العلة في الدستور
4:42 م | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
23/9/2008
الخلافات التي نشبت بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، والتي بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة حتى وصلت إلى التهديد باستعمال القوة لتحقيق أجندة دولة البارزاني في أبشع محاولة لاستغلال الوضع الأمني والسياسي غير المستقر في البلاد، متخذين من الدستور الذي جرى تشريعه من قبل كتلة البارزاني والطالباني من جهة وكتلة عبد العزيز الحكيم وحزب الدعوة من جهة أخرى، وبمقاطعة جانب كبير من أبناء الشعب العراقي المتمثل بالمحافظات السنية، حيث كانت قوى الإرهاب البعثية وحلفائها عناصر القاعدة تهدد كل من يشترك أو يصوت في الانتخابات الأولى، والتي مكنت قوى الإسلام الطائفي الشيعية، وقوى التعصب القومي الكردية من الاستئثار بأغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية التي أخذت على عاتقها صياغة دستور العراق الحالي، والذي جاء في جوهره مواد الدستور الذي وضعه الحاكم الأمريكي السيئ الصيت بول بريمر، وأتاح البرلمان ذاك الفرصة أمام القوى القومية الكردية والقوى الطائفية الشيعية بزعامة عبد العزيز الحكيم لتضمين الدستور مواد وفقرات باتت أشبه ببراميل بارود تنتظر من يشعل فيها الفتيل لتندلع من جديد حرباً قومية بعد تلك الحرب الطائفية التي اجتاحت العراق على أثر جريمة تفجير مرقد الإمامين العسكري في سامراء.
ويبدو أن المصائب والويلات التي سببها الاحتلال الأمريكي للعراق جراء استشراء جرائم الميليشيات المتعددة التي ظهرت إلى العلن، وهي مجهزة بمختلف الأسلحة الحديثة، لتعيث في البلاد قتلاً وخراباً وتدميراً، ما كان الشعب العراقي يدور في خلده أن يشهد مثل هذه الجرائم المرعبة في وحشيتها وساديتها، والتي ذهب ضحيتها أكثر من 650 ألف مواطن عراقي برئ، وأدت تلك الجرائم إلى تشريد وتهجير ونزوح أكثر من 4 ملايين مواطن تاركين مساكنهم بكل محتوياتها هرباً من القتل على أيدي تلك العصابات المجرمة.
ويبدو أن السيد البارزاني لم يكن يرى في تلك الحرب الطائفية المجرمة سوى مجرد (لعب عيال) ليهدد من على قناة الحرة الأمريكية بأن الحرب الأهلية الحقيقية ستندلع من هنا [ يقصد كردستان العراق] إذا لم تعد محافظة كركوك إلى دولته العتيدة المسلحة بأسلحة الفيالق الثلاث التي استسلمت في حرب أمريكا عام 2003 .
ولم تقف شهية السيد البارزاني عند حدود كركوك لتمتد نحو نصف الموصل حيث تسيطر قوات البيشمركة على مناطق الجانب الشرقي لنهر دجلة بكل أقضيتها ونواحيها وقراها، ومن ثم لتتمدد نحو محافظة ديالى، وتستمر جنوباً حتى بدرة وجصان،بدواعي المناطق المختلف عليها!! الواردة في دستور بريمر، مستقوياً بقوات بيشمركته، وأسلحة العراق المسروقة، وبدعم الأسياد الأمريكان، مستغلاً ضعف الدولة والصراعات الجارية بين اطرافها من أحزاب الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني على السلطة والثروة، معتقداً أن هذا الوضع الشاذ يمثل الفرصة الذهبية لتأسيس دولته العتيدة.
لكن السيد البارزاني يقع في خطأ جسيم إذا تصور أنه سينجح في مشروعه بتمزيق العراق إلى أشلاء ليقيم على تلك الأشلاء دولته الكردية فالعراق واحد لا يقبل القسمة، وإن كان تمرير الدستور الذي يتمسك فيه البارزاني اليوم قد جرى بسبب الجهل الذي يعم المجتمع العراقي، وبسبب مقاطعة جانب كبير من ابناء الشعب للانتخابات الأولى من دون أن يقرأ أغلبية المصوتين محتويات الدستور، ويدرك معانيها، فقد بات الشعب العراق يدرك اليوم أن تقسيم العراق وتحويله إلى دويلات لن يمر أبداً وسيذود عن وحدته واستقلاله بكل الوسائل والسبل، ومهما غلت التضحيات في سبيل الوطن.
أن على القيادة الكردية أن تعي هذه الحقيقة لكي لا تورط نفسها، وتورط الشعب العراقي قاطبة بحرب قومية كارثية لن يربح منها مشعلوها أبداً وسيكون النصر حليف من يدافع عن وحدة الشعب والوطن.
إن الشعب الكردي شعبٌ شقيق نكن له كل المحبة والاحترام، ولقد وقف الشعب العراقي بكل قواه الوطنية إلى جانبه في نضاله من أجل الحقوق القومية، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل الحرية، أسوة بشقيقه الشعب العربي في العراق، وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات، لكنكم أشعلتم في نفوس أبناء شعبكم روح التعصب القومي والشوفينية اللعينة بدل أن نتشروا روح المحبة والأخوة بين أبناء الشعب عرباً وأكراداً وتركمان وآشوريين، مسلمين ومسيحيين وصابئة وأيزيدية، فماذا جنيتهم من سلوك هذا السبيل سوى بعث التعصب القومي لدى الجانب العربي، وخسرتم أصدقاء الشعب الكردي من المثقفين الذين ناضلوا طوال عدة عقود جنباً إلى جنب مع أخوتهم الكرد، وتلك حقيقة ينبغي أن يدركها الجميع، فكل فعل يقابله رد فعل مساوِِ له في المقدار ويعاكسه في الاتجاه، وإن أخشى ما أخشاها، ويخشاه كل الحريصين على صيانة الوحدة الوطنية، وصيانة استقلال العراق إن يفلت زمام الوضع، وينطلق الصراع القومي الذي يهدد به البارزاني، وعند ذلك ستقع الطامة الكبرى، وستكونوا أول الخاسرين، وستضحون بكل ما تحقق للشعب الكردي الشقيق منذ أن تم فرض الحماية الجوية الأمريكية البريطانية على منطقة كردستان العراق عام 1991 وحتى اليوم.
إن التمسك بمواد وفقرات جرى فرضها بذلك الأسلوب المعروف أمر خطير يهدد الوحدة الوطنية، ولا بد من أعادة النظر بهذا الدستور بما يحقق الوحدة الوطنية، والتآخي القومي والديني والطائفي بين سائر مكونات الشعب، فالعلة بهذا الدستور، ولا بد من إعادة النظر الجذرية بمواده التي تحمل بذور الفتنة والصراع والحرب الأهلية، وسيتحمل كل من يصر على مواصلة السير في هذا الاتجاه مسؤولية إشعال الحرب الأهلية، وسيدفع الشعب العراقي بكل مكوناته الثمن باهظاً ، وبوجه خاص من يبادر بإشعال الفتيل. فالنعمل جميعاً من أجل إعادة اللحمة بين سائر مكونات شعبنا، ونبذ التعصب القومي والديني والطائفي، ولنعزز الوحدة الوطنية، ونزج قوانا الموحدة في النضال من أجل استعادة حرية واستقلال العراق، وجلاء القوات المحتلة، وإعادة بنائه من جديد، فالعراق يتسع لنا جميعا أخوة متحابين، وثرواته من الوفرة ما يجعلها قادرة على إسعاد الجميع دون تمييز إذا ما توفر له حكومة وحدة وطنية حقيقية، وبرلمان ينتخب بكل حرية وشفافيه بعيداً عن التأثيرات الطائفية والقومية، ودستور علماني يرعى ويصون الحقوق والحريات العامة والخاصة، ويحقق العدالة الاجتماعية للجميع.
23/9/2008
الخلافات التي نشبت بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، والتي بدأت تتصاعد في الآونة الأخيرة حتى وصلت إلى التهديد باستعمال القوة لتحقيق أجندة دولة البارزاني في أبشع محاولة لاستغلال الوضع الأمني والسياسي غير المستقر في البلاد، متخذين من الدستور الذي جرى تشريعه من قبل كتلة البارزاني والطالباني من جهة وكتلة عبد العزيز الحكيم وحزب الدعوة من جهة أخرى، وبمقاطعة جانب كبير من أبناء الشعب العراقي المتمثل بالمحافظات السنية، حيث كانت قوى الإرهاب البعثية وحلفائها عناصر القاعدة تهدد كل من يشترك أو يصوت في الانتخابات الأولى، والتي مكنت قوى الإسلام الطائفي الشيعية، وقوى التعصب القومي الكردية من الاستئثار بأغلبية المقاعد في الجمعية الوطنية التي أخذت على عاتقها صياغة دستور العراق الحالي، والذي جاء في جوهره مواد الدستور الذي وضعه الحاكم الأمريكي السيئ الصيت بول بريمر، وأتاح البرلمان ذاك الفرصة أمام القوى القومية الكردية والقوى الطائفية الشيعية بزعامة عبد العزيز الحكيم لتضمين الدستور مواد وفقرات باتت أشبه ببراميل بارود تنتظر من يشعل فيها الفتيل لتندلع من جديد حرباً قومية بعد تلك الحرب الطائفية التي اجتاحت العراق على أثر جريمة تفجير مرقد الإمامين العسكري في سامراء.
ويبدو أن المصائب والويلات التي سببها الاحتلال الأمريكي للعراق جراء استشراء جرائم الميليشيات المتعددة التي ظهرت إلى العلن، وهي مجهزة بمختلف الأسلحة الحديثة، لتعيث في البلاد قتلاً وخراباً وتدميراً، ما كان الشعب العراقي يدور في خلده أن يشهد مثل هذه الجرائم المرعبة في وحشيتها وساديتها، والتي ذهب ضحيتها أكثر من 650 ألف مواطن عراقي برئ، وأدت تلك الجرائم إلى تشريد وتهجير ونزوح أكثر من 4 ملايين مواطن تاركين مساكنهم بكل محتوياتها هرباً من القتل على أيدي تلك العصابات المجرمة.
ويبدو أن السيد البارزاني لم يكن يرى في تلك الحرب الطائفية المجرمة سوى مجرد (لعب عيال) ليهدد من على قناة الحرة الأمريكية بأن الحرب الأهلية الحقيقية ستندلع من هنا [ يقصد كردستان العراق] إذا لم تعد محافظة كركوك إلى دولته العتيدة المسلحة بأسلحة الفيالق الثلاث التي استسلمت في حرب أمريكا عام 2003 .
ولم تقف شهية السيد البارزاني عند حدود كركوك لتمتد نحو نصف الموصل حيث تسيطر قوات البيشمركة على مناطق الجانب الشرقي لنهر دجلة بكل أقضيتها ونواحيها وقراها، ومن ثم لتتمدد نحو محافظة ديالى، وتستمر جنوباً حتى بدرة وجصان،بدواعي المناطق المختلف عليها!! الواردة في دستور بريمر، مستقوياً بقوات بيشمركته، وأسلحة العراق المسروقة، وبدعم الأسياد الأمريكان، مستغلاً ضعف الدولة والصراعات الجارية بين اطرافها من أحزاب الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني على السلطة والثروة، معتقداً أن هذا الوضع الشاذ يمثل الفرصة الذهبية لتأسيس دولته العتيدة.
لكن السيد البارزاني يقع في خطأ جسيم إذا تصور أنه سينجح في مشروعه بتمزيق العراق إلى أشلاء ليقيم على تلك الأشلاء دولته الكردية فالعراق واحد لا يقبل القسمة، وإن كان تمرير الدستور الذي يتمسك فيه البارزاني اليوم قد جرى بسبب الجهل الذي يعم المجتمع العراقي، وبسبب مقاطعة جانب كبير من ابناء الشعب للانتخابات الأولى من دون أن يقرأ أغلبية المصوتين محتويات الدستور، ويدرك معانيها، فقد بات الشعب العراق يدرك اليوم أن تقسيم العراق وتحويله إلى دويلات لن يمر أبداً وسيذود عن وحدته واستقلاله بكل الوسائل والسبل، ومهما غلت التضحيات في سبيل الوطن.
أن على القيادة الكردية أن تعي هذه الحقيقة لكي لا تورط نفسها، وتورط الشعب العراقي قاطبة بحرب قومية كارثية لن يربح منها مشعلوها أبداً وسيكون النصر حليف من يدافع عن وحدة الشعب والوطن.
إن الشعب الكردي شعبٌ شقيق نكن له كل المحبة والاحترام، ولقد وقف الشعب العراقي بكل قواه الوطنية إلى جانبه في نضاله من أجل الحقوق القومية، ومن أجل العدالة الاجتماعية، ومن أجل الحرية، أسوة بشقيقه الشعب العربي في العراق، وعلى قدم المساواة في الحقوق والواجبات، لكنكم أشعلتم في نفوس أبناء شعبكم روح التعصب القومي والشوفينية اللعينة بدل أن نتشروا روح المحبة والأخوة بين أبناء الشعب عرباً وأكراداً وتركمان وآشوريين، مسلمين ومسيحيين وصابئة وأيزيدية، فماذا جنيتهم من سلوك هذا السبيل سوى بعث التعصب القومي لدى الجانب العربي، وخسرتم أصدقاء الشعب الكردي من المثقفين الذين ناضلوا طوال عدة عقود جنباً إلى جنب مع أخوتهم الكرد، وتلك حقيقة ينبغي أن يدركها الجميع، فكل فعل يقابله رد فعل مساوِِ له في المقدار ويعاكسه في الاتجاه، وإن أخشى ما أخشاها، ويخشاه كل الحريصين على صيانة الوحدة الوطنية، وصيانة استقلال العراق إن يفلت زمام الوضع، وينطلق الصراع القومي الذي يهدد به البارزاني، وعند ذلك ستقع الطامة الكبرى، وستكونوا أول الخاسرين، وستضحون بكل ما تحقق للشعب الكردي الشقيق منذ أن تم فرض الحماية الجوية الأمريكية البريطانية على منطقة كردستان العراق عام 1991 وحتى اليوم.
إن التمسك بمواد وفقرات جرى فرضها بذلك الأسلوب المعروف أمر خطير يهدد الوحدة الوطنية، ولا بد من أعادة النظر بهذا الدستور بما يحقق الوحدة الوطنية، والتآخي القومي والديني والطائفي بين سائر مكونات الشعب، فالعلة بهذا الدستور، ولا بد من إعادة النظر الجذرية بمواده التي تحمل بذور الفتنة والصراع والحرب الأهلية، وسيتحمل كل من يصر على مواصلة السير في هذا الاتجاه مسؤولية إشعال الحرب الأهلية، وسيدفع الشعب العراقي بكل مكوناته الثمن باهظاً ، وبوجه خاص من يبادر بإشعال الفتيل. فالنعمل جميعاً من أجل إعادة اللحمة بين سائر مكونات شعبنا، ونبذ التعصب القومي والديني والطائفي، ولنعزز الوحدة الوطنية، ونزج قوانا الموحدة في النضال من أجل استعادة حرية واستقلال العراق، وجلاء القوات المحتلة، وإعادة بنائه من جديد، فالعراق يتسع لنا جميعا أخوة متحابين، وثرواته من الوفرة ما يجعلها قادرة على إسعاد الجميع دون تمييز إذا ما توفر له حكومة وحدة وطنية حقيقية، وبرلمان ينتخب بكل حرية وشفافيه بعيداً عن التأثيرات الطائفية والقومية، ودستور علماني يرعى ويصون الحقوق والحريات العامة والخاصة، ويحقق العدالة الاجتماعية للجميع.
0 التعليقات: