مزوروا التاريخ [حازم جواد نموذجاً]
6:34 ص | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
29 شباط 2004
كنت أتمنى لو أن ضمير حازم جواد استيقظ بعض الشيئ ليتناول تلك الأحداث التي رافقت انقلاب 8 شباط الفاشي 1963 ،والتي لعب دوراً خطيراً فيها ،ليحدثنا عن الدور الحقيقي للإمبريالية الأمريكية والبريطانية في الإعداد والتمهيد لذلك الانقلاب المشؤوم ،واغتيال ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وقائدها عبد الكريم قاسم وصحبه الوطنيين الأبرار دون محاكمة ، وإغراق البلاد بالدماء طيلة فترة حكم حزب البعث الذي دام تسعة اشهر كان هدف الحزب منصباً على مكافحة النشاط الشيوعي وتصفية قادته وكوادره وأعضائه ، بل تعدى ذلك إلى كل من يمت بصلة من قريب أو بعيد بالحزب حيث ناله من السجون والتعذيب والقتل على أيدي جلاوة حزب البعث المعروفين والذين كان في مقدمتهم حازم جواد وبقية قادة حزبه المدنيين منهم والعسكريين.
لكن حازم جواد أبى إلا أن يستمر على نهجه السابق محاولاً التغطية على جرائم حزبه ، أو التخفيف منها وإنكار مساهمته في تلك الجرائم،ومحاولاً إلصاقها بالعسكريين أمثال صالح مهدي عماش وعبد الغني الراوي ، وخالد مكي الهاشمي ، وعبد الكريم مصطفى نصرت ، وأحمد حسن البكر وعبد السلام عارف وغيرهم من الضباط على الرغم من عدم إمكان تبرئتهم من المشاركة في تنفيذ تلك الجرائم .
ويحاول حازم جواد في مذكراته عن أسرار انقلاب 8 شباط إبعاد شبهة الاتصال بالمخابرات الأمريكية ، وإنكار الحديث الذي أدلى به سكرتير حزبه علي صالح السعدي والذي أعلن فيه : أن حزب البعث قد جاء إلى الحكم بقطار أمريكي على الرغم من أن هناك العديد من الشواهد التي تؤيد تصريح السعدي هذا .
فقد جاء في تصريح للملك حسين ملك الأردن في مقابلة له مع الكاتب المصري المعروف [ محمد حسنين هيكل ]عن تلك الصلة التي ربطت بين حزب البعث والمخابرات الأمريكية والبريطانية ما يلي :
[ تقول لي أن الاستخبارات الأمريكية كانت وراء الأحداث التي جرت في الأردن عام 1957 ،فاسمح لي أن أقول لك ما جرى في العراق في 8 شباط 1963 حيث حضي بدعم الاستخبارات الأمريكية ، ولا يعرف بعض الذين يحكمون العراق اليوم هذا الأمر ، لكنني أعرف الحقيقية ، لقد تم عقد عدة اجتماعات بين حزب البعث والاستخبارات الأمريكية ، وأزيدك علماً أن محطة إذاعة سرية كانت قد نصبتها الاستخبارات الأمريكية في الكويت ، وكانت تبث إلى العراق وتزود يوم 8 شباط رجال الانقلاب بأسماء الشيوعيين وعناوينهم لتتمكن من اعتقالهم وإعدامهم .
كما أن أحد أعضاء قيادة الحزب ، طلب عدم ذكر اسمه ، قد ذكر لمؤلف كتاب العراق [ حنا بطاطو ] أن السفارة اليوغسلافية في بيروت حذرت بعض القادة البعثيين من أن بعض البعثيين العراقيين يقيمون اتصالات خفية مع ممثلين للسلطة الأمريكية ، وهذا ما فيه الكفاية عن الدور الذي لعبته الإمبريالية في الإعداد للانقلاب ].
هكذا نفذ البعثيون أوامر أسيادهم وأعلنوها حرباً شعواء على الشيوعيين منذ اللحضات الأولى لانقلابهم المشؤوم حيث أصدروا البيان السيئ الصيت
رقم 13 والذي جاء فيه :
[ نظراً للمحاولات اليائسة للعملاء الشيوعيين ـ شركاء عدو الكريم ـ أي شركاء عبد الكريم قاسم ، في الجريمة لزرع الفوضى في صفوف الشعب ، وتجاهلهم للأوامر والتعليمات الرسمية فقد كُلف قادة الوحدات العسكرية ، والشرطة ، والحرس القومي بالقضاء على كل من يعكر صفو السلام ، وإننا ندعو أبناء الشعب المخلصين إلى التعاون مع السلطات بالإعلام عن هؤلاء المجرمين وإبادتهم .
لم يشبع نهم البعثيين ،آلاف الشيوعيين وسائر الوطنيين ، الذين سقطوا دفاعاً عن ثورة الرابع عشر من تموز ، يوم انقلابهم الفاشي ،فقد بادروا ،بعد أن أستتب لهم الأمر ، إلى شن حملة اعتقالات واسعة شملت العراق ،من أقصاه إلى أقصاه ،مستخدمين حرسهم القومي ،وجهاز الأمن الذي أنشأه ورعاه الإمبرياليون وعملائهم في العهد الملكي ،والذي لم يناله من حكومة ثورة 14 تموز سوى التطهير اليسير .
وهكذا جاء اليوم الذي ينفذون فيه الهجوم الكاسح على الحزب الشيوعي ، وكل من يحمل فكراً ديمقراطياً تقدمياً ، وشملت الاعتقالات مئات الألوف من الوطنيين ، وكانت عصابات الحرس القومي تداهم البيوت ، في الليل والنهار بحثاً عن كل من يمت بصلة مع الشيوعيين.
ونظراً لكثرة المعتقلين ، فقد استخدم الإنقلابيون الملاعب الرياضية ، ودور السينما ، والنوادي ، والدور السكنية كمعتقلات ، ومارسوا فيها أبشع أنواع التعذيب والقتل ، وتقطيع الأطراف ، وقلع العيون ، والأظافر ، وكل ذلك جرى بموجب قوائم أعدت سلفاً بأسماء الشيوعيين ومؤيديهم .
لقد بدأت عصابات الحرس القومي التحقيق مع المعتقلين،عسكريين ومدنيين ، ومن ضمنهم معظم قادة الحزب الشيوعي وكوادره،باستخدام أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي ، لمحاولة انتزاع الاعترافات منهم عن تنظيمات الحزب ، وقضى تحت التعذيب عدد كبير منهم ، بعد أن قطعت أطراف البعض ، وقلعت عيونهم ، وأحرقت ألسنتهم ، ونزعت أظافرهم ، وأعتدي على شرف النساء ، أمام أزواجهن وأقاربهن ، وبنيت أعمدة من الطابوق والسمنت حول أجساد عدد منهم،وكان من بين الذين استشهدوا تحت التعذيب كافة قادة الحزب المتواجدون في العراق .
هذا على مستوى القيادة ، أما كوادر وأعضاء ، ومناصري الحزب فلا يمكن عدهم ، فقد بلغ إجرام الحرس القومي أقصى درجاته ، و كان شغلهم الشاغل ، في الليل والنهار ، هو تعذيب المعتقلين ، مدنيين وعسكريين لنزع الاعترافات منهم ، وقد قضى المعتقلون أشهراً عديدة في المواقف ،ومراكز الحرس القومي ، وقصر النهاية ، السيئ الصيت ،ومقر محكمة الشعب سابقاً ، والتي أتخذها ناظم كزار وعمار علوش وزمرتهم مقراً لهم ،وكانوا يمارسون التعذيب فيها بحق المعتقلين ، وكل يوم يمر يموت فيه عدد من المعتقلين بسبب التعذيب ، حتى أزكمت جرائمهم الأنوف ، واضطر الحاكم العسكري العام ، رشيد مصلح التكريتي إلى إصدار أمرٍ بعدم جواز بقاء الموقوفين لدى الحرس القومي ،ووجوب إرسالهم إلى السجن بالنسبة للمدنيين ، وإلى سجن رقم واحد ،بالنسبة للعسكريين .
وبعد أن أتمت لجانهم التحقيقية عملها ، أحيل المعتقلون إلى المجالس العرفية التي شكلوها ، والتي بدأت بمحاكمتهم ،وإصدار الأحكام القاسية بحقهم ،فأرسلت أعداداً كبيرة منهم إلى المشانق ، أو الإعدام رمياً بالرصاص ، وبالآلاف منهم إلى السجن ، محملين بأحكام طويلة تراوحت بين السجن لمدة ثلاث سنوات ، والسجن المؤبد ، ولم يكتفِ الانقلابيون بذلك ،بل أعادوا محاكمة السجناء السابقين ، الذين حكمتهم المجالس العرفية في عهد عبد الكريم قاسم ، خلافاً للقانون، وحكموا عليهم بالإعدام ، ونفذوا الحكم فيهم في ساحات ، وشوارع الموصل وكركوك .
وحتى الذين لم يثبت انتماؤهم للحزب الشيوعي أمام المجالس العرفية ، فكان رئيس المجلس يطلب منهم سبّ الحزب الشيوعي وقادته ،وعند رفضهم ذلك ،يحكم عليهم بموجب المادة 31 بالسجن لمدة تتراوح بين سنة ،وعشر سنوات ،متخذاً من رفضهم دليلاً على الاتهام .
لقد أدى سلوك حزب البعث هذا ، وحربه الشعواء ضد الحزب الشيوعي ، إلى فقدان علاقاتهم بالاتحاد السوفيتي ،والمعسكر الاشتراكي ، آنذاك ،وأخذت إذاعتهم تتهجم على تلك البلدان ، وغدت الإذاعة وكأنها إحدى إذاعات أمريكا الموجهة إلى البلدان الاشتراكية ، وانجروا نحو الحرب الباردة ،إلى جانب الإمبريالية .
لقد بلغ الأمر بقائدهم [ميشيل عفلق ] بعد أن أزكمت جرائمهم الأنوف أن صرح قائلاً :
[ بعد الثورة ـ يقصد انقلاب 8 شباط ـ بدأتُ اشعر بالقلق على فرديتهم ،وطريقتهم الطائشة في تصريف الأمور ، واكتشفتُ أنهم ليسوا من عيار قيادة بلد وشعب ، بل أنهم يصلحون فقط لظروف النضال السلبي!!] .
ولا يعني ذلك إلا الأعمال الإرهابية كالاغتيالات والاعتداءات وغيرها من الأعمال الإجرامية التي كانوا يمارسونها قبل انقلابهم الفاشي .
أما سيدهم أحمد حسن البكر فقد تحدث قائلاً :
[ كنت في السابق ألاحظ المحبة في عيون الناس ، أما الآن فإني اهرب إلى الشوارع الخلفية غير المطروقة للابتعاد عن عيون الناس ، وتجنب نظرات الكراهية ] .
أما ثالثهم علي صالح السعدي فقد صرح قائلاً :
[ لقد ضعنا في الحكم ، وكان انقلاب شباط يمثل قفزة نحو المجهول ] .
هذه هي بعض الشهادات من رجالات البعث البارزين أنفسهم والتي تدين تلك الجرائم التي مارسوها بحق الشعب العراقي وقواه الوطنية .
أفلا كان الأجدر بحازم جواد أن يتحدث عن 8 انقلاب شباط بشيئ من الصدقية ويعترف بتلك الممارسات الدموية اللا إنسانية بعد أن أصبحت تلك الأحداث جزءاً من التاريخ ؟؟؟.
29 شباط 2004
كنت أتمنى لو أن ضمير حازم جواد استيقظ بعض الشيئ ليتناول تلك الأحداث التي رافقت انقلاب 8 شباط الفاشي 1963 ،والتي لعب دوراً خطيراً فيها ،ليحدثنا عن الدور الحقيقي للإمبريالية الأمريكية والبريطانية في الإعداد والتمهيد لذلك الانقلاب المشؤوم ،واغتيال ثورة الرابع عشر من تموز 1958 وقائدها عبد الكريم قاسم وصحبه الوطنيين الأبرار دون محاكمة ، وإغراق البلاد بالدماء طيلة فترة حكم حزب البعث الذي دام تسعة اشهر كان هدف الحزب منصباً على مكافحة النشاط الشيوعي وتصفية قادته وكوادره وأعضائه ، بل تعدى ذلك إلى كل من يمت بصلة من قريب أو بعيد بالحزب حيث ناله من السجون والتعذيب والقتل على أيدي جلاوة حزب البعث المعروفين والذين كان في مقدمتهم حازم جواد وبقية قادة حزبه المدنيين منهم والعسكريين.
لكن حازم جواد أبى إلا أن يستمر على نهجه السابق محاولاً التغطية على جرائم حزبه ، أو التخفيف منها وإنكار مساهمته في تلك الجرائم،ومحاولاً إلصاقها بالعسكريين أمثال صالح مهدي عماش وعبد الغني الراوي ، وخالد مكي الهاشمي ، وعبد الكريم مصطفى نصرت ، وأحمد حسن البكر وعبد السلام عارف وغيرهم من الضباط على الرغم من عدم إمكان تبرئتهم من المشاركة في تنفيذ تلك الجرائم .
ويحاول حازم جواد في مذكراته عن أسرار انقلاب 8 شباط إبعاد شبهة الاتصال بالمخابرات الأمريكية ، وإنكار الحديث الذي أدلى به سكرتير حزبه علي صالح السعدي والذي أعلن فيه : أن حزب البعث قد جاء إلى الحكم بقطار أمريكي على الرغم من أن هناك العديد من الشواهد التي تؤيد تصريح السعدي هذا .
فقد جاء في تصريح للملك حسين ملك الأردن في مقابلة له مع الكاتب المصري المعروف [ محمد حسنين هيكل ]عن تلك الصلة التي ربطت بين حزب البعث والمخابرات الأمريكية والبريطانية ما يلي :
[ تقول لي أن الاستخبارات الأمريكية كانت وراء الأحداث التي جرت في الأردن عام 1957 ،فاسمح لي أن أقول لك ما جرى في العراق في 8 شباط 1963 حيث حضي بدعم الاستخبارات الأمريكية ، ولا يعرف بعض الذين يحكمون العراق اليوم هذا الأمر ، لكنني أعرف الحقيقية ، لقد تم عقد عدة اجتماعات بين حزب البعث والاستخبارات الأمريكية ، وأزيدك علماً أن محطة إذاعة سرية كانت قد نصبتها الاستخبارات الأمريكية في الكويت ، وكانت تبث إلى العراق وتزود يوم 8 شباط رجال الانقلاب بأسماء الشيوعيين وعناوينهم لتتمكن من اعتقالهم وإعدامهم .
كما أن أحد أعضاء قيادة الحزب ، طلب عدم ذكر اسمه ، قد ذكر لمؤلف كتاب العراق [ حنا بطاطو ] أن السفارة اليوغسلافية في بيروت حذرت بعض القادة البعثيين من أن بعض البعثيين العراقيين يقيمون اتصالات خفية مع ممثلين للسلطة الأمريكية ، وهذا ما فيه الكفاية عن الدور الذي لعبته الإمبريالية في الإعداد للانقلاب ].
هكذا نفذ البعثيون أوامر أسيادهم وأعلنوها حرباً شعواء على الشيوعيين منذ اللحضات الأولى لانقلابهم المشؤوم حيث أصدروا البيان السيئ الصيت
رقم 13 والذي جاء فيه :
[ نظراً للمحاولات اليائسة للعملاء الشيوعيين ـ شركاء عدو الكريم ـ أي شركاء عبد الكريم قاسم ، في الجريمة لزرع الفوضى في صفوف الشعب ، وتجاهلهم للأوامر والتعليمات الرسمية فقد كُلف قادة الوحدات العسكرية ، والشرطة ، والحرس القومي بالقضاء على كل من يعكر صفو السلام ، وإننا ندعو أبناء الشعب المخلصين إلى التعاون مع السلطات بالإعلام عن هؤلاء المجرمين وإبادتهم .
لم يشبع نهم البعثيين ،آلاف الشيوعيين وسائر الوطنيين ، الذين سقطوا دفاعاً عن ثورة الرابع عشر من تموز ، يوم انقلابهم الفاشي ،فقد بادروا ،بعد أن أستتب لهم الأمر ، إلى شن حملة اعتقالات واسعة شملت العراق ،من أقصاه إلى أقصاه ،مستخدمين حرسهم القومي ،وجهاز الأمن الذي أنشأه ورعاه الإمبرياليون وعملائهم في العهد الملكي ،والذي لم يناله من حكومة ثورة 14 تموز سوى التطهير اليسير .
وهكذا جاء اليوم الذي ينفذون فيه الهجوم الكاسح على الحزب الشيوعي ، وكل من يحمل فكراً ديمقراطياً تقدمياً ، وشملت الاعتقالات مئات الألوف من الوطنيين ، وكانت عصابات الحرس القومي تداهم البيوت ، في الليل والنهار بحثاً عن كل من يمت بصلة مع الشيوعيين.
ونظراً لكثرة المعتقلين ، فقد استخدم الإنقلابيون الملاعب الرياضية ، ودور السينما ، والنوادي ، والدور السكنية كمعتقلات ، ومارسوا فيها أبشع أنواع التعذيب والقتل ، وتقطيع الأطراف ، وقلع العيون ، والأظافر ، وكل ذلك جرى بموجب قوائم أعدت سلفاً بأسماء الشيوعيين ومؤيديهم .
لقد بدأت عصابات الحرس القومي التحقيق مع المعتقلين،عسكريين ومدنيين ، ومن ضمنهم معظم قادة الحزب الشيوعي وكوادره،باستخدام أبشع أساليب التعذيب الجسدي والنفسي ، لمحاولة انتزاع الاعترافات منهم عن تنظيمات الحزب ، وقضى تحت التعذيب عدد كبير منهم ، بعد أن قطعت أطراف البعض ، وقلعت عيونهم ، وأحرقت ألسنتهم ، ونزعت أظافرهم ، وأعتدي على شرف النساء ، أمام أزواجهن وأقاربهن ، وبنيت أعمدة من الطابوق والسمنت حول أجساد عدد منهم،وكان من بين الذين استشهدوا تحت التعذيب كافة قادة الحزب المتواجدون في العراق .
هذا على مستوى القيادة ، أما كوادر وأعضاء ، ومناصري الحزب فلا يمكن عدهم ، فقد بلغ إجرام الحرس القومي أقصى درجاته ، و كان شغلهم الشاغل ، في الليل والنهار ، هو تعذيب المعتقلين ، مدنيين وعسكريين لنزع الاعترافات منهم ، وقد قضى المعتقلون أشهراً عديدة في المواقف ،ومراكز الحرس القومي ، وقصر النهاية ، السيئ الصيت ،ومقر محكمة الشعب سابقاً ، والتي أتخذها ناظم كزار وعمار علوش وزمرتهم مقراً لهم ،وكانوا يمارسون التعذيب فيها بحق المعتقلين ، وكل يوم يمر يموت فيه عدد من المعتقلين بسبب التعذيب ، حتى أزكمت جرائمهم الأنوف ، واضطر الحاكم العسكري العام ، رشيد مصلح التكريتي إلى إصدار أمرٍ بعدم جواز بقاء الموقوفين لدى الحرس القومي ،ووجوب إرسالهم إلى السجن بالنسبة للمدنيين ، وإلى سجن رقم واحد ،بالنسبة للعسكريين .
وبعد أن أتمت لجانهم التحقيقية عملها ، أحيل المعتقلون إلى المجالس العرفية التي شكلوها ، والتي بدأت بمحاكمتهم ،وإصدار الأحكام القاسية بحقهم ،فأرسلت أعداداً كبيرة منهم إلى المشانق ، أو الإعدام رمياً بالرصاص ، وبالآلاف منهم إلى السجن ، محملين بأحكام طويلة تراوحت بين السجن لمدة ثلاث سنوات ، والسجن المؤبد ، ولم يكتفِ الانقلابيون بذلك ،بل أعادوا محاكمة السجناء السابقين ، الذين حكمتهم المجالس العرفية في عهد عبد الكريم قاسم ، خلافاً للقانون، وحكموا عليهم بالإعدام ، ونفذوا الحكم فيهم في ساحات ، وشوارع الموصل وكركوك .
وحتى الذين لم يثبت انتماؤهم للحزب الشيوعي أمام المجالس العرفية ، فكان رئيس المجلس يطلب منهم سبّ الحزب الشيوعي وقادته ،وعند رفضهم ذلك ،يحكم عليهم بموجب المادة 31 بالسجن لمدة تتراوح بين سنة ،وعشر سنوات ،متخذاً من رفضهم دليلاً على الاتهام .
لقد أدى سلوك حزب البعث هذا ، وحربه الشعواء ضد الحزب الشيوعي ، إلى فقدان علاقاتهم بالاتحاد السوفيتي ،والمعسكر الاشتراكي ، آنذاك ،وأخذت إذاعتهم تتهجم على تلك البلدان ، وغدت الإذاعة وكأنها إحدى إذاعات أمريكا الموجهة إلى البلدان الاشتراكية ، وانجروا نحو الحرب الباردة ،إلى جانب الإمبريالية .
لقد بلغ الأمر بقائدهم [ميشيل عفلق ] بعد أن أزكمت جرائمهم الأنوف أن صرح قائلاً :
[ بعد الثورة ـ يقصد انقلاب 8 شباط ـ بدأتُ اشعر بالقلق على فرديتهم ،وطريقتهم الطائشة في تصريف الأمور ، واكتشفتُ أنهم ليسوا من عيار قيادة بلد وشعب ، بل أنهم يصلحون فقط لظروف النضال السلبي!!] .
ولا يعني ذلك إلا الأعمال الإرهابية كالاغتيالات والاعتداءات وغيرها من الأعمال الإجرامية التي كانوا يمارسونها قبل انقلابهم الفاشي .
أما سيدهم أحمد حسن البكر فقد تحدث قائلاً :
[ كنت في السابق ألاحظ المحبة في عيون الناس ، أما الآن فإني اهرب إلى الشوارع الخلفية غير المطروقة للابتعاد عن عيون الناس ، وتجنب نظرات الكراهية ] .
أما ثالثهم علي صالح السعدي فقد صرح قائلاً :
[ لقد ضعنا في الحكم ، وكان انقلاب شباط يمثل قفزة نحو المجهول ] .
هذه هي بعض الشهادات من رجالات البعث البارزين أنفسهم والتي تدين تلك الجرائم التي مارسوها بحق الشعب العراقي وقواه الوطنية .
أفلا كان الأجدر بحازم جواد أن يتحدث عن 8 انقلاب شباط بشيئ من الصدقية ويعترف بتلك الممارسات الدموية اللا إنسانية بعد أن أصبحت تلك الأحداث جزءاً من التاريخ ؟؟؟.
التسميات:
بحوث تاريخية
بحوث تاريخية
0 التعليقات: