عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

الدرس الذي لم تتعلمه أحزاب الإسلام السياسي الشيعي من أحداث عام 1991

حامد الحمداني
 1/11/2006



من البديهيات التي يجب أن لا تغيب عن ذاكرة الأحزاب السياسية هي اكتساب الخبر والتجارب من الأحداث التاريخية السابقة ، ولاسيما الأحداث القريبة التي عايشتها هذه الأحزاب، لكي يجري تقييمها، واستنباط الخبرة ولاستفادة من تلك التجارب التي يمكن أن تبعد عنها الكثير من الأخطاء والأخطار جراء الأحداث الجارية الآن على الساحة السياسية العراقية.


فما يشهده الشارع العراقي اليوم من أحداث رهيبة تفوق قدرة الإنسان على تحملها مهما بلغت قدراته، وقوة إرادته، واتساع صبره،وشدة حذره، فقد بات المواطن العراقي اليوم معرضا في كل لحظة لخطر الموت الأكيد إما جراء انفجار سيارة مفخخة ، أو انفجار عبوة ناسفة مزروعة في الشوارع والطرقات ، أو حتى وهو نائم في بيته، على أيدي العصابات الشريرة التي لا تفقه قيمة للإنسان، ولا يؤثر فيها أي وازع ديني أو أخلاقي أو إنساني في صراعها على السلطة والثروة والجاه، وفي غالبيتها مدفوعة من قوى خارجية تدين لها بالولاء، وفي المقدمة منها دول الجوار التي تشارك بكل نشاط في الأحداث المأساوية في البلاد، وتقدم المال والسلاح، وحتى الخبرة العسكرية للميلشيات المسلحة التي ترتكب كل يوم من الجرائم الوحشية البشعة ما يندى لها جبيبن الإنسانية .


لماذا جرت ولا زالت تجري، بل وتتصاعد كل يوم هذه الأعمال الإرهابية لقتل المواطنين على الهوية، وتخريب الممتلكات العامة والخاصة، وشل الدورة الاقتصادية للبلاد، والحيلولة دون إعادة بناء البنية التحتية، وتوجيه موارد البلاد نحو النهوض بالعراق في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية ، وتوفير كافة الخدمات الأساسية والضرورية، وفي المقدمة منها الكهرباء، وماء الشرب الصحي، ومشاريع الصرف الصحي، والتصدي لمشكلة البطالة التي تعتبر المفرخ الرئيسي للإرهابيين، من خلال إقامة المشاريع الصناعية والزراعية التي تستطيع استيعاب العاطلين عن العمل والذين تربو نسبتهم على 70% من القادرين على العمل!!.


مَنْ أوصل العراق وشعبه إلى هذا المنزلق الخطير الذي يتهددنا بحرب أهلية واسعة النطاق تأتي على الحرث والنسل ؟


من أطال في عمر الدكتاتورية الصدامية التي باتت على وشك السقوط عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية التي انتهت بهزيمة الجيش العراقي ، وخروج قوات الدكتاتور صدام حسين من الكويت ؟


لماذا دعا جورج بوش الأب الشعب العراقي للانتفاض على نظام حكم صدام حسين، وشجع على إسقاطه، ثم عاد وتراجع عن دعوته لإسقاط النظام، بل وسمحت قواته العسكرية لجيش صدام بقمع الانتفاضة، واستخدم كل ما يمتلكه من أسلحة ومعدات وطائرات لقمعها؟؟


لماذا تجاوز المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق وحلفائه من الأحزاب الدينية التي كانت قد اتخذت قواعد لها في إيران ، والتي ترتبط بوشائج عديدة مع النظام الإيراني مادية وتسليحية إضافة للدعم الإعلامي، مقررات مؤتمر دمشق للمعارضة العراقية ، ومن ثم مقررات مؤتمر لندن ومؤتمر بيروت ، ومحاولة الاستئثار بالانتفاضة وتجييرها لحسابها متجاهلة سائر القوى السياسية التي كانت تعمل تحت مضلة المعارضة العراقية ؟؟


لقد وجد الرئيس الأمريكي بوش الأب آنذاك إن بقاء نظام صدام الدكتاتوري ضعيفا ومحتوى عليه من قبل الولايات المتحدة خير من أن يقع العراق فريسة بفك النظام الإيراني وحلفائها أحزاب الإسلام السياسي الشيعي مما شكل في ذهن بوش والقيادة الأمريكية أكبر الأخطار على المصالح النفطية في الخليج الذي يعتبر شريان الحياة لاقتصاد أمريكا وحلفائها الغربيين ، ولاسيما وأن التطلعات الإيرانية ببسط هيمنتها على الخليج ، وامتداد الثورة الإسلامية نحو بلدانها كان يقلق الولايات المتحدة وحلفائها، ويحسبون لهذا التوجه ألف حساب، وجعلها ترفع البطاقة الخضراء لصدام لقمع الانتفاضة.


وهكذا استطاع جيش النظام الصدامي من مهاجمة قوى الانتفاضة في الجنوب وفي منطقة كردستان،التي لولا الحماية الأمريكية التي أعلنتها الولايات المتحدة لنال الشعب الكردي ما ناله أبناء الجنوب ذي الغالبية الشيعية، وقمعها بمنتهى الوحشية ، بعد أن كانت قد سيطرت على 14 محافظة من مجموع محافظات العراق البالغة 18 محافظة ، حيث ذهب ضحيتها ما يناهز 300 ألف مواطن إما في ساحات القتال، أو على أيدي جلاوزة النظام من الأجهزة الأمنية في أقبية المخابرات وسجون النظام حيث التعذيب الوحشي حتى الموت ، و قوافل الإعدام التي كانت تستمر كل يوم بعد قمع الانتفاضة.






واستمر النظام الصدامي باقياً على قيد الحياة منذ عام 1991 وحتى السابع من نيسان 2003، وهو ينكل بأبناء الشعب المعارضين لحكمه الدكتاتوري، عندما قادت الولايات المتحدة وحليفتها بريطانيا جيوشهما لغزو العراق، وإسقاط النظام الصدامي، وبطبيعة الحال ليس حبا بشعب العراق، وحرصاً على حريته، وإنقاذه من طغيان النظام الصدامي، وهم الذين فرضوا الحصار الاقتصادي على الشعب دون حكامه، وجوعوه وأذلوه، ودمروا بنيته الاجتماعية، مما كان لذلك أعظم الأثر على شخصية الإنسان العراقي وسلوكه وعاداته وقيمه الرائعة، والتي حلت محلها قيم وعادات وسلوكيات مناقضة لها تماماً، تلك التي مهدت السبيل لخلق جيل يتميز بالجهل والعنف والعدوانية يقتل بعضه بعضاً كما نشاهده اليوم .


لقد كان على قوى الإسلام السياسي الشيعي أن تتعلم الدرس من أحداث انتفاضة الشعب عام 1991 ، وما آلت إليه الحال بعد تخلي الولايات المتحدة عن دعم الانتفاضة بسبب أنانيتها، ورغبتها الجامحة بتجيير الانتفاضة لمصلحتها، وتجاهل قوى المعارضة الأخرى، والاستئثار بالسلطة، فتسببت في فشل الانتفاضة ، وما سببه ذلك الفشل من ويلات ومصائب لا تُنسى.






لكن هذه القوى لم تحاول الاستفادة من دروس الانتفاضة ونتائجها بعد سقوط النظام الصدامي، وتستخلص الحكمة منها بعد أن هيئات لها الظروف التي كانت سائدة قبل سقوط النظام من جهة، واستخدام أساليب الترهيب، واستخدام الدين واسم المرجعية في تحقيق نتائج كبيرة في الانتخابات التي لم يكن الشعب العراقي مؤهلاً لها أصلا ، وتستأثر بالسلطة بعد تحالفها مع الأحزاب الكردية ولتنشئ وتوسع مليشياتها الطائفية التي باتت تقترف أعمال القتل والاغتيالات مقابل القوى الصدامية المسقطة عن السلطة وحلفائها من أحزب الإسلام السياسي السني، حيث حول الطرفان العراق إلى جحيم لا يطاق، وبات القتل يجري بينهما على الهوية، وحيث شردوا الملايين من أبناء الشعب في هجرة واسعة النطاق داخلية وخارجية .


وإزاء هذه الأوضاع القاسية التي تسود العراق اليوم ، وبسبب الأخطاء الذي أشرنا إليها آنفاً لقوى الإسلام السياسي الشيعي بدأت الولايات المتحدة تشعر بالقلق من توجهاتها، وعلاقاتها مع النظام الإيراني، وباشرت في سياستها الجديدة التي تستهدف عودة الوجوه البعثية إلى الواجهة من جديد مدفوعة بالرغبة في خلق توازن بين الطرفين، مما يهدد بمستقبل كارثي للعراق ، وتلاشي الأمل بقيام نظام ديمقراطي في البلاد في المستقبل المنظور.


إن الظروف الحالية البالغة الخطورة تقتضي من كل القوى السياسية بكل انتماءاتها وتوجهاتها المناهضة لعودة الصداميين إلى السلطة من جديد ، وعلى كل العناصر البعثية التي لم تتلطخ أيديها بدماء المواطنين الأبرياء أن تعيد النظر في توجهاتها، وتتخلى عن الفكر الشوفيني العدواني، وأن تنبذ التعصب الديني والطائفي والقومي، وتتخذ من العراق الحر الديمقراطي العلماني الموحد شعارا لها، حيث يتساوى فيه المواطنون بكل قومياتهم وأديانهم وطوائفهم في الحقوق والواجبات، وينال كل ذي حق حقه في بلد تسوده شرعة حقوق الإنسان لا شريعة الغاب، وسيتحمل كل جانب المسؤولية عما سيحل بالوطن إذا لم تتخلَ هذه القوى عن أنانيتها، وتضع مصالح العراق وشعبه على رأس أهدافها وفي بؤبؤ عيونها .






0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب