هل يستحق نيبول جائزة نوبل؟
10:48 ص | مرسلة بواسطة
Hamid Sharif Suleiman
يحق لكل ذي ضمير حي أن يتساءل عن المعايير التي اتخذتها اللجنة الخاصة بمنح جائزة نوبل للآداب للكاتب الترينيدادي الأصل والمواطن البريطاني حالياً (نيبول )، هذا العنصري الذي يعلن بكل صراحة ووضوح كرهه الشديد إلى كل ما يمت للعرب بصورة خاصة، وللمسلمين عامة، شعوباً وحكومات، وهم الذين يمثلون خمس البشرية، حيث يتجاوز عددهم المليار نسمة فأي عنصرية هذه التي يطيب لنيبول أن يتفاخر بها
. لقد دفعه حقده الأعمى إلى اتهام العرب بالجهل والحقد على العالم الغربي، وعدم التعايش مع هذه الشعوب إلا من خلال القوة !!، لقد بدا لي أنه يتعامى، إن لم يكن أعمى، عن رؤية الحقائق التاريخية الدامغة التي تظهر مدى العدوانية التي مارسها الغرب تجاه الشعوب العربية منذُ الحروب الصليبية، مروراً بحملات نابليون، والفاشية الإيطالية، والإمبريالية البريطانية، والفرنسية، والأمريكية منذُ الحرب العالمية الأولى وحتى يومنا هذا.لقد خدع الإمبرياليون الشريف حسين ( ملك الحجاز) الذي اتفق معه الإمبرياليون البريطانيون والفرنسيون على أن يعلن الثورة ضد الحكم العثماني لقاء منح البلاد العربية الاستقلال التام والحرية، ولكنهم كانوا قد تقاسموا فيما بينهم البلاد العربية بموجب معاهدة (سايكس بيكو ) السرية حيث استحوذت بريطانيا على العراق وفلسطين وشرق الأردن، وسائر منطقة الخليج العربي ومصر والسودان وليبيا، فيما استحوذت فرنسا على سوريا، ولبنان، وركزت أقدامها في المغرب، والجزائر التي أعلنت أنها جزء لا يتجزأ من فرنسا
.ومن أجل تثبيت سيطرة الإمبرياليين على سائر البلاد العربية، ونهب ثرواتها، تعرضت الشعوب العربية إلى أقسى أساليب البطش والتقتيل والإعدامات والسجون والنفي والتدمير والتخريب حيث ذهب الملايين من أبناء الشعوب العربية ضحية ذلك الاستعمار الرهيب، وقد نال الشعب الجزائري حصة الأسد من ذلك العدوان حيث قتل الفرنسيون من شعبه ما يزيد على المليون شهيد
.وهل نسي نيبول العدوان البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956؟ وهل نسي نيبول العدوان الإسرائيلي عام 1967 على البلدان العربية واحتلال الجولان السورية والضفة الغربية، وغزا وسيناء المصرية، أم تراه نسي احتلال إسرائيل للبنان عام 1982، وتمسكها باحتلال بجنوب لبنان طوال 22 سنة، على الرغم من قرارات مجلس الأمن القاضية بانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان؟
فمن هو يا ترى المعتدي والعدواني والإرهابي؟
هل هو الشعب العربي الذي ابتلى بنير الاستعمار البشع أم الإمبرياليون الغربيون؟
وهل يدلنا هذا العنصري نيبول على أي دولة غربية اعتدى عليها العرب؟ لقد اتخذ (نيبول) من العملية الإرهابية في نيويورك واشنطن، والتي قيل أن أسامة بن لادن ومنظمته المسماة بالقاعدة قد قاما بها، ذريعة لتوجيه حقده الدفين على العرب والمسلمين، ناسياً بل متناسياً أن طالبان، وبن لادن والقاعدة قد خرجت من مطبخ المخابرات الأمريكية لمحاربة السوفيت في أفغانستان، ودفعت لهم الولايات المتحدة المليارات من الدولارات طوال الحرب التي دارت هناك، وأن الشعب العربي ليست له علاقة بالقاعدة وزعيمها بن لادن، ولا النظام الظلامي المتخلف للملا عمر وطالبان، وأن الذي يتحمل مسؤولية ما جرى هو الذي صَنعَ طالبان وبن لادن والقاعدة، وجهزهم بالمال والسلاح أن الشعب العربي يأبى العدوان على أي كان، ولا يقبل التعصب الديني أو الطائفي أو العرقي، و هاهو المجتمع العربي الذي يضم الملايين من إخواننا المسيحيين الذين يعيشون كإخوان متحابين لا يتميز دين على دين ولا قومية على قومية ولا طائفة على طائفة، وحتى اليهود الذين عاشوا بين ظهرانينا أجيالاً طويلة كانوا يعاملون معاملة الند للند حتى إقامة دولة إسرائيل من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا في قلب العالم العربي، ونقطة تلاقي مشرقه بمغربه !!، حيث تم ترحيل اليهود إلى دولة إسرائيل بالتعاون الوثيق بين بريطانيا والولايات المتحدة والحكام العرب المرتبطين بهما، ولم يطردهم أحد كما يدعي الصهاينة، وكان تواطؤ الحكام العرب آنذاك أكبر خدمة لدولة إسرائيل . وماذا فعلت إسرائيل بالمقابل بالشعب العربي الفلسطيني يا نيبول؟
لست أخالك تتعامى عما جرى حيث قامت العصابات الصهيونية بطرد الملايين من السكان العرب الفلسطينيين من ديارهم بقوة السلاح والقتل والإرهاب، وشردتهم في مختلف البلدان العربية وشتى بقاع العالم، وجلبت الملايين من اليهود من شتى بقاع الأرض ليستوطنوا في فلسطين مكانهم
.ولا يزال هؤلاء الضحايا وأبنائهم وأحفادهم يعيشون في مخيمات بائسة كنت أتمنى أن تزورها يا نيبول لترى بأم عينيك، إن كان لك عينين ترى عبرهما الحقيقة على الأرض، لكنك وكما أحسست من هجومك على العرب والمسلمين لا تريد أن ترى الحقيقة، ولا يضير العرب من جهلك وتجاهلك شيئاً فالعرب أمة حية قدمت للبشرية، ولأوربا بالذات، أرقى حضارة منذُ قرون عديدة، وأن ما حلّ في بلاد العرب اليوم هو من صنع الغرب الطامع في ثرواتنا وخيراتنا . ولم يُشبع حقدك الدفين على العرب والمسلمين في شتى بقاع الأرض، بل أخذت تطالب البلاد العربية والإسلامية بدفع تعويضات العدوان على مركز التجارة العالمي، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية، محملاً العرب مسؤولية ما حدث، بل ومبشراً بحتمية صراع الحضارات بين العرب والمسلمين من جهة، والغرب من جهة أخرى، تلك الفرية التي بشر بها الكاتب الصهيوني ( صموئيل هنتنتون ). كما تهجمتَ بتهكم على الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة للاستعمار الصهيوني الاستيطاني مدعياً أن الفلسطيني الذي يقدم حياته فداءاً من أجل حرية وطنه وشعبه يفعل هذا من أجل الدخول إلى الجنة كما يوهمونهم!!، لكنك تعمى أن ترى هذا الشعب كيف يعيش في جحيم إسرائيل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، حتى أصبح أبناء الشعب الفلسطيني يموتون بقصف الطائرات والدبابات والصواريخ الإسرائيلية كل يوم
.وتمارس القوات الإسرائيلية عمليات هدم المساكن على رؤوس أصحابها كل يوم، وتخرب المزارع، وتفرض الحصار المحكم على كل القرى والمدن الفلسطينية، حتى تحولت المدن والقرى الفلسطينية إلى سجون محكمة الإغلاق فماذا تتوقع يا نيبول من شعب فقد مصدر عيشه، وفقد مزرعته، وفقد أبنائه ولم يعد لديه ما يطعم أطفاله، أن يفعل؟
الشعب الفلسطيني لا يريد سوى الحرية والاستقلال والتخلص من نير الاستعمار الاستيطاني، وهو لا يريد أن يموت أو يجوع أبنائه، وأن حل المشكلة بين إسرائيل والفلسطينيين بسيط جداً لو أراد حكام إسرائيل، فلترحل القوات الإسرائيلية عن قطاع غزا والضفة الغربية، ولتسحب إسرائيل المستوطنون منهما، وعند ذلك فقط سيسود السلام بين الطرفين، ويعم الرخاء للجمع، لكنك وكما أعتقد لا تقرُّ بوجود احتلال إسرائيلي للضفة وغزا، ولا الجولان، ولا تعترف بقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الداعية لانسحاب إسرائيل من المناطق التي احتلتها في حربها العدوانية عام 1967، فما دامت الحال على ما هي عليه الآن، وما دام شارون يرفض تطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وما دامت الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، وهي بلا شك قاعدتها المتقدمة في الشرق الأوسط وسيفها المسلط على رقاب العرب، فلا أرى أن هناك ضوء في آخر النفق المظلم، وستبقى الدماء تسيل هدراً من الجانبين
.إن إسرائيل لا تريد حلاً سلمياً للقضية الفلسطينية، أنها تطمح بالأرض وبالسلام معاً، وتريد تركيع الشعب الفلسطيني الذي تعطيه كل الشرائع الدولية الحق في تحرير وطنه وإقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس التي تعترف بها الأمم المتحدة مدينة محتلة . ولم تكتفِ يا نيبول بكل هذا الهراء، بل أخذت تزايد حتى على الولايات المتحدة الأمريكية، وتلومها على تقديم المساعدات إلى باكستان التي وقفت إلى جانبها في حربها في أفغانستان، فإلى أي حد وصل الحقد لديك يا نيبول على العرب والمسلمين؟ إن ما يؤسف له أشد الأسف أن ينال هذا العنصري المتعصب جائزة ذات قيمة إنسانية كبرى، أراد صاحبها (نوبل ) أن تقدم لكل من يسعى لخير الإنسانية ويعمل من أجل السلام والحرية والديمقراطية وتآخي الشعوب بكل قومياتها ودياناتها وأعراقها، فالديانات جميعاً والأنبياء جميعاً دعوا للمحبة بين بني الإنسان، وإن المحبة لا يمكن أن تتحقق إلا إذا امتنع الإنسان عن إيذاء أخيه الإنسان، أو سلبه ماله، أو أرضه، أو وطنه، عند ذلك تسود المحبة ويعم السلام في العالم اجمع
.ملاحظة : للاطلاع على المزيد من المفالات وعلى كتبي الرجاء الرجوع على موقعي على الانترنيت التالي: www.Hamid-Alhamdany.blogspot.com
التسميات:
حقيبة المقالات
حقيبة المقالات
0 التعليقات: