عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

أمريكا والمأزق العراقي الراهن

حامد الحمداني

 
لم يكن أحداً يحمل ذرة من الوطنية الصادقة يتمنى أن يرى وطنه العراق الحبيب محتلا ً من قبل الجيوش الأمريكية والبريطانية ،ولا أية جيوش أخرى ،ونحن الذين حاربنا الاستعمار عقوداً عديدة ،وخضنا معارك الحرية في صفوف أبناء شعبنا من أجل تخليص الوطن من الهيمنة البريطانية ، وتحملنا صنوفاً من القهر والسجون والتعذيب والتشرد في المنافي ،والغربة عن الوطن والأبناء والأحفاد لينتهي بنا المطاف إلى الاحتلال الأمريكي ،الدولة العظمى في العالم أجمع وحليفتها بريطانيا .

لقد دعونا الولايات المتحدة وسائر الدول الكبرى المهيمنة على مجلس الأمن للضغط على جلاد العراق صدام حسين بتفعيل القرار رقم 688 ،وجعله تحت البند السابع من أجل إجبار الدكتاتور على تنفيذ بنود القرار المذكور لإتاحة الفرصة لشعبنا لكسر اليد الفولاذية لصدام حسين وزمرته المجرمة ،والعمل على إجراء تحول سلمي في البلاد ،وإزاحة الدكتاتورية ،وإقامة نظام حكم ديمقراطي عن طريق إجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة ،وكان شعبنا على ثقة كبيرة أن النظام الصدامي لن يفوز في أية انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة ،بالنظر لجرائمه البشعة بحق أبناء شعبنا ،والتي تكشفت لكل ذي بصر وبصيرة لهول بشاعتها التي يعجز القلم عن وصفها .

وعندما بدأت تكشفت الخطط الأمريكية بشن الحرب على العراق وإسقاط النظام الصدامي ،وبدأت بالفعل بحشد جيوشها دعونا عبر وسائل الإعلام المتاحة كافة إلى خروج صدام حسين وزمرته من السلطة ومغادرة العراق ، وتسليم السلطة بصورة مؤقتة إلى الأمم المتحدة لكي تقوم بإجراء انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف المنظمة والعديد من الشخصيات العالمية المشهود لها بالنزاهة والأمانة ،وتجنيب العراق وشعبه من ويلات حرب مدمرة ، ومن مصائب الاحتلال .


لا الشعب العراقي كان قادراً على إسقاط النظام الصدامي الفاشي ،المدعوم بأجهزته القمعية والأمنية والمخابراتية ،والغارق في الجرائم البشعة ، والمغتصب لحقوق وحريات وثروات الشعب ،والذي استخدم القتل وسيلة وحيدة لبقاء حكمه البشع ،بلا قانون ،ولا محاكم ،ولا دليل فيكفيه الشك ،أو تقريراً من أحد الحزبين أو أجهزته القمعية لقتل ليس المتهم فقط بل وأفراد العائلة كافة في الكثير من الأحيان ،وهو النظام الوحيد بالعالم الذي يعاقب حتى الدرجة الرابعة من القرابة !!!.


ومن جهة أخرى لم يكن بمستطاع الدول الكبرى الأخرى ،ولا مجلس الأمن ثني الولايات المتحدة عن مشروع الحرب على العراق ،فالشعب العراقي والحالة هذه لم يكن في مقدوره منع الحرب .


وفي تلك الأيام التي سبقت الحرب كنت قد كتبت مقالاً بعنوان [ خياران أحلاهما مُر] ،فبقاء صدام ونظامه الفاشي مصيبة ،والحرب والاحتلال وما يسببه من ويلات ومآسي وخراب ودمار مصيبة أخرى ،وأكدت شأني شأن الكثير من الكتاب والسياسيين على دعوة صدام ونظامه للرحيل ،وفي مقال ثانٍ بعنوان [ قبل أن يفوت الأوان ] مؤكداً على نفس الموضوع ،فقد كنت ،وكل أبناء شعبنا ندرك ما سوف يحل بالعراق من خراب ودمار ،وما سوف يعانيه شعبنا جراء الحرب .


لكن صدام أصم أذنيه عن سماع كل الدعوات ،ومن أطراف عديدة ،كان من بينها دعوة الشيخ زايد رئيس دولة الإمارات العربية في الجامعة العربية ، وأصر على التشبث بالسلطة وهو يدرك كل الإدراك أن ليس بمقدور جيشه وفدائييه القتلة المجرمين مقابلة الجيوش الأمريكية ،وأن أي جيش لا يملك غطاءاً جوياً ينتهي بدماره .


لقد أراد صدام تدمير حضارة العراق ،وتحطيم بنيته التحتية،والإمعان في تعذيب وإفقار شعبه .


ووقعت الحرب في العشرين من آذار ،وتهاوى جيش صدام ،واحتلت بغداد في التاسع من نيسان ،فلا الجيش حارب دفاعاً عن نظام القتلة ولا الشعب قاوم الاحتلال فقد كان يريد الخلاص من النظام الذي نكل به ابشع تنكيل ، وانتفاضة الأول من آذار 1991 خير دليل على عزلة وكراهية ذلك النظام .


ودخلت الجيوش الأمريكية والبريطانية مزهوة بالنصر ،واستحصلت أمريكا قراراً من مجلس الأمن يعتبر قواتها قوة احتلال ،وعينت حاكماً أمريكياً هو السيد [ كاردنر ] ،وبسبب فشله في إدارة العراق استبدلته بالسيد [ بول بريمر ] الذي اتخذ قرارات فيها الكثير من الاستعجال وأوقعته في أخطاء كبيرة ،كان أولها أسلوب حل الجيش ،والشرطة ووزارة الدفاع ووزارة الأعلام مما أوقع البلاد بفراغ أمني خطير فعملت الأيدي المجرمة نهباً وحرقاً وتخريباً وسرقة ،وكأنما هذه أملاك شخصية لصدام حسين وليست ملك الشعب ،وأن صدام وحكمه قد زال .


وفي بداية الأمر توارى أعوان صدام وكافة أجهزته الأمنية وفدائييه عن الأنظار،وما أن أعلن السيد بريمر إلغاء حكم الإعدام ،ووجدت هذا التراخي لملاحقة عصابة القتلة حتى أخرجت رؤوسها من جحورها ،وبدأت تعمل تخريباً وتدميراً ،وتشيع الفوضى في كل مكان ،وانعدم الأمن وانتشر الرعب والخوف بين الناس ،حيث لا وجود لقوات حفظ الأمن ،ومما زاد في الطين بلة أن طاغية العراق كان قد وزع قبل نشوب الحرب 8 ملايين قطعة سلاح على أعوانه ممن يسمون بفدائيي صدام ،وجيش القدس ،والأجهزة الأمنية والحزبيين ، ناهيك عن الأسلحة التي تركها الجيش وهرب ، مما سهل على المجرمين امتلاك السلاح ،والتمادي في جرائمهم التي أخذت تتحول إلى مهاجمة قوات الاحتلال ،وتخريب البنية التحية للعراق.


واضطرت الولايات المتحدة بعد الضغوط التي مارستها الأحزاب التي كانت في المعارضة على تكوين مجلس الحكم الذي ضم طيفاً من جميع القوميات والطوائف والأحزاب السياسية ذات التأثير في الساحة العراقية .


واستطاع المجلس تشكيل حكومة من شخصيات متخصصة ، لكن هذا المجلس ومجلس الوزراء لم يتم منحهما الصلاحيات اللازمة لإدارة شؤون البلاد ،وخاصة الشؤون الأمنية ،فالقوات الأمريكية والبريطانية وحلفائهما لا يدركون طبيعة الشعب العراقي ،وظروف البلاد ولغة أهلها، مما عمق في المشكلة الأمنية ، بل وتفاقمها ،حيث انعكس سلباً على أحوال الشعب العراقي وتدهور أوضاعه الاقتصادية وفقدان شعوره بالأمن.


ومما زاد في الطين بلة حل الجيش بذلك الأسلوب الخاطئ وترك أكثر من نصف مليون منتسب ، ناهيك عن أفراد عوائلهم مما يرفع العدد إلى الملايين دون عمل ،مما دفعهم على حمل السلاح والقيام بأعمال تخريبية بالإضافة إلى مهاجمة قوات الاحتلال .


أن هذه الظروف التي خلقها النظام الصدامي ،وساعد في تفاقمها أسلوب الحاكم المدني الخاطئ في معالجة مشاكل البلاد هي التي أوصلت البلاد إلى هذه الحال .


وما لم يتم معالجة الأمر عن طريق منح مجلس الحكم صلاحيات واسعة لإدارة شؤون البلاد ،وأخص بالذكر القضية الأمنية ،ومعالجة مسألة البطالة المخيفة ، فإن الأزمة العراقية سوف تتفاقم يوماً بعد يوم .


أن مجلس الحكم والحكومة العراقية ليسا قاصرين عن إدارة شؤون البلاد إذا ما أتيحت لهم الفرصة ،وتم منحهما الصلاحيات اللازمة لمعالجة المشاكل الملحة .


إن بالإمكان إعادة الجنود والعرفاء ونواب العرفاء وحتى الضباط من صغار الرتب من الجيش العراقي ـ عدا الحرس الجمهوري الخاص ـوإعادة تأهيلهم واستخدامهم في حفظ الأمن والنظام ،وحتى في جهاز الشرطة ، والعمل على تشكيل مليشيا تابعة لمجلس الحكم في كل مدينة وقضاء وناحية وقرية ومحلة هو السبيل لكشف وملاحقة وإلقاء القبض على القتلة والسراق والمخربين من أعوان النظام المقبور وتسليمهم إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل والتخلص من شرورهم .


وعلى سلطة الاحتلال أن تعمل بأقصى ما يمكن على تقصير فترة الاحتلال وإجراء انتخابات برلمانية حرة ونزيهة،وتشكيل حكومة دستورية ،وسحب كافة القوات الأجنبية من البلاد بأقرب وقت ممكن .


إن إطالة أمد الاحتلال تحت أي عذر كان لا يمكن أن يخدم لا الشعب العراقي ولا مصالح الولايات المتحدة وبريطانيا، وهو بكل تأكيد سيعمق من الأزمة الراهنة ،ويطيل من معانات شعبنا ،والحل الوحيد هو في الإسراع في تكوين الأجهزة الأمنية والجيش الجديد ومنح مجلس الحكم كافة الصلاحيات الأمنية ،والعمل على معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردية ومعالجة البطالة ،وتهيئة المناخ المناسب والآمن للاستثمارات الأجنبية من أجل إعادة بناء البنية التحتية للاقتصاد العراقي المنهار،وتأمين الحياة الكريمة لشعبنا .

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب