عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

جريمة حلبجة ومسؤولية النظام الصدامي والمجتمع الدولي

حامد الحمداني
 16 /3/ 2006
لا شك أن الجريمة البشعة التي اقترفها النظام الصدامي بحق أطفال ونساء وشيوخ مدينة حلبجة الشهيدة تمثل الوجه الكالح السواد للنظام الصدامي الوحشي ، وهي بكل تأكيد تدخل ضمن جرائم الإبادة الجماعية ضد الإنسانية، وستبقى هذه الجريمة وصمة عار بجبين الدكتاتور صدام حسين وحزبه الفاشي ، ومهما حاول النظام الصدامي إنكارها فإن الوثائق والدلائل تؤكد مسؤولية النظام بهذه الجريمة .
ففي الفترة الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية اتصل علي حسن المجيد الملقب [ علي كيماوي] أمين سر تنظيم الشمال بصدام حسين يبلغه بأن مدينة حلبجة قد سقطت بأيدي القوات الإيرانية ، وطالباً منه الموافقة على قصف المدينة بالأسلحة الكيماوية والبيولوجية ، وقد أوعز له صدام بقصف المدينة بمن فيها من المدنيين بهذه الأسلحة.
وقد أكد رئيس أركان الجيش العراقي آنذاك [ نزار الخزرجي ] في لقاء مع قناة MBC الفضائية هذه المعلومات التي تدين الدكتاتور صدام حسين بهذه الجريمة البشعة التي ذهب ضحيتها أكثر من 5000 مواطن كوردي ، هذا بالإضافة إلى المعانات للذين بقوا على قيد الحياة من المدنيين حيث أصيبوا بشتى أنواع المضاعفات والتشويهات والأمراض جراء الضربة الكيماوية المجرمة .
إن الشهادة التي قدمها الخزرجي تؤكد كذب مزاعم صدام في عدم معرفته بالضربة الكيمياوية للمدنيين العزل من الكورد في حلبجة الشهيدة ، كما أن المتهم علي الكيماوي مازال حياً في المعتقل وعليه التقدم للشهادة في هذا المجال ، وبإمكان محكمة الجنايات الكبرى استجواب قادة الفيالق والفرق والمسؤولين الحزبيين آنذاك ، والعودة لسجلات قيادة القوة الجوية وتقارير الحركات العسكرية الخاصة بالقوة الجوية العراقية ، بالإضافة إلى تقارير الاستخبارات العسكرية ، وتقارير القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات ، والأوامر التي صدرت لها بضرب المدينة ، و جميعها تؤكد على مسؤولية النظام العراقي لهذه الضربة البشعة التي استهدفت المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ .
إن مجزرة حلبجة تتجسد فيها بشاعة الجريمة وانحطاط عقلية الدكتاتور وطبيعته الوحشية وليس أدل على ذلك ما صرح به أمام عدسات التلفزيون ، وعرضها تلفزيون العربية مؤخراً بالصورة والصوت حيث يقول :
{أنني على استعداد لقتل عشرات الألوف من المواطنين من دون أن تهتز شعرة واحدة في جسمي!!! }. فأي وحش هذا ؟؟
إن حلبجة الشهيد تستصرخ صباح مساء ضمير العالم أجمع مطالبة بإنزال العقاب الصارم بحق من أمر بارتكاب هذه الجريمة ، ومن نفذها ، وستبقى هذه الجريمة شاهداً على قسوة الطاغية وزبانيته، واستخفافهم بحياة المواطنين الأبرياء .
ولن يستطيع الزمن أن يزيل من الذاكرة هذه الصورة البشعة مهما تقادم ، وستبقى بذاكرة وضمائر كل الشرفاء المؤمنين بالقيم الإنسانية ، وستتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل .
وها هي جلبجة اليوم وبسواعد أبنائها الشجعان تنهض من جديد ترفع ركام الجريمة لتعود من جديد زاهية وشامخة تكسوها شقائق النعمان ، وستبقى تتحدى الطغيان ، وتبشر بعراق جديد ، عراق الفيدرالية والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان التي نص عليها الإعلان العالمي .
ورغم بشاعة هذه الجرائم التي أقترفها النظام الصدامي باستخدامه السلاح الكيماوي ضد الشعب الكردي ، وضد إيران ، فإن تلك الجرائم لم تحرك مجلس الأمن ، ولا حكومات الدول الغربية التي تتشدق بحقوق الإنسان ،وشجع موقفهم حاكم بغداد على الإيغال بجرائمه ضد الإنسانية ، فقد كان آنذاك يحارب إيران بالنيابة عن الولايات المتحدة .
وبإلحاح من حكومة إيران وشكواها بأن العراق قد استخدم السلاح الكيماوي المحرم دولياً ،اضطرت الأمم المتحدة إلى إرسال بعثة خبراء إلى طهران في 26 شباط 1986 للتحقيق في الشكوى وقد مكثت البعثة مدة أسبوع في طهران ،ثم رفعت تقريرها الذي أكد على أن العراق قد استخدم الغاز السام في الحرب ،واضطر مجلس الأمن إلى أن يصدر قراراً يدين العراق لأول مرة !!!.


لكن ذلك القرار كان قد صيغ بشكل مائع ولم يؤدِ إلى إيقاف تلك الجرائم ،بل استمر النظام العراقي في استخدامها حتى نهاية الحرب .


غير أن الغرب صحا فجأة ، بعد عام 1989 ،بعد أن انتهت الحرب مع إيران ، وبدأ يتحدث عن تسلح النظام العراقي بأسلحة الدمار الشامل ،الكيماوية والبيولوجية والجرثومية والنووية ، فلقد تغيرت الحال بعد الحرب ،وخرج العراق منها ولديه ترسانة ضخمة من الأسلحة تجعله خطراً داهماً على مصالحهم في الخليج ، ووجد الغرب أن الوقت قد حان لنزع هذه الترسانة الخطيرة من الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والجرثومية ،والصواريخ البعيدة المدى والقادرة على حمل تلك الأسلحة إلى مسافات شاسعة ،وكان لابد وأن تجد الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الوسيلة والمبرر لذلك حيث جرى نصب الفخ للطاغية صدام ، والإيحاء له على لسان السفيرة الأمريكية في بغداد [كلاسبي] عند لقائها بطاغية العراق صدام بقولها :


[أن الولايات المتحدة لا تتدخل في الخلافات العراقية مع الكويت ، وأن عليكم أن تحلوا مشاكلكم بالطريقة التي ترونها مناسبة ].


وفهم صدام حديث السفيرة كلاسبي على أنه الضوء الأخضر لغزو الكويت والاستحواذ على نفطها ، لإنقاذ الاقتصاد العراقي المتدهور من الانهيار.
وبلع صدام الطعم الذي ظنه حلو المذاق ، فإذا به العلقم الشديد المرارة، حيث شنت الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين الحرب على العراق ، وطرت قواته من الكويت شر طردة ، منزلة الخسائر الجسيمة بالجيش العراقي المغلوب على أمره ، والذي اجبر على خوض حرب لا يوجد أدنى تكافؤ فيها .


وجرى فرض شروط وقف الحرب على النظام الصدامي في خيمة صفوان والتي كان بمقدمتها إفراغ العراق من أسلحة الدمار الشامل ، والتي كانوا هم أنفسهم َمنْ جهز صدام بها كي تستمر الحرب بين العراق وإيران أطول مدة ممكنة كما ذكر وزير الخارجية الأمريكية السابق ، ومنظر سياستها الخارجية [ هنري كاسنجر ] في مذكراته حيث يصف تلك الحرب بقوله :
[ إنها الحرب التي أردناها أن تستمر أطول فترة ممكنة ولا يخرج منها أحدٌ منتصراً ].
ولم تكتفِ الولايات المتحدة بكل ذلك بل فرضت الحصار الاقتصادي الظالم على الشعب العراقي بقرار صادر من مجلس الأمن ليذيقوا الشعب العراقي مرارة الذل والإفقار والجوع والحرمان والأمراض الفتاكة ، والتي لم يعرف لها مثيلا من قبل .
إن جريمة حلبجة تقع مسؤوليتها بكل تأكيد على النظام الصدامي ، لكن الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين يتحملون المسؤولية الأخلاقية والدولية بتجاهلهم تلك المجزرة البشرية ، والتغاضي عنها ، وعدم محاسبة النظام الصدامي ، بكون تلك الجريمة تمثل إبادة جماعية ضد الإنسانية تستحق من المجتمع الدولي محاسبة النظام الذي اقترفها بموجب القانون الدولي لينال العقاب الذي يستحقه.

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب