حكومة الكويت والسياسة القصيرة النظر تجاه العراق!!
4:33 م | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
12/8/2008
على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها العراق منذ الغزو الأمريكي الذي انتهى بإسقاط نظام صدام عام 2003، والدمار والخراب الذي حل بالبلاد طيلة السنوات التي تلت الحرب، فما يزال حكام الكويت يستقطعون من أفواه العراقيين مئات الملايين من الدولارات سنويا كتعويضات عن غزو النظام الصدامي للكويت عام 1990.
وعلى الرغم من الحملة التي قادتها الإدارة الأمريكية لإسقاط الديون العراقية التي تقدر بمئات المليارات، والتي استطاعت إقناع مختلف دول العالم التي لها ديون على نظام صدام المنهار بالتنازل عن تلك الديون بما لا يقل عن 80% من أصلها، وعلى الرغم من محاولات المندوب الأمريكي جيمس بيكر إقناع حكام الكويت بإلغاء ديونها على العراق فإنهم قد أصروا على رفض الطلب، وهم تارة يدعون أن الأمر يتعلق بالبرلمان الذي يرفض التنازل عن تلك الديون، وتارة يدعون أن هذه الديون تعود للشعب الكويتي الذي لا يقبل التنازل عنها.
و قد حاول السيد نوري المالكي أثناء زيارته الأخيرة للكويت ثني حكام الكويت عن موقفهم إزاء الديون لكنه فشل هو الآخر في ذلك.
إن هذا الموقف المجافي لعلاقات الأخوة وحسن الجوار من جانب حكام الكويت تجاه العراق لا يعبر إلا عن سياسة قصر النظر التي لا يمكن أن تخدم الكويت على المدى البعيد، وهم اليوم يستغلون حالة الضعف التي يمر بها العراق في محاولة منهم لاستنزاف ثروته.
فقد نقلت وسائل الإعلام أن حكام الكويت قد طالبوا الحكومة العراقية بتسديد الديون المستحقة على النظام الصدامي البائد، متعللين بأن هناك تراكم في خزينة الدولة العراقية من واردات النفط ، وإن الكويت تطالب العراقي بدفع الفوائد على الديون كذلك.
إن حكام الكويت بحاجة إلى أن ينظروا بعيداً في سياستهم تجاه العراق، لا أن ينظروا بين أقدامهم!!، وأن يفكروا جيداً بمستقبل العلاقة بين البلدين ، ولو رجعنا للتاريخ القريب، وأمعنا النظر في تفاصيل ما جرى بين البلدين قبل وبعد حرب الخليج الثانية [ حرب تحرير الكويت]لوجدنا أن حكام الكويت يتحملون جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة وحلفائها ونظام صدام حسين مسؤولية غزو الكويت، وحرب الخليج الثانية، بقيادة الولايات المتحدة و32 دولة أخرى، والتي انتهت بخراب ودمار العراق وتدمير قواته المسلحة، ومقتل أكثر من 300 ألف من جنوده وضباطه في تلك المجزرة الوحشية البشعة التي ارتكبتها الطائرات الأمريكية ضد القوات العراقية المنسحبة من الكويت على الطريق بين الكويت والبصرة، ووقوع الانتفاضة الشعبية في الأول من آذار 1991 كرد فعل على جرائم نظام صدام، والتي قمعها النظام الصدامي بصورة وحشية ، حيث ذهب ضحيتها مئات الألوف من المواطنين، والقبور الجماعية المكتشفة خير دليل على عظم الجريمة والوحشية التي نفذت فيها.
إن الكويت كان بإمكانها أن تحل الخلافات بينها وبين النظام العراقي بما يجنب الشعبين العراقي والكويت ويلات الحرب ومآسيها، وما سببته من خراب ودمار، ولاشك أن أرواح مئات الألوف من المواطنين الذين قضوا في تلك الحرب هي أثمن من كنوز الدنيا.
لكن حكام الكويت آثروا السير بركاب الولايات المتحدة، والمشاركة في المؤامرة على العراق، والسماح لقوات الولايات المتحدة باتخاذ الكويت مركزاً لتجمع القوات الأمريكية والبريطانية وحلفائهما للعدوان على العراق، والتي تكشفت أسرارها لكل ذي بصر وبصيرة.
أن الولايات المتحدة هي التي أوعزت لعميلها صدام بمهاجمة إيران، ومدته بمختلف الأسلحة والخبرات لبناء المصانع الحربية، وإنتاج أسلحة الدمار الشامل، وسعت جهدها لإطالة أمد الحرب عن طريق مساعدة الطرفين المتحاربين العراق وإيران كي تستمر الحرب أطول مدة ممكنة ، وهذا ما اعترف به الدكتور [هنري كيسنجر] وزير الخارجية الأمريكية الأسبق في مذكراته حيث يقول عن تلك الحرب:
{إنها أول حرب في التاريخ أردناها أن تستمر أطول مدة ممكنة، ولا يخرج منها أحد منتصرا}.
واستمرت الولايات المتحدة بدعم النظام الصدامي والنظام الإيراني 8 سنوات لكي تدمر القوة العسكرية للبلدين، وتدمر اقتصادهما وتخرب بنيتهما التحية، وكانت الكويت قد قدمت تلك الديون للعراق بأمر من الولايات المتحدة، كما هو الحال ببقية دول الخليج، لكي لا ينهار العراق في تلك الحرب، وهي في عامها الثاني عندما اندحرت القوات العراقية في معركة نهر الطاهري، فكان لا بد من دعم العراق لكي تستمر الحرب، وفي الوقت نفسه تحول دون تحقيق أي من الطرفين النصر.
ولم تطلب الولايات المتحدة من مجلس الأمن إصدار قرار بوقفها إلا بعد ثمان سنوات من حرب دامية مفجعة ، وبعد أن تحولت الحرب إلى حرب الناقلات النفطية في الخليج، وأصبح شريان النفط الضروري للعجلة الاقتصادية الغربية معرضاً لأخطار كبيرة .
إن حكام الكويت كان بإمكانهم أن يتجنبوا الغزو كي لا يدفع الشعب الكويتي الثمن الذي دفعه جراء الاحتلال، وكي لا أن يدفع الشعب لعراقي ذلك الثمن الكبير جراء الحرب ، وخصوصاً بعد أن تم فرض الحصار الاقتصادي الجائر عليه دون حكامه، والذي أوصل الأحوال المعيشية للشعب إلى الحضيض، حيث عم الفقر والجوع أغلبية الشعب العراقي ، وانهارت العملة العراقية حتى وصل سعر الدولار 3000 دينار بعد أن كانت قيمته أقل من ثلث الدينار ، وأصبح راتب الأستاذ الجامعي يعادل قيمة طبقة البيض التي وصلت قيمتها 3000 دينار، وهكذا تسببت الحرب، والحصار الاقتصادي الظالم إلى انهيار البنية التحية للمجتمع العراقي والتي ما يزال العراق يعاني منها أشد المعانات حتى يومنا هذا، والتي يتطلب أصلاحها جهود أجيال عديدة.
إن الكويت تتحمل مسؤولية الكارثة التي حلت بالعراق بكل تأكيد جنبا إلى جنب مع صدام والرئيس بوش الأب، وبدلا من أن تسعى لإصلاح العلاقة مع الشعب العراقي فإنها ما تزال تصر على السير في نفس الطريق ، طريق معادات العراق، وانتزاع مناطق نفطية واسعة في جنوب البلاد وانتزاع نصف الميناء العراقي العميق الذي كان يدعى بميناء البكر دون وجه حق بل استقواء بالمحتل الأمريكي دون النظر بعيداً لما ستسببه هذه السياسة الخرقاء تجاه العراق، وتجاه العلاقة بين الشعبين الشقيقين.
إن على حكام الكويت أن يدركوا أن الوجود الأمريكي في المنطقة لا يمكن أن يبقى على الدوام، وأن العراق وشعبه باقيان إلى الأبد، والعراق إن كان اليوم ضعيفاً انهكته الحروب، والاحتلال الأمريكي البغيض، والأعمال الإرهابية المجرمة، فلا بد أن يتعافى، وينهض من جديد بلداً قوياً عظيماً بما يمتلكه من موارد كبيرة وثروات هائلة، وقدرات بشرية كبيرة وكفاءات عالية .
نعم سينهض العراق من كبوته، ويعيد الشعب بناء ما خربته الحروب، وسيعود قوياً عزيزاً تهابه الأعداء، وسوف لن ينسَ الشعب كل من قدم له المساعدة ووقف إلى جانبه، وفي الوقت نفسه سوف لن ينسَ من كان سببا في البلاء الرهيب الذي وقع عليه، وما يزال يصر على السير في نفس الطريق الخاطئ، فهل يعود حكام الكويت إلى رشدهم، ويكفروا عن أخطاء سياستهم تجاه شعب العراق قبل فوات الأوان؟؟
12/8/2008
على الرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها العراق منذ الغزو الأمريكي الذي انتهى بإسقاط نظام صدام عام 2003، والدمار والخراب الذي حل بالبلاد طيلة السنوات التي تلت الحرب، فما يزال حكام الكويت يستقطعون من أفواه العراقيين مئات الملايين من الدولارات سنويا كتعويضات عن غزو النظام الصدامي للكويت عام 1990.
وعلى الرغم من الحملة التي قادتها الإدارة الأمريكية لإسقاط الديون العراقية التي تقدر بمئات المليارات، والتي استطاعت إقناع مختلف دول العالم التي لها ديون على نظام صدام المنهار بالتنازل عن تلك الديون بما لا يقل عن 80% من أصلها، وعلى الرغم من محاولات المندوب الأمريكي جيمس بيكر إقناع حكام الكويت بإلغاء ديونها على العراق فإنهم قد أصروا على رفض الطلب، وهم تارة يدعون أن الأمر يتعلق بالبرلمان الذي يرفض التنازل عن تلك الديون، وتارة يدعون أن هذه الديون تعود للشعب الكويتي الذي لا يقبل التنازل عنها.
و قد حاول السيد نوري المالكي أثناء زيارته الأخيرة للكويت ثني حكام الكويت عن موقفهم إزاء الديون لكنه فشل هو الآخر في ذلك.
إن هذا الموقف المجافي لعلاقات الأخوة وحسن الجوار من جانب حكام الكويت تجاه العراق لا يعبر إلا عن سياسة قصر النظر التي لا يمكن أن تخدم الكويت على المدى البعيد، وهم اليوم يستغلون حالة الضعف التي يمر بها العراق في محاولة منهم لاستنزاف ثروته.
فقد نقلت وسائل الإعلام أن حكام الكويت قد طالبوا الحكومة العراقية بتسديد الديون المستحقة على النظام الصدامي البائد، متعللين بأن هناك تراكم في خزينة الدولة العراقية من واردات النفط ، وإن الكويت تطالب العراقي بدفع الفوائد على الديون كذلك.
إن حكام الكويت بحاجة إلى أن ينظروا بعيداً في سياستهم تجاه العراق، لا أن ينظروا بين أقدامهم!!، وأن يفكروا جيداً بمستقبل العلاقة بين البلدين ، ولو رجعنا للتاريخ القريب، وأمعنا النظر في تفاصيل ما جرى بين البلدين قبل وبعد حرب الخليج الثانية [ حرب تحرير الكويت]لوجدنا أن حكام الكويت يتحملون جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة وحلفائها ونظام صدام حسين مسؤولية غزو الكويت، وحرب الخليج الثانية، بقيادة الولايات المتحدة و32 دولة أخرى، والتي انتهت بخراب ودمار العراق وتدمير قواته المسلحة، ومقتل أكثر من 300 ألف من جنوده وضباطه في تلك المجزرة الوحشية البشعة التي ارتكبتها الطائرات الأمريكية ضد القوات العراقية المنسحبة من الكويت على الطريق بين الكويت والبصرة، ووقوع الانتفاضة الشعبية في الأول من آذار 1991 كرد فعل على جرائم نظام صدام، والتي قمعها النظام الصدامي بصورة وحشية ، حيث ذهب ضحيتها مئات الألوف من المواطنين، والقبور الجماعية المكتشفة خير دليل على عظم الجريمة والوحشية التي نفذت فيها.
إن الكويت كان بإمكانها أن تحل الخلافات بينها وبين النظام العراقي بما يجنب الشعبين العراقي والكويت ويلات الحرب ومآسيها، وما سببته من خراب ودمار، ولاشك أن أرواح مئات الألوف من المواطنين الذين قضوا في تلك الحرب هي أثمن من كنوز الدنيا.
لكن حكام الكويت آثروا السير بركاب الولايات المتحدة، والمشاركة في المؤامرة على العراق، والسماح لقوات الولايات المتحدة باتخاذ الكويت مركزاً لتجمع القوات الأمريكية والبريطانية وحلفائهما للعدوان على العراق، والتي تكشفت أسرارها لكل ذي بصر وبصيرة.
أن الولايات المتحدة هي التي أوعزت لعميلها صدام بمهاجمة إيران، ومدته بمختلف الأسلحة والخبرات لبناء المصانع الحربية، وإنتاج أسلحة الدمار الشامل، وسعت جهدها لإطالة أمد الحرب عن طريق مساعدة الطرفين المتحاربين العراق وإيران كي تستمر الحرب أطول مدة ممكنة ، وهذا ما اعترف به الدكتور [هنري كيسنجر] وزير الخارجية الأمريكية الأسبق في مذكراته حيث يقول عن تلك الحرب:
{إنها أول حرب في التاريخ أردناها أن تستمر أطول مدة ممكنة، ولا يخرج منها أحد منتصرا}.
واستمرت الولايات المتحدة بدعم النظام الصدامي والنظام الإيراني 8 سنوات لكي تدمر القوة العسكرية للبلدين، وتدمر اقتصادهما وتخرب بنيتهما التحية، وكانت الكويت قد قدمت تلك الديون للعراق بأمر من الولايات المتحدة، كما هو الحال ببقية دول الخليج، لكي لا ينهار العراق في تلك الحرب، وهي في عامها الثاني عندما اندحرت القوات العراقية في معركة نهر الطاهري، فكان لا بد من دعم العراق لكي تستمر الحرب، وفي الوقت نفسه تحول دون تحقيق أي من الطرفين النصر.
ولم تطلب الولايات المتحدة من مجلس الأمن إصدار قرار بوقفها إلا بعد ثمان سنوات من حرب دامية مفجعة ، وبعد أن تحولت الحرب إلى حرب الناقلات النفطية في الخليج، وأصبح شريان النفط الضروري للعجلة الاقتصادية الغربية معرضاً لأخطار كبيرة .
إن حكام الكويت كان بإمكانهم أن يتجنبوا الغزو كي لا يدفع الشعب الكويتي الثمن الذي دفعه جراء الاحتلال، وكي لا أن يدفع الشعب لعراقي ذلك الثمن الكبير جراء الحرب ، وخصوصاً بعد أن تم فرض الحصار الاقتصادي الجائر عليه دون حكامه، والذي أوصل الأحوال المعيشية للشعب إلى الحضيض، حيث عم الفقر والجوع أغلبية الشعب العراقي ، وانهارت العملة العراقية حتى وصل سعر الدولار 3000 دينار بعد أن كانت قيمته أقل من ثلث الدينار ، وأصبح راتب الأستاذ الجامعي يعادل قيمة طبقة البيض التي وصلت قيمتها 3000 دينار، وهكذا تسببت الحرب، والحصار الاقتصادي الظالم إلى انهيار البنية التحية للمجتمع العراقي والتي ما يزال العراق يعاني منها أشد المعانات حتى يومنا هذا، والتي يتطلب أصلاحها جهود أجيال عديدة.
إن الكويت تتحمل مسؤولية الكارثة التي حلت بالعراق بكل تأكيد جنبا إلى جنب مع صدام والرئيس بوش الأب، وبدلا من أن تسعى لإصلاح العلاقة مع الشعب العراقي فإنها ما تزال تصر على السير في نفس الطريق ، طريق معادات العراق، وانتزاع مناطق نفطية واسعة في جنوب البلاد وانتزاع نصف الميناء العراقي العميق الذي كان يدعى بميناء البكر دون وجه حق بل استقواء بالمحتل الأمريكي دون النظر بعيداً لما ستسببه هذه السياسة الخرقاء تجاه العراق، وتجاه العلاقة بين الشعبين الشقيقين.
إن على حكام الكويت أن يدركوا أن الوجود الأمريكي في المنطقة لا يمكن أن يبقى على الدوام، وأن العراق وشعبه باقيان إلى الأبد، والعراق إن كان اليوم ضعيفاً انهكته الحروب، والاحتلال الأمريكي البغيض، والأعمال الإرهابية المجرمة، فلا بد أن يتعافى، وينهض من جديد بلداً قوياً عظيماً بما يمتلكه من موارد كبيرة وثروات هائلة، وقدرات بشرية كبيرة وكفاءات عالية .
نعم سينهض العراق من كبوته، ويعيد الشعب بناء ما خربته الحروب، وسيعود قوياً عزيزاً تهابه الأعداء، وسوف لن ينسَ الشعب كل من قدم له المساعدة ووقف إلى جانبه، وفي الوقت نفسه سوف لن ينسَ من كان سببا في البلاء الرهيب الذي وقع عليه، وما يزال يصر على السير في نفس الطريق الخاطئ، فهل يعود حكام الكويت إلى رشدهم، ويكفروا عن أخطاء سياستهم تجاه شعب العراق قبل فوات الأوان؟؟
التسميات:
حقيبة المقالات
حقيبة المقالات
0 التعليقات: