فرصة تاريخية حقيقية فلا تضيعوها
4:19 م | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
27/5/2008
بعد التهميش والانكماش الذي أصاب القوى العلمانية بشتى فصائلها طيلة الأعوام الخمسة الماضية التي تلت إسقاط نظام الدكتاتور صدام حسين ، واستئثار قوى الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني بالسلطة، والإمساك بكل مرافق الدولة التي أقام أركانها الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر على أنقاض نظام البعث المنهار بكل مؤسساته المدنية والعسكرية والأمنية، وسيطرتها على المجتمع العراقي بقوة ميليشياتها المسلحة من جهة، وباستخدام الدين والمرجعية وسيلة للكسب السياسي في صفوف المجتمع العراقي الذي عانى من التخلف والتهميش والعزل عن العالم طيلة العقود الأربعة التي امتدت منذ انقلاب 8 شباط 1963 ، وحتى سقوط النظام الصدامي في 9 نيسان 2003 على أيدي القوات الأمريكية والبريطانية التي ادعى قائدها جورج بوش أن غزوه للعراق يستهدف تحرير الشعب العراقي من نير الدكتاتورية الصدامية، وإقامة نظام ديمقراطي في البلاد ، لكن الذي جرى كان على العكس من ذلك تماماً ، حيث انقلب التحرير إلى احتلال، وانقلبت الديمقراطية الموعودة إلى طغيان أحزاب الإسلام السياسي الطائفي الذين بوأهم الاحتلال زمام السلطة، وفسح لهم المجال واسعاً للإمساك بكل مرافق الدولة من القمة وحتى القاعدة، وبات الشعب العراقي رهينة الأجندة الرجعية الدينية المتخلفة، ورهينة الصراع الطائفي الدامي، والقتل على الاسم والهوية بكل بشاعة لم يكن الشعب يتخيل حدوثها من قبل. وبات التهجير السكاني يجري على أيدي العصابات المتلبسة بعباءة الدين من كلا الطائفتين الشيعية والسنية حتى جاوزت الأرقام الأربعة ملايين مهاجر، نصفهم غادر العراق إلى سوريا والأردن ومصر ودول اللجوء الأوربية لمن استطاع إليها سبيلا، والنصف الثاني ما زال يعيش في الخيام في حالة يرثى لها حيث لا تتوفر ابسط مقومات الحياة اللائقة بالإنسان، وحيث الجوع والمرض ينهش بالأطفال قبل الكبار، وحيث يبحث المهجرون بين أكوام القمامة عن فضلات طعام يسدون به رمقهم ورمق أطفالهم في بلد من أغنى بلدان العالم ، حيث نقلت القنوات التلفزيونية حول العالم مشاهد لهؤلاء المواطنين المنكوبين وهم يبحثون في تلك القمامة.
لقد تعرت حقيقة هذه السلطة ذات الرداء الديني أمام جماهير الشعب العراقي، وبدأت أذهانهم تتفتح على الحقيقة المرة لهذه القوى التي استأثرت بالسلطة، وسيطرت على البرلمان، وسائر أجهزة الدولة التي اصبحت حكراً لها ، وأيقن الشعب العراقي عمق الخديعة التي مورست عليه باسم الطائفة تارة وباسم العرقية تارة أخرى وباسم المظلومية التي باتت كقميص عثمان متمسكين بها لكي يستمروا بالإمساك بالسلطة ، وبالتالي الإمساك برقاب الشعب المنهوك الذي كان يحلم بالتخلص من نظام الطغيان البعثي وسيده الجلاد صدام حسين، ليقع فريسة جلادين اشد قسوة وسادية، حيث التعذيب الوحشي والقتل وإلقاء الجثث في المزابل طعاماً للكلاب .
وتشير الاستطلاعات التي أجريت في البصرة والديوانية والعمارة على شرائح المجتمع ذي الأغلبية الشيعية إلى أن 95 % من المواطنين قد أعلنوا عن رأيهم بصراحة مطالبين بفصل الدين عن الدولة، وإقامة نظام حكم ديمقراطي علماني حقيقي في البلاد، ولا شك أن هذا الاستطلاع لو جرى تعميمه في سائر محافظات القطر لأظهر بكل جلاء أن الشعب قد ضاق ذرعاً بقوى الإسلام السياسي، وتدخله الفض في كل تفاصيل الحياة صغيرها وكبيرها ، وفرضْ نمط متخلف على المجتمع، وقد كان نصيب المرأة التي تمثل أكثر من نصف المجتمع العراقي الظلم الأكبر، والطغيان الأبشع، وعاد بها القهقرى عشرات السنين إلى الوراء، وبات عليها أن تناضل من جديد، ومن نقطة الصفر ضد هذه الهيمنة الرجعية المطلقة لقوى الإسلام السياسي الطائفي .
أن العراق مقبل على إجراء انتخابات محلية في المحافظات، وسوف تليها بعد سنة الانتخابات النيابية، ولا شك أن أمام القوى الديمقراطية العلمانية بكل أجنحتها فرصة تاريخية حقيقية ثمينة لا يمكن أن تعوض، وما عليها إلا أن تبدأ، وبأسرع ما يمكن، تجميع صفوف كل الديمقراطيين واليساريين والعلمانيين والليبراليين في جبهة عريضة تتخذ لها قواسم مشتركة نستهدف القيام بنشاط واسع في صفوف الجماهير العراقية فوراً، وقبل فوات الأوان استعداداً للانتخابات القادمة، المحلية منها والنيابية، بغية إحداث نقلة نوعية في تركيبة السلطة الحالية تستهدف انعطافاً جذرياً نحو بناء عراق ديمقراطي تعددي، عراق تتساوى فيه الفرص أمام الجميع دون تمييز في القومية أو الدين او الطائفة .
إن الحل الحقيقي للمعضلة العراقية هي بيد الشعب العراقي وطليعته القوى العلمانية التي ينبغي أن تأخذ دورها بأسرع ما يمكن، وتفويت الفرصة على قوى الظلام والفاشية الدينية للإمساك بالسلطة وبكافة مرافق الدولة والاستئثار بالثروة الوطنية التي اصبحت نهباً لعصابات ميليشيات أحزاب الإسلام السياسي، والتي هي اليوم تتنازع فيما بينها وبقوة السلاح على السلطة والثروة، وبذلك أفسدت الدين والسياسة معاً.
إن الصراع الذي جرى ويجري في العراق اليوم ليس صراعاً طائفياً أو قومياً ، فالشعب العراقي بكل أطيافه شيعة وسنة ، مسلمين ومسيحيين وصابئة وأيزيدية ، عرباً وكرداً وكلدوآشوريين لم يكونوا قد دخلوا يوماً في صراع بينهم ، بل على العكس من ذلك كان التآخي القومي والمذهبي والديني هو السائد في المجتمع العراقي .
إن الأزمة العراقية الراهنة، والصراع الدائر في البلاد بكل تأكيد ليس سوى صراع تقوده قوى سياسية دينية طائفية وقومية هدفها الأول والأخير السيطرة على السلطة والثروة ، فمن يمتلك السلطة يستطيع التصرف بالثروة في ظل نظام استبدادي لا دور للشعب في تقرير مصيره ، وتأمين حقوقه وحرياته ، وحقه في توزيع عادل للثروة ، وتحقيق مستوى حياة تليق به ، وتلك هي مسؤولية القوى العلمانية الديمقراطية فهي القادرة وحدها على تحقيق آمال شعبنا في العيش في ظل الحرية والديمقراطية والعيش الرغيد.
إن هذه القوى مدعوة اليوم، وبإلحاح، أن لا تضيّع الفرصة المتاحة أمامها اليوم، والشعب يمتلك كل الاستعداد للشد على أيديهم إذا ما أخذوا زمام المبادأة، وقادوا النضال الجماهيري من أجل تحقيق غد أفضل للمواطن العراقي المحروم .
27/5/2008
بعد التهميش والانكماش الذي أصاب القوى العلمانية بشتى فصائلها طيلة الأعوام الخمسة الماضية التي تلت إسقاط نظام الدكتاتور صدام حسين ، واستئثار قوى الإسلام السياسي بشقيه الشيعي والسني بالسلطة، والإمساك بكل مرافق الدولة التي أقام أركانها الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر على أنقاض نظام البعث المنهار بكل مؤسساته المدنية والعسكرية والأمنية، وسيطرتها على المجتمع العراقي بقوة ميليشياتها المسلحة من جهة، وباستخدام الدين والمرجعية وسيلة للكسب السياسي في صفوف المجتمع العراقي الذي عانى من التخلف والتهميش والعزل عن العالم طيلة العقود الأربعة التي امتدت منذ انقلاب 8 شباط 1963 ، وحتى سقوط النظام الصدامي في 9 نيسان 2003 على أيدي القوات الأمريكية والبريطانية التي ادعى قائدها جورج بوش أن غزوه للعراق يستهدف تحرير الشعب العراقي من نير الدكتاتورية الصدامية، وإقامة نظام ديمقراطي في البلاد ، لكن الذي جرى كان على العكس من ذلك تماماً ، حيث انقلب التحرير إلى احتلال، وانقلبت الديمقراطية الموعودة إلى طغيان أحزاب الإسلام السياسي الطائفي الذين بوأهم الاحتلال زمام السلطة، وفسح لهم المجال واسعاً للإمساك بكل مرافق الدولة من القمة وحتى القاعدة، وبات الشعب العراقي رهينة الأجندة الرجعية الدينية المتخلفة، ورهينة الصراع الطائفي الدامي، والقتل على الاسم والهوية بكل بشاعة لم يكن الشعب يتخيل حدوثها من قبل. وبات التهجير السكاني يجري على أيدي العصابات المتلبسة بعباءة الدين من كلا الطائفتين الشيعية والسنية حتى جاوزت الأرقام الأربعة ملايين مهاجر، نصفهم غادر العراق إلى سوريا والأردن ومصر ودول اللجوء الأوربية لمن استطاع إليها سبيلا، والنصف الثاني ما زال يعيش في الخيام في حالة يرثى لها حيث لا تتوفر ابسط مقومات الحياة اللائقة بالإنسان، وحيث الجوع والمرض ينهش بالأطفال قبل الكبار، وحيث يبحث المهجرون بين أكوام القمامة عن فضلات طعام يسدون به رمقهم ورمق أطفالهم في بلد من أغنى بلدان العالم ، حيث نقلت القنوات التلفزيونية حول العالم مشاهد لهؤلاء المواطنين المنكوبين وهم يبحثون في تلك القمامة.
لقد تعرت حقيقة هذه السلطة ذات الرداء الديني أمام جماهير الشعب العراقي، وبدأت أذهانهم تتفتح على الحقيقة المرة لهذه القوى التي استأثرت بالسلطة، وسيطرت على البرلمان، وسائر أجهزة الدولة التي اصبحت حكراً لها ، وأيقن الشعب العراقي عمق الخديعة التي مورست عليه باسم الطائفة تارة وباسم العرقية تارة أخرى وباسم المظلومية التي باتت كقميص عثمان متمسكين بها لكي يستمروا بالإمساك بالسلطة ، وبالتالي الإمساك برقاب الشعب المنهوك الذي كان يحلم بالتخلص من نظام الطغيان البعثي وسيده الجلاد صدام حسين، ليقع فريسة جلادين اشد قسوة وسادية، حيث التعذيب الوحشي والقتل وإلقاء الجثث في المزابل طعاماً للكلاب .
وتشير الاستطلاعات التي أجريت في البصرة والديوانية والعمارة على شرائح المجتمع ذي الأغلبية الشيعية إلى أن 95 % من المواطنين قد أعلنوا عن رأيهم بصراحة مطالبين بفصل الدين عن الدولة، وإقامة نظام حكم ديمقراطي علماني حقيقي في البلاد، ولا شك أن هذا الاستطلاع لو جرى تعميمه في سائر محافظات القطر لأظهر بكل جلاء أن الشعب قد ضاق ذرعاً بقوى الإسلام السياسي، وتدخله الفض في كل تفاصيل الحياة صغيرها وكبيرها ، وفرضْ نمط متخلف على المجتمع، وقد كان نصيب المرأة التي تمثل أكثر من نصف المجتمع العراقي الظلم الأكبر، والطغيان الأبشع، وعاد بها القهقرى عشرات السنين إلى الوراء، وبات عليها أن تناضل من جديد، ومن نقطة الصفر ضد هذه الهيمنة الرجعية المطلقة لقوى الإسلام السياسي الطائفي .
أن العراق مقبل على إجراء انتخابات محلية في المحافظات، وسوف تليها بعد سنة الانتخابات النيابية، ولا شك أن أمام القوى الديمقراطية العلمانية بكل أجنحتها فرصة تاريخية حقيقية ثمينة لا يمكن أن تعوض، وما عليها إلا أن تبدأ، وبأسرع ما يمكن، تجميع صفوف كل الديمقراطيين واليساريين والعلمانيين والليبراليين في جبهة عريضة تتخذ لها قواسم مشتركة نستهدف القيام بنشاط واسع في صفوف الجماهير العراقية فوراً، وقبل فوات الأوان استعداداً للانتخابات القادمة، المحلية منها والنيابية، بغية إحداث نقلة نوعية في تركيبة السلطة الحالية تستهدف انعطافاً جذرياً نحو بناء عراق ديمقراطي تعددي، عراق تتساوى فيه الفرص أمام الجميع دون تمييز في القومية أو الدين او الطائفة .
إن الحل الحقيقي للمعضلة العراقية هي بيد الشعب العراقي وطليعته القوى العلمانية التي ينبغي أن تأخذ دورها بأسرع ما يمكن، وتفويت الفرصة على قوى الظلام والفاشية الدينية للإمساك بالسلطة وبكافة مرافق الدولة والاستئثار بالثروة الوطنية التي اصبحت نهباً لعصابات ميليشيات أحزاب الإسلام السياسي، والتي هي اليوم تتنازع فيما بينها وبقوة السلاح على السلطة والثروة، وبذلك أفسدت الدين والسياسة معاً.
إن الصراع الذي جرى ويجري في العراق اليوم ليس صراعاً طائفياً أو قومياً ، فالشعب العراقي بكل أطيافه شيعة وسنة ، مسلمين ومسيحيين وصابئة وأيزيدية ، عرباً وكرداً وكلدوآشوريين لم يكونوا قد دخلوا يوماً في صراع بينهم ، بل على العكس من ذلك كان التآخي القومي والمذهبي والديني هو السائد في المجتمع العراقي .
إن الأزمة العراقية الراهنة، والصراع الدائر في البلاد بكل تأكيد ليس سوى صراع تقوده قوى سياسية دينية طائفية وقومية هدفها الأول والأخير السيطرة على السلطة والثروة ، فمن يمتلك السلطة يستطيع التصرف بالثروة في ظل نظام استبدادي لا دور للشعب في تقرير مصيره ، وتأمين حقوقه وحرياته ، وحقه في توزيع عادل للثروة ، وتحقيق مستوى حياة تليق به ، وتلك هي مسؤولية القوى العلمانية الديمقراطية فهي القادرة وحدها على تحقيق آمال شعبنا في العيش في ظل الحرية والديمقراطية والعيش الرغيد.
إن هذه القوى مدعوة اليوم، وبإلحاح، أن لا تضيّع الفرصة المتاحة أمامها اليوم، والشعب يمتلك كل الاستعداد للشد على أيديهم إذا ما أخذوا زمام المبادأة، وقادوا النضال الجماهيري من أجل تحقيق غد أفضل للمواطن العراقي المحروم .
التسميات:
حقيبة المقالات
حقيبة المقالات
0 التعليقات: