عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

‏إظهار الرسائل ذات التسميات حقيبة المقالات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات حقيبة المقالات. إظهار كافة الرسائل

آفاق المرأة والحركة النسويةفي ظل ثورات الربيع العربي!



بمناسبة 8 آذار 2012،عيد المرأة العالمي


آفاق المرأة والحركة النسوية في ظل ثورات الربيع العربي!

حامد الحمداني

8/3/2012


1- هل سيكون للمرأة في الدول العربية نصيب من التغيرات المحدودة التي طرأت حتى الآن على مجتمعات هذه الدول كأحد نتائج الربيع العربي؟



من المؤسف أن أقول أن الثورات التي اجتاحت العديد من بلدان العالم العربي أخيرا ليست لم تقدم للمرأة ما كانت تصبو إليه في نيل حقوقها المغتصبة في ظل المجتمع الذكوري السائد، بل عادت إلى الوراء على اثر وصول أحزاب الإسلام السياسي إلى السلطة.

إنها انتكاسة كبرى بالنسبة لحقوق المرأة لم نشهد له منذ الخمسينات من القرن الماضي، ومن عاش تلك الحقبة الزمنية يدرك البون الشاسع بين أوضاع المرأة آنذاك وأوضاعها اليوم في ظل هذه الانتكاسة، والردة الرجعية في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

أنها لمأساة كبرى أن نجد المرأة اليوم وقد البسوها هذا القناع الأسود باسم ما يدعيه مسلمو هذا الزمان بالفضيلة، وكأنما هذا القناع الأسود هو الذي يحمي عفافها!!، وبدأت عمليات غسل الأدمغة التي يمارسها منظرو الإسلام السياسي، وقد امتلكوا السلطة لإعادة الحصان الجامح الذي انطلق مع قيام الثورات إلى حصنه من جديد


 
2- هل ستحصل تغيرات على الصعيدين الاجتماعي والثقافي في منظومة القيم المتعلقة بالسلطة الذكورية والعقلية التسلطية التي تعاني منها نساء الشرق؟ وإلى أي مدى يمكن أن تحصل تغيرات جوهرية في ضوء الحراك الشعبي الواسع والخلاص من رأس النظام وبعض أعوانه في أكثر من دولة عربية؟



نعم ستحصل، بل لقد حصلت بالفعل، لكنه في الاتجاه المعاكس، فقد انتكست حقوق المرأة التي ناضلت من أجلها عقوداً طويلة ، وبات عليها أن تبدأ من نقطة الصفر من جديد، والفضل في كل ما جر ى هو وصول الإسلام السياسي إلى قمة السلطة، فلا يمكن أن يبني الإسلام السياسي دولة ديمقراطية، ويطبق شرعة حقوق الإنسان ومساواة المرأة بالرجل ويحقق العدالة الاجتماعية.   


 3- ما هو الأسلوب الأمثل لنضال المرأة لفرض وجودها ودورها ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في تلك الدول العربية التي وصلت فيها الأحزاب الإسلامية السياسية إلى الحكم؟



لا سبيل إلى فرض وجود المرأة ومشاركتها النشيطة في الحياة السياسية والثقافية إلا من خلال كسر كل القيود التي قيدها ما يسمى بالشرع الذي يفرضه أساطين الإسلام السياسي، فلا شرع في عصرنا هذا غير شريعة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا بد أن تتحرر المرأة اقتصادياً لأنه السبيل الأهم لتحررها الاجتماعي، وهذا لن يتم إذا لم يجرِ تعبئة سائر منظمات المرأة ، وبدعم فعّال ومتواصل من سائر القوى السياسية الديمقراطية، والمنظمات الاجتماعية لخوض المعارك الفاصلة مع قوى الردة والرجعية، لفرض إرادة التحرر من قيود المجتمع الذكوري والقوانين الرجعية التي تفرضها الشريعة التي عفا عليها الزمان، ولن تعد تلائم عصرنا.

 
4- تدعي الأحزاب الإسلامية السياسية بأنها تطرح إسلاماً ليبرالياً جديداً وحديثاً يتناسب مع فكرة الدولة المدنية. هل ترى أي احتمال للتفاؤل بإمكانية شمول حقوق وحريات المرأة ضمن البرنامج السياسي الإصلاحي الاحتمالي لقوى الإسلام السياسي, وهي التي تحمل شعار "الإسلام هو الحل"؟



لا          لا اعتقد ولا أتصور، ولا أثق بكل ادعاءات أحزاب الإسلام السياسي بطرح برنامج ليبرالي حديث يتناسب مع فكرة الدولة المدنية، ويتضمن حقوق وحريات المرأة طالما هم متمسكون بما يسمى بالشريعة التي وضعت قبل 1400 عام فمن المستحيل أن تتلاءم الشريعة الدينية مع شرعة حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة منذ عام 1948، والتي تتجاهلها كل أنظمة الدول الإسلامية، ولا حل إلا بقيام دولة علمانية تتولى فصل الدين عن الدولة، ليبقَ الدين منزها من كل ما الصقه منظرو الإسلام السياسي من أدران بغية تثبيت كيانهم السياسي وسيطرتهم وتحكمهم  بشؤون المجتمع، بدأً من رياض الأطفال وحتى الدراسات العليا، وليبًق الدين علاقة خاصة بين الإنسان وربه فقط، دون تدخل الدولة. 


5- هل تتحمل المرأة في الدول العربية مسؤولية استمرار تبعيتها وضعفها أيضاً؟ أين تكمن هذه المسؤولية وكيف يمكن تغيير هذه الحالة؟
 

                       
لا أستطيع أن أبرئ المرأة من المسؤولية بسبب التخلف السائد في المجتمع نتيجة لعوامل متعددة بعضها يقع على عاتق رجال الدين، وبعضها الآخر على الدولة ونظامها السياسي والاجتماعي، وبعضها الآخر على المرأة نفسها فلقد وجدنا الكثير من النساء ممن حملن حتى شهادة الدكتورة وقد غطت نفسها بهذا الكيس ألظلامي الأسود، وتعلن صراحة أن من حق الرجل أن يضرب المرأة، وأن على المرأة إطاعة الرجل، وعدم مخالفة إرادته، لأن الإسلام يقول أن الرجال قوامون على النساء، وهذا ما سمعته في ندوة تلفزيونية مع نائبة في البرلمان العراقي، فكيف بالمرأة المحرومة من الثقافة ، والمطمورة بين أربعة جدران ومهمتها خدمة الرجل، وتلبية رغباته الجنسية، وتربية الأطفال، وتحضير الطعام، وتنظيف المسكن، دون إن تشعر بكرامتها المهانة، ودون أن تعترض على انتهاكها تحت تهديد الرجل.                                                     .         
 
6. ما هو الدور الذي يمكن أن يمارسه الرجل لتحرير نفسه والمجتمع الذكوري من عقلية التسلط على المرأة ومصادرة حقوقها وحريتها؟
                  .


الثقافة الذاتية هي التي تجعل الرجل يحس بكونه يضطهد المرأة ويسلبها حقوقها، وإرادتها، وأن المرأة مخلوق لا يختلف عن الرجل، بل أستطيع القول أن ما تقوم به المرأة يعجز الرجل عن القيام به، دعك عن الحمل والولادة وآلامها ومخاطرها، ومع ذلك نجد المرأة وقد درست واجتهدت وحققت نجاحاً باهراً كطبيبة ومهندسة ومدرسة ومحامية وقاضية، بل وتبوأت في العديد من الدول أعلى مراتب السلطة كرئيسة دولة، أو رئيسة وزراء، في حين نجد الكثير من الرجال الأميين الذين لا يدركون من شؤون الحياة سوى فرض سيطرته على المرأة، ونتهاك حقوقها والاعتداء عليها.

أن الثقافة الذاتية لا تأتِ إلا من خلال القراءة، والمخالطة الاجتماعية مع من يمتلكون جانبا واسعاً من الثقافة، فمن لا يقرأ يتحجر دماغه بلا أدنى شك، وعلى المرأة كذلك أن تهتم بالقراءة فهو السبيل لجعلها تدرك حقوقها وحرياتها ، وتدفعها للنضال من أجل تحقيقها.

في النهاية أقدم أجل الاحترام للمرأة خالقة المجتمع،واهنأها من صميم القلب بمناسبة عيدها الذي ارجو أن يكون محفزاً لها على النضال من |أجل تحررها   
اقرأ المزيد من التفاصيل »»»


في ذكرى اغتيال الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم



هكذا اغتال انقلابيو 8 شباط الفاشي قائد ثورة 14 تموز

 الشهيد عبد الكريم قاسم

حامد الحمداني

9 شباط 2012

اليوم التاسع من شباط يصادف الذكرى التاسعة والأربعين المشؤومة لجريمة انقلابيي 8 شباط 1963باقدامهم على اغتيال ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 وقائدها الشجاع الزعيم الأمين عبد الكريم قاسم وصحبه الأبرار، وكل المناضلين الذين وقفوا إلى جانب الثورة وساندوها وذادوا عنها من مؤامرات إذناب الإمبريالية.



إن كل ما قيل عن إجراء محاكمة الشهيد عبد الكريم قاسم، قائد ثورة الرابع عشر من تموز كانت محض كذب وفتراء، فلقد كان الانقلابيون قد قرروا مسبقاً حكم الموت بحقه، وبحق رفاقه الشهداء الأبطال، وما كان لعبد الكريم قاسم أن يسلم نفسه لأولئك المجرمين، ولكنه خُدعَ، أو ربما خَدَعَ نفسه بوساطة ذلك الخائن والدجال [يونس الطائي]، الذي كان يتملقه طيلة أيام حكمه، وتبين فيما بعد أنه كان على علاقة حميمة بالانقلابيين، وتصور عبد الكريم قاسم أن يدعه الانقلابيون يخرج بسلام، أو أن يوفروا له محاكمة عادلة، وعلنية كما فعل هو عندما حاكم عبد المتآمر على الثورة عبد السلام عارف، والمتآمرين الآخرين.



وحال دخول عبد الكريم قاسم دار الإذاعة، أنبري له عبد السلام عارف، وعلي صالح السعدي بالشتائم المخجلة، التي لا تصدر إلا من أولاد الشوارع، فقد توجه السعدي إليه قائلاً:

[ لقد كانت عندنا حركة قبل أسبوعين، وأريد أن اعرف مَنْ أفشى لك بهذه الحركة  وهل هو موجود بيننا؟] وكانت تلك الحادثة قد أدت إلى اعتقال السعدي، وقد أجابه عبد الكريم قاسم [ غير موجود هنا بشرفي] لكن السعدي رد عليه بانفعال قائلا: ومن أين لك بالشرف؟  وهنا رد عليه عبد الكريم قاسم بشجاعة قائلاً:

{إن لي شرفاً أعتز به}.



وهنا دخل معه في النقاش عبد السلام عارف حول مَنْ وضع البيان الأول للثورة، وكان كل همه أن ينتزع من عبد الكريم قاسم اعترافاً بأنه ـ أي عبد السلام ـ هو الذي وضع البيان الأول للثورة.



 إلا أن عبد الكريم قاسم أصر على أنه هو الذي وضع البيان بنفسه، وكانت تلك الأحاديث هي كل ما جرى في دار الإذاعة، وقد طلب عبد الكريم قاسم أن يوفروا له محاكمة عادلة ونزيهة وعلنية، تنقل عبر الإذاعة والتلفزيون، ليطلع عليها الشعب، إلا أن طلبه رُفض، فقد كان الانقلابيون على عجلة من أمرهم للتخلص منه لكي يضعوا حداً للمقاومة، ويمنعوا أي قطعات من الجيش من التحرك ضدهم انقلابهم المشؤوم، والمدعوم من الإمبريالية الأنكوأمريكية، وباشتراك الرئيس المصري عبد الناصر، وبدعم وإسناد  من دول الشيوخ في السعودية، ودويلات الخليج الذين أرعبتهم ثورة 14 تموز المجيدة.  



قام العقيد المجرم عبد الغني الراوي بإبلاغه ورفاقه الشهداء الزعيم فاضل عباس المهداوي رئيس محكمة الشعب والزعيم طه الشيخ أحمد مدير التخطيط العسكري ومرافق الزعيم  الملازم كنعان حداد بقرار الإعدام للجميع، وقد  ذكر إسماعيل العارف في مذكراته أن عبد الكريم ورفاقه لم يفقدوا رباطة جأشهم، وشجاعتهم، ولم ينهاروا أمام الانقلابيين.



 وعند الساعة الواحدة والنصف من ظهر ذلك اليوم، 9 شباط 1963 ، أقتيد عبد الكريم قاسم ورفاقه إلى ستديو التلفزيون، وتقدم المجرم العقيد عبد الغني الراوي، والمجرم الرائد منعم حميد ، والمجرم الرئد عبد الحق، فوجهوا نيران أسلحتهم الأوتوماتيكية إلى صدورهم فماتوا لساعتهم، رافضين وضع عصابة على أعينهم، وكان آخر كلام لعبد الكريم قاسم هو هتافه بحياة ثورة 14 تموز، وحياة الشعب العراقي.



 سارع الانقلابيون إلى عرض جثته، وجثث رفاقه على شاشة التلفزيون لكي يتأكد الشعب العراقي أن عبد الكريم قاسم قد مات، فقد أراد الانقلابيون التخلص من عبد الكريم قاسم، وإعلان مقتله لمنع أي تحرك من جانب القطعات العسكرية ضد الانقلاب، ولإحباط عزيمة الشعب على المقاومة.



 كما أسرع الانقلابيون إلى دفنه تحت جنح الظلام، دون أي معالم تذكر، في منطقة معامل الطابوق، خارج مدينة بغداد، إلا أن عدد من عمال معامل الطابوق الذين يعملون شعالة طوال الليل، شعروا بوجود ثلة عسكرية في تلك المنطقة، فما كان منهم إلا أن توجهوا بعد مغادرة الثلة العسكرية إلى المكان، حيث وجدوا ما يشبه حفرة القبر.  وقد دخلت الشكوك والربية في نفوسهم وهم يتساءلون فيما بينهم :

 من يكون ذلك الإنسان؟

ولماذا جاءوا به إلى تلك المكان؟

صمم العمال على فتح الحفرة، فكانت المفاجئة جثة عبد الكريم قاسم. اخرج العمال الجثة على عجل وحملوها إلى مكان آخر، حيث حفروا له قبراً جديداً حباً واحتراماً لذلك الرجل الذي قاد ثورة 14 تموز التي أرعبت الإمبريالية وأذانبها في المنطقة العربية.



 غير أن الزمرة الانقلابية أحست بما جرى، فقامت بالتفتيش عن الجثة، وتوصلت إلى القبر الجديد، وأخرجت الجثة منه، ونقلتها تحت جنح الظلام لترميها في نهر ديالى، بعد أن تم وضعها بصندوق صُب فيه الكونكريت لكي لا تطفو الجثة في النهر، ويعثر عليها أحداً من جديد.



 إن ذلك العمل الشائن والبائس لا يعبر إلا عن جبن الانقلابيين، وخوفهم من شبح عبد الكريم قاسم، حتى وهو ميت، وكانوا يدركون مدى ما يكنه الشعب العراقي للزعيم الخالد، واعتزازهم بثورة الرابع عشر من تموز المجيدة، تلك المحبة التي لم ينلها كل من حكم العراق من قبله ومن بعده حتى يومنا هذا.



ولم يكتفِ الانقلابيون بكل ذلك، بل انبرت أقلامهم القذرة، وقد أعمى الحقد قلوب أصحابها بنهش عبد الكريم قاسم، وإلصاق شتى التهم المزورة به، والإساءة إلى سلوكه، وأخلاقه مستخدمين ابذأ الكلمات التي لا تعبر إلا عن الإناء الذي تنضح منه.



 إن عبد الكريم قاسم، رغم كل أخطائه، يبقى شامخاً كقائد وطني، معادى للاستعمار، حارب الفقر بكل ما وسعه ذلك، وحرر ملايين الفلاحين من نير وعبودية الإقطاع، وحرر المرأة، وساواها بالرجل، وحطم حلف بغداد، وحرر اقتصاد البلاد من هيمنة الإمبريالية، وبقي طوال مدة حكمه عفيف النفس، أميناً على ثروات الشعب، ولم يسع أبداً إلى أي مكاسب مادية له أو لأخوته، ورضي بحياته الاعتيادية البسيطة دون تغيير.



وها هم بعض الذين أساءوا إلى شخصه، بعد أن هدأت الزوبعة الهوجاء قد بدأت تستيقظ ضمائرهم، ويعيدوا النظر بأفكارهم وتصوراتهم عن مرحلة عبد الكريم قاسم وثورة 14 تموز ، بنوع من التجرد، لتعيد له اعتباره، وتقيّم تلك المرحلة من جديد.

المجد والخلود لقائد ثورة الرابع عشر من تموز الزعيم عبد الكريم قاسم وسائر رفاقه الأبرار. والخزي والعار واللعنة الأبدية لمطايا الإمبريالية من انقلابي 8 شباط الفاشي1963.














اقرأ المزيد من التفاصيل »»»



من أجل تطوير مناهجنا التربوية لإجيالنا الناهضة

حامد الحمداني

6/2/2012                                   



أن التطور الذي شهده عصرنا الحاضر في أساليب التربية الديمقراطية قلب المفاهيم التربوية السائدة رأساً على عقب، فبعد أن كان الكتاب والمعلم، وهو لا يزال مع شديد الأسف في الكثير من البلدان النامية هما المحور الذي تدور حوله عملية التربية والتعليم، وجلّ هم المدرسة حشو أدمغة التلاميذ بالمعلومات النظرية التي تتضمنها الكتب المقررة من قبل وزارات التربية والتعليم، والتي ليس لها علاقة بواقع حياتهم، ولا صلة تربطها بالمجتمع، وإجبار التلاميذ على استيعابها بكل الوسائل،ومنها بكل تأكيد القسرية، بما فيها العقاب البدني، كي يتم حفظها عن ظهر قلب، وتأدية الامتحانات فيها.

 لكن تلك المعلومات التي اُجبر على حفظها لا تلبث أن تتبخر من أذهانهم لأن التلميذ ينسى بسرعة ما تعلمه، لكنه يذكر دائماً ما وجده بنفسه، وإن التعلم الحقيقي هو أن يقوم التلميذ نفسه بتجاربه فهو يفهم أكثر إذا عمل بدل أن يصغي و يقرأ، وإن كل المعارف التي يتلقاها التلميذ عن طريق الترديد والتلقين لا تعتبر معارف حقيقية، فقد تكون الخطورة في الترديد من دون الفهم وقد يكون الفهم خاطئاً، وهو ما يعتبر أخطر من الجهل كما يقول أفلاطون.

إن من الضروري أن يتملك التلميذ المعرفة، ويمتصها بكيانه كله، وبفكره وتجربته، لكنه يعجز عن ذلك إذا لم يٌتاح له الوقت المناسب ليدرسها، وليستعيدها لنفسه وحسابه الخاص، ولا يشك أحد أن معرفة كهذه هي أبقى من معرفة تلقن تلقيناً، لأنها تبقى أبداً في حالة استعداد لمجابهة مواقف ومشاكل أخرى حتى ولو نسيتها الذاكرة لأنها تتيح للتلميذ فرصة توسيع إمكانياته.

لقد أهملت المدرسة القديمة ميول ورغبات وغرائز الأطفال، وضرورة إشباعها، وتشذيبها وصقلها، وأهملت ضرورة فسح المجال لإظهار التلميذ لقدراته وقابليته في مختلف الفنون الموسيقية والغنائية والتمثيلية، وأهملت ضرورة إعطائه المجال الواسع للعب، وإظهار طاقاته البدنية المكبوتة، واعتُبرت مسائل ثانوية في نظر القائمين على التربية لا تستحق الاهتمام.  

ولقد أجاد المربي الكبير [ جون ديوي ] في كتابه [ المدرسة والمجتمع ] في وصف واقع المدرسة القديمة قائلاً:

{لكي أوضح النقاط الشائعة في التربية القديمة بسلبيتها في الاتجاه وميكانيكيتها في حشد الأطفال، وتجانسها في المناهج والطريقة، من الممكن أن يلخص كل ذلك بالقول بأن مركز الجاذبية واقع خارج نطاق الطفل، إنه في المعلم وفي الكتاب المدرسي، بل قل في أي مكان تشاء عدى أن يكون في غرائز الطفل وفعالياته بصورة مباشرة، وعلى تلك الأسس فليس هناك ما يقال عن حياة الطفل، وقد يمكن ذكر الكثير عما يدرسه الطفل، إلا أن المدرسة ليست المكان الذي يعيش فيه، وفي الوقت الحاضر نرى أن التغيير المقبل في تربيتنا هو تحول مركز الجاذبية، فهو تغير أو ثورة ليست غريبة عن تلك التي أحدثها كوبر نيكوس عندما تحول المركز الفلكي من الأرض إلى الشمس، ففي هذه الحالة يصبح الطفل الشمس التي تدور حولها تطبيقات التربية، وهو المركز الذي ننظمها حوله}.

أما العالم الشهير [ جان جاك رسو ] فقد دعا في عصره إلى إجراء التغيير الجذري في مناهج المدرسة قائلاً:

{حولوا انتباه تلميذكم إلى ظواهر طبيعية، فيصبح اشد فضولاً، ولكن لا تتعجلوا في إرضاء هذا الفضول. ضعوا الأسئلة في متناوله، ودعوه يجيب عليها، ليعلم ما يعلم، ليس لأنكم قلتموه له، بل لأنه فهمه بنفسه، ليكشف العلم بدلاً من أن يحفظه، فعندما يجبر على أن يتعلم بذاته فإنه يستعمل عقله بدلاً من أن يعتمد على عقل غيره.

 فمن هذا التمرين المتواصل يجب أن تنتج قوة عقلية تشابه القوة التي يعطيها العمل والتعب للجسم. إن الإنسان يتقدم بالنسبة لقواه، وكذلك الفكر فإنه مثل الجسد لا يحمل إلا ما وسع من طاقته}.

وهكذا إذاً كانت الدعوات من قبل العلماء والمفكرين تتوالى لإعادة النظر في المناهج الدراسية والتربوية من أجل تحويل المدرسة إلى صورة مصغرة من المجتمع الديمقراطي المشذب والمهذب، لكي يمارس التلاميذ حياتهم الفعلية فيها، ويستنبطوا الحقائق بأنفسهم، وليصبح الكتاب والمعلم عاملين مساعدين في تحقيق ما نصبو إليه في تربية أجيالنا الصاعدة، ولتصبح المدرسة هي الحياة بالنسبة لهم، وليست إعداداً للحياة، حيث يمارس التلاميذ داخل مدرستهم مختلف أنواع المهن الموجودة في المجتمع الكبير، ويمارسون كل هواياتهم الفنية، والرياضية، والموسيقية، وغيرها من الهوايات الأخرى.

وبكل ثقة نستطيع أن نقول أنهم بهذا الأسلوب سوف يطلقون قدراتهم الذاتية في الاستطلاع، والفهم، والاستيعاب، واستنباط الحقائق بأنفسهم، خيراً ألف مرة من تلقينهم الدروس المحددة والجامدة والتي لا تغنيهم شيئا،ً ولا تلبث أن تطير من أذهانهم .

أننا إذا كنا ننشد إقامة نظام ديمقراطي حقيقي فعلينا أن نبدأ بتربية أبنائنا على أسس ديمقراطية، وهذا يتطلب منا أحداث ثورة في المناهج التربوية تزيح جانباً الأساليب التربوية البالية، وتعتمد الأسلوب العلمي والديمقراطي الحديث، وعلينا أن نعيد أعداد الجهاز التربوي بما يتلاءم مع التطوير المنشود لمناهجنا التي عفا عليها الزمن، وهذا يقتضي بذل جهود مضنية لأعداد الدورات الدراسية للجهاز التربوي تؤهلهم للنهوض بهذه المهمة الصعبة والكبيرة.

وإذا لم نعد الجهاز التربوي إعداداً ديمقراطياً سليماً، ولم نستأصل الفكر الفاشي القائم على العنف، والذي نما وترعرع على عهد النظام البعثي، وإذا لم نحرر التربية من هيمنة الأحزاب الدينية الطائفية التي هيمنت على السلطة، وبالتالي على إعداد المناهج الدراسية، وتنقيتها من الفكر المتخلف الذي عفا عيه الزمن، والذي حول مدارسنا إلى الكتاتيب التي عرفناها فيما مضى، فليس من الممكن إطلاقاً أعداد جيل يدرك معنى الديمقراطية، ويحيا في ظلها، ويتمسك بها، فالمناهج الحديثة المتطورة والجهاز التربوي المتشبع بالفكر الديمقراطي عاملان متلازمان لا يمكن فصلهما عن بعضهما، لكي نحقق الأهداف التي نصبوا إليها في تربية أجيالنا الصاعدة التربية المنشودة .    


اقرأ المزيد من التفاصيل »»»











هل يدفع الشعب العراقي فاتورة الصراع على السلطة؟

حامد الحمداني

31/1/2012

يعيش المواطن العراقي اليوم محنة ما بعدها محنة، وهو يشهد هذا الصراع الرهيب بين قادة القوى السياسية المشتركة بالسلطة، وكل جهة تحاول الاستئثار بها  بكل الوسائل والسبل، مما يهدد في اندلاع الصراع المسلح الذي عانى منه الشعب عامي  2006 و 2007 .



ولم يدر في خلد الشعب العراقي الذي كان تواقاً للخلاص من نظام طاغية العصر صدام حسين وحزبه الفاشي، والخروج من ذلك الوضع القاسي، ليصبح  ضحية وضع أشد قساوة وأفضع، حيث تراق دماء المواطنين الأبرياء في شوارع بغداد وسائر المدن العراقية الأخرى على أيدي القتلة المأجورين.



نعم لم يدر في خلده أن يشهد هذا الصراع العنيف بين قادة الكتل والأحزاب السياسية على السلطة، تاركين الشعب تحت رحمة القوى الإرهابية الصدامية وميليشيات أحزاب الإسلام السياسي الظلامية، وحتى أجهزة السلطة الأمنية التي حولت حياة المواطنين إلى جحيم لا يطاق،  جراء الجرائم التي يقترفونها كل يوم بدم بارد، وعن عزمٍ وتصميم لإنزال اكبر الخسائر البشرية والمادية بالشعب العراقي، بسياراتهم المفخخة والعبوات المزروعة على الطرق والشوارع، والأحزمة الناسفة للانتحاريين الظلاميين المجرمين، والمسدسات الكاتمة للصوت،  حتى بات المواطن العراقي لا يأتمن على نفسه حتى في بيته .



وبدلا من توحيد القوى والأحزاب السياسية التي عارضت نظام الطاغية صدام جهودها للتصدي لهذا الوباء الخطير الذي يعصف بالبلاد والعباد، فقد جرى تحويل مجرى الصراع بين هذه القوى إلى صراع طائفي خطير بين الشيعة والسنة !! عامي 2006 و 2007، ووصل هذا الصراع إلى الحد الذي جرت فيه أعمال القتل الوحشية على الاسم والهوية، ولعب الإعلام المتخلف والمتعصب لهذه القوى دوراً خطيراً في تحشيد العناصر المتخلفة وغير المنضبطة، وزجها في هذا الصراع الرهيب الذي سبب إزهاق أرواح عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء، وتشريد أكثر من مليونين من المواطنين الذين تركوا مساكنهم وأعمالهم ومدارس أبنائهم هربا من الموت على أيدي ميليشيات أحزاب الإسلام السياسي.



لقد تخلت هذه القوى والأحزاب عن وطنيتها العراقية، واضعة نصب أعينها الحصول على المكاسب والمغانم من خلال سعيها الحثيث للإمساك بالسلطة حتى لو احترق العراق بأهله، ففي حين نشهد كل يوم عشرات الضحايا من المواطنين المقتولين خنقاً أو ذبحاً أو رصاصة بالرأس وهم معصوبي الأعين ومكتفي الأيدي على يد العناصر الإرهابية التي لم تبقَ وقفاً على العناصر الصدامية والظلامية، بل يشاركها اليوم العناصر المحسوبة على السلطة بما فيها عناصر تنتسب إلى قوات الأمن المفروض فيها حماية الأمن والنظام العام والحفاظ على أمن المواطنين، وقد اعترفت وزارة الداخلية بأن عصابات الموت في الأجهزة الأمنية قد مارست هذا العمل الإجرامي الشنيع بحق المواطنين الأبرياء .



لقد تخلت هذه القوى التي فقدت ثقة الشعب بها جراء مواقفها إلا مسؤولة، عن وطنيتها العراقية، وباتت أداة طيعة بيد القوى الإقليمية، والقوى الإمبريالية، فقد وضعت قوى سياسية عنبها في سلة إيران، ووضعت قوى أخرى عنبها في سلة سوريا، وقوى ثالثة وضعت عنبها في سلة السعودية، ورابعة وضعت عنبها في سلة أمريكا و بريطانيا، ولكل منها أجندتها وأهدافها البعيدة المدى مستعينة بما تقدمها هذه الدول من دعم مادي ولوجستي لقاء الخدمات التي تقدمها هي لهذه الدول بالضد من مصالح الشعب والوطن .



ولم تتعلم هذه القوى الدرس من تجارب التاريخ، وتناست كل تلك المؤتمرات التي كانت تعقدها يوم كانت في المعارضة الوطنية خارج الوطن، وتوافقها على توحيد الجهود لبناء عراق ديمقراطي موحد، ينعم فيه شعبنا بالسلام والحرية والعدالة الاجتماعية التي حُرم منها لعقود طويلة .



لقد تخلت هذه القوى عن الشعب في أحلك محنة تعصف به، ولم يعد ما يهمها سوى تحقيق مآربها الأنانية، وتعطشها للسلطة والاستئثار بها  والسعي لتحقيق أهدافها الخاصة حتى ولو أدت إلى تمزيق العراق شعباً ووطناً.



الشعب العراقي أيها السادة تنتابه اليوم خيبة أمل كبرى بكم، فقد تلاشى الأمل الذي كان يحلم به على أيديكم، وأصابه اليأس من إصلاح الأوضاع المأساوية التي يعيش بظلها، فلا أمان واطمئنان على الحياة، ولا خدمات اجتماعية وصحية وثقافية، والبطالة بلغت أعلى معدلاتها، والجوع والفقر والأمراض تنخر بالمجتمع، وانتم عنه لاهون، وعلى السلطة تتصارعون، ولخدمة الأجنبي تتسابقون.



الوضع خطير أيها السادة، ولم يعد هناك متسع من الوقت إلا القليل لتكفروا عن أوزاركم، وتعودوا إلى شعبكم، وتدعو جانياً مصالحكم الحزبية والشخصية الأنانية، ولتكونوا عراقيين أوفياء حقاً وصدقاً، وليشد بعضكم إزر بعض، ولتحافظوا على وحدة الشعب والوطن، وتقفوا وقفة رجل واحد ضد كل من يسعى لإحداث الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب الواحد بمختلف قومياته وأديانه وطوائفه، والحيلولة دون نشوب الحرب الأهلية من جديد، والتي لن ينجُ منها أحد أبداً، وسيلعن التاريخ كل من يدفع أطياف الشعب العراقي المظلوم نحو الكارثة.
اقرأ المزيد من التفاصيل »»»

هل اقتربت ساعة الحسم بين المقامرين بمصير العراق وشعبه؟











هل اقتربت ساعة الحسم بين المقامرين

 بمصير العراق وشعبه؟

حامد الحمداني

18/1/2012



لقد قلنا فيما سبق أن المقدمات الخاطئة تعطِي نتائج خاطئة بكل تأكيد، هكذا يقول العلم والعلماء، وهكذا تعلمنا خلال سنوات الدراسة، وهذا القانون لا ينطبق على موضوع معين فحسب، بل ينطبق على كل مجالات العلوم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وسائر العلوم الأخرى.



وما يهمنا اليوم في موضوعنا هذا تناول الأحداث التي ترتبت على الاحتلال الأمريكي للعراق، ونتائجها الكارثية على الأوضاع  السياسية والاجتماعية للمجتمع العراقي منذ الغزو الأمريكي للعراق في العشرين من آذار 2003 وحتى اليوم، والتأثيرات السلبية الخطيرة على مستقبل العراق وشعبه.



ولكن لا بأس أن نعود قليلاً إلى الوراء لنستعرض السياسة الرعناء لنظام البعث، والتي قادت العراق إلى المصير المجهول، فقد تعرض العراق على عهد هذا النظام الشمولي الذي دام 35 عاماً، وبوجه خاص على عهد الدكتاتور صدام حسين الذي فرض نفسه قائداً أوحداً يمسك بين يديه كل مفاصل الدولة، وكل القرارات المتعلقة بمصير الشعب والوطن، لكوارث رهيبة كان أبشعها حروبه الكارثية المتتالية بدءً من حرب الخليج الأولى ضد إيران التي دامت 8 سنوات بالنيابة عن الولايات المتحدة،  فاحتلال الكويت، فحرب الخليج الثانية التي خطط لها الرئيس بوش الأب، ناصباً الفخ للدكتاتور الأرعن صدام،  وبمشاركة جيوش 32 دولة أخرى بدعوى تحرير الكويت.



 لكن الهدف الأساسي لتلك الحرب كان تدمير القدرات العسكرية العراقية بعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، وفرض الحصار الأمريكي الجائر الذي يعتبر بحق أقسى وأشنع أنواع الحروب ضد الشعب العراقي، والذي دام 13 عاماً عجافا كانت له اشد التأثيرات الكارثية على البنية الاجتماعية والاقتصادية العراقية.



 ثم تلا ذلك حربه الداخلية لقمع انتفاضة الشعب عام 1991، فاستمراره بلعبة القط والفأر مع الولايات المتحدة حول التخلص من أسلحة الدمار الشامل، ومواصلة الإدارة الأمريكية القصف الجوي المستمر على العراق في عهد الرئيس كلنتون، وأخيراً حرب الخليج الثالثة التي قادها الرئيس بوش الأبن باسم تحرير الشعب العراقي من نظام صدام!!، وانتهت بسقوط النظام، واحتلال الجيش الأمريكي للعراق، وتكشّف زيف الادعاءات الأمريكية، حيث انتقل الشعب العراقي من طغيان نظام صدام إلى طغيان نظام الاحتلال الأمريكي وأدواته التي نصبها على قمة السلطة.



لم تكن هناك أية مبررات لتلك الحروب الكارثية، وما كان لها أن تحدث لولا استئثار نظام البعث بالسلطة المطلقة، والتصرف الطائش والأهوج، وجنون العظمة لصدام، وتطلعاته للهيمنة على منطقة الخليج فهي التي قادته، وقادت الشعب العراقي إلى هذه النهاية المفجعة، وأوصلت العراق إلى الاحتلال والخراب والدمار.



جاء الاحتلال الأمريكي للعراق على الرغم من معارضة الأمم المتحدة، ومعارضة معظم دول العالم، وفي مقدمتها فرنسا وروسيا والصين، الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن لتلك الحرب التي سببت للعراق من الكوارث التي كانت الأشد من سابقاتها بسبب الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها الحاكم الأمريكي بريمر خلال عام كامل.



 وسواء أكانت قرارات بريمر الكارثية قد جرى أعداها سلفا في دهاليس البيت الأبيض والبنتاجون، وهو ما أرجحه شخصياً، أم أنها قرارات خاطئة اتخذها بريمر بنفسه فالنتيجة كانت واحدة هي قيام نظام طائفي وعنصري شوفيني أجج الصراعات الدينية والأثنية بين مكونات المجتمع العراقي، والتي قادته إلى الصراع المسلح والحرب الأهلية الطائفية، ولا أريد الإطالة بالحديث عن تفاصيل الكوارث التي حلت في العراق على يد المحتلين، ومن جاؤوا بهم من قادة أحزاب الإسلام السياسي الشيعية، وأحزاب القومية الكردية، وبوأوهم أعلى مناصب الدولة ليقودوا العراق إلى الهاوية فالشعب العراقي كله ما زال يعيش هذه كارثة، وما زال يكتوي بنيرانها، ويدفع كل يوم ثمناً باهظاً من دماء الآلاف من أبنائه البررة، وتشريد أكثر من أربعة ملايين مواطن عراقي يقاسون شظف العيش في ظل ظروف قاسية جداً بعد أن جرى إخراجهم من بيوتهم وتهجيرهم تحت تهديد السلاح والقتل والحرق.



لقد حلت الإدارة الأمريكية  الجيش وقوات الشرطة ولم تقم بواجبها في حماية مرافق الدولة وحماية المواطنين حسبما تقتضي معاهدة جنيف، فكانت النتيجة سيادة شريعة الغاب تحت سمع وبصر القوات الأمريكية التي كانت تقف مكتوفة الأيدي أمام عمليات السرقة والنهب التي امتدت إلى كل مرافق الدولة دون استثناء، فهل كانت القوات الأمريكية التي أسقطت نظام صدام بما يمتلك من جيش جرار، وأجهزة أمنية، وجيش القدس، وفدائيي صدام في 20 يوماً عاجزة عن حماية مرافق الدولة وحماية المواطنين العراقيين؟



ثم هل عجزت الإدارة الأمريكية عن إيجاد 50 عنصرا وطنياً مستقلاً من التنكوقراط بعيداً، عن الطائفية والعرقية، لتشكيل حكومة مؤقتة تتولى الحكم لفترة زمنية محددة، وتتولى إعادة الأمن والنظام في البلاد، وتأمين الخدمات الضرورية للمواطنين، وتهيئة المستلزمات لإقامة المؤسسات لنظام حكم ديمقراطي حقيقي يضمن الحقوق والحريات العامة لسائر مكونات الشعب بصرف النظر عن القومية والدين والطائفة، أم أن الإدارة الأمريكية كانت قد قررت سلفاً حكم العراق بصورة مباشرة فنصبت بريمر حاكماً على البلاد في بادئ الأمر، ثم اضطرت أمام ضغط واحتجاج العالم اجمع إلى إقامة ما أسمته بالعملية السياسية، البائسة، وإقامة هذا النظام الطائفي والعرقي المقيت تحت جناحيها لتمزق البنية الاجتماعية للشعب، وتزجه في هذا الصراع العنيف.



وجاءت الإدارة الأمريكية بدستور بريمر الذي كرس الطائفية والعرقية في البلاد  وفتح الباب واسعاً أمام القوى التقسيمية لتفتيتها، و اتُخذ فيما بعد أساساً للدستور الدائم الذي تم وضعه من قبل قادة أحزاب الإسلام السياسي الشيعية وقادة الأحزاب الكردية تحت إشراف السفير الأمريكي، حيث باتت البلاد على كف عفريت.



إن كل ما اتُخذ من إجراءات خاطئة في العراق منذ 9 نيسان 2003 وحتى اليوم تتحمل مسؤوليتها الإدارة الأمريكية، وإن العملية السياسية التي قامت على أسس خاطئة قد جاءت بهذه النتائج الخاطئة، والتي جلبت وما تزال الكوارث للشعب العراقي.



إن العملية السياسية بوضعها الحالي لا يمكن أن تحقق الأمن والسلام والحياة الهادئة للشعب، بل على العكس قد أصبحت مدخلاً لصراعات خطيرة بين المالكي وعلاوي من جهة والمالكي والقيادة الكردية المتمثلة بالبارزاني والطالباني تنذر بعودة الحرب الأهلية من جديد نتيجة الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها وما زال يرتكبها، قادة أحزاب الطوائف، ونتيجة هذا الصراع المتصاعد الذي نشهده بين إطراف العملية السياسية البائسة، والذي ينذر بالانفجار في أية لحضة ليشعل نيران الحرب الأهلية من جديد.

إن المواطنين العراقيين ينتابهم القلق الشديد مما تخبئه لهم الأيام القادمة، حيث قاربت الأزمة المستعصية بين هذه الأطراف طريق اللا عودة منذرة بالشر المستطير، والنار تبدأ بعود ثقاب، لكنها إذا ما انتشرت فستحرق الأخضر اليابس وسيدفع الشعب العراقي ثمناً لا يمكن تحديده.



 ينبغي أن تسود الحكمة بين سائر الأطراف من أجل نزع فتيل الحرب الأهلية التي قد تكون مدخلاً لتدخل القوى الإقليمية في هذا الصراع، وهو ما نشاهد بوادره  في تدخلات السعودية وإيران وتركيا الظاهر للعيان.



 لابد من إعادة النظر الجذرية للأزمة الراهنة بكل مفاصلها بدءً من الدستور والبرلمان والحكومة، بما يؤمن الحفاظ على تماسك البنية الاجتماعية والحفاظ على وحدة الشعب والوطن، وكبح جماح الساعين لتقسيم العراق باسم الفيدرالية التي باتت تستهدف تحويل العراق إلى دويلات الطوائف والأعراق، وإن إقامة نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد هو الكفيل بتأمين حقوق وحريات كل القوميات، وكل أتباع الطوائف والأديان، وتأمين الحياة الكريمة للجميع، والعراق بما يمتلك من موارد نفطية وغيرها من الموارد الوفيرة قادر بكل تأكيد على ضمان حاجات المواطن العراقي المادية على أحسن وجه إذا ما توفرت له حكومة رشيدة تتصف بالنزاهة والأمانة، وتمتلك الكفاءة التي تؤهلها لبناء العراق الجديد، عراق الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، والعيش الرغيد.          

    


اقرأ المزيد من التفاصيل »»»

ينبغي الحذر من دفع البلاد نحو الحرب الأهلية، وعدم اختزال الطائفة السنية بشخص الهاشمي والمطلك!

ينبغي الحذر من دفع البلاد نحو الحرب الأهلية
وعدم اختزال الطائفة السنية بشخص الهاشمي والمطلك
حامد الحمداني                                                     
   11/1/2012
في ظل الظروف الخطيرة والبالغة التعقيد التي يمر بها الوطن العراقي، والصراع المكشوف والمتصاعد بين المالكي وعلاوي على السلطة، والتهديدات المتبادلة بين الطرفين، وعملية الشحن التي تمارس على مستوى الجماهير الشعبية بتوريطها في الصراع الذي لن يجن منه الشعب العراقي غير الدماء والخراب والدمار.

لقد عانت الأغلبية السنية الوطنية حالة من التغييب القسري عن مجرى التطورات التي جرت وتجري في المشهد السياسي الحالي، فتارة يمنع أبناء الطائفة بقوة السلاح من قبل القوى الإرهابية من ممارسة حقهم في الانتخابات كما جرى في انتخاب الجمعية الوطنية، وتارة أخرى تختزل الطائفة بشخوص طارق الهاشمي أو صالح المطلك، أو بعض المقربين إليهم، لكي يمثلوا الطائفة السنية في لجنة إعداد الدستور الدائم. وعلى هذا الأساس يحق لنا أن نتساءل :
كيف تم اختيار طارق الهاشمي صالح المطلك  ممثلين للسنة ؟ وعلى أي أساس جرى هذا الاختيار ؟ ومن هي الجهة التي كانت وراء هذا الاختيار، وهل يمثل الهاشمي والمطلك حقاً الطائفة السنية؟ وما هي الانعكاسات السلبية على الطائفة السنية بهذا الاختيار؟
أسئلة لا بد من الإجابة عليها كي نضع النقاط على الحروف، ونكشف زيف هذا الاختيار، والذي كان وراءه؟ والأهداف التي يرمي إليها من وراء هذا الاختيار.

ففي واقع الحال أن صالح المطلك لا يمثل إلا العناصر البعثية التي أُسقطت من السلطة في التاسع من نيسان 2003 ، وهو لا يخفى مواقفه التي يعبر عنها علناً في مختلف وسائل الإعلام مدافعاً عن رفاقه البعثيين، ورافعاً راية إلغاء الفقرة الواردة في مسودة الدستور والمتعلقة باجتثاث أعوان صدام من الحياة السياسية، واعتبار الفكر البعثي فكر شوفيني فاشي أذاق الشعب العراق من ويلاته وجرائمه ما يعجز القلم عن وصف بشاعتها، تماماً كما فعل النازيون وفكرهم الفاشي أيام حكم هتلر طاغية ألمانيا.

ويبدو أن اختيار المطلك ومجموعته قد جرى من قبل الولايات المتحدة وسفارتها في بغداد في محاولة لخلق نوع من التوازن بين قوى الإسلام السياسي الشيعي المهيمن على الحكم والعناصر البعثية التي تدعي العلمانية!، حيث لا تطمئن الولايات المتحدة لتوجهات قوى الإسلام السياسي الشيعي في إقامة دولة دينية وطائفية في العراق.

هل عجزت الولايات المتحدة عن إيجاد عناصر وطنية ديمقراطية سنية نظيفة لتمثل هذه الطائفة المغيبة عن المسرح السياسي؟
أم أن الولايات المتحدة لم ترمِ حقاً وصدقاً إقامة نظام حكم ديمقراطي حقيقي في البلاد، بل هي سعت لخلق سلطة ذات مظهر ديمقراطي بائس تدين لها بالولاء المطلق، وتنفذ أجندتها المرسومة سلفاً لمنطقة الشرق الأوسط الكبير.

ولقد حذرنا بمقالات عديدة آنذاك من هذا التوجه الأمريكي بأنه ينطوي على مخاطر جسيمة على مستقبل العراق، ومستقبل الديمقراطية المنشودة، فالقوى البعثية بكل أصنافها ومستوياتها من جهة، ليست فقط لا تؤمن بالديمقراطية، بل لقد مارست اشد أساليب القمع لأبسط الحقوق الديمقراطية للشعب طيلة سنوات حكمها البشع، وأن أية محاولة لتبييض صفحة رموز نظام صدام ومحاولة إشراكهم في إدارة شؤون البلاد من جديد مرفوضة تماماً من قبل الشعب العراقي بكل طوائفه، وبشكل خاص من الطائفة السنية التي ترفض رفضاً مطلقاً أن يمثلها صالح المطلك ورفاقه.

إن بروز هذه الزمرة على المسرح السياسي الحالي كممثلين للسنة قد شكل إهانة كبرى وتجاهلاً خطيراً للطائفة السنية وممثليها الحقيقيين حاملي لواء الفكر المتنور، والملتزمين بالديمقراطية كمبدأ وهدف، والمؤمنين بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، والطامحين ببناء عراق ديمقراطي متحرر يتساوى فيه أبناء الشعب بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم في الحقوق والواجبات دون تمييز، والاهتمام بشكل خاص بالمرأة العراقية وستقبلها الاجتماعي والسياسي لكي تأخذ دورها الرائد والضروري في المجتمع، وعلى قدم المساواة مع الرجل في كل مجالات الحياة المختلفة.

إن اختيار صالح المطلك ورفاقه ممثلين للطائفة السنية قد أدى إلى انعكاسات سلبية خطيرة على الطائفة وصلت إلى حد اعتبارها من قبل أحزاب الإسلام السياسي الشيعية مناصرة لقوى الإرهاب والفاشية والقوى الظلامية، وهي التي اكتوت بجرائم الإرهابيين والبعثيين الفاشيين والسلفيين الظلاميين القادمين من وراء الحدود لتنفيذ جرائمهم البشعة بحق الشعب العراقي. في حين أن ميليشيات أحزاب الإسلام السياسي الشيعية مارست هي الأخرى أبشع أساليب القتل والإرهاب، وتهجير المواطنين عندما أشعلت الحرب الأهلية الطائفية عامي 2006و2007، حيث قتل عشرات الألوف من المواطنين الأبرياء على الأسم والهوية، وحيث جرى تشريد ما يزيد على المليونين من ديارهم هرباً من بطش تلك المليشيات الإرهابية.

أن الصحافة، وصحافة الانترنيت التي فسحت المجال لبعض أنصاف المثقفين لكي توجه الاتهامات الباطلة، والتي ليس لها أساس من الصحة للطائفة السنية، قد أثارت ردود فعل خطيرة على الجانبين الشيعي والسني، وهي بالمحصلة تتجه نحو إثارة العداء الطائفي، والدفع باتجاه تصعيد المواقف نحو الصراع الطائفي والحرب الأهلية من جديد، والتي لا تخدم أي من الطائفتين، وتدفع بشعبنا نحو الهاوية.

لم يكن بودي أن أتحدث عن الموضوع الطائفي، ولم أكون يوماً قد فكرت بهذا الأسلوب، وسوف لن أكن أبداً داعية لطائفة ما على حساب طائفة أخرى، وسأبقى في خدمة مجموع شعبنا بكل طوائفهم وأديانهم وقومياتهم، والمعيار عندي يبقى دائماً هو الوطنية الصادقة، وحب الشعب، والذود عن الوطن، والعيش المشترك، والاحترام المتبادل لكل مكونات شعبنا.

 ينبغي أن نكون حريصين في كل أحاديثنا وكتاباتنا، ولا نُطلق التسميات والاتهامات جزافاً على أي من مكونات شعبنا  فتعبير المثلث السني على سبيل المثال يثير ردود فعل خطيرة لدى الجانبين على حد سواء، ولا يخدم بالتالي الوحدة الوطنية، بل على العكس من ذلك يشيع الكراهية والعداء غير المبرر بين مكونات شعبنا.

إن دمائنا قد امتزجت بين مختلف طوائفنا، ويندر أن لا نجد هذا الامتزاج بين أبناء الطائفتين السنية والشيعية وبين العرب والأكراد وسائر مكونات شعبنا، وأن على كل غيور على مصالح الشعب والوطن أن يبذل أقصى ما يستطيع من جهد لإفشال المخطط الخطير بإشعال الحرب الأهلية والطائفية، وينبغي أن نحرص كل الحرص، وبكل الوسائل والسبل على تمتين عرى الأخوة والمحبة بين جميع مكونات شعبنا، وهذا الأمر هو واجب مقدس يقع على عاتق الجميع من أجل الخروج بالعراق من هذه الأزمة الخطيرة التي يمر بها اليوم، والوصول بشعبنا إلى شاطئ السلام، وتحقيق الحياة الحرة الكريمة لبني وطني، ولا شك أن هذا الأمر يعتبر مسؤولية الجميع.  

اقرأ المزيد من التفاصيل »»»

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب