعوب، ونهب ثرواتها وخيراتها، فالشعوب لم تسكت على الضيم والعبودية والاستغلال الاستعماري البشع، وأخذت على عاتقها مهمة الكفاح من أجل التحرر من ربقة المستعمرين، ومقدمة التضحيات الجسام من أجل الحرية، ودفعت ثمناً باهظاً من دماء أبنائها، لكنها حققت حريتها واستقلالها، ولو بدرجات متفاوتة.
لقد تغير العالم اليوم، وأصبحت الشعوب أكثر وعياً، وذاقت طعم الحرية، وهي اليوم أشد إصراراً على الحفاظ على حريتها واستقلالها، والذود عنه حتى النهاية.
 وسوف تضطر لخوض معارك الحرية من جديد كما خاضتها في العقدين الخامس والسادس من القرن العشرين .
ولا أخال أن أحداً يعتقد بأني عندما أقف ضد الحرب التي تزمع الولايات المتحدة شنها على العراق فإني أدافع عن نظام الطغيان والفاشية في بغداد، فما من أحد يحمل ذرة من الوطنية والإخلاص لقضية الشعب المبتلي بهذا النظام القمعي الدموي إلا ويتمنى زواله بأسرع ما يمكن، فما عاناه شعبنا خلال العقود الثلاث الأخيرة من هذا النظام ما لا يمكن تحمله أو تصوره.
لكن القضية هي أن أحداً لا يستطيع أن يقدر مدى الخراب والدمار الذي سيحل بالوطن، ولا مدى التضحيات التي سيدفعها شعبنا من دماء المواطنين، والنظام العراقي يدرك جيداً أن الحرب ستعني نهايته، وهو بلا شك سيستخدم كل ما عنده من أسلحة، والطامة الكبرى ستحل لو استعمل السلاح الكيماوي أو البيولوجي، فسيكون رد الفعل الأمريكي ماحقاً، وبكل أنواع الأسلحة المتاحة، وما أكثرها، وما أشدها فتكاً، ثم ما هو ذنب الشعب العراقي لتحمل مآسي ومصائب حرب جديدة، من قتل وخراب ودمار، فقد كفاه حروباً ودماراً منذ عام 1980، وحتى يومنا هذا.
 فهل استشاره دكتاتور العراق عندما شن الحرب على الجارة إيران بالنيابة عن الولايات المتحدة؟
هل استشاره عندما غزا الكويت وعمل فيها تدميراً ونهباً وقتلاً ؟
 هل استشاره في خوضه ما دعاها بأم المعارك !! مع الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب ؟
 لقد تجاهل الدكتاتور صدام الشعب العراقي في كل قراراته الهمجية، وها هو الشعب العراقي اليوم يعاني من أبشع الحروب وحشية، حرب التجويع والإذلال، وتهديم البنية الاجتماعية وتمزيقها، وتحول إلى شعب فقير وهو يعيش في وطن يطفو على بحر من النفط !!
ولا شك أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية عن كل ما جرى، فهي تعلم حق العلم أن الحصار المفروض على العراق لم ينل من الطغمة الحاكمة في بغداد، وأن الشعب هو وحدة من تحمل ولا زال يتحمل كل المآسي والويلات والجوع والفقر وشتى الأمراض التي لم يعرفها من قبل، ومع ذلك فقد أصرت الولايات المتحدة على استمرار الحصار منذ آب 1990 وحتى يومنا هذا. فكيف نصدق اليوم أن الولايات المتحدة تهدف من وراء حربها تخليص الشعب العراقي من حكم الطاغية صدام حسين وزمرته؟
ثم من يستطيع أن يضمن أن الولايات المتحدة ستمنح شعبنا الحرية وتشيد نظاماً ديمقراطياً تعددياً، وتعيد بناء البنية التحتية التي ستدمرها الحرب؟
وليست السياسة الأمريكية تتعلق بالعراق فحسب، بل هي تتعلق كذلك بمستقبل البشرية عامة، فقد تصبح الحرب التي تخطط لها الولايات المتحدة على العراق سابقة خطرة تحمل المآسي والويلات إلى الكثير من الشعوب .
فها هو الرئيس بوش يقسم العالم إلى قسمين [ إما معنا أو ضدنا ] وبهذه البساطة يعتبر يوش أن كل من لا يدعم سياسته وحروبه هو بالضرورة ضد الولايات المتحدة، كما أنه أخذ على عاتقه تحديد محاور الشر!! وتحديد المنظمات الإرهابية على هواه، ودون تمييز بين الكفاح من أجل الحرية والتحرر من الاحتلال كما هو الحال في فلسطين، ودون الرجوع إلى منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن، بل لقد هدد الأمم المتحدة بأنها ستكون كسابقتها عصبة الأمم والتي انهارت على يد دكتاتور ألمانيا[هتلر].
كم اتهمها مرة أخرى بأنها قد أصبحت مجرد مجلس للنقاش، وهدد مجلس الأمن مرة أخرى بأنه إما أن يصوت على مسودة القرار الأمريكي أو أنه سيتخذ قرار الحرب دون الرجوع إليه .
إن الولايات المتحدة إذا كانت تبتغي قيام نظام عالمي جديد تسوده قيم الحرية والعدالة والديمقراطية فعليها أن تعمل من أجل إصلاح الأمم المتحدة، وإجراء تغييرات جذرية في ميثاقها الذي وضعته الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية منذ أكثر من نصف قرن، وضمنت لنفسها امتيازات تمكنها من تقرير مصائر الشعوب، وأعطت لنفسها حق النقض لكي تمنع صدور أي قرار لا توافق عليه .
كما أن السلطة الحقيقية في المنظمة الدولية ينبغي أن تكون للهيئة العامة للأمم المتحدة، وأن يكون مجلس الأمن مسؤولاً أمامها، ويستمد سلطته منها، وأن يكون مجلس الأمن ملزماً بتنفيذ قراراتها، وأن يلغى حق النقض .
كما أن القانون الدولي هو الآخر بحاجة إلى إعادة النظر فيه بما يتلاءم مع عصرنا الحاضر، ويلبي طموحات الشعوب في إقامة نظام عالمي جديد تسوده قيم الحرية والديمقراطية بكل تفاصيلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يتضمن القانون الدولي بنداً ُيلزم كافة الدول المنضوية تحت راية الأمم المتحدة تطبيق شرعة حقوق الإنسان الذي أقرته المنظمة الدولية، وأن تجعل تطبيقه شرطاً أساسياً لاحتفاظ كل دولة بعضويتها في الأمم المتحدة، وأن تناط مهمة مراقبة تطبيق الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وسائر القوانين الدولية بمحكمة دستورية عليا تابعة للأمم المتحدة، مع تفعيل محكمة جرائم الحرب التي أقرتها الأمم المتحدة، وأن يسري حكمها على جميع الدول دون استثناء لتكون رادعاً لكل من تسول له نفسه انتهاك حقوق الإنسان واقترف الجرائم بحق الشعوب.
هذا هو السبيل لخلق عالم جديد، وهو ما تصبو إليه الإنسانية جمعاء، ولا شك أن الولايات المتحدة قادرة على أن تحقيق ذلك إن هي شاءت. وستلقى الدعم الشامل من جميع الشعوب، فهل تراها فاعلة ؟

 







0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب