عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

الشعب العراقي وعمرو موسى والجامعة العربية


حامد الحمداني                                                       
 21/10/2005
  
ضل  حلم الشعوب العربية  باستقلال بلدانهم التي رزحت  تحت نير الاستعمار العثماني لأربعة قرون،وإقامة وحدة عربية قائمة على أُسس ديمقراطية حقيقية تحترم حرية وإرادة الإنسان العربي ،يراود أبناء الأمة العربية التي عانت أشد المعانات من ذلك الحكم البغيض .
لكن حسابات الشعوب العربية كانت على النقيض من حسابات المستعمرين الجدد البريطانيين والفرنسيين الذين خرجوا من الحرب العالمية الأولى مزهوين بالنصر والقوة   والذين نكثوا  بالوعود التي قطعوها للعرب ،وتبين فيما بعد أنهم قد قرروا اقتسام البلاد العربية فيما بينهم بموجب معاهدة [ سايكس بيكو ] ،وهكذا وجد العرب أنفسهم مرة أخرى تحت نير استعمار عالمي جديد.
لكن عزم الشعب العربي على تحقيق الاستقلال ،وإقامة الوحدة العربية الديمقراطية لم يفتر،وبقيت الجماهير العربية تناضل من أجل تحقيق هذا الهدف ،وخاضت ضد المحتلـين الجدد معارك قاسية ومتواصلة وقدمت الآلاف من الضحايا في سبيل التحرر والانعتاق وجمع الشمل العربي ، وقد اضطر المستعمرون الجدد تحت ضغط الشعوب العربية وكفاحها من أجل التحرر إلى إقامة أنظمة عربية كرتونية  في العراق وسوريا ومصر وشرق الأردن  واليمن والسعودية تحت المظلة الإمبريالية ، وظلت الجماهير العربية تضغط على حكامها من أجل قيام وحدة عربية ديمقراطية بعيداً عن الهيمنة البريطانية والفرنسية.
ونتيجة للمد الوطني الذي اجتاح العالم العربي ،أوعز الإمبرياليون إلى الدمى العربية من الحكام في تلك البلدان لإجراء  لقاءات بينها للبحث في موضوع إقامة شكل زائف من العلاقات بين بلدانهم بغية امتصاص ذلك المد الهادر،والهادف إلى التحرر الحقيقي من الهيمنة الإمبريالية ، وإقامة وحدة حقيقية تلبي مطامح الشعوب العربية في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ، فقد كان أخشى ما يخشاه الإمبرياليون إقامة دولة عربية قوية تتمتع بثروات هائلة ، ومساحة شاسعة خصبة، ومياه وفيرة ، وطاقات بشرية كبيرة وخلاقة ، فكان مشروع إقامة الجامعة العربية ،والتي لا تعدو عن كونها جامعة للحكام العرب في الحدود الدنيا، وكثيراً ما تدب الخلافات بين هؤلاء الحكام ، وتقطع العلاقات وتغلق الحدود، وتشن الحملات الإعلامية على بعضهم البعض . 
وبناء على رغبة الإمبرياليين عقد الحكام العرب مؤتمراً لهم في القاهرة في 22 أيار 1945، وتقرر في ذلك المؤتمر إقامة الجامعة العربية القائمة إلى يومنا هذا دون أن يطرأ عليها أي تطوير .
ولم تستطع الجامعة العربية تحقيق حلم الشعوب العربية في الوحدة الحقيقية ، فقد كان تأثير تلك الهيمنة البريطانية والفرنسية على الحكام العرب يشكل أكبر عائق لتحقيق الوحدة ،أو على الأقل تحقيق أوثق الارتباطات فيما بينها في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية  .
لكن الأيام التالية أثبتت أن الجامعة العربية، بالشكل الذي رسمه لها الأمبرياليون البريطانيون والفرنسيون ، لن يحقـق طموحات الأمة العربية ، بل على العكس من ذلك انتقلت إليها الصراعات العربية، وأخذت سلطتها تضعف شيـئاً فشيئا ًحتى أصبحت قريبـة من التلاشي ، ولم يبقَ لها سوى دور ثانوي في القضايا العربية.
فالدول التي تضمها الجامعة العربية لا يجمعها جامع حقيقي بسبب الأنظمة السائدة والتي هي في جوهرها أنظمة استبدادية لا تعترف بالديمقراطية ولا حقوق المواطن العربي سواء كانت هذه الأنظمة ملكية أم جمهورية ،بل لقد تجاوزت الأنظمة الجمهورية الأنظمة الملكية في استبدادها ، واستئثارها في الحكم ، وإعداد الأبناء لتولي الحكم بعد الآباء حتى لكأنما قد ورثوا بلدانهم ، واستعبدوا شعوبهم، وسلبوهم كامل حقوقهم الديمقراطية.
ومن أجل البقاء في السلطة والتشبث بها ضحوا ولازالوا يضحون بمصالح الشعوب العربية لكي يبقى العالم العربي مشرذماً ضعيفاً ، في عصر العولمة والتكتلات السياسية والاقتصادية التي يشهدها العالم اليوم ، فها هي الدول الأوربية التي لا يجمعها لغة مشتركة، ولا تاريخ مشترك ، ولا عادات وتقاليد مشتركة تتوحد بمحض إرادتها مشكّلة الاتحاد الأوربي الذي كون ثاني أكبر قوة اقتصادية في العالم بعد الولايات المتحدة، في حين يجمع الشعوب العربية التاريخ المشترك واللغة المشتركة والعادات والتقاليد المشتركة ، وتمزقها الخلافات والصراعات ، وتعاني شعوبها الجوع والحرمان والإذلال.
وإذا ما قام نظام وطني متحرر من الهيمنة الإمبريالية انبرت الأنظمة الدكتاتورية في حملة عدائية لهذا النظام بغية إفشال تجربته في إقامة الحكم الديمقراطي الذي يحقق الحياة الحرة الكريمة للشعب .
فما كادت ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 تنجح في إسقاط النظام الملكي المرتبط بالإمبريالية حتى انبرى حكام مصر في حملة عدائية ضد حكومة عبد الكريم قاسم ، وانغمسوا في محاولات التآمر على الثورة ، وتقديم الدعم المتواصل لعصابة البعث حتى تم لهم ما أرادوا في انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 ، واضعين أيديهم بأيدي الإمبرياليين ، ومقترفين مجزرة كبرى ضد القوى الديمقراطية في العراق ، واستمر الشعب العراقي تحت نير حكم العصابة البعثية قرابة الأربعة عقود من الزمن ذاق خلالها من الويلات والمصائب ما يعجز القلم عن وصفها ، وما المقابر الجماعية المنتشرة في طول البلاد وعرضها إلا شاهداً على هول الجريمة التي اقترفها النظام العفلقي الفاشي ضد شعبنا ، ناهيك عن حروبه العبثية التي استمرت خلال العقدين الأخيرين ، والتي ذهب ضحيتها مئات الألوف من العراقيين الشباب الأبرياء ، وما نتج عن تلك الحروب من انهيار اقتصادي واجتماعي وصحي ،وتدمير البنية التحتية للبلاد .
وبسبب الطبيعة الهمجية العدوانية للنظام الصدامي ، والتنكيل الشنيع الذي مارسه ضد الشعب اضطر ما يزيد على أربعة ملايين عراقي إلى الهرب من العراق والبحث عن ملاذ آمن يعيشون فيه .
لكنهم أصيبوا بخيبة أمل مريرة من موقف معظم الأنظمة العربية التي أغلقت حدودها بوجوههم ،فتوجهوا إلى البلدان الأجنبية التي استقبلتهم بما يليق بالإنسان ،وأمنت لهم حياة كريمة من سكن وخدمات صحية وثقافية ودخلٌ يسد حاجاتهم المادية ،وأهم من كل ذلك الحرية التي تمتع بها المهاجرون العراقيون في تلك البلدان .
ولم يكتفِ الحكام العرب والسائرون في ركابهم من المرتزقة بكل ذلك ،بل قاطعوا المعارضة العراقية ،واستمروا في دعم النظام الدكتاتوري الصدامي ،فهم من طراز واحد ترعبهم رياح الحرية والديمقراطية .
وبعد أن تم إسقاط ذلك النظام الإجرامي البشع ،وتكشفت للعالم أجمع هول الجرائم التي اقترفها النظام الصدامي بحق الشعب والوطن ، كان من المؤمل أن تستيقظ الضمائر وتتدارك الأنظمة العربية وجامعتهم العربية تقصيرهم بحق العراق وشعبه .
لكننا أصبنا بخيبة أمل مريرة مرة أخرى من هؤلاء الحكام ، والجامعة العربية وأمينها العام السيد عمرو موسى الذين  ناصبوا شعبنا العداء ، واستمروا في دعمهم لبقايا الحثالات من الصداميين ،مطلقين عليهم عبر وسائل إعلامهم البائسة صفة[ المقاومة الوطنية] للإحتلال الأمريكي ، بل وسمحوا للمرتزقة ممن تلبسوا لبوس الإسلام ، والإسلام برئ منهم ، ليعبروا الحدود إلى عراقنا المنكوب بنار الدكتاتورية البغيضة ويمعنوا فيه قتلاً وتخريباً وتدميراً .
إن أحداً يمتلك ذرة من الضمير والخلق لا يمكن أن يسمي تفجير أنابيب المياه ،أو مولدات الطاقة الكهربائية أو أنابيب النفط ،أو تفجير مقر الأمم المتحدة ،أو قصف المدارس والحسينيات والمساجد والكنائس ،و قطع رؤوس الأبرياء وتفجير السيارات المفخخة في الشوارع العامة ، ومجالس العزاء ، وقتل الناس بالجملة مقاومة وطنية !!!
أنه العار كل العار موقف أولئك الذين يساندون ويدعمون هؤلاء المجرمين بحق الشعب والوطن .
أنه العار كل العار لكل الذين يستضيفون خونة الشعب والوطن من أعوان وأزلام النظام الصدامي المقبور في بلدانهم ويسمحون لهم باستفزاز مشاعر شعبنا عبر وسائل إعلامهم البائسة كل يوم .
 إن شعبنا سوف لن يغفر لكل أولئك الذين يقفون على الضد من مصالحه ،و يقدمون الدعم والإسناد للإرهابيين القادمين من وراء الحدود من عصابات السلفية المتخلفة عبر بلدانهم لكي يفجروا سياراتهم المفخخة منزلين أقصى ما يمكن من الخسائر البشرية بين المواطنين العراقيين   .
إن الجامعة العربية في وضعها الحالي قد أصبحت بحق مفرقة العرب وليست جامعة لهم  فما عاد شعبنا يود سماع اسمها وهي تقف هذا الموقف الشائن  من طموحات شعبنا في بناء عراق ديمقراطي تعددي ينعم شعبه بكل فئاته وقومياته وطوائفه بالحرية والمساواة والحياة الحرة الكريمة.
إن شعبنا قد فقد ثقته في هذه الجامعة بوضعها الحالي ،ولا بد أن يتدارك الجميع إصلاح الأمر، وبناء جامعة عربية جديدة تعمل بصدق وتفانٍ من أجل جمع العرب تحت مضلة الديمقراطية والحرية الحقيقية ، وبناء اقتصاد عربي متكامل ، وعملة عربية واحدة وتعاون وثيق في كافة المجالات ، وهذا لن يتم إلا عبر أنظمة ديمقراطية تحترم إرادة شعوبها ، وتتفانى في خدمته،لا كما تفعل اليوم  حيث قد سخرت شعوبها لخدمتها ،وسلبتهم كل حقوقهم وحرياتهم ، واستأثرت بخيرات البلاد على حساب بؤس ومعانات شعوبها .
لقد أدرك السيد عمرو موسى اليوم وبعد مرور أكثر سنتين ونصف على سقوط نظام الطاغية صدام أن عليه مسؤولية رعاية مصالح العراق وشعبه ، وهو أحد المؤسسين الرئيسيين للجامعة العربية ،  من خلال الاتصال المباشر بالحكومة العراقية ، وتفهم الوضع في العراق على أرض الواقع ، وتحديد موقفه وموقف الجامعة بكل صراحة مما يجري في العراق من أعمال إرهابية لا تمت بصلة للمقاومة الوطنية للإحتلال الأمريكي ، ومتجاهلاً جرائم النظام الصدامي بحق الشعب والوطن والتنكر لضحايا القبور الجماعية التي ضمت رفات مئات الألوف من أبناء شعبنا ، ناهيك عن مئات الألوف من المعوقين والأيتام والأرامل ، وتبديد ثروات البلاد على الحروب العبثية الإجرامية وتقديم الرشاوى للمئات من المرتزقة في مختلف البلدان العربية والأجنبية لدعم نظامه الدكتاتوري البشع على حساب بؤس وشقاء الشعب العراقي .
إن الشعب العراقي يرفض رفضاً قاطعاً أية محاولة من السيد عمرو موسى لتبييض صفحة البعثيين القتلة، وإعادتهم إلى الواجهة من جديد متناسياً ما حل بالشعب العراقي على أيدي ذلك النظام البشع من جرائم ومصائب يندى لها جبين الإنسانية ، فلا مصالحة مع من نكل بشعبنا وتلطخت أيديه بدماء أبناءه .
ينبغي أن يكون هناك فرز حقيقي ودقيق بين البعثيين الذين اجبروا على الانتماء للحزب ولم يمارسوا أية جرائم بحق الشعب وبين أولئك الذين مارسوا تلك الجرائم البشعة فهؤلاء لا مكان لهم في النظام العراقي الجديد ، فالشعب العراقي يمكن أن يغفر لمن لم يقترف الجرائم ويعلن علانية وجهاراً نبذه لذلك الحزب وقبوله بالديمقراطية واحترام الرأي الآخر ، والتداول السلمي للسلطة عبر إجراء الانتخابات في جو من الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان .

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب