عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

الشعب العراقي والخيارات المرة!!

حامد الحمداني
 19 نيسان 2004


لم أشعر بهذا الحجم من القلق والحزن على ما يعانيه شعبنا العراقي الأبي كما هو شعوري هذه الأيام ، وما ينتظره في الأيام القادمة من أحداث خطيرة لم يعد بمقدوره تحمل المزيد منها ، فكأنما ما تحمله من ظلم وبطش وطغيان على أيدي نظام القتلة البعثيين الفاشست خلال 35 عاماً من حكمهم البشع لم تكن كافية وأن عليه أن يتحمل المزيد ..
ولم يهنأ شعبنا بالفرحة لتخلصه من النظام الصدامي وحروبه الدموية ومجازره التي فاقت كل تصور ، فقد كان في الأيام التي سبقت سقوط النظام يتنازعه شعوران متناقضان ، شعور بالرغبة والفرح الغامر في التخلص من ذلك النظام الكريه من جهة ،وشعور بالألم والقلق لتعرض العراق للاحتلال الأنكلو أمريكي من جهة أخرى ، ولاسيما وأن شعبنا قد خبر الدول الاستعمارية وأهدافها البعيدة المدى في استغلال ثروات الشعوب ، ولقد أكدنا فيما سبق وفي مقالات عدة أن الولايات المتحدة لم تأتِ لإنقاذ الشعب العراقي من الطغيان الصدامي ،وتضحي بجنودها وبعشرات المليارات من الدولارات لسواد عيوننا ، وهي التي تتحمل مسؤولية وصول تلك العصابة العفلقية إلى الحكم عام 1963،وعام 1968، ومدها بكل مقومات الحياة والبقاء وسخرتها لتنفيذ مخططاتها في المنطقة ، فهي التي دفعت صدام حسين لشن الحرب على إيران نيابة عنها ،تلك الحرب التي استمرت 8 سنوات ،والتي لم يكن لشعبنا فيها ناقة ولا جمل كما يقول المثل العربي الدارج ، وجهزته بمختلف الأسلحة والمعدات ومنها أسلحة الدمار الشامل ،وكان هدف الولايات المتحدة من تلك الحرب إشغال البلدين الكبيرين في حرب مدمرة وتدمير مقوماتهما الاقتصادية لكي يبقَ الخليج ومكامن النفط فيه في مأمن من خطر الدولتين، وهكذا دفع الشعب العراقي ثمناً باهظاً من دماء أبنائه جاوزت النصف مليون ضحية من الشباب بالإضافة إلى جيش من الأيتام والأرامل والمعوقين ،ناهيك عن استنفاذ كل مدخراتنا المالية ، بل وإغراقنا بالديون وتدمير البنية التحية للعراق في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية .
وبعد انعطاف الحرب إلى حرب ناقلات النفط في الخليج اضطرت الولايات المتحدة إلى استصدار قرار من مجلس الأمن بوقف الحرب التي قال عنها هنري كيسنجر في مذكراته بالحرف الواحد :
{أنها الحرب التي أردناها أن تستمر أطول مدة ممكنة ولا يخرج منها احد منتصراً } !!!.

ولم يكد الدكتاتور صدام حسين يدع شعبنا يتنفس نسيم السلام حتى أدخلنا في حرب أفظع بغزوه للكويت الشقيق ، ونصبت الولايات المتحدة له الفخ لكي يُدخل قواته في الكويت لكي توجه له الضربة القاضية ،وتتخلص من أسلحة الدمار الشامل التي جهزته بها إبان حرب الخليج الأولى ، فكانت حرب الخليج الثانية عام 1991 والتي جاءت على ما تبقى من بنية العراق التحتية ،وأغرقته بمزيد من الديون ،وفرضت عليه تعويضات حرب بأرقام فلكية ،ولم تكتفِ الولايات المتحدة بكل هذه الكارثة التي حلت بشعبنا جراء الحروب تلك فكان أن فرضت الحصار الاقتصادي الجائر على شعبنا دون حكامه المجرمين بحق الشعب والوطن ، ذلك الحصار الذي امتد 13 عاماً ذاق شعبنا خلالها أقسى حالات الإذلال والمعانات والفقر الذي لم يعرف له مثيلاً من قبل والذي أدى بدوره إلى انهيار البنية الاجتماعية ،والتي لن يتم إصلاحها إلا عبر أجيال .
وهكذا كانت أمنية الشعب العراقي أن يتخلص من ذلك النظام الذي جلب له كل هذه الكوارث ، لكنه كان عاجزاً عن تحقيق هذا الهدف بسبب الطبيعة الفاشية العنيفة للنظام الصدامي وأساليب القمع الوحشية ضد كل من يشتبه بمعارضة النظام ولو بالكلمة .
ونتيجة لذلك الوضع انقسم المجتمع العراقي إلى قسمين ،فالقسم الأول كان يتمنى إسقاط النظام الصدامي من دون حرب واحتلال لإدراكه ما يعنيه الاحتلال ، وما هي غاياته وأهدافه المبطنة والبعيدة المدى ، والقسم الثاني تمنى أن يتم إسقاط النظام على أيدي كائن من كان ، وحتى لو جاء عن طريق الحرب والاحتلال دون إدراك لعواقب الحرب والاحتلال ، ولقد أكدنا قبل إسقاط النظام الصدامي في مقالات عديدة على مخاطر الحرب والاحتلال ودعونا الدكتاتور للتنازل عن السلطة ومغادرة البلاد وإنقاذ العراق وشعبه من الحرب المدمرة ونتائجها الكارثية .
لقد كانت من نتائج تلك الحرب نهاية حكم الطاغية ،وامتلاك شعبنا فسحة كبيرة من الحرية أظهرت إلى السطح مخاطر جديدة أقضت مضاجع شعبنا وجعلته يعيش في دوامة من القلق والرعب جراء فقدان الأمان أولاً ، وجراء ظهور قوى ظلامية مدعومة من وراء الحدود تسعى لفرض نظام ظلامي متخلف يعود بشعبنا القهقرة مئات السنين ويحاول فرض أجندته على المجتمع العراقي بقوة السلاح الذي اغرق طاغية العراق به قبل الحرب حيث يتجاوز 8 ملايين قطعة من مختلف أنواع الأسلحة الفتاكة ، وأخذت هذه القوى الظلامية تمارس شتى الأساليب القسرية والتجاوز الفض على حقوق وحريات المجتمع وبشكل خاص على المرأة التي تمثل نصف المجتمع العراقي .
أن ما يسمى بحركة مقتدى الصدر ، والتي يقف وراءها حكام إيران ، باتت اليوم تمثل خطراً كبيراً على مستقبل العراق،وهي تهدد بوقوع حرب طاحنة لا احد يستطيع تقدير ما ستخلفه من ويلات ومصائب لشعبنا المنكوب أصلاً . وكأنما بات على الشعب المظلوم الذي تخلص من نظام العفالقة القتلة ليقع فريسة القوى الظلامية التي تستغل الدين الإسلامي الحنيف للوثوب إلى السلطة بقوة السلاح ،وفرض نظام طالباني جديد .
وفي الوقت نفسه تخوض قوى البعث الفاشية التي أنشأها ورعاها الدكتاتور صدام حسين صراعاً مريراً من اجل استعادة فردوسها المفقود والوثوب للسلطة من جديد بعد أن استفاقت من صدمتها جراء انهيار النظام الصدامي في التاسع من نيسان 2003 ، ومن أجل تحقيق أحلامها هذه تمارس هذه القوى الشريرة أبشع الجرائم بحق شعبنا ،من تفجير السيارات المفخخة وبالانتحاريين القتلة القادمين من وراء الحدود المتعاونين معهم،وتخريب البنية التحتية للعراق والحيلولة دون إعادة بناء ما خربته الحروب الصدامية وممارسة الخطف ضد الأجانب وقتلهم والتمثيل بجثثهم لكي تجبرهم على مغادرة البلاد ، وإيقاف عجلة إعادة تعمير العراق .
هكذا إذا أصبح شعبنا يقف أمام خيارات ثلاث أحلاهما مر ، فلا هو قادر على تحمل عودة النظام العفلقي الفاشي الذي أذاقه من الويلات والمصائب ما يعجز القلم عن وصفها ، ولا هو قادر على العيش في ظل نظام ظلامي متخلف كالذي شهدناه في أفغانستان على أيدي طالبان ،وهذه القوى جميعاً تدفع شعبنا ،بسلوكها هذا، بالقبول بوجود القوات الأجنبية المحتلة في المدى القريب على أقل تقدير ، وهكذا انطبق علينا قول المتنبي :
{ وشر البلية على الحر أن يرى *****عدواً له ما من صداقته بُدُ}
فخروج قوات الاحتلال في الوقت الراهن لا تعني سوى إحدى نتيجتين ، فإما عودة القوى العفلقية الفاشية إلى الحكم من جديد ، وأما هيمنة القوى الظلامية على مقدرات العراق وكلتا النتيجتين تمثلان كارثة حقيقية .
وبات علينا أن ننتظر تسلم العراقيين للسلطة وتهيئة الظروف الأمنية المناسبة لمطالبة قوات الاحتلال بالرحيل عن العراق ، فلا استقلال حقيقي دون خروج هذه القوات ،وسيخوض شعبنا بعد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد النضال السلمي لتحقيق سيادة واستقلال العراق الناجزين ، وإذا تحققت أماني شعبنا بخروج هذه القوات سلمياً فهو على أتم الاستعداد لإقامة أوثق العلاقات وفي مختلف المجالات مع الولايات المتحدة وسائر الدول الأخرى على أساس المصالح المشتركة واحترام السيادة والاستقلال ، وإذا لم تتحقق هذه الأهداف سلمياً فمن حق شعبنا أن يصعد أساليب نضاله ،ويمارس حقه المشروع والذي تقره الشرائع الدولية .
أن من المؤسف أن القوى الديمقراطية لا تستطيع لعب دور بارز وفعال في الوقت الراهن جراء ما تعرضت له من قمع شرس على أيدي النظام الصدامي ، وهي تحتاج إلى المزيد من الوقت لبناء قاعدتها الجماهيرية وتوسيعها وتنوير أبناء شعبنا بأهمية بناء نظام ديمقراطي حقيقي في العراق يحفظ الحقوق والحريات العامة لشعب ، ويتصدى لأي تجاوز على هذه الحقوق وفي سائر المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المجالات الأخرى .
ربما يتصور البعض أنني قد رسمت صورة متشائمة لمستقبل العراق ، لكنني أقول وبقوة أنني لست متشائماً أبداً ، وأنا مؤمن بأن المستقبل لا بد أن يكون في نهاية المطاف للديمقراطية ، لكنني عرضت الواقع الذي يعيش فيه شعبنا حالياً وحذرت من المخاطر التي يمكن أن يعرض لها من قبل القوى الفاشية والقوى الظلامية المتخلفة لكي يعي شعبنا المخاطر المحدقة به وسبل الخروج من المحنة التي هو فيها وصولاً إلى شاطئ الحرية والديمقراطية والسلام .

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب