حول الديمقراطية والحياة الحزبية في العالم العربي
4:31 م | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
6/8/2008
ما زال العالم العربي متخلفاً عن ركب العالم المتقدم في مجال الديمقراطية ، وإن كل ما نشهده من ادعاءات الحكام عن الالتزام بالديمقراطية بعيد جداً عن الواقع، ربما باستثناء لبنان إلى حد ما .
ففي كل الأنظمة العربية لم نشهد انتخاباً حقيقياً لرئيس الدولة، بل على العكس من ذلك نجد استئثار معظم القادة بالسلطة لدورات متتالية امتدت لعشرين وثلاثين وحتى أربعين عاماً، وغالباً ما تعدل الدساتير ليتمكن الحاكم من تجديد ولايته . هذا بالنسبة للأنظمة الجمهورية التي باتت وراثية في بعض الأحيان فالرئيس باقٍ حتى وفاته ، وقد أعد إبنه لتولي الرئاسة من بعده .
أما في الأنظمة الملكية فالسلطة كلها بيد الملك حتى اللحظة الأخيرة من حياته ، ولا شك أن ارتباط الدول العربية بعجلة السياسة الأمريكية لا يخفى على أحد، ولنا من العراق المثال الصارخ على الهيمنة الأمريكية على مقدراته لدرجة أن الحاكم الأمريكي بريمر هو من وضع الدستور العراقي المؤقت، والذي اتخذ فيما بعد أساساً للدستور الدائم ، وهو الذي عين رئيس الجمهورية ونوابه وعين رئيس الحكومة ، ووزع المناصب الوزارية، فأية ديمقراطية يمكن أن نتحدث عنها في عالمنا العربي ، أنها ليست سوى ضحك على الذقون .
أما الصحافة التي أُطلقَ عليها السلطة الرابعة فهي في عالمنا العربي ليست حرة فيما تكتب، وتتعرض للغلق والمحاكمة إذا ما وجهت أي انتقاد للسلطة الحاكمة ، وفي كثير من الأحيان تصبح الصحف وعاظ للسلاطين.
إن الديمقراطية ليست رداء نلبسه لنصبح ديمقراطيين ، إنها تربية تبدأ من الطفولة ، فلا يمكن أن نكون ديمقراطيين بين عشية وضحاها والديمقراطية التي نشهدها في أوربا لم تأتي وتتجذر في المجتمع الأوربي إلا خلال مرحلة طويلة، حيث نجد تداول السلطة يجري بشكل سلس ، وحيث احترام الرأي الآخر دون أي انفعال أو صراع عنيف ، وحيث احترام مبدأ الديمقراطية والدفاع عنها ، وحيث احترام حقوق الإنسان.
كما أن الأحزاب في العالم العربي مع الأسف لا تمتلك هذه التراث المتراكم الذي يؤهلها لقيام حياة حزبية ديمقراطية ، وكثيراً ما نجد حياة حزبية مشوهة ،حيث تستأثر أحزاب السلطة بالحكم ، وحيث تزييف الانتخابات على المكشوف لصالح حزب السلطة ، ولذلك نجد أن أحزاب المعارضة غالبا ما يجري حلها أو تقزيمها ، وقد تضطر بعضها إلى اللجوء للعمل السري وإلى العنف لمحاولة قلب الأنظمة القائمة ، كما أن عدم نضوج الحياة الديمقراطية في العالم العربي يؤدي بالعديد من الأحزاب السياسية إلى منزلقات خطيرة تؤدي إلى نتائج كارثية حول مستقبل الديمقراطية عندما يستطيع حزب ما ، خاصة عندما ما يكون مدعوماً من قوى دولية، من السطو على السلطة من خلال انقلاب عسكري حيث يجري قمع كل مظاهر الديمقراطية، و حكم البلاد حكما ديكتاتوريا دمويا كما حدث في العديد من الدول العربية.
كما إن الأحزاب السياسية في العالم العربي لها توجهات وارتباطات مختلفة ، فقسم ذو توجه ديني متطرف يستهدف استخدام الديمقراطية للوثوب إلى السلطة فقط ، وعندما يتمكن من ذلك يتجاهل الديمقراطية ويسعى لفرض أجندته الدينية المتخلفة عن روح العصر، وقسم آخر يرتبط بأنظمة خارجية ودول أجنبية، ويسعى لتنفيذ أجندتها، وقسم آخر من هذه الأحزاب هو عبارة عن تجمع لشخصيات لا يجمعها مع بعضها سوى المصالح الذاتية بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن.
فالأخوان المسلمين على سبيل المثال هي بالأساس أمريكية المنشأ والدعم منذ عدة عقود عندما كان الصراع قائماً بين المعسكرين الشرقي والغربي، بدعوى مكافحة الأفكار الهدامة والإلحاد!.
كما أن الأحزاب الدينية الطائفية الشيعية في العراق مرتبطة بنظام ملالي طهران وتسعى لتنفيد الأجندة الإيرانية ، وقد وجدنا هذه الظاهرة في أجلى مظاهرها في دعوة الخميني في أول عهد ما سمي بالثورة الإسلامية في إيران إلى امتداد الثورة إلى العالم العربي في السعي للهيمنة على العراق ومنطقة الخليج، كما نجد أن أجندة حزبي الطالباني والبارزاني بعيدة كل البعد عن الأيمان بالوطنية العراقية، ويسعى الحزبان في نهاية المطاف إلى تمزيق العراق ، وإقامة كيان قومي عنصري في شمال العراق.
لكن هذا لا يعني أن كل الأحزاب على هذه الشاكلة، فهناك قوى وأحزاب وطنية حقيقية تسعى لتعزيز الديمقراطية ، والنهوض الشامل بالمجتمع العربي، إذا ما أُتيح لها المجال للعمل بحرية دون تدخل الأنظمة الحاكمة، لكنها مع شديد الأسف محاصرة، ويجري تقزيمها باستمرار.
ويتهم البعض من الكتاب الشعوب العربية بأن إنتماءتها لبعض الأحزاب الإقليمية قد أصبحت أقوى من انتمائها لوطنها، لكن إذا أخذنا هذا الأمر بصفة الجمع نكون قد ظلمنا شعوبنا.
غير أن هذا لا يعني أن هناك جانب ، قد يكون كبيراً أو صغيراً، يسير في هذا الاتجاه ، وهذا يعود بكل تأكيد إلى التخلف السائد في المجتمع العربي من جهة ، والتعصب الطائفي والديني والقومي من جهة أخرى ، وهذا ما نشهده بكل وضوح ، وبشكل صارخ، في العراق اليوم حيث تأثير الأحزاب الدينية الطائفية والعرقية يلعب دوراً خطيراً في دفع جماهير الشعب نحو التعصب للطائفة أو العرقية، وخاصة في صفوف الجماهير التي لا تتمتع بمستوى ثقافي مناسب، مما يجعلها سريعة الانقياد بشكل أعمى لأجندة قيادات هذه الأحزاب.
وهكذا نجد أن الثقافة وشيوع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان هي السبيل للوقوف أمام تلك الأجندات اللا وطنية ، وتعزيز الشعور بالإنتماء للوطن، والحرص على الروابط المتينة بين أبناء الوطن الواحد .
كما أن إبعاد الدين عن السياسة هو السبيل للنهوض بالعالم العربي ، واللحاق بركب الإنسانية المتقدمة ، وأن زج الدين في السياسة قد افسد الدين والسياسة معاً، وإذا كنا حريصين على نقاء الدين وقدسيته فينبغي أن نبعده عن سوق النخاسة للسياسيين الذي يستخدمون الدين لتحقيق أهداف سياسية .
إن فصل الدين عن الدولة، ورفض قيام حياة حزبية قائمة على أساس ديني أو طائفي ، أو عرقي شوفيني يتنافى ومبدأ الديمقراطية ، فالأحزاب من هذا النوع لا تؤمن بالديمقراطية ، بل تريدها وسيلة للصعود للسلطة ، والتنكر لها فيما بعد ، والاستئثار بها .
إن سيادة الديمقراطية الحقيقية هي السبيل القويم للحرية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق وحريات المواطن بصرف النظر عن قوميته وجنسه ودينه وطائفته ، ففي المجتمع الديمقراطي ينال كل ذي حق حقه دون تمييز في ظل سيادة القانون ، واحترام الحريات العامة والخاصة بما لا يتعارض مع مصلحة الجميع.
6/8/2008
ما زال العالم العربي متخلفاً عن ركب العالم المتقدم في مجال الديمقراطية ، وإن كل ما نشهده من ادعاءات الحكام عن الالتزام بالديمقراطية بعيد جداً عن الواقع، ربما باستثناء لبنان إلى حد ما .
ففي كل الأنظمة العربية لم نشهد انتخاباً حقيقياً لرئيس الدولة، بل على العكس من ذلك نجد استئثار معظم القادة بالسلطة لدورات متتالية امتدت لعشرين وثلاثين وحتى أربعين عاماً، وغالباً ما تعدل الدساتير ليتمكن الحاكم من تجديد ولايته . هذا بالنسبة للأنظمة الجمهورية التي باتت وراثية في بعض الأحيان فالرئيس باقٍ حتى وفاته ، وقد أعد إبنه لتولي الرئاسة من بعده .
أما في الأنظمة الملكية فالسلطة كلها بيد الملك حتى اللحظة الأخيرة من حياته ، ولا شك أن ارتباط الدول العربية بعجلة السياسة الأمريكية لا يخفى على أحد، ولنا من العراق المثال الصارخ على الهيمنة الأمريكية على مقدراته لدرجة أن الحاكم الأمريكي بريمر هو من وضع الدستور العراقي المؤقت، والذي اتخذ فيما بعد أساساً للدستور الدائم ، وهو الذي عين رئيس الجمهورية ونوابه وعين رئيس الحكومة ، ووزع المناصب الوزارية، فأية ديمقراطية يمكن أن نتحدث عنها في عالمنا العربي ، أنها ليست سوى ضحك على الذقون .
أما الصحافة التي أُطلقَ عليها السلطة الرابعة فهي في عالمنا العربي ليست حرة فيما تكتب، وتتعرض للغلق والمحاكمة إذا ما وجهت أي انتقاد للسلطة الحاكمة ، وفي كثير من الأحيان تصبح الصحف وعاظ للسلاطين.
إن الديمقراطية ليست رداء نلبسه لنصبح ديمقراطيين ، إنها تربية تبدأ من الطفولة ، فلا يمكن أن نكون ديمقراطيين بين عشية وضحاها والديمقراطية التي نشهدها في أوربا لم تأتي وتتجذر في المجتمع الأوربي إلا خلال مرحلة طويلة، حيث نجد تداول السلطة يجري بشكل سلس ، وحيث احترام الرأي الآخر دون أي انفعال أو صراع عنيف ، وحيث احترام مبدأ الديمقراطية والدفاع عنها ، وحيث احترام حقوق الإنسان.
كما أن الأحزاب في العالم العربي مع الأسف لا تمتلك هذه التراث المتراكم الذي يؤهلها لقيام حياة حزبية ديمقراطية ، وكثيراً ما نجد حياة حزبية مشوهة ،حيث تستأثر أحزاب السلطة بالحكم ، وحيث تزييف الانتخابات على المكشوف لصالح حزب السلطة ، ولذلك نجد أن أحزاب المعارضة غالبا ما يجري حلها أو تقزيمها ، وقد تضطر بعضها إلى اللجوء للعمل السري وإلى العنف لمحاولة قلب الأنظمة القائمة ، كما أن عدم نضوج الحياة الديمقراطية في العالم العربي يؤدي بالعديد من الأحزاب السياسية إلى منزلقات خطيرة تؤدي إلى نتائج كارثية حول مستقبل الديمقراطية عندما يستطيع حزب ما ، خاصة عندما ما يكون مدعوماً من قوى دولية، من السطو على السلطة من خلال انقلاب عسكري حيث يجري قمع كل مظاهر الديمقراطية، و حكم البلاد حكما ديكتاتوريا دمويا كما حدث في العديد من الدول العربية.
كما إن الأحزاب السياسية في العالم العربي لها توجهات وارتباطات مختلفة ، فقسم ذو توجه ديني متطرف يستهدف استخدام الديمقراطية للوثوب إلى السلطة فقط ، وعندما يتمكن من ذلك يتجاهل الديمقراطية ويسعى لفرض أجندته الدينية المتخلفة عن روح العصر، وقسم آخر يرتبط بأنظمة خارجية ودول أجنبية، ويسعى لتنفيذ أجندتها، وقسم آخر من هذه الأحزاب هو عبارة عن تجمع لشخصيات لا يجمعها مع بعضها سوى المصالح الذاتية بعيداً عن مصلحة الوطن والمواطن.
فالأخوان المسلمين على سبيل المثال هي بالأساس أمريكية المنشأ والدعم منذ عدة عقود عندما كان الصراع قائماً بين المعسكرين الشرقي والغربي، بدعوى مكافحة الأفكار الهدامة والإلحاد!.
كما أن الأحزاب الدينية الطائفية الشيعية في العراق مرتبطة بنظام ملالي طهران وتسعى لتنفيد الأجندة الإيرانية ، وقد وجدنا هذه الظاهرة في أجلى مظاهرها في دعوة الخميني في أول عهد ما سمي بالثورة الإسلامية في إيران إلى امتداد الثورة إلى العالم العربي في السعي للهيمنة على العراق ومنطقة الخليج، كما نجد أن أجندة حزبي الطالباني والبارزاني بعيدة كل البعد عن الأيمان بالوطنية العراقية، ويسعى الحزبان في نهاية المطاف إلى تمزيق العراق ، وإقامة كيان قومي عنصري في شمال العراق.
لكن هذا لا يعني أن كل الأحزاب على هذه الشاكلة، فهناك قوى وأحزاب وطنية حقيقية تسعى لتعزيز الديمقراطية ، والنهوض الشامل بالمجتمع العربي، إذا ما أُتيح لها المجال للعمل بحرية دون تدخل الأنظمة الحاكمة، لكنها مع شديد الأسف محاصرة، ويجري تقزيمها باستمرار.
ويتهم البعض من الكتاب الشعوب العربية بأن إنتماءتها لبعض الأحزاب الإقليمية قد أصبحت أقوى من انتمائها لوطنها، لكن إذا أخذنا هذا الأمر بصفة الجمع نكون قد ظلمنا شعوبنا.
غير أن هذا لا يعني أن هناك جانب ، قد يكون كبيراً أو صغيراً، يسير في هذا الاتجاه ، وهذا يعود بكل تأكيد إلى التخلف السائد في المجتمع العربي من جهة ، والتعصب الطائفي والديني والقومي من جهة أخرى ، وهذا ما نشهده بكل وضوح ، وبشكل صارخ، في العراق اليوم حيث تأثير الأحزاب الدينية الطائفية والعرقية يلعب دوراً خطيراً في دفع جماهير الشعب نحو التعصب للطائفة أو العرقية، وخاصة في صفوف الجماهير التي لا تتمتع بمستوى ثقافي مناسب، مما يجعلها سريعة الانقياد بشكل أعمى لأجندة قيادات هذه الأحزاب.
وهكذا نجد أن الثقافة وشيوع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الإنسان هي السبيل للوقوف أمام تلك الأجندات اللا وطنية ، وتعزيز الشعور بالإنتماء للوطن، والحرص على الروابط المتينة بين أبناء الوطن الواحد .
كما أن إبعاد الدين عن السياسة هو السبيل للنهوض بالعالم العربي ، واللحاق بركب الإنسانية المتقدمة ، وأن زج الدين في السياسة قد افسد الدين والسياسة معاً، وإذا كنا حريصين على نقاء الدين وقدسيته فينبغي أن نبعده عن سوق النخاسة للسياسيين الذي يستخدمون الدين لتحقيق أهداف سياسية .
إن فصل الدين عن الدولة، ورفض قيام حياة حزبية قائمة على أساس ديني أو طائفي ، أو عرقي شوفيني يتنافى ومبدأ الديمقراطية ، فالأحزاب من هذا النوع لا تؤمن بالديمقراطية ، بل تريدها وسيلة للصعود للسلطة ، والتنكر لها فيما بعد ، والاستئثار بها .
إن سيادة الديمقراطية الحقيقية هي السبيل القويم للحرية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق وحريات المواطن بصرف النظر عن قوميته وجنسه ودينه وطائفته ، ففي المجتمع الديمقراطي ينال كل ذي حق حقه دون تمييز في ظل سيادة القانون ، واحترام الحريات العامة والخاصة بما لا يتعارض مع مصلحة الجميع.
التسميات:
حقيبة المقالات
حقيبة المقالات
0 التعليقات: