عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

نوري السعيد رجل المهمات البريطانية الكبرى - كتاب في حلقات (5)

حامد الحمداني
 1/9/2008



أولاً: وفاة الملك فيصل الأول في ظروف غامضة:


في الأول من أيلول 1933،وصل الملك فيصل إلى العاصمة السويسرية برن ] طلباً للاستشفاء، وكان الإعياء بادياً عليه، حيث نزل في فندق[bellevue] المطل على نهر[ الآر]،وهناك بدأ الملك رغم وضعه الصحي المتعب يستقبل مراسلي الصحف، والعديد من الأصدقاء، ويدلي بتصريحاته محاولاً الرد على الدعايات المضللة الموجه ضده، وضد العراق وحكومته على أثر الأحداث التي رافقت ثورة الآشوريين.


كان القلق والانفعال باديين على وجه، وتميزت تصريحاته بشدة اللهجة وكان يضرب بيده على الطاولة بقوة وهو يتحدث مع الصحفيين، فقد كان قد تلقى سيلاً من التهديدات من الحكومة البريطانية بسبب قمع الحكومة العراقية، ونائب الملك [الأمير غازي] للحركة الآشورية، وقد طالبته الحكومة البريطانية بالعودة فوراً إلى بغداد، وأخذ زمام الأمر بيده وإلا فسوف يتعرض لنتائج وخيمة!!، وهذا نص آخر إنذار وجهته وزارة الخارجية البريطانية إليه:


{ إن استمرار الحركات العسكرية ضد الآشوريين، وإصرار الحكومة على موقفها، وعدم إصغائها لأوامر جلالتكم، قد أحدث تأثيراً سيئاً لدى الرأي العام البريطاني وغيره، ولذلك فإن لم تعودوا فوراً إلى العراق وتقبضوا بنفسكم على زمام الأمور، فان الحكومة البريطانية ستضطر إلى إعادة النظر في علاقاتها العهدية مع العراق }. (1)


قضى الملك فيصل 3 أيام على تلك الحال وهو يزداد تعباً، وتزداد صحته تردياً. و في 7 أيلول أُصيب الملك بالآم حادة في بطنه، وحضر طبيبه الخاص على عجل، وتم حقنه بحقنة تحت الجلد، حيث أحس بنوع من الراحة.


غير أن صحته تدهورت،عند منتصف الليل، وقد حضر إلى غرفته كل من [نوري السعيد ] و[رستم حيدر] و[تحسين قدري]،حيث وجدوه وهو في حالة خطيرة يلفظ أنفاسه الأخيرة، وكان آخر ما قاله:


{ أنا مرتاح، قمت بواجبي، وخدمت الأمة بكل قواي، ليسر الشعب بعدي بقوة واتحاد}. ثم شهق شهقة الموت. (2)


وعلى الفور طّير[ نوري السعيد] و[رستم حيدر] برقية إلى الحكومة في بغداد وجاء فيها :


{ فجعت الأمة العراقية،عند منتصف الليل بوفاة سيدها وحبيبها جلالة الملك فيصل، وذلك نتيجة نوبة قلبية}!!.


وخرج التقرير الطبي بان الوفاة ناجمة عن انسداد الشرايين، وقد أثار هذا الأمر الاستغراب في وقته، حيث أن هذا الأمر لا يحدث عادة إلا عند المتقدمين في العمر، والملك لم يكن قد بلغ الخمسين عاماً من العمر.


وتم نقل جثمان الملك إلى بغداد في 14 أيلول حيث تم تشيعه في موكب رسمي، ودفن في المقبرة الملكية في الأعظمية.






ثانياً : الشكوك تدور حول بريطانيا ونوري السعيد:


ثارت الشكوك حول السبب الحقيقي للوفاة، حيث ذكر التقرير الطبي كما أسلفنا هو انسداد الشرايين، وانسداد الشرايين كما هو معروف يسبب آلاماً شديدة في الصدر، في حين أن الملك كان قد شعر في تلك الليلة بالآم حادة في البطن، وليس في الصدر، وعليه فقد كان هناك شك كبير في أن السبب الحقيقي للوفاة هو التسمم، وقيل أن الإنكليز ونوري السعيد هم الذين كانوا وراء العملية.


ومما زاد في تلك الشكوك ما جاء في الوثائق البريطانية مؤخراً عن تصريح للسفير البريطاني [ هيمفريز]الذي جاء فيه :


[ إن جعفر العسكري ونوري السعيد اتفقا على أن لا يتحملا أية مسؤولية في المستقبل إذا لم يطرأ تغيير كامل على نفسية الملك فيصل، وأن نوري السعيد مصر على أن لا يتقلد الحكم ما دام فيصل على العرش وأنه لا يمكن للعراق أن يتقدم على عهد ولي العهد [ الأمير غازي ]، فلابد إذا من تغيير نظام الوراثة ليكون [الأمير زيد ] ملكاً بعد وفاة أخيه الملك فيصل ] . (3)


وبوفاة الملك فيصل، اختفت فوراً مذكراته الخطيرة، ولم يعد أحد يعرف عنها شيئاً، وكل الشكوك كانت تشير إلى أن وراء عملية الاختفاء تلك كان نوري السعيد.






ثالثاً: نوري السعيد يحاول إبعاد الأمير غازي عن المُلك:


وعلى أثر وفاة الملك فيصل، حاول نوري السعيد إقناع رئيس الوزراء [رشيد عالي الكيلاني ] و[ رستم حيدر] وزير الاقتصاد والمواصلات، والمقرب جداً من العائلة المالكة استبعاد الأمير غازي عن تولي الملك بصفته ولياً للعهد، ودعوة [ الأمير زيد ] لتولي الملك، بدعوى أن الأمير غازي متخلف عقلياً، ولا يصلح لتولي الملك، لكن الكيلاني رفض رفضاً قاطعاً محاولات نوري السعيد، وأجرى على عجل مراسيم تحليف الأمير غازي اليمين القانونية أمام مجلسي النواب والأعيان، و جرى تتويجه رسمياً مساء يوم 8 أيلول 1933 ملكاً على العراق، وبذلك اسقط في يد نوري السعيد.(4)


وبمناسبة تسلم الملك غازي سلطاته الدستورية، وحسبما ينص الدستور، قدم السيد رشيد عالي الكيلاني استقالة حكومته إلى الملك الذي قبل بدوره الاستقالة، وكلفه من جديد بتأليف الوزارة الجديدة.






رابعاً: اضطراب الأوضاع في عهد الملك غازي


أحدثت وفاة الملك فيصل الأول اختلالاً خطيراً في التوازن السياسي القائم في البلاد، وقد أدت تلك الظروف إلى تفاقم التنافس السياسي بين أولئك الضباط الشريفيين المخضرمين، ومحاولة كل واحد منهم الوصول إلى سدة الحكم مستخدمين البرلمان تارة وتحريك العشائر تارة أخرى، ووصل بهم الأمر إلى حد استخدام الجيش من أجل تحقيق مآربهم.(5)


وقد وجد[ نوري السعيد] الفرصة السانحة لتوسيع نفوذه في إدارة شؤون البلاد، وسعى بكل جهوده للهيمنة على المسرح السياسي. فقد حاول السعيد بدعم من صهره وحليفه[ جعفر العسكري ] بعد فشله في منع الملك غازي من تسلم سلطاته الدستورية إلى احتوائه والتأثير عليه لدرجة وصلت إلى حد التدخل في أموره الشخصية، وكان من بين تلك المسائل الشخصية تدخله في منع زواجه من ابنة السيد[ يسين الهاشمي ]، وفرض زواجه على[الأميرة عالية] شقيقة عبد الإله، وذلك عن طريق تحريض عمه [الملك عبد الله]الذي تدخل لدى الملك وحمله على الزواج منها، وكانت تلك الزيجة التي تمت في كانون الثاني 1934غير ناجحة، وانتهت بهجر الملك غازي لها حتى مقتله. (6)


حاول رشيد عالي الكيلاني حل البرلمان، وإجراء انتخابات جديدة تضمن له الأكثرية في المجلس، وتقدم بطلب إلى الملك غازي بهذه الرغبة، وتدخل نوري السعيد لدى السفارة البريطانية لمنع حل البرلمان، وسارع السفير البريطاني إلى توجيه تحذير إلى الملك غازي من مغبة الأقدام على حل البرلمان خوفاً من أن يأتي الكيلاني ببرلمان يضم أكثرية من الإخائيين. (7)


كما حذر الملك[ عبد الله] ابن أخيه الملك غازي من الأقدام على هذه الخطوة، وجاء ذلك في رسالة بعث بها إليه وجاء فيها: { إن عليك أن لا تحل المجلس تحت أي ظرف كان، وإلا ستظهر الحاجة إلى إعادة الانتخاب من جديد، وعندها ستواجه مخاطر الصراعات الحزبية }. (8)


وعليه فقد رفض الملك غازي طلب الكيلاني، وهكذا لم يكن أمام حكومة الكيلاني سوى تقديم استقالتها في 28 تشرين الأول 1933، وتم قبول الاستقالة في نفس اليوم .


لكن الملك آثر أن يبقي العلاقة مع الاخائيين، الذين عملوا معه جنباً إلى جنب، ، وعليه فقد كلف زعيمهم [ يسين الهاشمي] بتشكيل الوزارة الجديدة، لكنه اشترط عليه الإبقاء على المجلس النيابي الحالي .


لكن[يسين الهاشمي] رفض هذا الشرط، وبالتالي رفض قبول المنصب وجرى تكليف السيد [جميل المدفعي ] بتأليف الوزارة الجديدة.


ورغم أن الملك لم يكلف نوري السعيد بتشكيل الوزارة، وعهد بها إلى السيد [جميل المدفعي ] إلا أن السعيد شغل منصب وزير الخارجية، ووزير الدفاع وكالة في تلك الوزارة، وبذلك هيمن على أخطر وزارتين فيها مما يؤكد مدى تأثيره على إدارة الشؤون العامة للبلاد. (9)


لقد تميزت الأوضاع العامة للبلاد على عهد الملك غازي بالاضطراب فقد حدث تمرد للعشائر في مختلف المناطق، وكان دور السياسيين في حدوثها وإذكائها بارزاً، من أجل تحقيق أهداف وغايات سياسية شخصية لا تمت إلى مصلحة البلاد، وقد استطاعت تلك الحركات إسقاط وزارتين متعاقبتين في خلال فترة وجيزة. وقد أكد السيد [ توفيق السويدي ] على دور السعيد في تأييد تلك الحركات حيث يقول :


[ إن نوري السعيد وإن لم يكن قد اشترك اشتراكاً فعلياً في تلك الحركات العشائرية إلا أنه كان يؤيدها، وقد انتقد استخدام القوة لقمعها ]. (10)


ويقول اللورد بيرد وود:


{ إن نوري السعيد وإن كان وزيراً للخارجية إلا أنه لا يستبعد تأييده لتلك الحركات بدليل عدم موافقته على استخدام القوة لقمعها، وهو وإن كان قد اشترك في الوزارتين إلا أنه كان من أشد المعارضين لها، إذ أنه كان يشعر أنه أحق من[جميل المدفعي] و[علي جودت الأيوبي] برئاسة الوزارة، وكان يأمل في تطور الأحداث الجارية لكي تلجأ إليه السفارة البريطانية، والطلب من الملك غازي لتكليفه بتأليف الوزارة. (11)


وعندما استقالت حكومة المدفعي نتيجة للخلافات داخل مجلس الوزراء كلف الملك غازي رئيس الديوان الملكي السيد[علي جودت الأيوبي] بتأليف الوزارة التي دخلها نوري السعيد كوزير للخارجية. ولما شغر منصب رئاسة الديوان الملكي حاول السعيد ترشيح صهره [جعفر العسكري] لتولي المنصب، إلا أن الملك غازي رفض الترشيح وعيّن [رستم حيدر] رئيساً للديوان.


أعتبر الشعب العراقي هذه الوزارة امتداداً للوزارة السابقة، وهاجمتها المعارضة بشدة، وقد وزعت في ذكرى تتويج الملك غازي، في 8 أيلول 1934 منشورات تندد بالحكومة وبالملك الذي حملته مسؤولية سوء الأوضاع الاقتصادية، مما أثار جزع الحكومة، التي حاولت من دون جدوى معرفة مصدر تلك المنشورات، وقد لجأت إلى إغلاق صحيفة الأهالي لمدة سنة، والمعتقد أن الحزب الشيوعي، الذي كان قد جرى تأسيسه في ذلك العام كان وراء تلك المنشورات، فقد شهدت البلاد نشاطاً واسعاً للشيوعيين في تلك الأيام، مما جعل الحكومة تشن حملة شعواء ضد العناصر المشتبه بهم، وإحالتهم إلى المحاكم بتهمة الانتماء لحزب غير مجاز.


اشتدت المعارضة ضد الحكومة من قبل عدد من الشخصيات السياسية وبعض رؤساء العشائر الذين استبعدتهم الحكومة من مجلس النواب وتداعوا إلى عقد اجتماع لقادة المعارضة في دار السيد حكمت سليمان، وقد حضر الاجتماع كل من [رشيد عالي الكيلاني ] و[ياسين الهاشمي ] والعديد من رؤساء العشائر،الذين كونوا حلفاً معارضاً للحكومة، وقد جرى انتخاب ياسين الهاشمي زعيماً لهم، ووضعوا لهم ميثاقاً تضمن الإخلاص للملك، والمحافظة على الدستور، وحل المنازعات بين العشائر دون الرجوع إلى الحكومة، وعدم جواز الاشتراك في الحكم دون موافقة القائمين بهذا الحلف. (12)
خامسا: مؤتمر للمعارضة في النجف:


أرادت المعارضة التي شكلت لها حلفاً في اجتماع الصليخ، الحصول على دعم رجال الدين، فدعت إلى عقد مؤتمر لها في النجف في 22 آذار 1935 بدار الشيخ [محمد حسين آل كاشف الغطاء ]،وقد حضر المؤتمر عدد كبير من الشخصيات السياسية الوطنية، ورؤساء العشائر والعديد من رجال الدين كان أبرزهم بالإضافة إلى السيد كاشف الغطاء كل من [عبد الواحد سكر ] و[جعفر أبو التمن ] و[محسن أبو طبيخ ] وكل من المحامين [ محمد أمين الجرجفجي ] و[ذيبان الغبان ] و[محمد عبد الحسين ] وعشرات غيرهم، وقد بلغ عدد الحاضرين أكثر من 200 شخصية سياسية ودينية، ورئيس عشيرة.


جرى في المؤتمر بحث السبل الممكنة لإجراء الإصلاحات في البلاد وصيانة الدستور من تلاعب الوزارات المتعاقبة على سدة الحكم ومعالجة مشاكل الشعب الاقتصادية، وكُلف المحامون [أمين الجرجفجي] و[محمد عبد الحسين] و[ذيبان الغبان] بوضع ميثاق لتجمع قوى المعارضة المجتمعين في هذا المؤتمر. كما تم الاتفاق على رفع مذكرة إلى الملك غازي تتضمن مطالب المعارضة، والتي ورد فيها المطالب التالية:


1ـ إلغاء التمييز الطائفي، وتمثيل جميع الطوائف في الإدارة والبرلمان.


2ـ تعديل قانون الانتخاب المعمول به على درجتين، وجعله على درجة واحدة منعاً للتأثيرات الحكومية على المنتخبين الثانويين، وضماناً لمصداقية الانتخابات ومنع التلاعب فيها.


3 ـ إدخال عضو من الطائفة الشيعية في محكمة تمييز العراق أسوة ببقية الطوائف الأخرى.


4 ـ إطلاق حرية الصحافة، ورفع كافة القيود المفروضة عليها، وحصر الأشراف عليها بالقضاء.


5ـ تطهير جهاز الدولة من العناصر الفاسدة والمرتشية، والمعروفة بسوء السلوك والسمعة .


6ـ مراعاة التوزيع العادل للخدمات الصحية، والثقافية وغيرها ،على كافة مناطق العراق.


7 ـ عدم التعرض لمن اشترك في الحركات الوطنية الحاضرة من أبناء الشعب والموظفين وأفراد الجيش والشرطة.


8 ـ إصلاح نظام إدارة الأوقاف.


9ـ تعديل وتعميم لجان تسوية حقوق الأراضي، والإسراع في تنفيذ قانون البنك الزراعي والصناعي .


10ـ إلغاء ضريبة الأرض والماء، واستبدال ضريبة [الكودة ] على المواشي بضريبة استهلاك.


11 ـ إلغاء القوانين التي تتعارض مع هذه المطالب. (13)


لكنّ عدداً من رؤساء العشائر انشق عن إجماع المؤتمرين ورفضوا التوقيع على المذكرة بدعوى أن المذكرة شديدة اللهجة وتتضمن مطالب تعجيزية من الحكومة، وغادروا الاجتماع، وبعثوا بمذكرة إلى الملك والى الوزارة أعربوا فيها عن تأييدهم للسلطة.


أدى ذلك المؤتمر والمذكرة المرفوعة للملك، إلى تصاعد الصراع بين الحكومة والمعارضة، وحاولت الحكومة توجيه ضربة للمعارضة، لكنها خافت من تمرد العشائر، فقد كادت الأمور تفلت من يد الحكومة، وتقع حرب بين العشائر والحكومة، وفي نهاية المطاف قدمت الحكومة الأيوبية استقالتها إلى الملك في 23 شباط 1935، وقد قبل الملك الاستقالة بعد يومين


وكلف الملك غازي السيد [يسين الهاشمي] بتأليف الوزارة الجديدة.


إلا أن الهاشمي اعتذر عن قبول التكليف بعد أن فرض الملك إشراك جميل المدفعي وعلي جودت الأيوبي في الحكومة، واستبعاد رشيد عالي الكيلاني الذي اتهم بإسقاط وزارتيهما عن طريق اتصالاته بالعشائر، ورفض الهاشمي شروط الملك، والتي هي من شروط السفير البريطاني حيث أشار السفير البريطاني على الملك تكليف السيد[ جميل المدفعي ] بتشكيل الوزارة الجديدة، واشترك السعيد في الوزارة كوزير للخارجية أيضاً. (14)
سادساً: ثورة العشائر في الفرات الأوسط :


جاءت وزارة المدفعي، وفي جوهر منهاجها اتخاذ الإجراءات لقمع المعارضة الشعبية والحزبية والعشائرية، وعلى ضوء ذلك قررت الحكومة تجريد حملة ضد العشائر التي وقفت ضد الحكومة السابقة، ونسقت جهودها مع المعارضة السياسية. كانت البلاد في حالة من الفوضى، فقد هاجت القبائل وتسلحت واستعدت لمجابهة حملة الحكومة، وقد تعطلت الزراعة، وتوقفت التجارة وانتشرت روح التمرد لدى العشائر، حيث وصل الأمر بهم إلى المطالبة بسقوط الوزارة الجديدة، وقامت قبائل [الأكرع ] باحتلال قلعة [الدغارة] الواقعة جنوب الحلة،على بعد 60 كم.


كما قامت مجموعات من قبائل[ الفتلة ] بزعامة عبد الواحد سكر بتخريب القناطر والجسور المقامة على الأنهر الفصلية وأبو صخير والشامية بغية قطع الطريق على قوات الحكومة.


وفي لواء ديالى قامت قبائل [ العزة ] التي يرأسها الشيخ حبيب الخيزران باحتلال [ منصورية الجبل ] في نفس اليوم، وبذلك اشتعلت ثورة العشائر في الديوانية وديالى.


وبالنظر لتطور الأوضاع بهذا الشكل الخطير دعا رئيس الوزراء أعضاء حكومته إلى اجتماع عاجل حضره مستشار وزارة الداخلية المستر [كرونواليس ]، ورئيس الديوان الملكي، حيث بحثوا التطورات الحاصلة واتخذوا قراراً بتجريد حملة عسكرية كبيرة لقمع تمرد العشائر، وصدرت الأوامر لقوات الجيش في 13 آذار 1935 بالتحرك فوراً، كما طلب رئيس الوزراء من السفير البريطاني دعم قوات الجيش بالطائرات الحربية البريطانية. (15)


لم تكدْ تتحرك قوات الجيش، وتظهر الطائرات البريطانية في سماء المنطقة حتى هبت قبائل المشخاب والشامية والرميثة وعفك والفتلة وغيرها من العشائر لدعم القبائل الثائرة مما أربك الحكومة وأقلقها كثيراً بسبب خطورة الموقف واحتمال تطوره.


لم يكن الجيش العراقي ذلك اليوم من القوة والتسلح لكي يتمكن من أداء المهام المناطة به، فقد كان يتألف من 15 فوجاً، ولم يكن يملك سوى أسلحة بسيطة غير متطورة، ولم يكن بمستطاع القوة التي دفعت بها الحكومة لقمع ثورة العشائر، ولذلك اضطرت إلى سحب العديد من الأفواج من الألوية الأخرى وزجتها في المعركة. كانت الحكومة متخوفة جداً من ثورة العشائر هذه، فقد كانت تختلف كل الاختلاف عن سابقاتها من الثورات، كثورة الشيخ محمود الحفيد في السليمانية، وثورة الآشوريين، ذلك لأن معظم جنود الجيش هم من العشائر، وكان خوف الحكومة من حدوث تمرد في صفوف الجيش وانضمام المتمردون إلى ثورة العشائر.


لجأت الحكومة بناء على نصيحة السفارة البريطانية إلى استمالة عدد من رؤساء العشائر من غير المنضمين إلى الثورة، ودفعهم للوقوف ضد العشائر الثائرة لكي تجعل الحكومة تلك الثورة وكأنها حرب أهلية بين العشائر، لكنهم فشلوا في الوقوف بوجه الثورة، واضطرت الحكومة إلى تعطيل مجلس النواب في 12 آذار، وذلك بغية منعه من مناقشة الأوضاع، هذا وقد وقف مجلس الأعيان ضد إجراءات الحكومة التي وصفها بالتهور، وعدم الحكمة. (16)


أما السيد [جعفر أبو التمن ] فقد كتب مقالة في صحيفة [المبدأ] حلل فيه تطور الأحداث، ودعا الحكومة إلى التزام جانب الحكمة، وعدم التهور وإنقاذ البلاد من المخاطر الجسيمة التي يمكن أن تتعرض لها إذا ما استمرت المجابهة. كما دعا إلى إجراء إصلاحات جذرية في البلاد ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية. (17)


كما استنكر المحامون لجوء الحكومة إلى القوة، ودعوا إلى حقن الدماء وحل المشكلة بالطرق السلمية، ودعوا إلى تأليف حكومة وحدة وطنية.


كما دعا الشيخ كاشف الغطاء إلى توقف حركات الجيش، وإجراء إصلاحات في البلاد، فيما دعا عبد الواحد سكر إلى استقالة الحكومة وتأليف حكومة جديدة تأخذ على عاتقها تهدئة الأوضاع، وتجري الإصلاحات اللازمة لمعالجة مشاكل الشعب.


انهالت البرقيات على الملك غازي تستنكر لجوء الحكومة إلى القوة وتطلب من الملك إقالة الوزارة، ومعالجة الأمور بحكمة وتروي، ووجد الملك أن سياسة الحكومة يمكن أن تؤدي إلى كارثة، ولذلك فقد طلب من رئيس الديوان الملكي أن يبلغ رئيس الوزراء رغبته في أن تقوم الحكومة بإعادة النظر في سياستها نحو العشائر الثائرة، والعمل على معالجة الأمر بحكمة وتروي، فلما بُلغ الأمر إلى رئيس الوزراء أدرك انه لا يمكنه الاستمرار في الحكم فسارع إلى تقديم استقالة حكومته في 15 آذار 1935، وتم قبول الاستقالة بعد يومين من تقديمها.
سابعا:تصاعد الثورة وتكليف يسين الهاشمي بتأليف الوزارة


كلف الملك غازي السيد[ يسين الهاشمي] بتأليف الوزارة الجديدة لكي تأخذ على عاتقها تهدئة الأوضاع بصورة سلمية، وبدأ الهاشمي مشاوراته لتأليف الوزارة الجديدة.


حاول الهاشمي إدخال حكمت سليمان في الوزارة، إلا أن حكمت أعتذر عن قبول المنصب استناداً لمقررات[مؤتمر الصليخ] مشترطاً موافقة رفاقه جعفر أبو التمن وكامل الجادرجي وعبد القادر إسماعيل، وبالفعل جرى الاتصال بهم، وتم الاتفاق على دخوله الوزارة، لكنه اشترط على الهاشمي إسناد وزارة الداخلية إليه مما سبب إحراجاً للهاشمي.


وحاول الهاشمي إدخال رشيد عالي الكيلاني في الحكومة، إلا أن الكيلاني اشترط إسناد وزارة الداخلية إليه أيضاً، مما دفع السيد الهاشمي إلى الاعتذار عن تشكيل الوزارة. ولما كانت الأوضاع خطيرة جداً، وتتطلب سرعة تشكيل الوزارة، اضطر الملك غازي إلى الطلب من الهاشمي أن يشكل الوزارة كما يرتئ، وهكذا تشكلت الوزارة التي دخلها رشيد عالي الكيلاني وزيراً للداخلية، في حين عين نوري السعيد وزيراً للخارجية، وجعفر العسكري وزيراً للدفاع. (18)


لم تكن السفارة البريطانية مرتاحة لمجيء وزارة يسين الهاشمي إلى الحكم بالنظر لمواقفه السابقة من معاهدة 1930 العراقية البريطانية، لكن الهاشمي طمأن السفير البريطاني قائلاً له:


{إن لدينا الآن صديقاً جديداً كان عدواً لنا من قبل }!!. (19)


كان من أولى المهام الملقاة على عاتق الحكومة معالجة مسألة ثورة العشائر، ولذلك فقد أصدرت بلاغاً وزعته على العشائر الثائرة بواسطة الطائرات تدعوها إلى الهدوء والسكينة، والعودة إلى مزاولة أعمالها واعدة إياها بإجراء الإصلاحات، وسحب القوات العسكرية إلى ثكناتها كما أرسلت الحكومة وفداً إلى رؤساء العشائر ضم رشيد عالي الكيلاني وزير الداخلية ونوري السعيد وزير الخارجية بغية إقناعهم بإلقاء السلاح.


لكن العشائر لم تقتنع بوعود الحكومة، وطالبوا باستقالة الوزارة، عاد الوفد الوزاري إلى بغداد دون أن يحقق شيئاً.


سارعت الحكومة إلى توجيه إنذار للعشائر الثائرة بإلقاء السلاح خلال 3 أيام وإلا لجأت إلى استخدام القوة العسكرية ضدهم.وهكذا تراجع رؤساء العشائر عن مواقفهم، وطلبوا إلى العشائر الثائرة إلقاء السلاح، لكن ذلك الحال لم يستمر طويلاً بل إلى حين، فقد كانت عوامل الثورة تفعل فعلها وكانت أبسط أزمة يمكن أن تشعل نار الثورة من جديد.
الجيش يقمع ثورة العشائر في الرميثة:


بسبب تلكؤ الحكومة في تنفيذ وعودها، ومماطلاتها في إجراء الإصلاحات التي التزمت بها،عاد التوتر يخيم من جديد على أجواء الوضع السياسي في البلاد، وجاء إقدام الحكومة على حل حزبها تمهيداً لإنهاء الحياة الحزبية في البلاد ليصاعد من حدة الأزمة، وتصاعدت الدعوات بين صفوف العشائر للثورة على الحكومة وإسقاطها.


فلما شعرت الحكومة بهذه التحركات لجأت إلى اعتقال أحد رموز المعارضة الدينية في النجف الشيخ [أحمد أسد الله] وأصدرت قراراً بإسقاط الجنسية العراقية عنه، ونفيه خارج العراق.


شاع خبر اعتقال الشيخ احمد وإسقاط الجنسية عنه وإبعاده عن البلاد وأدى ذلك إلى حالة من الهيجان في صفوف العشائر في ناحية الرميثة وتجمع المسلحون من أفرادها وهاجموا محطة القطار، وحاصروا سراي الحكومة وسيطروا على الناحية.


سارعت الحكومة إلى تجهيز حملة عسكرية للقضاء على الثورة بقيادة اللواء [بكر صدقي ] المعروف بقسوته، وتقدمت قواته على جبهتين ووجه بكر صدقي إنذاراً للثوار عن طريق منشورات ألقتها الطائرات على المنطقة بإلقاء السلاح خلال 24 ساعة، ولما انتهت مهلة الإنذار بدأ القصف الجوي العنيف على المنطقة، وأعلنت الحكومة الأحكام العرفية في المنطقة في 11 أيار 1935، وأعلنت منطقة الرميثة منطقة حرب، تسري عليها القوانين العسكرية.


وتقدمت قوات بكر صدقي نحو الرميثة بعد أن مهدت لتقدمها بقصف جوي ومدفعي، واستخدمت الحكومة عدد من العشائر الموالية لها في حربها ضد الثوار، وتم للجيش احتلال الرميثة في 17 أيار1935، بعد أن تكبد الطرفان خسائر كبيرة واستطاع الثوار إسقاط طائرة عراقية وقتل قائدها، كما اسقط الثوار طائرة عسكرية بريطانية أخرى وقُتل من فيها.






ثامنا : حكومة الهاشمي تصدر مرسوم الأحكام العرفية:


بعد أن تسنى لحكومة[ يسين الهاشمي] إخماد ثورة عشائر الرميثة سارعت إلى إصدار مرسوم الإدارة العرفية، وطبقت أحكامه على الثائرين، وكان ذلك المرسوم أسوأ إجراء اتخذته الحكومة، واعتُبر وصمة عار في جبينها، بالنظر إلى كونه قد أنتهك جميع الحقوق والحريات العامة التي نص عليها الدستور وجعلها حبراً على ورق، واستخدمته الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم منذُ ذلك التاريخ ولسنوات طويلة، لتنكل بخصومها والمعارضين لها، وبالنظر لخطورة ذلك المرسوم فقد وجدت ضرورة إطلاع القراء على نصه، ليقفوا على مدى انتهاكه للدستور وحقوق المواطنين.






نص مرسوم الإدارة العرفية :


الفصل الأول


المادة الأولى : يتألف المجلس العرفي العسكري من رئيس وأربعة أعضاء، على أن يكون الرئيس وعضوان منهم من الضباط العسكريين يعينون بإرادة ملكية بناء على اقتراح وزير الدفاع، والعضوان الآخران من الحكام العدليين يعينان بإرادة ملكية بناء على اقتراح وزير العدل.


المادة الثانية : يقوم بوظيفة الإدعاء العام في المجلس المذكور نائب الأحكام العسكرية، أو أي شخص آخر يعينه وزير الدفاع .


المادة الثالثة : على المجلس العرفي العسكري محاكمة الأشخاص الذين يحالون إليه لأجل المحاكمة من قبل قائد القوات العسكرية، أو المدعي العام.


المادة الرابعة : يباشر المجلس المحاكمة باستماع بيان المدعي العام الذي يتضمن خلاصة الجريمة المسندة، ثم يمّكن المتهم من إفادته الأولى ويستمع شهود الإثبات، ويمّكن المتهم من مناقشتهم، ويستمع إلى شهود الدفاع إن وجدوا، وما لم يرى المجلس أن الغرض من طلب سماعهم هو لغرض المماطلة، ويسمع دفاع المتهم ثم يصدر قراره.


المادة الخامسة: تجري المرافعة بصورة علنية، إلا إذا رأى المجلس ضرورة رؤيتها بصورة سرية.


المادة السادسة: تصدر القرارات باتفاق الآراء، أو بالأكثرية المطلقة.


المادة السابعة: يجب أن يستند القرار إلى مادة قانونية، وأن يحتوي على الأسباب المدللة.


المادة الثامنة: تنفذ أحكام المجلس على الفور، إلا ما كان متضمناً الحكم بالإعدام.


المادة التاسعة : لا ينفذ حكم الإعدام إلا بعد تصديق قائد القوات العسكرية.


الفصل الثاني


المادة العاشرة : المحاكمة عن جميع الأفعال داخل منطقة الإدارة العرفية أو خارجها عندما تكون ذات مساس أو ارتباط بالأفعال الجرمية الحادثة ضمن تلك المنطقة من اختصاص المجلس العرفي العسكري عدا الأفعال الجرمية التي يأمر قائد القوات العسكرية برؤيتها من قبل المحاكم العدلية أو لإدارية، كل حسب اختصاصه.


المادة الحادي عشرة : يعاقب بالإعدام :


1 ـ كل من حمل السلاح، أو أي آلة جارحة ضد الحكومة، أو قواتها العسكرية على اختلاف أنواعها، أو قوات الشرطة، أو أستعمل السلاح ضد أي من موظفي الدولة، أو مستخدميها.


2 ـ كل من اشترك في عصيان مسلح ضد الحكومة، أو قواتها العسكرية المسلحة، ويقصد بالعصيان المسلح وجود أكثر من شخص واحد يحمل سلاحاً نارياً، أو أية آلة جارحة.


3 ـ كل من اشترك في أي عمل من شأنه تخريب خطوط المواصلات، أو المخابرات للقوات العسكرية،أو تعطيلها، أو تخريب وسائط النقل للقوات المذكورة.


4 ـ كل من اشترك في مساعدة العصاة بتقديم أسلحة أو ذخيرة أو عتاد لهم.


5 ـ كل من يبث الدعاية بين أفراد القوات العسكرية، أو الشرطة، لغرض إضعاف قواهم المعنوية، أو لحملهم على عدم القيام بالواجب.


6ـ كل من حرّضَ بأي صورة كانت شخصاً على ارتكاب الأفعال السابقة سواء كان المحرّضْ داخل المنطقة العرفية، أو خارجها.


7ـ كل من تجسس لمصلحة العصاة ضد الحكومة داخل المنطقة المعلنة فيها الأحكام العرفية.


المادة الثانية عشرة :


يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة أو بالحبس مدة لا تزيد عن 15 عاماً كل من:


1 ـ أعطى أخباراً، أو معلومات إلى العصاة،عن الحركات العسكرية، أو أعمال الحكومة المتعلقة بالحركات في المنطقة المعلنة فيها الأحكام العرفية.


2 ـ شجع العصاة على الاستمرار في الحركات العصيانية.


3 ـ نشر الأخبار المختلقة، إذا أدت هذه الأخبار، أو كان من شأنها أن تؤدي إلى إضعاف القوة المعنوية بين أفراد القوات العسكرية للحكومة.


المادة الثالثة عشرة : الأفعال الجرمية غير المنصوص عليها في هذا المرسوم يعاقب مرتكبوها وفقاً لأحكام قانون العقوبات البغدادي، أو القوانين الأخرى.


المادة الرابعة عشرة : يجوز لقائد القوات المسلحة أن يتخذ بإعلان، أو بأوامر كتابية أو شفوية التدابير الآتي بيانها :


1ـ سحب الرخص بحيازة السلاح أو حمله، والأمر بتسليم الأسلحة على اختلاف أنواعها، والذخائر، والمواد القابلة للانفجار، والمفرقعات وضبطها أينما وجدت، وإغلاق مخازن الأسلحة.


2ـ الترخيص بتفتيش المنازل والأشخاص في أي ساعة من ساعات الليل أو النهار.


3ـ الأمر بمراقبة الصحف والنشرات الدورية قبل نشرها من غير إخطار سابق، والأمر بإغلاق أي مطبعة، وضبط المطبوعات والنشرات والرسومات التي من شأنها تهييج الخواطر، وإثارة الفتنة أو مما قد يؤدي إلى الإخلال بالأمن والنظام العام سواء كانت معدة للنشر والتوزيع أو للعرض أو للبيع،أو لم تكن معدة لغرض من هذه الأغراض .


4 ـ الأمر بمراقبة الرسائل البريدية، والتلغرافية، والتلفونية.


5 ـ تحديد مواعيد فتح المحال العمومية وإغلاقها كلاً أو بعضاً، سواء في كل الجهة التي أُعلنت فيها الأحكام العرفية أو في بعض النواحي والأحياء، أو تبديل تلك المواعيد، وإغلاق المحال العمومية المذكورة كلها أو بعضها.


6ـ الأمر بإعادة المولودين، أو المتوطنين في غير الجهة التي يقيمون فيها إلى مقر ولادتهم، أو توطينهم، إذا لم يوجد ما يبرر مقامهم في تلك الجهة، أو أمر في أن تكون بيدهم تذاكر لإثبات الشخصية، أو الأذن بالإقامة.


7ـ الأمر بالقبض على المشردين والمشتبه فيهم وحجزهم في مكان أمين.


8 ـ منع أي اجتماع عام وحله بالقوة، وكذلك منع أي نادٍ أو جمعية، أو اجتماع وحله بالقوة.


9 ـ منع المرور في ساعات معينة من الليل أو النهار في كل الجهة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية، أو في بعضها، ومنع ذلك الاستعمال عند الاقتضاء.


10ـ تنظيم استعمال وسائط النقل على اختلاف أنواعها في كل الجهة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية أو في بعضها، ومنع ذلك الاستعمال عند الاقتضاء.


11ـ إخلاء بعض الجهات أو عزلها، وعلى العموم حصر وتحديد المواصلات بين الجهات المختلفة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية وتنظيم تلك المواصلات.


12ـ الاستيلاء على أية واسطة من وسائط النقل،أو أي مصلحة عامة أو خاصة، أو أي معمل أو مصنع أو محل صنائعي، أو أي عقار،أو أي منقول، أو أي شيء من المواد الغذائية، وكذلك تكليف أي فرد بتأدية أي عمل من الأعمال، ويجوز لمجلس الوزراء أن يضيف دائرة الحقوق المتقدمة المخولة لقائد القوات العسكرية، أو أن يرخص له أي تدبير آخر مما يقتضيه صون الأمن والنظام العام في كل الجهة التي أعلنت فيها الأحكام العرفية،أو في بعضها.


المادة الخامسة عشرة : يعاقب من خالف الإعلانات والأوامر الصادرة من قائد القوات العسكرية بالعقوبات المنصوص عليها في تلك الإعلانات ولا يجوز أن تزيد هذه العقوبة عن الحبس لمدة 3 سنوات، ولا على الغرامة بمبلغ 150 دينار.


على أن ذلك لا يمنع من توقيع عقوبة أشد، حيث يقضي بها قانون العقوبات والقوانين الأخرى، ويجوز دائماً إلقاء القبض على المخالفين في الحال .


المادة السادسة عشرة: ينفذ هذا المرسوم من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.


المادة السابعة عشرة : على وزراء الداخلية والعدلية والدفاع تنفيذ هذا المرسوم الذي يجب عرضه على مجلس الأمة في اجتماعه القادم .


كتب ببغداد في اليوم الحادي عشر من صفر سنة 1354 هجرية المصادف لليوم الرابع عشر من أيار 1935 ميلادية.
يسين الهاشمي الملك غازي الأول
نظرة في المرسوم:


بقراءة متأنية لهذا المرسوم يتبين لنا أن الحكومة قد صادرت بشكل فعلي كل الحقوق والحريات التي نص عليها الدستور وجعلها حبراً على ورق، وأصبح هذا المرسوم سيفاً مسلطاً على رقاب الشعب العراقي استخدمته الحكومات المتوالية على سدة الحكم كلما شعرت بتحرك الشعب من أجل إعادة حقوقه المغتصبة. ولم تكتفِ السلطة الحاكمة بإصدار هذا المرسوم بل أتبعته بمجموعة من المراسيم المكملة له لكي تحكم قبضتها على الشعب، وكان من بين تلك المراسيم :
1ـ مرسوم منع الدعايات المضرة رقم 44 لسنة 1937،على عهد حكومة جميل المدفعي .


2ـ مرسوم منع الدعايات المضرة رقم 20 لسنة 1938،على عهد حكومة جميل المدفعي .


3ـ مرسوم الطوارئ رقم 57 لسنة 1938،على عهد حكومة نوري السعيد.


4ـ قانون ذيل قانون العقوبات البغدادي[المعروف بقانون مكافحة الآراء الهدامة] رقم 51 لسنة 1938، على عهد حكومة جميل المدفعي.


5ـ مرسوم انضباط موظفي الدولة رقم 7 لسنة 1939 على عهد حكومة نوري السعيد . واستمرت الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم على عهد الوصي عبد الإله، بعد مقتل الملك غازي، بإصدار المراسيم المنافية للدستور، وإفراغه من كل الحقوق والحريات التي نص عليها مما شكل عاملاً حاسماً في قيام ثورة 14 تموز 1958.

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب