عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

أزمة العلاقات الأمريكية الروسية من حرب جورجيا إلى حرب اوكرانيا













أزمة العلاقات الأمريكية الروسية


من حرب جورجيا إلى حرب اوكرانيا


حامد الحمداني                                                   29/6/2015


منذُ انهيار الاتحاد السوفيتي والمنظومة الاشتراكية عام 1991، وتحول الولايات المتحدة إلى الدولة الأعظم في العالم، سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على سدة الحكم إلى تكريس وحدانية القطب الواحد في العالم، والسعي الحثيث للحيلولة دون انبعاث أقطاب أخرى بعد أن أصبحت تتحكم بمصائر الشعوب، مستقوية بقوتها العسكرية الجبارة بما تمثله من أسلحة متطورة فتاكة، وتكنولوجيا عالية، واقتصاد قوي، رافضة أن يشاركها أحد في تقرير مصائر الدول والشعوب.                                       .                                                                                                       لقد وصل الأمر بالإدارة الأمريكية على عهد رئيسها السابق جورج بوش الأبن إلى تجاهل دور الأمم المتحدة ومجلس الأمن عندما قرر غزو العراق عام 2003 بعد أن أعلنت كل من روسيا والصين وفرنسا عن رفضها لشن الحرب على العراق، واستعدادها لاستخدام حق النقض في مجلس الأمن للحيلولة دون إقدام الولايات المتحدة على شن تلك الحرب العدوانية
لكن الرئيس بوش تجاهل تهديدات الدول الكبرى الثلاث، وتجاوز مجلس الأمن، الجهة الوحيدة المخولة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالأمن والسلام الدوليين، ونفذ خططه بغزو العراق.                                         .                                               

لكن هذه الدول التي رفضت المشاركة بالحرب رضخت في نهاية ألأمر للمشيئة الأمريكية، وشاركت بتمرير العديد من القرارات المتعلقة بالعراق بعد غزوه، وإسقاط نظام الدكتاتور صدام حسين من دون معارضة، على الرغم من أن هذه الدول الكبرى الثلاث قد خسرت العقود النفطية التي كانت قد وقعتها مع نظام صدام.                                           .         

لكن هذا التساهل من جانب هذه الدول، وعلى وجه الخصوص روسيا لم يرضِ طموحات الإدارة الأمريكية، وخططها البعيدة المدى لمنع انبعاث الدور الروسي في الشأن العالمي، ولاسيما وأن روسيا كانت وما تزال تمتلك ترسانة نووية، وصواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى أية بقعة في العالم، مما يسبب للإدارة الأمريكية أشد القلق، ويجعلها تحسب ألف حساب للمستقبل، وهي لذلك عملت ولا تزال تعمل بأقصى جهدها ليس فقط لإبعاد روسيا عن منطقة الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج على وجه الخصوص، بل لمنع أي مشاركة حقيقية لروسيا في شؤون العالم.

   إن الولايات المتحدة تضع في استراتيجيتها مسألة عدم الاطمئنان إلى الوضع القائم في روسيا اليوم على الرغم من العلاقات التي تربط بين الطرفين والتي يسودها التوتر أحيانا، فهي تخشى من حدوث تغيرات في توجهات السلطة تعيد الحرب الباردة والصراع بين الطرفين، وهذا ما يسبب أشد القلق لها، ويجعلها تحسب ألف حساب للمستقبل، وهي لذلك عملت وما تزال تعمل بأقصى جهدها ليس فقط لإبعاد روسيا عن الشؤون العالمية، بل لتطويقها، ومد حلف الأطلسي إلى عقر دارها، حيث سعت إلى ضم بولندا وجيكيا ولتوانيا ولاتفيا واستونيا إلى حلف الأطلسي، وحاولت كذلك ضم جورجيا، بعد أن ضمت العديد من دول أوربا الشرقية التي كانت أعضاء في [حلف وارشو] أيام كان الاتحاد السوفيتي قائماً،مما اثار حفيظة القيادة الروسية.                                                             

لقد تحدث الرئيس الروسي [ بوتين] بخطابه في مؤتمر ميونخ للسياسات الأمنية في الحادي عشر من شباط 2007 موجهاً فيه اتهامه الصريح للولايات المتحدة قائلاً:                                          
.{أن الولايات المتحدة تنشئ، أو تحاول إنشاء، عالم وحيد القطبية}
ثم عاد وفسر بوتين ما تعنيه هذه التسمية قائلاً:                    
ماذا يعني عالم وحيد القطبية بصرف النظر عن محاولاتنا لتجميل تلك العبارة، فإنها تعني العالم الذي يرتكز على وجود قوة واحدة تتحكم فيه، وتعني أيضا عالم له سيد واحد فقط،، وإن هذه التركيبة أدت إلى كارثة، مضيفاً أن الولايات المتحدة قد تعدت حدودها الوطنية في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والإنسانية، بل وفرضت نفسها على الدول الأخرى. إن الحروب الأهلية والإقليمية لم تتوقف، كما أن عدد الناس الذين يقتلون بسببها في ازدياد متصاعد. إننا لا نرى أي نوع من التعقل في استخدام القوة، بل نرى استخداما مستديما ومفرطا للقوة، وأضاف أن الولايات المتحدة قد خرجت من صراع لتدخل صراع آخر دون تحقيق أي حل شامل لأي منها.                                                                                

 وبحضور وزير الدفاع الأمريكي السابق [روبرت جيت] وعدد من نواب الكونجرس، دعا بوتين أمامهم إلى إعادة هيكلة نظام الأمن الدولي القائم حالياً بأكمله وقد وصف الأمين العام لمنظمة دول حلف شمال الأطلسي [الناتو] آنذاك السيد [جاب دي هوب شيفر] خطاب الرئيس بوتين بأنه مخيب للآمال وغير مجدي.                                                      .                                                           
أما السناتور الجمهوري الأمريكي [ جون ماكين ] الذي كان المرشح الرئاسي عن الحزب الجمهوري فقد رد بعنف على خطاب الرئيس بوتين قائلا:ً                                                                                    
{إن عالم اليوم ليس وحيد القطبية، وأن روسيا الاستبداديةّ هي التي تحتاج إلى تغيير في سلوكها، وأضاف قائلاً إن على موسكو أن تفهم أنها لا تستطيع أن تتمتع بمشاركة حقيقية مع الغرب طالما أن أفعالها في الداخل وفي الخارج تتعارض بشكل أساسي مع لب قيم الديمقراطيات إليورو- أطلسية، وادعى جون ماكين أن عالم اليوم هو بالفعل عالم متعدد الأقطاب، ولا يوجد مكان للمواجهات العديمة الجدوى لذا أتمنى أن يفهم الزعماء الروس هذه الحقيقة!}.                                             .                                                               
وبعد هذه المواجهة الكلامية بين بوتين وماكين تحدث بعض المشاركين
بالمؤتمر عن قيام حرب باردة جديدة، وقالوا إن خطاب بوتين يعد أحد الحركات التي دأبت روسيا على اتخاذها بصفة دورية للتعبير عن سخطها من تلاشي دورها الكبير الذي كان يلعبه الاتحاد السوفيتي في الخريطة السياسية للعالم.                                                                     .                                                                                                ولم تجرِالحرب التي شنها نظام شكاسفيلي في جورجيا بمعزل عن الخطط الأمريكية لتطويق روسيا، فما كان الرئيس الجورجي قادراً على الأقدام على غزو أوستيا الجنوبية لولا التحريض والتشجيع والدعم الذي تلقاه من الإدارة الأمريكية، لكن رد الفعل السريع والقوي من جانب روسيا اسقط في يد سكاشفيلي وحلف الناتو والإدارة الأمريكية التي عجزت عن تقديم الدعم الفعّال لجورجيا، بل لقد جاءت تلك الحرب المجنونة بنتائج كارثية على جورجيا، حيث قررت روسيا الاعتراف باستقلال إقليمي أبخازيا، وأوستيا عن جورجيا، دون أن يستطيع حلف الناتو والإدارة الأمريكية منع ذلك.                                                                    

                                                  .
إن روسيا التي بدأت تشعر يوماً بعد يوم بالجرح الذي أصاب كبريائها كدولة عظمى كانت تقف نداً للطغيان الأمريكي، وأخذت تتوجس من النوايا الأمريكية لتطويقها وتقزيم دورها في الشأن العالمي، والسعي لنصب الصواريخ النووية على حدودها بدعوى مجابهة الصواريخ الإيرانية، وباتت تدرك أن الهدف الحقيقي من الخطط الأمريكية هو روسيا بالذات، فقد عقدت القيادة الروسية العزم على التصدي لهذه الخطط مستعرضة قواها العسكرية، واستخدامها الفعلي في جورجيا، وتوجيه تهديد صريح لبولندا وجيكيا من مغبة التمادي في خدمة المخططات الأمريكية العدوانية بتوجيه الصواريخ الروسية نحو هذه البلدان، وتوجيه الضربات الأولى لها في حالة نشوء أي نزاع مسلح بين روسيا والولايات المتحدة.            

        
كانت الولايات المتحدة قد أسكرتها انتصاراتها في حرب العراق، وجعلتها تفقد توازنها، وباتت تتصرف كشرطي عالمي، وتتجاهل المنظمة الدولية ومجلس الأمن لتفرض على الشعوب ودول العالم مشيئتها، غير مدركة أن  ذلك لن يدوم إلى الأبد، فالمارد الصيني والمارد الروسي ينهضان لأخذ دورهما الفعّال في الشؤون الدولية، كما أن الهند باتت تشكل اليوم قوة كبرى، كما أن الاتحاد الأوربي بات دوره يتعاظم في الشأن الدولي، وفي بعض الاحيان يأخذ اتجاهاً استقلاليا عن المخططات الأمريكية.                  

ما أشبه اليوم بالبارحةحيث ما برحت الولايات المتحدة، بعد أن استطاعت ضم بولندا وبلغاريا ورومانيا إلى حلف الأطلسي، بل استطاعت ضم استونيا ولتوانيا ولاتفيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي إلى الحلف المذكورلأكمال حلقة تطويق روسيا، وبادرت لتشجيع القوى الفاشية في أوكرانيا، التي كانت قد انفصلت من الاتحاد السوفيتي على أثر انهياره، واحتفظت بعلاقات طبيعية مع روسيا، على اسقاط النظام القائم فيها سعيا إلى ضمها لحلفها العدواني لإكمال حلقة تطويق روسيا في ما سمي بالثورة البرتقالية، واستطاعت أن تنجح في مسعاها ولكن إلى حين.      

  لكن الانتخابات البرلمانية التي تلت ذلك التغيير في اوكرانيا اسقطت النظام الذي جاءت به الثورة البرتقالية، وفازت القوى التي تقف إلى جانب اعادة العلاقات مع روسيا إلى سابق عهدها، مما اثار غضب القيادة الأمريكية التي راعتها نتائج الانتخابات، وبدأت تعد العدة من جديد لإسقاط النظام الجديد في أوكرانيا بالقوة مستخدمة القوى الفاشية المسلحة التي استطاعت اسقاط النظام في ثورتها المضادة والاتيان بنظام فاشي موالٍ لهاعلى المكشوف ويدعو إلى ضم اوكرانيا إلى حلف الناتو.                 .

 كان من نتائج ذلك الانقلاب الدموي المدعوم من قبل الولايات المتحدة أن ردت شبه جزيرة القرم التي تظم القاعدة البحرية الروسية في البحر الأسود معلنة انفصالها عن اوكرانيا، واجراء انتخابات برلمانية فيها، وقرر برلمانها المنتخب الانظام إلى روسيا.                          .                                                       

 كما اشتعلت الحرب الأهلية في المنطقة الشرقية من أوكرانيا ذات الأغلبية الروسية التي أعلنت انفصاله، و قيام جمهوريتي لوكانسك ودوباس مطالبين بالحكم الذاتي، ورغم كل الجهود التي بذلت في مؤتمر منسك لحل النزاع القائم شرق اوكرانيا وإيقاف العمليات الحربية، فما زالت حكومة اوكرانيا، بتحريض من الولايات المتحدة، ترفض تطبيق الاتفاقية لحل النزاع سلميا، وما زالت الولايات المتحدة ترسل السلاح إلى حكومة أوكرانيا، وتفرض العقوبات على روسيا بالاشتراك مع دول الاتحاد الأوربي، تلك العقوبات التي اضرت بالاقتصاد الروسي والدول الغربية على حد سواء، وقد ظهرت بوادر وضجر وتململ من سياسة الولايات المتحدة التي سعت إلى تمديد أمد العقوبات، ومطالبة المانيا وفرنسا وإيطاليا لحكومة أوكرانيا وروسيا بتنفيذ اتفاقية منسك حيث اضرت العقوبات الروسية بالمقابل اقتصاد هذه الدول.                              .                                                                            

ولا شك أن من حق الحكومة الروسية أن تحمي بلادها مما تراه عملية تطويق وتهديد  من جانب الولايات المتحدة وحلف الناتو الذي قرر أخيرا نقل كميات كبيرة من الأسلحة، ونصب صواريخها الحربية في بولونيا ورومانيا وبلغاريا ودول البلطيق لتوانيا ولاتفيا واستونيا، وجاء الرد الروسي سريعا على لسان الرئيس الروسي بوتين الذي أعلن أن روسيا سترد بنشر الصواريخ الذرية الموجهة للدول التي قبلت بنشر الصواريخ الأمريكية الموجه ضد روسيا، مما يهدد بنشوب حرب باردة وسباق تسلح، وتهديد للأمن والسلام الدوليين.                                   .                                                    

إن اصرار الولايات المتحدة على السير بهذا الطريق الخطر  لتأكيد هيمنتها على مصير الدول والشعوب ستبوء بالفشل بلا أدنى شك، فالوضع العالمي اليوم يختلف عن ايام ما قبل الحرب العالمية الثانية حيث يمتلك الطرفان السلاح النووي القادر على فناء البشرية، فلا غالب ولا مغلوب في حرب ذرية، ولا بد من حل المشاكل الدولية سلميا وبموحب القانون الدولي، ولا بد أن تكف الولايات المتحدة  عن فرض ارادتها على الشعوب.                  .                                                                                                                                                                               سيغدو العالم بكل تأكيد متعدد الأقطاب، وستضطر الولايات المتحدة شاءت أم أبت إلى القبول بالواقع الجديد الذي يولد وينمو ويتعاظم دوره، وستضطر في نهاية المطاف العودة للمنظمة الدولية والالتزام باحترامها، وسيتم إصلاح المنظمة هذه لتواكب التطور الحالي في العالم اليوم بعد أن مضى على تأسيسها تطورات سبعون عاماً، ولاسيما وأن هناك دعوات بدأت تتصاعد لإصلاحها حتى من قبل أمينها العام من أجل أخذ دورها الفعّال في صيانة الأمن والسلام الدوليين، وخدمة البشرية بتكريس جهودها لمعالجة مسألة الفقر والبطالة المفرخة للإرهاب ورفع مستوى حياة الإنسان في الدول الفقيرة بدل توجيه الأموال الطائلة نحو الحروب والتسلح الذي لا يجلب إلا الخراب والدمار.                            .                                                                        

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب