عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

من ذاكرة التاريخ
الحرب العالمية الثانية وتأثيرها على العراق
الحلقة الثانية
حامد الحمداني
25/9/2011

مقتل رستم حيدر وزير المالية والسعيد يلصق التهمة بمعارضيه
في 18 كانون الثاني 1940 ، أقدم أحد منتسبي الشرطة، المفوض [حسين فوزي توفيق] على إطلاق النار على وزير المالية [رستم حيدر] في مكتبه بالوزارة، وأصابه بجروح خطيرة، نقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة بعد أربعة أيام، متأثراً بجراحه، وقد تم اعتقال القاتل.

 حاول نوري السعيد أن يستغل الحادث لتوجيه تهمة التحريض على القتل لعدد من الشخصيات السياسية المعارضة، حيث أقدم على اعتقال كل من الوزيرين السابقين [صبيح نجيب] و[إبراهيم كمال]، والمحاميين المعروفين [ نجيب الراوي] و[شفيق السعيدي] موجهاً لهم تهمة التحريض على قتل الوزير. وقام نوري السعيد بمقابلة القاتل في السجن وضغط عليه، ووعده بالتخفيف عنه لكي يعترف بأن صبيح نجيب، وإبراهيم كمال قد حرضاه على قتل رستم حيدر.

أثار تصرف نوري السعيد هذا حفيظة العديد من رؤساء الوزارات، والوزراء السابقين، بالإضافة إلى وزير الداخلية في حكومة السعيد [ناجي شوكتحيث وجدوا أن نوري السعيد يريد استخدام حادث القتل لتصفية عدد من خصومه السياسيين، ولذلك فقد لجئوا إلى الوصي عبد الإله، مستنكرين أعمال نوري السعيد بزج أسماء أولئك الذين اتهمهم بالتحريض على قتل رستم حيدر، وكان من بين أولئك الذين قابلوا الوصي وشكوه من تصرفات نوري السعيد كل من ناجي السويدي، وجميل المدفعي، وتوفيق السويدي، وهم جميعاً من رؤساء الوزارات السابقين .

ورغم كل تلك الاحتجاجات حاول نوري السعيد إحالة هؤلاء المعتقلين إلى المجلس العرفي العسكري لمحاكمتهم بتهمة التحريض، إلا أن وزير الخارجية [علي جودت الأيوبي]، ووزير المواصلات والأشغال[جلال بابان] عارضا بشدة محاولة نوري السعيد، وطالبا بإحالة القضية إلى محكمة مدنية، كما هدد وزير العدل [محمود صبحي الدفتري] بالاستقالة إذا ما مضى السعيد بخططه، وقد أيد موقف الوزير اثنان آخران من الوزراء، وبذلك فشلت خطط نوري السعيد، وأصبح من المتعذر عليه الاستمرار في الحكم بتلك التشكيلة الوزارية، فتوجه باستقالة حكومته إلى الوصي، في 18 شباط 1940.

استقالة وزارة نوري السعيد:
قبل أن يقدم نوري السعيد استقالة حكومته إلى الوصي، دعا مساء يوم 14 شباط، القادة العسكريين الذين كان يتوكأ عليهم، وهم العقداء [ صلاح الدين الصباغ ] و[فهمي سعيد ] و [محمود سلمان ] و [ كامل شبيب ] و[ سعيد يحيى ] و [إسماعيل نامق ] إلى العشاء معه في داره، وفي أثناء المأدبة فاتحهم بموضوع وزارته وأوضاعها، بعد مقتل رستم حيدر، معرباً عن رغبته في الاستقالة، وأبلغهم أنه اتفق مع [ طه الهاشمي ] على إسناد رئاسة الوزارة إلى [ رشيد عالي الكيلاني]، وقد عبر قادة الجيش عن معارضتهم الاستقالة ودعمهم له.
لكن نوري السعيد عاد بعد يومين إلى فكرة الاستقالة. وفي الوقت نفسه قام وزير الدفاع [ طه الهاشمي ] بجمع قادة الجيش في 18 شباط، وشرح لهم ضرورة استقالة الحكومة، وتأليف حكومة جديدة قوية.
ولما بلغ أسماع رئيس أركان الجيش [ الفريق حسين فوزي ] تلك التحركات، أستدعى أولئك القادة العسكريين، وأبلغهم أن في نية نوري السعيد الاستقالة، وتكليف [رشيد عالي الكيلاني] بتشكيل الوزارة الجديدة على أن يشغل نوري السعيد وزارة الخارجية، و[طه الهاشمي ] وزارة الدفاع، وأبدى [حسين فوزي] و [أمين العمري] رغبتيهما في عدم إشراك هذين القطبين الذين استخدما الجيش في المسائل السياسية، وضرورة إبعاد الجيش عن السياسة.
ولما علم نوري السعيد بتحركات الفريق حسين فوزي والفريق أمين العمري،  قرر سحب استقالة حكومته، وأصدر قراراً بإحالة كل من حسين فوزي، وأمين العمري،  وعزيز ياملكي على التقاعد،  في الوقت الذي كان هؤلاء يخططون لعمل ضد حكومته، لكن السعيد كان أسرع منهم حيث وجه لهم ضربته، وعاد يمتلك السلطة والقوة من جديد، حيث كلفه عبد الإله بتأليف الوزارة الجديدة.


ثالثاً: نوري السعيد يؤلف الوزارة من جديد:
حاول عبد الإله تشكيل وزارة محايدة برئاسة الشيخ [ محمد الصدر ] رئيس مجلس الأعيان، إلا أن الصدر اعتذر عن هذه المهمة، بسبب ضغوط العسكريين الموالين لنوري السعيد، كما اعتذر رشيد عالي الكيلاني عن المهمة لنفس السبب.
أما نوري السعيد فقد ذهب لمقابلة الوصي عبد الإله، وأبلغه أن الجيش معه، فلم يجد الوصي سبيلاً سوى تكليف نوري السعيد من جديد، في 22 شباط 1940، وتم تشكيل الوزارة بنفس اليوم، وجاءت على الشكل التالي:
 1 ـ نوري السعيد ـ رئيساً للوزراء، ووزيراً للخارجية .
2 ـ عمر نظمي ـ وزيراً للداخلية، ووزيراً للعدل بالوكالة.
3 ـ طه الهاشمي ـ وزيراً للدفاع.
4 ـ رؤوف البحراني ـ وزيراً للمالية.
5 ـ صادق البصام ـ وزيراً للاقتصاد.
6 ـ محمد أمين زكي ـ وزيراً للمواصلات والأشغال.
ـ سامي شوكت ـ وزيراً للمعارف.
8 ـ صالح جبر ـ وزيراً للشؤون الاجتماعية.
لكن هذه الوزارة كانت قصيرة العمر، حيث لم تمكث في الحكم سوى خمسة أسابيع عمل خلالها نوري السعيد جاهداً على إدانة المتهمين بالتحريض على قتل رستم حيدر، لكنه لم يوفق في ذلك بعد أن طلبت منه الحكومة البريطانية إجراء محاكمة مدنية لهم، واضطر نوري السعيد إلى سحب الدعوة من المجلس العرفي، وأحالها إلى المحاكم المدنية التي نظرت في الدعوة، وقررت براءتهم من التهمة الموجه لهم،  إلا أنها حكمت على وزير الدفاع السابق [صبيح نجيب] بالسجن لمدة  سنة واحدة بسبب تهجمه على حكومة نوري السعيد، حيث اعتبرت المحكمة ذلك التهجم إثارة للرأي العام ضد الحكومة. أما القاتل فقد حكم علية بالإعدام، ونفذ الحكم به فجر يوم الأربعاء 27 آذار 1940، وبذلك أسدل الستار على هذه القضية التي أراد نوري السعيد استخدامها وسيلة للتنكيل بخصومه السياسيين، وأصبحت حكومة نوري السعيد في موقف ضعيف جداً، بعد افتضاح اللعبة التي لعبها، مما اضطره ذلك إلى تقديم استقالة حكومته إلى الوصي في 31 آذار 1940، حيث تم قبول الاستقالة في نفس اليوم، وباشر الوصي مشاوراته لتأليف وزارة جديدة، ودعا رؤساء الوزارات السابقين، كل من السادة علي جودت الأيوبي، وتوفيق السويدي، وناجي السويدي، وجميل المدفعي، ونوري السعيد، ورشيد عالي الكيلاني، وناجي شوكت، وتباحث معهم في أمر تأليف وزارة ائتلافية تضم جميع الأطراف، وتستطيع مجابهة الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد، حيث استقر الرأي على تكليف [ رشيد عالي الكيلاني ]، وقيل آنذاك أن السفير البريطاني هو الذي أشار على الوصي بتأليف وزارة قومية تضم جميع الأطراف والتكتلات.

رابعاً: رشيد عالي الكيلاني يؤلف وزارة جديدة:
 في 31 آذار 1940 صدرت الإرادة الملكية بتكليف رشيد عالي الكيلاني، الذي كان يشغل منصب رئيس الديوان الملكي آنذاك، بتأليف الوزارة الجديدة، وقد تم تأليفها على الوجه التالي:
1 ـ رشيد عالي الكيلاني ـ رئيساً للوزراء ووزيراً للداخلية.
2 ـ نوري السعيد وزيراً للخارجية.
3 ـ طه الهاشمي ـ وزيراً للدفاع.
4 ـ ناجي السويدي ـ وزيراً للمالية.
5 ـ ناجي شوكت ـ وزيراً للعدلية.
6 ـ عمر نظمي ـ وزيراً للأشغال والمواصلات.
7 ـ صادق البصام ـ وزيراً للمعارف.
8 ـ محمد أمين زكي ـ وزيراً للاقتصاد.
9 ـ رؤوف البحراني ـ وزيراً للشؤون الاجتماعية.

وهكذا جاءت الوزارة الكيلانية الجديدة وهي تضم أربعة من رؤساء الوزارات السابقين، ومختلف الكتل، وحاولت تحسين صورتها أمام الرأي العام العراقي، فأقدمت على إلغاء الأحكام العرفية في الموصل وبغداد، وأطلقت سراح العديد من المعتقلين السياسيين الذين أدانتهم المجالس العرفية.

لكن الحكومة بدأت باكورة أعمالها بإصدار مرسوم [ صيانة الأمن العام وسلامة الدولة] في 30 أيار 1940، وجاء هذا المرسوم أشد وطأة من المرسوم الذي أصدره نوري السعيد، والذي رفضته المحكمة العليا فيما بعد، لمخالفته أحكام الدستور، في 11 أيلول 1939، حيث خول المرسوم الجديد صلاحية اعتقال الأشخاص المشتبه بكونهم يمثلون خطراً على الأمن العام، ونفيهم، أو سجنهم لمدد تصل إلى 5 سنوات، وفرض المرسوم قيوداً جديدة على الصحف، وكافة وسائل النشر،  ومراقبة الرسائل البريدية، والتلفون، والبرقيات، ومراقبة المطبوعات والمطابع، وصلاحية غلقها، ومنع الاجتماعات والتجمعات، وتفريقها بالقوة، وغلق النوادي والجمعيات، ومنع التجول، وتفتيش الأشخاص والمساكن والمحلات، وغيرها من الإجراءات الأخرى المخالفة للدستور، وخول المرسوم وزير الداخلية صلاحية اتخاذ كل ما يلزم لتنفيذ هذا المرسوم، واعتبر هذا المرسوم لطخة سوداء في تاريخ الوزارة الكيلانية.

خلافات خطيرة من جديد داخل مجلس الوزراء:
لم تكد تمضي سوى مدة شهرين على تشكيل الوزارة الكيلانية حتى دبت الخلافات بين أركانها من جديد بسبب الموقف من إيطاليا التي أعلنت الحرب على بريطانيا وفرنسا، في 10 حزيران 1940، ودخلت الحرب إلى جانب ألمانيا.

 فقد سارع السفير البريطاني إلى الاجتماع بنوري السعيد ـ وزير الخارجيةـ وطلب منه قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيطاليا، وطلب منه أيضا أن يصله جواب الحكومة قبل الساعة الثانية عشرة من ظهر ذلك اليوم.

 وعلى الفور قام نوري السعيد بإبلاغ رئيس الوزراء بطلب السفير البريطاني، وتقرر أن يجتمع مجلس الوزراء فوراً برئاسة الوصي عبد الإله لدراسة الطلب البريطاني، واتخاذا قرار بشأنه، وخلال النقاش الذي أجراه مجلس الوزراء ظهر انقسام شديد بين أعضائه، فقد انقسم المجلس إلى تيارين:
 التيار الأول دعا إلى إعلان قطع العلاقات مع إيطاليا فوراً تنفيذاً لطلب بريطانيا، وتزعم هذا التيار نوري السعيد، وضم محمد أمين زكي، وصادق البصام، ورؤف البحراني، وعمر نظمي .
 التيار الثاني، وكان الأقوى، بزعامة رئيس الوزراء ـ الكيلاني ـ وضم طه الهاشمي، وناجي شوكت، وناجي السويدي، فقد دعا إلى التريث، وعدم التسرع في اتخاذ أي قرار، ولاسيما وأن الحرب قد اتخذت لها مساراً خطيراً، بعد أن استطاعت ألمانيا اجتياح معظم البلدان الأوربية، مؤكدين على ضرورة أن تراعي الحكومة مصلحة البلاد، وتراقب أوضاع الحرب وتطوراتها، لكي لا تنعكس سلباً على العراق.

تأزمت الخلافات داخل مجلس الوزراء بين التيارين، وهدد وزير الاقتصاد[محمدأمين زكي] بالاستقالة إذا لم تقرر الوزارة الاستجابة لطلب
 بريطانيا. غير أن  مجلس الوزراء لم يتوصل  إلى أي قرار، وتم الاتفاق على عقد جلسة أخرى مساء اليوم نفسه في مقر مجلس الوزراء.

 تم عقد الاجتماع في الموعد المقرر، وواصل مناقشة الموضوع، واتخذت الحكومة قرارها بالتريث في مسألة قطع العلاقات مع إيطاليا، مع الإقرار بتمسك الحكومة بمعاهدة التحالف مع بريطانيا، واستعدادها للقيام بما تمليه عليها معاهدة 1930 المعقودة مع بريطانيا.

أثار قرار الحكومة غضب السفير البريطاني الذي أسرع لمقابلة رئيس الوزراء، في 12 حزيران، وعبر له عن دهشة، وقلق بريطانيا من القرار، وتردد الحكومة في قطع العلاقات مع إيطاليا، وأبلغه بأن هذا الموقف من جانب الحكومة يؤثر تأثيراً بالغاً على صدقيه الحكومة في تنفيذ بنود معاهدة التحالف الموقعة عام 1930.

 لكن الكيلاني أجابه على الفور أن الحكومة تقرر ما تراه موافقاً لمصلحة البلاد، فكان أن سأله السفير فيما إذا كان هذا الموقف يمثل رأيه  الشخصي أم رأي الحكومة؟ وقد رد عليه الكيلاني أن القرار اتخذته الحكومة، وأنا أرى شخصياً أن لا يورط العراق نفسه في عمل من شأنه أن يؤثر على حاضره  ومستقبله، ويقلق الرأي العام العراقي.

أثار تصرف رئيس الوزراء الكيلاني هذا غضب المستر[ تشرشل ] رئيس الوزراء البريطاني حيث الذي صرح قائلاً:
{ إن حكومة الكيلاني تتصرف بروح استقلالية لم يسبق لأي رئيس وزارة عراقية أن تصرف بمثلها من قبل}.
وحاولت الحكومة البريطانية الضغط على حكومة العراق بأساليبها العسكرية، فقد أبلغت السفارة البريطانية وزارة الخارجية العراقية بكتابها المرقم 284 في 21 حزيران 1940 أن الحكومة البريطانية قررت إنزال قواتها العسكرية في البصرة، لغرض التوجه إلى حيفا، وطلبت أن تسمح الحكومة للقوات الجوية البريطانية بتأسيس معسكرات للاستراحة في البصرة وبغداد والموصل، وتأسيس خطوط مواصلات عبر الصحراء، بين بغداد وحيفا.

 وقد أجابت الحكومة العراقية بالموافقة على الطلب البريطاني في 22 تموز، عملاً ببنود معاهدة 1930، وكان ذلك أكبر خطأ ارتكبته حكومة الكيلاني، فقد كان الهدف الحقيقي من جلب القوات البريطانية لغرض فرض الهيمنة المطلقة على العراق واحتلاله، وإسقاط حكومة الكيلاني، كما سنرى في الحلقة القادمة.
ملاحظة:
للإطلاع على المزيد من المعلومات  يمكن العودة إلى موقعي على الانترنيت
www.Hamid-Alhamdany.blogspot.com

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب