عدد الزائرين للموقع

Web Hit Counter

المواضيع ألعشرة الأخيرة

معالم وشخصيات تأريخية

حقيبة الكـتب

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

احصائية الموقع

المتواجدين :

عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز الحلقة الثانية

عبد الناصر والعراق وثورة 14 تموز
الخلافات بين وقاسم وعارف ودور عبد الناصر
الحلقة الثانية

حامد الحمداني


على أثر قيام ثورة الرابع عشر من تموز ، ورغبة من القيادة العراقية الجديدة لإقامة أوثق العلاقات مع الشقيقة مصر ، بعد القطيعة التي كانت على عهد نوري السعيد ، في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وسائر المجالات الأخرى ، قرر الزعيم عبد الكريم قاسم إرسال وفد كبير على أعلى مستوى برئاسة عبد السلام عارف الذي شغل بعد قيام الثورة منصب نائب رئيس الوزراء ونائب القائد العام للقوات المسلحة ووزير الداخلية ، وضم الوفد عدداً من الوزراء ، إلى دمشق حيث كان الرئيس عبد الناصر متواجد هناك ليكون قريباً من الأحداث الجارية في العراق ، لتحقيق هذه المهمة .
التقى الوفد الرئيس عبد الناصر ، و كان اللقاءاً ودياً حاراً ، جرى خلاله تناول وسائل تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية والصحية بين العراق والجمهورية العربية المتحدة ، وتم توقيع العديد من الاتفاقات الهامة في هذا المجال .
لكن عبد السلام عارف اجتمع مع الرئيس عبد الناصر على انفراد ، وجرى بينهما حديث مطول حول الوسائل الكفيلة لتحقيق وحدة فورية بين الجمهورية العربية المتحدة والعراق ،وهذا الأمر كان يشغل بال عبد الناصر كثيراً جداً ، ولقد أكد له عبد السلام عارف سعيه الحثيث لتحقيق هذا الهدف مهما كانت الصعاب ، حتى ولو تمت تصفية عبد الكريم قاسم نفسه ، وقيل أن عارف قال لناصر أن هذا الأمر لا يكلف سوى ثمن طلقة واحدة كلفتها عشرون فلساً .
وهكذا عاد عارف وهو أكثر اندفاعاً لمحاولة الاستيلاء على السلطة واستغل منصبه كنائب للقوات المسلحة ليقوم بزيارات متتالية لقطعات الجيش وملقياً الخطابات التي تمجد عبد الناصر ، مع تجاهل تام لقائد الثورة عبد الكريم قاسم ، كما أصدر صحيفة الجمهورية بالتعاون مع البعثيين حيث اختار البعثي المعروف [سعدون حمادي ] رئيساً للتحرير ، وجعل منها منبراً للدعوة للوحدة الفورية مع العربية المتحدة ، ومعولاً لهدم جبهة الاتحاد الوطني ، واللجنة الوطنية لحركة الضباط الأحرار ، مما سبب في خلق بلبلة خطيرة في البلاد وانقسام حاد في صفوف الحركة الوطنية تجلى في المظاهرات البعثية والقومية التي تطالب بالوحدة الفورية ، والشيوعية والديمقراطية التي تنادي بالاتحاد الفدرالي ، وكان لهذا السلوك من جانب عارف قد عرّض ثورة 14 تموز للخطر الجسيم وهي في أيامها الأولى .
ورغم كل النصائح التي وجهها الزعيم قاسم لعارف فقد ذهبت تلك النصائح أدراج الرياح ، واستمر عارف على سلوكه التخريبي ، وخاصة في صفوف القوات المسلحة ، مما اضطر قاسم في نهاية المطاف إلى إعفائه من منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة ، مكتفياً بوزارة الداخلية .
لكن عارف تمادى في غيه واستمر في سلوكه الانشقاقي والتخريبي مما أوصل الأوضاع إلى مرحلة حرجة تنذر بحرب أهلية ،عند ذاك اتخذ قاسم قراره بإعفاء عارف من وزارة الداخلية وتعينه سفيراً في ألمانيا ، لكن عارف رفض تنفيذ القرار ، وقد تدخل العديد من أعضاء اللجنة العليا للضباط الأحرار لإقناع عارف بالسفر إلى ألمانيا لتسلم منصبه الجديد بعد أن وعده قاسم بالعودة بعد أن تهدأ الأوضاع التي خلقها عارف بسلوكه الانشقاقي وكان بين الحاضرين كل من العقيد صفي طاهر ، المرافق الأقدم لقاسم، والزعيم ناجي طالب ، والزعيم فؤآد عارف ،والحاكم العسكري العام أحمد صالح العبدي ، وآمر الانضباط العسكري عبد الكريم الجدة .
تظاهر عارف بالموافقة على السفر ، وخرج كافة الضباط المشاركين في الاجتماع ما عدا فؤآد عارف ووصفي طاهر ، وبينما كان قاسم منشغلاً في بعض الأوراق على مكتبه فاجأه عبد السلام عارف بإخراج مسدس من جيبه محولاً اغتياله ، وبحركة خفيفة من قاسم تمكن من مسك يد عارف صارخاً ـ تريد قتلي ؟ وفي اللحظة نفسها هجم عليه فؤآد عارف ونزع من يده المسدس وأفرغ منه العتاد.
وعلى صوت الصياح دخل وصفي طاهر الذي كان قد غادر الغرفة تواً وأمسك بعارف الذي أصابه الخور والانهيار ، وادعى أنه كان ينوي الانتحار ، وقد أجابه قاسم : [ إذا كنت تنوي الانتحار فلماذا لم تنتحر في بيتك ؟ ] .
ومع كل الذي حدث فقد قال له قاسم : [ اسمع يا عارف سوف أعفو عنك شرط أن تغادر إلى ألمانيا من أجل مصلحة البلاد ، فقد شقيت الشعب إلى نصفين ، وإن الأمر ينذر بكارثة حرب أهلية ، وهكذا قرر عارف الموافقة على السفر ، على مضض ، تجنباً لما لا يحمد عقباه ولو إلى حين ، وتم تسفيره وودعه قاسم في المطار شخصياً .
غير أنه لم تمضي سوى فترة قصيرة حتى طلب عارف من قاسم السماح له بالعودة إلى العراق ، وقد رفض قاسم طلبه ورجاه بالبقاء في ألمانيا رحمة بالعراقيين .
لكن عارف عاد فجأة يوم 4 تشرين الثاني دون علم الحكومة العراقية ، وكان قد أشيع في ذلك الوقت أن مؤامرة قد أعد تنفيذها يوم 5 تشرين الثاني [ أي بعد يوم من عودته ] يشترك فيها أحمد حسن البكر ، وصالح مهدي عماش وضباط آخرين .
وقد استدعى قاسم عارف إلى وزارة الدفاع حال علمه بعودته ، وحدث جدال بينهما ومشادات كلامية ، اضطر على إثرها قاسم الطلب من آمر الانضباط العسكري
[ عبد الكريم الجدة ] إلقاء القبض على عبد السلام واعتقاله. وإحالته إلى المحكمة العسكرية العليا الخاصة لمحاكمته بتهمة محاولة اغتيال عبد الكريم قاسم ، والاشتراك في المؤامرة المذكورة لقلب نظام الحكم في بغداد .
جرت محاكمة عارف وتمت إدانته بمحاولة قتل الزعيم قاسم وحكم عليه بالإعدام وبقى في السجن حتى وقوع الانفصال بين سوريا ومصر عام 1961 حيث ذهب إليه قاسم بنفسه وأخرجه من السجن وعفا عنه وأعاد له كل رواتبه التقاعدية وأرسله إلى الحج لعل الله ينقي سريرته ، ويصلح أمره ، ولكن هيهات ، فقد جبل عارف على الغدر ، وجازى عبد الكريم قاسم بعد وقوع انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 والتي اشترك فيها عارف وعين رئيساً للجمهورية ، جازاه بالحكم عليه بالإعدام هو ورفاقه المهداوي وطه الشيخ أحمد وكنعان حداد دون محاكمة أصولية تذكر ،وعلى الرغم من الاتفاق الذي جرى بواسطة الصحفي [ يونس الطائي ]،الذي قرّبه قاسم منه كثيراً والذي سخر صحيفته [ الثورة ] للحرب على الحزب الشيوعي ، وظهر بعد انقلاب شباط على حقيقته عنصراً خائناً وانتهازياً من طراز خطير،أقول على الرغم من الاتفاق الذي تم بموجبه استسلام قاسم على أمل السماح له بمغادرة البلاد ، أو إجراء محاكمة علنية عادلة له ، وقد ذكر قاسم عارفاً بالعفو الذي أصدره عنه لكن دون جدوى ، فقد ملأ الحقد قلبه ، وأصر على الانتقام .
إذا ليس صحيحاً ما ورد في مقالكم بأن عارف بقي في السجن إلى أن وقع انقلاب شباط حيث تم تحريره من السجن ، بل جرى العفو عنه قبل سنتين من وقوع الانقلاب وطيلة تلك الأزمة لم يصدر من عبد الناصر وأركان حكمه أي استنكار لأعمال عارف ، بل على العكس وقف الإعلام المصري إلى جانب عارف مندداً بمحاكمة عارف ،والتهجم على عبد الكريم قاسم عبر خطابات عبد الناصر ، وعبر إذاعة صوت العرب ، وانهماك السفارة المصرية في بغداد التي كان يرأسها السفير [أمين هويدي ] في تدبير المؤآمرات المتلاحقة لقلب نظام حكم عبد الكريم قاسم ،ولقد تم فضح تلك المؤآمرات أمام محكمة الشعب بشهادة العديد من الشهود المشتركين بها ، وما قبضوه من مبالغ نقدية من السفارة لتدبير تلك المؤآمرات ، ورغم كل ذلك لم ينبس قاسم ولو بكلمة واحدة تسئ إلى عبد الناصر، أو يرد على ما كان يردده عنه عبد الناصر بقاسم العراق تارة وبالشعوبي تارة أخرى وغيرها من الاتهامات التي لا أساس لها من الواقع ، وكل ذلك جرى من أجل إلحاق العراق بحكم عبد الناصر بصورة غير دستورية ، ولا بد لي أن أشير على أن لا ميثاق جبهة الاتحاد الوطني ، ولا ميثاق اللجنة العليا للضباط الأحرار قد أقر الوحدة الفورية مع العربية المتحدة ، بل كان الاتفاق على إقامة أوثق الروابط مع الجمهورية العربية المتحدة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والصحية ، ودعت القوى الديمقراطية والحزب الشيوعي إلى إقامة اتحاد فدرالي مع العربية المتحدة .
لقد اثبت الأحداث أن أي من عبد السلام عارف وحزب البعث لم يكونا جادين في دعواهما للوحدة ، بل استخدما اسم عبد الناصر للوثوب إلى السلطة ، حيث تم لكليهما الوثوب إلى السلطة في انقلاب 8 شباط 63 ، وانقلاب 17 تشرين من نفس العام دون أن يحقق أي منهما الوحدة ، ولا حتى الاتحاد الفدرالي الذي قاوماه بشدة .
ورغم كل ما حدث بقيت العلاقة بين ناصر وعارف وحتى حزب البعث على حالها دون أن يشوبها أي توتر أو عداء كما جرى مع عبد الكريم قاسم .
هذا ما جرى أخي سيار من أحداث في تلك الفترة من تاريخ العراق ، وسوف أتناول في الحلقة الثالثة المحاولة الانقلابية التي قادها رشيد عالي الكيلاني ،وانقلاب العقيد الشواف الفاشل في الموصل وما رافقه من أحداث ، ودور السفارة المصرية في تلك المؤآمرات ،وما قدمته من دعم وإسناد مادي وإعلامي وعسكري عبر تهريب السلاح إلى المتآمرين عبر الحدود السورية .

0 التعليقات:

ترجم الموقع

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean

ألباحث حامد الحمداني

تجد هنا أرشيف موقع حامد الحمداني

آخرالمواضيــع

مواقع مختارة

حقيبة الكـتب