عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

من يتحمل مسؤولية انتشار الإرهاب على المستوى العالمي؟

حامد الحمداني
 3/12/2008
تجابه البشرية في عصرنا الحاضر واحداً من أخطر الأمراض الخبيثة التي تصيب المجتمع الإنساني، ذلكم هو الإرهاب الوحشي البشع بشتى صوره وأشكاله ودوافعه، والذي استشرى في المجتمعات البشرية، حيث تحول إلى عمل جماعي منظم [عصابات الجريمة المنظمة]، وحيث تمارس هذه المنظمات الإرهابية أساليب حديثة ومبتكرة لتنفيذ جرائمها الوحشية، مستعينة بالتطور التكنولوجي من جهة، وثورة الاتصالات التي أحدثها الانترنيت من جهة أخرى، وتنوع مصادر التمويل، بما فيها المخدرات، من جهة ثالثة، لتنفيذ جرائمها بحق المجتمع الإنساني، مما حول هذا الداء إلى معضلة عالمية خطيرة تتطلب معالجتها واستئصال شأفتها جهداً دولياً تتولاه الأمم المتحدة، وتشارك فيه كل دول العالم لدراسة وبحث الأسباب التي أدت إلى انتشار وتوسع ظاهرة الإرهاب من جهة، والوقوف على العوامل والدوافع التي تشجع هذا السلوك، والوسائل الكفيلة بمعالجة هذه المعضلة.
ولكي تجري معالجة هذا الداء الخطير ينبغي تحديد العوامل التي تشجع على الإرهاب وانتشار عصابات الجريمة المنظمة في مختلف بقاع العالم. وتحديد أنواع الإرهاب ودوافع من يمارسها، وتحديد الوسائل الكفيلة للتصدي للإرهاب واستئصاله من المجتمع.
وعلى عالم الأغنياء أن يدركوا إن الإرهاب لا يمكن معالجته بوسائل العنف وحدها، وقبل استنفاذ كافة الوسائل الأخرى، ويأتي في مقدمتها العامل الاقتصادي، والتخلف الذي يسود قطاعاً واسعاً من المجتمع الإنساني، وتأثير المدارس الدينية، ورجال الدين، والأحزاب الدينية على عقول الناس البسطاء الواقعين تحت تأثير الجهل والفقر والبطالة والجوع والتشرد، واستغلالهم، واستغلال الدين لتحقيق أهداف وأجندات ومصالح سياسية.
إن معالجة حقيقية على مستوى العالم لمشكلة الفقر والبطالة والجوع والحرمان هي أول وأهم الخطوات التي يجب اتخاذها لمكافحة الإرهاب ذلك لأن العامل الاقتصادي هو العامل الحاسم في خلق البيئة الحاضنة والمولدة للإرهاب، وعندما يشعر الإنسان بالغبن و يقارن بين الحياة التي يحياها مع حياة الأغنياء والمترفين يجعله يفكر في أية وسيلة تحقق له حياة أفضل حتى ولو كان ذلك عن طريق الإرهاب، ولقد دعونا الدول الغنية المهيمنة على الاقتصاد العالمي أن تفكر جدياً في معالجة مشكلة الفقر والبطالة المتفاقمة، والتي يئن تحت وطأتها مئات الملايين من بني البشر، وتقليص البون الشاسع بين مستوى حياة شعوب دول الشمال والجنوب إذا كانت تفكر جدياً في مكافحة الإرهاب.


إن الفقر والجوع يدفع الإنسان إلى استخدام كل الوسائل والسبل للحصول على لقمة العيش، ومن حقه وحق عائلته العيش بطبيعة الحال، وعندما يعيش الإنسان حياة كريمة آمنة هو عائلته فلا يمكن أن يفكر في الإرهاب.


كما أن على المجتمع الدولي أن يعالج مشكلة التخلف والتي ترتبط كل الارتباط بمشكلة الفقر، فالإنسان الذي لا يستطيع تأمين الطعام لعائلته لا يمكنه التفكير في التعليم والثقافة، ويرسل أبنائه وبناته إلى المدارس والجامعات، وإن الاستمرار على هذه الحال من الجهل والتخلف يجعل منه صيداً ثميناً لقيادات قوى الإرهاب الديني والسياسي، واستخدامهم لتنفيذ أجندتهم السياسية.


إن ما نشهده اليوم في المجتمع الإسلامي من تنامي الإرهاب خطير جداً، فمعظم جرائم الإرهاب في العالم تنطلق اليوم من هذا المجتمع، ولنا مما جرى ويجري في العراق وأفغانستان والهند والباكستان واندونيسيا والجزائر وفلسطين والمغرب ومصر والسعودية واليمن والأردن وغيرها من بلدان العالم الإسلامي، بل لقد وصلت تلك الجرائم إلى اسبانيا وبريطانيا وفرنسا بل وحتى عقر دار الولايات المتحدة الدولة العظمى في العالم عندما وقعت أحداث أيلول الإجرامية.


إن الإرهاب الفكري والسياسي يلعبان دوراً خطيراً في إعداد العناصر الإرهابية التي تمارس العنف لتحقيق أهداف سياسية أو مادية أو دينية أو طائفية أو قومية، ويمارس من قبل الحكومات بصورة رسمية، ويجري ذلك بصورة واسعة في بلدان العالم الثالث في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتسعى هذه الحكومات التي غالباً ما تكون قد وصلت إلى الحكم بطريقة غير ديمقراطية، أو عن طريق الانقلابات العسكرية، والتي تسعى للتشبث بالحكم بكل الوسائل والسبل، فنراها قد سيطرت على وسائل الإعلام المختلفة من راديو تلفزيون وصحافة ومطبوعات، وتسخرها جميعاً لتثبيت حكمها غير الشرعي، وتحاول خنق أنفاس شعوبها، وحرمانها من حقها في التعبير عن رأي أبنائها، وحقها في ممارسة حرياتها العامة التي نصت عليها شرعة حقوق الإنسان [الإعلان العالمي لحقوق الإنسان]، وتلاعبها بالدستور وتفريغه من كافة الحقوق السياسية والاجتماعية، وحرمانها من الاتصال بالعالم الخارجي، والإطلاع على منجزات العالم المتقدم في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وخير مثال يمكن أن نقدمه لذلك هو نظام صدام الذي سخر موارد البلاد وكافة وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية، بالإضافة إلى أجهزته القمعية الواسعة والمختلفة لتثبيت حكمه الفاشي الذي استمر ثلاث عقود ونصف استباح خلاها الشعب بأساليب وحشية بشعة تركت لنا القبور الجماعية التي جاوزت المكتشفة منها أكثر من 300 مقبرة تضم رفات مئات الألوف من المواطنين الأبرياء الذين رفضوا سلطة الدكتاتور وحزبه الفاشي هو خير دليل على إرهاب الدولة.


كما سخر موارد البلاد لتشكيل جيش عرمرم وزجه في حروب عبثية استمرت طيلة سنوات حكمه البغيض، وجلبت على الشعب العراقي الخراب والدمار، ومئات ألوف الضحايا، ومثلها من الأرامل والأيتام، وأدت إلى انهيار بنيته الاقتصادية والاجتماعية، وأغرق العراق بالديون بمئات المليارات من الدولارات ، وفي الوقت الذي كان الدكتاتور صدام وزمرته يعيشون حياة البذخ والرفاهية المفرطة، كان شعب العراقي يئن تحت وطأة الحصار الظالم والجوع والفقر والأمراض وذل الحياة التي لم يشهد لها مثيلاً من قبل، في حين يمتلك العراق ثروات ضخمة تؤهله لتحقيق أرفع مستوى معيشي في العالم لو تسنى له حكومة رشيدة وأمينة وديمقراطية منتخبة من الشعب، وترعى حقوقه وحرياته العامة.


وما جرى في العراق بعد إسقاط نظام صدام على أيدي أحزاب الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني بمشاركة عناصر حزب البعث المنحل وحلفائه من عناصر منظمة القاعدة الإرهابية كان أشد قسوة وفضاعة، حيث تم شحن الناس البسطاء والمتخلفين من كلا الطائفتين الشيعية والسنية لقتل بعضهم بعضاً باسم الدين والطائفة والشريعة!!، وحيث جرى قتل مئات الآلاف من المواطنين الأبرياء، وتم تهجير 4 ملايين آخرين من بيوتهم تاركين ممتلكاتهم نهباً لهذه العناصر الجاهلة والمدفوعة من قبل الأحزاب السياسية الدينية المتشبثة بالسلطة والثروة.


كما أن الإرهاب الذي يمارس من قبل المدارس الدينية والحسينيات والجوامع التي يشرف عليها عناصر من رجال الدين السلفية والشيعية المتخلفة التي تتخذ من الدين وسيلة لتحقيق غايات سياسية بأساليب قسرية، وتمارس هذه المدارس نشر الفكر التكفيري والعنفي، وتفسر الدين بالطريقة التي تحقق لها أهدافها وغاياتها الشريرة، وتستخدمه لغسل أدمغة الناس البسطاء، وحثهم على القيام بأعمال إرهابية من قتل وتخريب وخطف واغتصاب وتكفير المواطنين الذين يعارضون هذا التوجه، وتتدخل في كل صغير وكبيرة في حياة المواطنين الخاصة حتى وصلت لحد تطليق الزوجة من زوجها غصباً عنها، كما جرى مع الدكتور الباحث حامد أبو زيد، وتحاول فرض القيود في أسلوب حياتهم ومظهرهم وملبسهم وغير ذلك من الأمور بحجة مخالفة الشريعة!.


كما يجرى ممارسة الإرهاب في العديد من الدول، وإن ما شهدناه في أفغانستان على يد حكومة طالبان وممارساتها العدوانية والمتخلفة والبشعة بحق الشعب الأفغاني الذي أعادته نحو التخلف مئات السنين، وليس ذلك بخافٍ على كل متتبع لأوضاع الشعب الأفغاني على عهد حكومة طالبان الرجعية المتخلفة، وكما جرى في الجزائر التي جرى فيها ذبح مئات الألوف من المواطنين الأبرياء بأسلوب وحشي يندى له جبين الإنسانية، وشوهت وجه الإسلام الحقيقي أمام شعوب العالم أجمع.


كما نشهد اليوم أوضاع الشعب الإيراني البائسة منذ أن تولت حكومة يقودها رجال الدين السلطة في إيران عام 1978وحتى يومنا هذا، حيث تتحكم بحياة المواطنين، وتفرض عليهم نمط الحياة التي تقررها الحكومة في مختلف المجالات الاجتماعية والسياسية والثقافية، وحرمان الشعب من كافة حقوقه وحرياته، وتسعى لغسل أدمغة الأجيال الصاعدة وحشوه بالفكر المتخلف، وتسخير موارد الدولة على التسلح، ودعم الحركات والمنظمات الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، وفي العراق بوجه خاص، والعديد من المناطق الأخرى في حين يرزح الشعب الإيراني تحت وطأة الفقر والحرمان القاسيين، في الوقت الذي تتمتع فيه الطبقة الحاكمة بكل مباهج الحياة .


إن على العالم الغني أن يدرك أن لا حل لمعضلة الإرهاب مهما استخدم من الوسائل القمعية، وعليه أن يعيد النظر في حساباته من أجل تأمين الأمن والسلام في العالم أجمع، وهذا الأمر يتطلب العمل الجدي لمعالجة مشكلة الفقر والبطالة بدل صرف الأموال الهائلة على التسلح والحروب العدوانية، فحرب العراق وأفغانستان وحدهما كلفت العالم مئات المليارات من الدولارات التي كانت كفيلة بمعالجة مشكلة الفقر والبطالة والأمراض التي تفتك بالإنسانية.


كما أن على المنظمة الدولية التي تتولى مسؤولية الأمن والسلام في العالم أن تبادر وعلى الفور بحث حكومات الدول الإسلامية على إعادة النظر الجذرية في مناهج الدراسة، والسيطرة على تأثير المدارس الدينية، وإغلاق المدارس التي تمارس شحن المواطنين البسطاء بالكراهية والعداء للأديان والطوائف الأخرى، وضرورة فصل الدين عن الدولة، وقيام أنظمة ديمقراطية علمانية تؤمن حقاً وصدقاً بالحرية والعدالة الاجتماعية، والالتزام الحرفي الكامل بشريعة حقوق الإنسان، وإدخالها في صلب دساتير الدول، واعتبارها مادة أساسية في كافة المدارس، من أجل خلق جيل جديد متشبع بالفكر الديمقراطي، وحب الإنسان لأخيه الإنسان مهما اختلفت أديانهم وقومياتهم وطوائفهم في عالم تسوده الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.


كما أن عليها أن تكف عن دعم أنظمة الدول التي تمارس إرهاب الدولة، وتسمح للمدارس الدينية ورجال الدين القائمين عليها بنشر الفكر ألظلامي المتخلف، وشحن المواطنين البسطاء بروح الكراهية والعداء للآخرين ، وحثهم على القيام بإعمال إرهابية باسم الشريعة والتكفير، للحفاظ على مصالحها في تلك الدول، وحثها على إجراء تغيير شامل في بنيتها قائم على ساس قيام النظم الديمقراطية العلمانية، وفصل الدين عن الدولة، وتحديث دساتيرها وقوانينها بما يتلاءم مع التطور الديمقراطي في العالم أجمع. وليكن التزام الدول بشريعة حقوق الإنسان التي أقرتها الأمم المتحدة شرطاً ضرورياً لعضوية المنظمة الدولية، وفرض عقوبات مادية وليست عسكرية على الدول التي لا تلزم بها حتى تذعن لشروط العضوية في المجتمع الدولي.
3/12/2008

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب