عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

البعثيون والشيوعيون والبارتيون والجبهة الوطنية الحلقة الثانية


البعثيون والبارتيون والشيوعيون والموقف من الجبهة
حامد الحمدان   
 20 آب2004  

أحدث إعلان قيام الجبهة بين الحزب الشيوعي وحزب البعث تصدعاً في العلاقات بين قيادة الحركة الكردية والحزب الشيوعي ، فقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني   بزعامة السيد مصطفى البارزاني ،كانت قد أصيبت هي الأخرى بخيبة الأمل من سياسة البعثيين فيما يخص تطبيق اتفاقية الحكم الذاتي ،التي حُدد لتنفيذها مدة 4 سنوات .
وبالرغم من قيام حكومة البعث بتعين عدد من الوزراء الكورد في الحكومة ، وإجازة الحزب الديمقراطي الكردستاني ،وتوسيع مجال الدراسة الكردية ،وزيادة البرامج الكردية في إذاعة بغداد وتلفزيون كركوك ، وتشكيل وحدات حرس الحدود من قوات البيشمركة الكوردية ،إلا أن البعثيين قاموا ، وعلى النقيض من ذلك ،بأعمال لا تدل على الإخلاص لمبادئ اتفاق 11 آذار للحكم الذاتي ،فلقد لجأ البعثيون إلى محاولة تعريب محافظة كركوك  بإسكان قبائل عربية بغية تغيير طبيعتها الديمغرافية ، كما شجعوا المواطنين العرب من مختلف أنحاء العراق على السكن في كركوك ،وتعهدوا بمنح كل عائلة توافق على السكن هناك قطعة أرض مجاناً مع منحة مقدارها عشرة آلاف دينار لبناء دار عليها ، كما فعلوا نفس الشيء في خانقين ،وسنجار  والشيخان حيث قاموا بتشييد مجمعات سكنية أطلقوا عليها أسماء عربية لإسكان عشائر عربية فيها .
 وفي الوقت نفسه منع البعثيون المواطنين الكورد من بناء دور جديدة ،وحتى ترميم دورهم القديمة ،ووصل الأمر بهم إلى تزوير سجلات النفوس إحصاء عام 957 ، والتي تم الاتفاق على اعتمادها أساساً لإحصاء السكان .
وأخيراً أقدم البعثيون على اقتراف جريمة كبرى بحق الإنسانية بطردهم عشرات الألوف من الأكراد الفيلين من العراق ،ومصادرة أموالهم وأملاكهم ، بحجة كونهم من أصل إيراني .
وهكذا أخذت العلاقات بين الكورد وحكومة البعث تتباعد شيئاً فشيئاً حتى وصلت إلى أقصى درجات التقاطع ، وعدم الثقة في تطبيق البعثيين لاتفاقية آذار ،وبدا للقيادة الكوردية أن البعثيين غير جادين في اتفاقهم ،وأنهم يكسبون الوقت لتثبيت حكمهم ،وتوجيه ضربة جديدة للحركة الكوردية ،وجاءت محاولة اغتيال زعيم الحركة الكوردية  [ مصطفى البارزاني ]عام 971 ،لتهدم كل الجسور التي بناها الطرفان في 11 آذار 970 .
ولهذه الأسباب ،اعتبرت القيادة الكوردية أن دخول الحزب الشيوعي في جبهة مع حزب البعث ،في ذلك الوقت ضربة موجهة لهم ،وأخذوا يوجهون اللوم والانتقاد للحزب ،وتطور النقد على صفحات جريدة الحزب الرسمية [ خه بات ] في حين راح الحزب الشيوعي يحث القيادة الكردية على الانضمام للجبهة ،والنضال من خلالها ، إلا أن جهوده لم تثمر في هذا الاتجاه ،بل على العكس توترت العلاقات بينهما إلى درجة خطيرة ،وتصاعدت بسرعة إلى حد التصادم المسلح بين الحزبين في كردستان ، وشنت صحافة الحزبين حملات إعلامية ساخنة على بعضها البعض ،ووصل الأمر  إلى قتل 12 من كوادر الحزب الشيوعي في منطقة زاخو ، مما صعد الصراع بين الطرفين ، ولعب حزب البعث دوراً كبيراً في إذكاء الصراع ، وتسعير نيران الاشتباكات بين الطرفين في كردستان .
وفي آذار 1974 قام عملاء السلطة بتفجير سلسلة من القنابل في مدينة أربيل ، مما جعل إمكانية تلاقي القيادة الكردية وحكومة البعث بعيد المنال .
وعند انتهاء فترة السنوات الأربع المحددة لتطبيق الحكم الذاتي ،كان التباعد في وجهات نظر الطرفين حول تطبيق اتفاقية 11 آذار قد تباعدت كثيراً ،وأصرّ البعثيون على تطبيقها بالشكل الذي يريدونه هم ،ورفضت القيادة الكوردية فرض الحلول البعثية ،ولجأت إلى حمل السلاح مرة أخرى .
بدأ القتال من جديد ،وشن الجيش حرب إبادة ضد الشعب الكوردي ،مستخدماً الطائرات والدبابات  والصواريخ ،وكل الوسائل العسكرية المتاحة لديه،فدمروا مئات القرى ،وشردوا مئات الألوف من أبناء الشعب الكردي ،إضافة إلى عشرات الألوف من الضحايا . ففي إحدى الغارات الجوية على مدينة [ قلعه دز ] في 24 نيسان 974  قتل 134 مواطنا كردياً وأصيب 170 آخرين بجراح، وبسبب الغارات الجوية المتواصلة على كوردستان اضطر مئات الألوف من السكان إلى اللجوء إلى إيران ،فيما ألقت قوات الحكومة القبض على المئات من الكورد وجرى تعذيبهم وإعدام الكثير منهم.
دفعت تلك السياسة العنصرية الشوفينية القيادة الكوردية إلى التعاون والتنسيق مع أمريكا وإيران ،وانهالت عليهم الأسلحة والمعدات والتموين ،وجرى علاج جرحى البيشمركة في المستشفيات الإيرانية ،وقد أدى ذلك إلى اشتداد ضراوة القتال في كردستان ،ووقف الاتحاد السوفيتي إلى جانب الحكومة في صراعها مع الأكراد .
لم تستطع حكومة البعث القضاء على الحركة الكوردية إلا بعد توقيع صدام حسين وشاه  إيران اتفاقية الجزائر في 16 آذار 1975 ، وقدم صدام حسين الكثير من التنازلات لشاه إيران لكي يرفع يده عن الحركة الكوردية التي انهارت بسرعة مذهلة بعد توقيع الاتفاق بأيام ،واستسلمت معظم قوات البيشمركة لقوات الجيش ملقية سلاحها ،وهربت القيادة الكوردية إلى إيران ،وقامت حكومة البعث بنفي الألوف من أبناء الشعب الكوردي إلى المناطق الجنوبية من العراق وفي الصحراء!! ،وأفرغت مناطق الحدود من الوجود الكردي ،وجمعت المواطنين الكورد  في مجمعات سكنية إجبارية ، وهدمت جميع القرى القريبة من الحدود الإيرانية والتركية ،وكذلك جميع القرى المحيطة بمدينة كركوك ،ولقد شاهدت بأم عيني تلك القرى المحيطة بكركوك ،وقد بدت وكأن هزة أرضية شديدة ضربت المنطقة ، وتركت القرى الكردية أكواما من الأحجار .
كما زج البعثيون بعشرات الآلاف من المواطنين الكورد في السجون ،وجرى إعدام المئات منهم ،ومات في أقبية التعذيب ،في مديرية الأمن العامة ، وزنزانات هيئة التحقيق الخاصة في كركوك والموصل ودهوك والسليمانية وأربيل المئات منهم . وتحول الألوف من الشعب الكوردي من عناصر منتجة  إلى عناصر مستهلكة بعد أن تركت مزارعها ومواشيها ، وانهار اقتصاد كردستان .
لم يهدأ الشعب الكوردي على الضيم الذي ألحقه البعثيون بهم ، فلم يكد يمضِ عام واحد على انهيار الحركة الكردية عام 975 حتى بادروا إلى حمل السلاح من جديد ضد سلطة البعث ،وشن البعثيون حرباً جديدة في كردستان بشراسة منقطعة النظير.
لقد كان من نتائج التصادم بين الحزب الشيوعي والقيادة الكوردية أن خسر الحزب الشيوعي أغلب مواقعه في كردستان ،حيث قامت القيادة الكردية بتصفية نفوذ الحزب هناك بقوة السلاح .

نهاية الجبهة الوطنية :

لم يكد البعثيون يصفون الحركة الكردية ، بعد تفاهمهم مع شاه إيران ،وعقد اتفاقية الجزائر ،حتى بدءوا يشعرون أن مراكزهم في السلطة قد أصبحت قوية ،وراحوا يتصرفون وكأن الجبهة غير موجودة ،وتوضح هدفهم الحقيقي من قيام الجبهة ولم يتحملوا وجود شريك لهم في السلطة ،حتى ولو كان ضعيفاً ،بل لم يتحملوا حتى صدور صحيفة علنية للحزب الشيوعي ،أو القيام بنشاط جماهيري للحزب وهم الذين جاءوا بالأساس يوم 8 شباط 963،وعند عودتهم إلى الحكم في عام 968 ،لتصفية الحركة الشيوعية في العراق .
لقد بدأت المضايقات والاعتقالات تتصاعد ضد أعضاء الحزب ،وجرى اغتيال العديد من قادته ،وكوادره ،عن طريق الصدم أو الدهس بالسيارات،أو إطلاق الرصاص ، مدعين بأنها حوادث مؤسفة !!! وتقيّد ضد مجهول !! وكان من بين القياديين  الذين استشهدوا بهذه الطريقة كل من ستار خضير ،ومحمد الخضري ،ومحمود مفيد ، كما بدأت صحف البعث تتعرض للحزب الشيوعي وتوجه حملاتها ضده ،وأصبح الحزب أمام وضع صعب للغاية ،وكانت اللقاءات بين الحزبين تدور كلها تقريباً حول التجاوزات التي يعاني منها رفاق الحزب ،ولم تعد الجبهة سوى حبراً على ورق .
أدرك الحزب الشيوعي بعد فوات الآوان أن هناك مخططاً بعثياً لتوجيه ضربة جديدة ،وموجعة له ،وبدأ يرتب أوضاعه للعودة إلى العمل السري ، وتشديد الصيانة ، وخاصة بالنسبة للقيادة والكادر ،وغادر العديد من قادة الحزب العراق هرباً من بطش البعثيين بعد أن تأكد لهم أن الحملة البعثية ضد الحزب قد باتت وشيكة !! .
وحدث الذي كان بالحسبان ،وشنّ البعثيون عام 1978 حملة واسعة النطاق لاعتقال ما أمكن من قيادات وكوادر الحزب وأعضائه في كافة أنحاء البلاد ،لكن معظم أعضاء القيادة كان قد أفلت من الاعتقال ،وهربت إلى خارج العراق ،واختفى البعض الأخر ليقود الحزب ،في ظل ظروف العمل السري البالغة الصعوبة ، بينما وقع في أيدي البعثيين أعداد كبيرة من أعضاء الحزب ،حيث جرى تعذيبهم بأبشع الأساليب والوسائل لأخذ الاعترافات منهم حول تنظيمات الحزب ،وكان من بين القياديين المعتقلين ،الدكتور [ صفاء الحافظ ] و الدكتور [ صباح الدرة ] ، وعائدة ياسين اللذين أختفى أي اثر لهم منذُ ذلك العام وحتى يومنا هذا ،والمعتقد أنهم قد قضوا تحت التعذيب .
كما قامت السلطات البعثية بكبس مقرات الحزب ،وصحيفته [ طريق الشعب ] ، وصادرت كل الوثائق الموجودة هناك ،كما صادرت مطبعة الحزب ،وجرى جمع كافة الكتب الماركسية ،والتقدمية من الأسواق ،ومن الدور التي داهمتها قوى الأمن وتم إحراقها ،وجرى إعدام العديد من رفاق الحزب ،ومات تحت التعذيب أعداد أخرى ،وزج البعثيون بالسجون بالآلاف من أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي .
وبعد أن أكمل الفاشيون البعثيون حملتهم ضد الحزب الشيوعي التفتوا إلى حزب الدعوة الإسلامية ،حيث شنوا حملة شعواء ضد أعضاء الحزب ومناصريهم ،وأصدروا قانوناً يحكم بالإعدام على كل من أنتمي لحزب غير مجاز ،وقاموا بتصفية معظم المعتقلين تحت التعذيب بتهمة الانتماء للحزب ،وكان من بين من جرت تصفيتهم ، العلامة البارز الشهيد [ باقر الصدر ] والشهيدة شقيقته بنت الهدى ،وامتلأت السجون والمعتقلات بالشيوعيين وأعضاء ومناصري حزب الدعوة ،وهكذا لم يبقَ حزب سياسي يمارس نشاطه على الساحة سوى حزب البعث ،وبدا الوضع قد استتب لهم وحدهم للانفراد بالساحة ، وبدأوا يتطلعون إلى الهيمنة خارج الحدود بعد أن بنوا قوة عسكرية كبيرة وتسلحوا بمختلف أنواع الأسلحة من الشرق والغرب فأقدموا على مهاجمة إيران  مشعلين حرباً ضروساً استمرت 8 سنوات  ،وأزهقت أرواح أكثر من مليون إنسان من الطرفين ، واستنفذت كل موارد العراق واحتياطاته من العملة الأجنبية ، بل وأغرقت العراق بالديون بمئات المليارات .
ولكي يخرج النظام البعثي الفاشي من وضعه الاقتصادي المنهار أقدم على جريمة كبرى أخرى بغزوه الكويت وتدميرها ونهب ممتلكاتها العامة والخاصة وذبح أبنائها ، فكانت النتيجة قيام حرب الخليج الثانية التي انتهت كما يعلم الجميع بكارثة كبرى ، وتحطمت أحلام الدكتاتور صدام حسين في بناء إمبراطوريته في الخليج ، وتم سحق الجيش العراقي وتجريده من كل أسلحة الدمار الشامل ، وتم فرض الحصار الظالم على الشعب العراقي دام 12 عاماً ذاق خلالها الأمرين ، ولم يرفع الحصار حتى إسقاط نظام البعث الفاشي في 9 نيسان 2003 على أيدي القوات الأمريكية والبريطانية ، وتخلص الشعب العراقي من أبشع نظام فاشي دموي عرفه العالم طيلة النصف الثاني من القرن العشرين .

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب