عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

الإرهاب الفكري مدرسة لتخريج القتلة والمخربين


حامد الحمداني
 27 أيلول 2004

الإرهاب داء خبيث وخطير يستشري في المجتمعات البشرية إذا ما توفرت الظروف والعوامل التي تشجع هذا السلوك لتحقيق أهداف معينة سياسية كانت أم دينية أم اقتصادية .
ولقد تحدثنا في مقال سابق عن تأثير العامل الاقتصادي في خلق البيئة الحاضنة والمولدة للإرهاب وأكدنا على أن البطالة والفقر والأمية ، وشعور الإنسان بالغبن عندما يقارن بين الحياة التي يحياها مع حياة الأغنياء والمترفين يجعله يفكر في أية وسيلة تحقق له حياة أفضل حتى ولو كان ذلك عن طريق الإرهاب ، ودعونا الدول الغنية المهيمنة على الاقتصاد العالمي أن تفكر جدياً في معالجة مشكلة الفقر والبطالة المتفاقمة والتي يئن تحت وطأتها مئات الملايين من بني البشر ، وتقليص البون الشاسع بين مستوى حياة شعوب دول الشمال ودول الجنوب إذا كانت تفكر جدياً في مكافحة الإرهاب.
واليوم أود التعرض إلى عامل آخر لا يقل خطورة في استشراء الإرهاب وانتشاره في مختلف مناطق العالم ، ذلك هو الإرهاب الفكري الذي يلعب دوراً خطيراً في إعداد العناصر الإرهابية التي تمارس العنف لتحقيق أهداف سياسية أو مادية أو دينية أو طائفية أو قومية ، ويمكننا تحديد الجهات التي تمارس الإرهاب الفكري بالتالية :
1 ـ الإرهاب الذي يمارس من قبل حكومات ودول بصورة رسمية ، ويجري ذلك بصورة واسعة في بلدان العالم الثالث في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية ، وتسعى هذه الحكومات التي غالباً ما تكون قد وصلت إلى الحكم بطريقة غير ديمقراطية ، أو عن طريق الانقلابات العسكرية ، والتي تسعى للتشبث بالحكم بكل الوسائل والسبل ، فنراها قد سيطرت على وسائل الإعلام المختلفة من راديو تلفزيون وصحافة ومطبوعات ، وتسخرها جميعاً لتثبيت حكمها اللاشرعي ، وتحاول خنق أنفاس شعوبها ، وحرمانها من حقها في التعبير عن رأي أبنائها، وحقها في ممارسة حرياتها العامة التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان [الإعلان العالمي لحقوق الإنسان] ، وتلاعبها بالدستور وتفريغه من كافة الحقوق السياسية والاجتماعية ، وحرمانها من الاتصال بالعالم الخارجي ، والإطلاع على منجزات العالم المتقدم في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،وخير مثال يمكن أن نقدمه لذلك هو نظام صدام حسين الذي سخر موارد البلاد وكافة وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية ، بالإضافة إلى أجهزته القمعية الواسعة والمختلفة لتثبيت حكمه الفاشي الذي استمر ثلاث عقود ونصف استباح خلاها الشعب بأساليب وحشية بشعة تركت لنا القبور الجماعية التي جاوزت المكتشفة منها لحد الآن 300 مقبرة تضم رفات مئات الألوف من المواطنين الأبرياء الذين رفضوا سلطة الدكتاتور وحزبه الفاشي خير دليل على إرهاب الدولة .
كما سخر موارد البلاد لتشكيل جيش عرمرم وزجه في حروب عبثية استمرت طيلة سنوات حكمه البغيض وجلبت على الشعب العراقي الخراب والدمار ومئات ألوف الضحايا ، ومثلها من الأرامل والأيتام ،وأدت إلى انهيار بنيته الاقتصادية والاجتماعية ، وأغرق العراق بالديون بمئات المليارات من الدولارات ، وفي الوقت الذي كان الدكتاتور صدام وزمرته يعيشون حياة البذخ والرفاهية المفرطة ، كان شعب العراق يئن تحت وطأة الحصار الظالم والجوع والفقر والأمراض وذل الحياة التي لم يشهد لها مثيلاً من قبل ،في حين يمتلك العراق ثروات ضخمة تؤهله لتحقيق ارفع مستوى معيشي في العالم لو تسنى له حكومة رشيدة وأمينة وديمقراطية منتخبة من الشعب ، وترعى حقوقه وحرياته العامة .
2 ـ الإرهاب الذي يمارس من قبل المدارس الدينية التي يشرف عليها عناصر سلفية أو متخلفة تتخذ من الدين وسيلة لتحقيق غايات سياسية بأساليب قسرية ، وتمارس هذه المدارس نشر الفكر التكفيري والعنفي ، وتفسر الدين بالطريقة التي تحقق لها أهدافها وغاياتها الشريرة،وتستخدمه لغسل أدمغة الناس البسطاء وحثهم على القيام بأعمال إرهابية من قتل وتخريب وخطف واغتصاب وتكفير المواطنين الذين يعارضون هذا التوجه وتتدخل في كل صغير وكبيرة في حياة المواطنين الخاصة وصلت لحد تطليق الزوجة من زوجها غصباً عنهاكما جرى مع الدكتور الباحث حامد أبو زيد ، وتحاول فرض القيود في أسلوب حياتهم ومظهرهم وملبسهم وغير ذلك من الأمور بحجة مخالفة الشريعة !!.
إن خير مثال لذلك ما شهدناه في أفغانستان على يد حكومة طالبان وممارساتها العدوانية والمتخلفة والبشعة بحق الشعب الأفغاني الذي أعادته نحو التخلف مئات السنين ، وليس ذلك بخافٍ على كل متتبع لأوضاع الشعب الأفغاني على عهد حكومة طالبان الرجعية المتخلفة ، وكما جرى في الجزائر التي جرى فيها ذبح مئات الألوف من المواطنين الأبرياء بأسلوب وحشي يندى له جبين الإنسانية ،وشوهت وجه الإسلام الحقيقي أمام شعوب العالم أجمع .
كما نشهد اليوم أوضاع الشعب الإيراني البائسة منذ أن تولت حكومة يقودها رجال الدين السلطة في إيران عام 1978وحتى يومنا هذا ، حيث تتحكم بحياة المواطنين ، وتفرض عليهم نمط الحياة التي تقررها الحكومة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية ، وحرمان الشعب من كافة حقوقه وحرياته ، وتسعى لغسل أدمغة الأجيال الصاعدة وحشوه بالفكر المتخلف ، وتسخير موارد الدولة على التسلح ، ودعم الحركات والمنظمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط ،وفي العراق بوجه خاص ، والعديد من المناطق الأخرى،في حين يرزح الشعب الإيراني تحت وطأة الفقر والحرمان القاسيين، في الوقت الذي تتمتع فيه الطبقة الحاكمة بكل مباهج الحياة .
3 ـ الإرهاب الذي يمارس من قبل الأحزاب والتنظيمات السياسية الفاشية التي تسعى للوصول إلى الحكم عن طريق القوة والعنف ، وخير مثال على ذلك القوى والأحزاب السياسية التي سطت على الحكم بانقلابات عسكرية في مختلف البلدان العربية وأمريكا اللاتينية والعديد من الدول الآسيوية والأفريقية ، والعراق مثال صارخ لهذه الأنظمة الشمولية المستبدة ، حيث سطا حزب البعث على السلطة في انقلاب عسكري في 8 شباط عام 1963 ، واغرق العراق بالدماء ، ومارس الانقلابيون أفانين التعذيب الوحشية بحق المواطنين من تقطيع الأيدي والأرجل ، وتسميل العيون،ودفن الأحياء، والإعدامات دون محاكمة والسجون لسنين طويلة بدون أي سند قانوني .
وبعد تسعة اشهر من حكمهم الفاشي البشع انقلب عليهم شريكهم عبد السلام عارف بدعم من قبل ضباط بعض الأحزاب القومية ، وأطاحوا بحكمهم في انقلاب عسكري في 18 تشرين الثاني 1963، ومارست حكومة عبد السلام نفس سياسة القوة والعنف تجاه الشعب وقواه السياسية المعارضة ولو بأسلوب أخف ، وما لبث عبد السلام عارف أن دبر له البعثيون عملية تفجير لطائرته السمتية المتوجهة للبصرة ،حيث قضى نحبه فيها ،وتولى أخوه عبد الرحمن عارف الحكم من بعده ، وقد اتسم حكمه بالضعف ، وسادته الخلافات الانقسامات بين الضباط القوميين والناصريين ، واستغل البعثيون الوضع ليقوموا بانقلاب عسكري جديد في 17 تموز 1968 بالتعاون مع زمرة عبد الرزاق النايف وإبراهيم الداؤد .
لكن البعثيون غدروا بحليفيهم بعد 13 يوماً ،وقاموا بانقلاب جديد في 30 تموز من نفس الشهر وأطاحوا بحكومة النايف والداؤد ، وعملوا بكل الوسائل والسبل العنيفة لتثبيت حكمهم الفاشي طيلة 35 عاماً أذاقوا شعبنا خلاله مر الحياة من خلال أجهزتهم القمعية الواسعة والمتعددة التي مارست أشنع صنوف الإرهاب والتصفيات الجسدية لكل من يشك في عدم ولائه لحكم عصابة البعث الفاشية ،ولم يسلم من بطش الدكتاتور صدام حسين حتى قادة حزبه حيث أقدم على قتل 23 من قيادي حزب البعث تحت التعذيب الشنيع .
ولقد سعى الشعب العراقي طيلة تلك السنوات العجاف التخلص من حكم عصابة البعث دون جدوى، حيث كانت تُقمع تحركات الشعب بالحديد والنار ،وأبشع وسائل التعذيب والقتل ، والمثارم البشرية خير دليل على جرائم النظام الصدامي الفاشي .
أن الأنظمة الدكتاتورية ، والأحزاب والمنظمات الفاشية ، والأنظمة المتخلفة التي تتخذ من الدين ستاراً لإدامة حكمها هي المرتع الخصب لتوليد وانتشار الإرهاب ، ولا سبيل للحد من النشاط الإرهابي سوى قيام حكم ديمقراطي علماني يحترم الإنسان ، ويرعى حقوقه وحرياته ، ويوفر له حياة كريمة ويحقق الأمن والسلام في ربوع البلاد ، وفي العالم أجمع .

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب