عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

مناهج ديمقراطية علمانية لا مناهج دينية طائفية أو تكفيرية!

حامد الحمداني
 13/2/2007



قبل ثلاثة أيام خرج علينا مدير عام التربية في النجف السيد [إسماعيل ماضي] بتصريح خطير للصحافيين جاء فيه: أن التغييرات التي ستطرأ على المناهج الدراسية في العراق لن تكون بعيدة عن توجيهات وأفكار المرجعية الرشيدة في النجف!!


ثم أضاف قائلاً : إن وزارة التربية طبعت مبادئ الفلسفة التربوية، ووزعتها على المديريات في المحافظات، وأوصلتُ شخصيا نسخا منها إلى مكاتب المرجعيات، ومجلس المحافظة، والإدارة المدنية، للإطلاع عليها، وتثبيت ما لديهم من أفكار من أجل تطويرها!!


وأضاف السيد ماضي قائلاً : لقد أوصيت إدارات المدارس في المحافظة بإعطاء كوادرها التدريسية الحرية فيما ترغب في إيصاله إلى التلاميذ من معلومات خارج نطاق منهج التاريخ الإسلامي والتربية الإسلامية والأدب العربي، بما يتماشى وعقيدة آل البيت!!، وختم ماضي تصريحه موضحا :


أن وزارة التربية شكلت لجانا تربوية، ووضعت ضوابط ومبادئ تحت عنوان [الفلسفة التربوية] يبت فيها أثناء التغيير القادم لمناهج التربية الإسلامية،والتاريخ الإسلإمي، والأدب العربي .


وتشير مصادر مطلعة إلى أن اللجنة التي شكلتها وزارة التربية لإعادة صياغة المناهج قد ضمت في الغالب عناصر من التربويين من الشيعة مع عدد محدود جدا من السنة، وأشارت تلك المعلومات إلى أن اثنين من العناصر السنية قد جرى اغتيالهما ، مما دفع باقي الأعضاء إلى الاستقالة من اللجنة خوفاً على حياتهم.


ولا شك أن هذه التصريحات الخطيرة ، وهذه الإجراءات التي اتخذتها وزارة التربية في تشكيل هذه اللجنة لوضع مبادئ الفلسفة التربوية لمدرس العراق تشير بوضوح إلى أن هذا التوجه لا يعني سوى إقحام المرجعية الدينية في النجف في تقرير الأساليب التربوية التي ستعمم على مدارس العراق كافة، حتى لكأنما باتت مدارسنا قد أصبحت عبارة عن مدارس دينية تابعة لهيمنة رجال الدين في الحوزة .


إن هذا التوجه في الاعتماد على رجال الدين الشيعة أم السنة يتنافى ومنطق العصر، ويهدد التربية في بلادنا بمستقبل مظلم ستمتد آثاره لعقود طويلة من التخلف والنكوص ، بدلاً من التوجه العلماني الهادف إلى مواكبة التطورات التربوية المعاصرة، و الهادفة إلى خلق أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة التي لا غنى لنا عنها إذا كنا ننشد حقاً بناء عراق ديمقراطي متطور، وخلق أجيال من الكفاءات العلمية التي ستقود العراق في السنوات والعقود القادمة.


إن عالمنا اليوم يشهد تطورات علمية هائلة، بل نستطيع القول أن ثورات علمية جبارة في مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والصحية التي جاءت بوتائر سريعة قد يقف الإنسان مذهولاً أمامها على الرغم من أنه هو الذي أوجدها وطورها، فالعالم اليوم قد انتقل من عصر الذرة والأقمار الصناعية إلى عصر الكومبيوتر والإنترنيت ، والاتصالات، وأجهزة الاستقبال التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، ومكنت الإنسان من الحصول على كل ما يحلم به من المعلومات بدقائق معدودة.


ولم يقتصر التطور العلمي على الاختراعات و الصناعات المختلفة، فقد كان لابد أن يحدث التطور في المجال التربوي والتعليمي جنباً إلى جنب، لأن المجالين يكمل بعضهما بعضاً، ولأن التطور التقني يتطلب قدرات متطورة وعالية لدى العاملين، لكي يستطيعوا مواكبة التطور التقني في العصر الحديث.


إن مدارسنا اليوم، وبعد أن تخلصت من سيطرة الفكر البعثي الفاشي، هي بأشد الحاجة لإجراء ثورة هائلة في أساليب التربية والتعليم ، وإعادة النظر في المناهج والكتب المدرسية والأساليب التربوية التي تمكن المدرسة من مواكبة العصر، والسير بها إلى الأمام ، لا العودة إلى الوراء مئات السنين!


إن هذا الأمر يتطلب ضرورة ربط المدرسة بالمجتمع، فهي جزء لا يتجزأ منه، و ينبغي أن يكون مجتمعاً مصغراً خالياً من الشوائب التي نجدها في المجتمع الكبير، لكي تؤدي واجبها في تربية الأجيال، وتعريفها بالتراث بعد تخليصه من كل الشوائب التي تتنافى وطبيعة العصر، والسعي الحثيث لإدخال الأساليب التربوية الحديثة التي تعتبر التربية المدرسية عملية حياتية، وليست عملية إعداد للمستقبل، فلقد اعتبرت المدرسة القديمة أن العملية التربوية التي تتم في المدرسة هي من أجل إعداد التلاميذ للمستقبل، أي أنها ترتبط بالمستقبل أكثر مما ترتبط بالحاضر،وأنه بناءً على هذه النظرة يهون عمل أي شيء في الحاضر إذا كان يضمن قيمة أو فائدة .


ومن الضروري الاهتمام بالمواضيع العملية والمهنية عامة، والاهتمام بالأعمال اليدوية والمهنية في المنهج الدراسي ، وعدم الإقلال من شأنها، والتأكيد على مبدأ الفعالية في الحصول على الخبرة والتعلم ما دامت التجربة هي التي تظهر الخطأ أو الصواب في فرضياتنا وآراءنا، وأن تكون نظرتنا إلى المسائل النظرية والمهنية على قدم المساواة، وضرورة إدخال أنواع مختلفة من المهن إلى المدرسة حيث أن هذه المهن تجدد روح المدرسة، وتربطها بالحياة، وتجعل المدرسة بيئة صادقة للطفل، يتعلم منها العيش المباشر، بدلاً من أن تكون مجرد محل لتعليم دروس نظرية ذات صلة بعيدة ومجردة بحياة قد تقع في المستقبل ، وليكن معلوماً أن الهدف من إدخال المهن إلى المدرسة ليس من أجل القيمة الاقتصادية، ولكن من أجل تنمية القوة الاجتماعية، وبعد النظر، فالمهنة تجهز التلميذ بدافع حقيقي ، وتعطيه خبرة مباشرة ، وتمنحه الفرصة للاتصال بالأمور الواقعية .


ولكي تكن أساليبنا التربوية سليمة وناجحة فلا بد من ربط العملية التربوية بالديمقراطية ، ذلك لأن الديمقراطية أسلوب راقٍ في الحياة، وهي تعني المساواة بين الأفراد وتهيئة الفرص المتكافئة لهم دون تمييز، وتعني التكافل الاجتماعي، والعدالة الاجتماعية، وحرية الاعتقاد، والقول والنشر، والاجتماع، وهي تعني كذلك إقامة علاقات إنسانية تتسم بالأخذ والعطاء، وتغليب العقل والخبرة في مجابهة وحل المشكلات التي تصادفنا .


إن المدرسة الديمقراطية التي نصبو إليها هي تلك البيئة التي يعيش فيها التلاميذ والمعلمون وسائر العاملين فيها زملاءً متعاونين من أجل تحقيق الهدف المشترك الذي يخدم العملية التربوية على الوجه الأكمل .


ولا شك أن المناهج التربوية الحاضرة في مدارسنا العراقية بوجه خاص والعالم العربي بوجه عام تتطلب إعادة النظر الجذرية فيها، وخاصة ما يخص مناهج التاريخ والتربية الاجتماعية والدينية ، واستئصال الفكر الفاشي والظلامي التكفيري ، والتأكيد على الجانب الإنساني في العلاقات الاجتماعية ، وإحلال الفكر الديمقراطي وثقافة حقوق الإنسان ، واحترام الرأي والرأي الآخر والكفاح الفعّال ضد أساليب القمع التي يتعرض لها الأطفال في البيت والمدرسة على حد سواء .


كما أن تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التربوية تقتضي إعادة إعداد الجهاز التربوي أعداداً ديمقراطياً يمكّنه من القيام بالمهمات الجديدة الملقاة على عاتقه بعد تلك الحقبة السوداء التي دامت أربعة عقود، والتي تم خلالها تسخير الجهاز التربوي لخدمة النظام البعثي الشمولي ، واشباع أفكار التلاميذ بالفكر الفاشي ، وتقديس الدكتاتور، والطاعة العمياء .


كما إن إقحام الحوزة الدينية الشيعية، أو الأحزاب الدينية السنية في العملية التربوية ، وفي إعداد المناهج المدرسية لن توصل أجيالنا إلا إلى تأصيل الفكر الطائفي، والفكر التكفيري ، والتخلف والنكوص إلى الوراء مئات السنين.


إن وزارة التربية العراقية تتحمل المسؤولية الكبرى في إعداد المناهج التربوية الصحيحة ، وهذا يتطلب منها تكليف لجنة موسعة من العناصر التربوية الديمقراطية التي لم ترتبط فيما سبق بالنظام البعثي وفكره الفاشي ، ولا بالمراجع الدينية مهما كانت طائفتها أو توجهاتها ، فرجال الدين مكانهم وواجباتهم الدينية في الحسينيات والجوامع ، وليس في المدارس، لكي تنشأ أجيالنا بعيداً عن الفكر الطائفي والظلامي التكفيري المتخلف.






0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب