عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :


خياران أمام نظام البعث في سوريا لا ثالث لهما!

حامد الحمداني                                                     16/4/2011

 

كما كان متوقعاً لم يأتي الرئيس السوري بشار الأسد بجديد لمعالجة الوضع المتأزم في البلاد، حيث تجتاح البلاد حركة احتجاجات واسعة شملت كافة المدن السورية، وكافة أطياف الشعب، مطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي حرم منها الشعب منذ الانقلاب العسكري الذي أوصل حزب البعث إلى السلطة في 8 آذار عام 1963،

 

 واستطاع البعثيون إحكام سيطرتهم على البلاد، وجرى على أيديهم تصفية كل الحقوق والحريات الديمقراطية، وأقاموا نظاماً شموليا، وجرى احتكار السلطة المطلق لحزب البعث، وتمت السيطرة على كافة وسائل الإعلام، وإلغاء امتيازات الصحف، واحتكار العمل الحزبي لحزب البعث وحده، كما جرت عملية تبعيث الجيش والأجهزة الأمنية التي سعى النظام البعثي لتوسيعها كماً ونوعاً، لتكون في خدمة النظام، حتى بات في البلاد أكثر من 20 جهازاً أمنيا، مسخراً لخنق انفاس الشعب السوري.

 

 ثم تحول النظام شيئاً فشيئاً إلى حكم العائلة منذ أن قام وزير الدفاع حافظ الأسد بانقلابه الذي سماه بالحركة التصحيحية عام 1970،وأعلن نفسه رئيساً للجمهورية، واستمر في حكم البلاد حتى وفاته عام 2000، حيث تولي ابنه بشار الأسد الرئاسة من بعده، في عملية قيصرية شهدت تعديل الدستور لتخفيض الحد الأدنى لعمر الرئيس لغاية 35عاماً، وصوت مجلس الشعب بالإجماع على التعديل وانتخابه رئيساً للجمهورية.

 

واستمر الحال على وضعه دون تغيير على الرغم من الوعود التي قطعها الرئيس بشار لأجراء إصلاحات في البلاد، واستمرت معانات الشعب السوري من فقدان الحرية، وقمع الحقوق الديمقراطية، وانتشار الفساد، وامتلاء السجون بسجناء الرأي، والتصفيات الجسدية لكل من يشك بمعارضته للنظام، واستمرار حالة الطواري التي تبيح للنظام الاعتقالات الكيفية، والمحاكم العسكرية منذ عام 1963 وحتى يومنا هذا.

 

وهكذا أخذ التناقض الكمي بالتصاعد بين النظام الممسك بالسلطة بيد من حديد، والشعب التواق للحرية والديمقراطية ليصل المرحلة الحرجة التي نقلته إلى التغير الكيفي على اثر عاصفة الحرية التي هبت على تونس ومصر واليمن وليبيا، حيث هبت شعوبها في مظاهرات جماهيرية واسعة تطالب بالحرية والديمقراطية، واستطاع الشعبان التونسي والمصري تحقيق التغيير المنشود في البلاد، وما يزال الشعبان الليبي واليمني يخوضان النضال لإسقاط النظامين الشموليين الفاشيين في ليبيا واليمن، وهما قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهدافهما في التحرر والديمقراطية.

 

وانفجر الوضع في سوريا على حين غرة، وعمت المظاهرات الشبابية السلمية التي كسرت حاجز الخوف رغم علمها بطبيعة النظام القمعية العنيفة، وهب نظام بشار الأسد، وقد أرعبته انتصارات ثورة الشعبين التونسي والمصري، وثورة الشعبين الليبي واليمني التي توشك على إزاحة نظامي القذافي وعلي عبد الله صالح الفاشيين، وأصدر أمره لأجهزته القمعية للتصدي للمظاهرات السلمية للشعب السوري، مما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى في صفوف المتظاهرين، ظناً من قيادة النظام أنها قادرة على قمع المظاهرات في مهدها.

 

لكن النظام اخطأ في حساباته، ولم يتعلم الدرس من الثورات التي اجتاحت العالم العربي، فقد أخذت تظاهرات الشعب السوري بالانتشار في كل المدن السورية، وضمت المزيد من الجماهير التي هالها القمع الوحشي، وارتفاع أعداد الشهداء التي تجاوزت أكثر من مئتي شهيد، ومئات الجرحى، وكلما ازداد النظام وحشية في تصديه، كلما تصاعدت المظاهرات المتحدية للنظام، وإصرار الشعب على تحقيق أهدافه في الحرية والديمقراطية رغم كل التضحيات.

 

أن على النظام السوري أن يدرك قبل فوات الأوان أن التعامل مع انتفاضة الشعب  بهذا الأسلوب القمعي لن ينقذ النظام الشمولي الذي استمر 48 عاماً، هذا النظام الذي عفا عليه الزمن، فرياح الحرية قد هبت على العالم العربي المنكوب بأنظمته الدكتاتورية التي لا تقيم وزناً لشعوبها، والتي يتآكلها الفساد، في حين تعاني شعوبها اشد المعانات، وهي مصرة على المضي إلى آخر الطريق من أجل تحقيق  حريتها.

 

إن أمام النظام السوري طريقان لا ثالث لهما، فإما إجراء إصلاحات حقيقية وجذرية تستجيب لمطالب الشعب دون تأخير أو مناورة لكسب الوقت، وإما دفع البلاد نحو الحرب الأهلية، فالوقت يمضي ليس لصالح النظام بل يقود البلاد إلى مخاطر الحرب الأهلية بكل تأكيد، والتي لن يربح فيها النظام مهما استخدم من قوة، فإرادة الشعوب أقوى وأمضى من إرادة الطغاة، وأجهزتهم القمعية.

 

أن الإصلاح الفوري والجذري يتطلب الخطوات التالية التي يمكن أن ترضي الشعب والتي تتلخص بما يلي:

 

1 ـ إعادة النظر الجذرية في الدستور، وإلغاء أسطورة الحزب القائد، وأن يجري انتخاب الرئيس من قبل الشعب بصورة مباشرة، وتحديد مدة الرئاسة بأربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة فقط.   

 

2 ـ رفع حالة الطواري فورا، وإطلاق الحريات الديمقراطية كحرية الأحزاب والصحافة والتظاهر، وتأليف منظمات المجتمع المدني، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

 

3 ـ حل البرلمان وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية تتسم بالشفافية، وتحت إشراف الأمم المتحدة، وتأليف حكومة جديدة بالاستناد إلى نتائج الانتخابات، وتتولى العمل بصورة فورية على معالجة مشكلة البطالة، ومكافحة الفساد، وتأمين الخدمات الأساسية للشعب، وتحسين أوضاعه المعيشية.  

 

4 ـ إجراء انتخاب رئيس جديد للبلاد بصورة مباشرة من قبل الشعب، واحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة عند انتهاء مدة الرئاسة القانونية.

 

5 ـ إعادة النظر في تركيب الأجهزة الأمنية كماً ونوعاً، وفصلها عن هيمنة حزب البعث، وإعادة تثقيفها بالمفاهيم الديمقراطية، واحترام حقوق وحريات الشعب، وعدم تجاوزها بأي شكل من الأشكال.

 

6 ـ إعادة النظر في تركيبة الجيش ليكون جيش الشعب، وليس جيشاً لحزب البعث، ومهمته الدفاع عن الوطن، وعدم زجه في الصراعات الداخلية.

 

هذا هو الطريق لمعالجة الوضع المتأزم في البلاد، وتجنب الانزلاق نحو الحرب الأهلية، التي إن وقعت لا سمح الله، فستحرق الجميع بنيرانها. فهل ستنتصر الحكمة ويخرج الشعب السوري من المحنة؟ أتمنى ذلك.

 

       

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب