حرب الخليج الثالثة / الحلقة 15 الإدارة الأمريكية تقرر تشكيل مجلس الحكم المؤقت
2:59 م | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
7/4/2008
بعد الضغوطات التي مارستها القوى والأحزاب السياسية في البلاد من جهة، والاستنكار العالمي للاحتلال الأمريكي للعراق من جهة أخرى، اضطرت الولايات المتحدة إلى إقامة سلطة عراقية مؤقتة تحت إشراف الحاكم الأمريكي بريمر، أطلقت عليها [ مجلس الحكم ] لإدارة شؤون البلاد. لكن الحكم الفعلي بقي بيد بريمر، حيث يتمتع بصلاحيات مطلقة في حكم البلاد، وقد جرى اختيار أعضاء المجلس المتكون من [25] عضواً من قبله على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية، حيث نالت أحزاب الإسلام السياسي الشيعي حصة الأسد في المجلس، وحصلت على [14] مقعدا. في حين حصلت الأحزاب القومية الكردية على[5] مقاعد في المجلس، وبذلك أصبح لتحالف المجموعتين أغلبية الثلثين بالمجلس.
وجاء تشكيل المجلس على الوجه التالي:
1 ـ إبراهيم الجعفريي ـ زعيم حزب الدعوة الإسلامي
2 ـ أحمد شياع البراك ـ شيخ عشيرة
3ـ أحمد الجلبي ـ زعيم جزب المؤتمر الوطني العراقي.
4 ـ إياد علاوي ـ زعيم كتلة الوفاق الوطني العراقي.
5ـ جلال الطالباني ـ زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني.
6 ـ حميد مجيد موسى ـ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي.
7 ـ دارا نور الدين ـ قاضي ومعارض سابق.
8 ـ عبد الكريم المحمداوي ـ رئيس حزب الله العراقي.
9ـ عدنان الباجه جي ـ زعيم تجمع الديمقراطيين العراقيين المستقلين>
10ـ عقيلة الهاشمي ـ دبلوماسية سابقة في وزارة خارجية حكومة صدام.
11 ـ غازي عجيل الياورـ أحد شيوخ شمر، مهندس ومقيم في السعودية.
12ـ محسن عبد الحميد ـ زعيم الحزب الإسلامي العراقي.
13ـ محمد بحر العلوم ـ رجل دين شيعي ورئيس مؤسسة أهل البيت .
14ـ محمود عثمان ـ سياسي كردي مستقل.
15 ـ مسعود البارزاني ـ زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني.
16ـ موفق الربيعي ـ طبيب ومقيم لفترة طويلة في لندن.
17ـ نصير كامل الجادرجي ـ زعيم الحزب الوطني الديمقراطي.
18 ـ وائل عبد اللطيف ـ قاض منذ بداية الثمانينات.
19 ـ يونادم كنه ـ زعيم الحركة الآشورية الديمقراطية.
20 ـ رجاء حبيب الخزاعي ـ مديرة مستشفى للولادة.
21ـ سمير شاكر محمود الصميدعي، رجل أعمال .
22ـ صلاح الدين محمد ـ زعيم حزب الاتحاد الإسلامي الكردستانيز
23ـ صونكول جاجوك، مهندسة تركمانية.
24ـ عز الدين سليم ـ زعيم حزب الدعوة الإسلامية في البصرة.
25ـ عبد العزيز الحكيم ـ زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.
لقد جاء تكوين مجلس الحكم بهذه الصيغة ليكرس الحكم الطائفي في البلاد، وانعكاساته الخطيرة على تماسك البنية الاجتماعية العراقية، وتأجيج الصراع الطائفي وصولا إلى الصراع المسلح، وتصاعد النشاط الإرهابي بين قوى الطائفتين الشيعية والسنية، والتي أوصلت البلاد إلى أتون الحرب الأهلية التي باتت تحصد المئات من أرواح المواطنين الأبرياء.
لقد كان الأجدر بالإدارة الأمريكية، لو كانت تبتغي حقاً إقامة نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد، وهي التي بشرت الشعب العراقي بالديمقراطية أن تقيم حكومة تضم شخصيات وطنية علمانية ولبرالية تؤمن حقاً وصدقاً بالديمقراطية كنظام منشود، ومشهود لها بالكفاءة ونظافة اليد، ولم يسبق لها أن ارتبطت بأية وشيجة مع النظام الدكتاتوري السابق، لكي تتولى السلطة لفترة زمنية محددة من أجل إعادة الأمن والسلام في البلاد، وإصلاح ما خربته الحروب الكارثية التي ورط نظام صدام العراق بها، وبناء القاعدة الأساسية للنظام الديمقراطي المنشود، وتهيئة الظروف الطبيعية والديمقراطية المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد، بعد أربعين عاماً من الحكم الدكتاتوري القمعي الذي عاش الشعب العراقي بظله، مما جعله غير مهيأ بالمرة لانتخابات برلمانية عاجلة كانت نتائجها معروفة سلفا جراء هيمنة قوى الأحزاب الطائفية الشيعية، والأحزاب القومية الكردية على الساحة العراقية بتأثير الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب الكردي، والطائفة الشيعية في جنوب ووسط العراق، واستغلال التأثير الطائفي والعرقي لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية، ولتكريس الطائفية والعرقية في البلاد، فكانت النتيجة قيام نظام تقوده قوى الإسلام السياسي الطائفي الرجعي، والمرتبط بوشائج عدة مع نظام جمهورية إيران الإسلامية، والتي مكنت النظام الإيراني ومخابراته من لعب دور خطير على الساحة العراقية، وتغلغلها في كافة مرافق الدولة، مما كانت له نتائج خطيرة على الوضع الأمني في البلاد، وعلى القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة التي باتت تخشى على مصالحها في منطقة الخليج. لكن الإدارة الأمريكية استمرت في ارتكاب المزيد من الأخطاء التي أوقعتها في نهاية المطاف في مأزق خطير لا تستطيع الفكاك منه، كما سنرى فيما بعد. <.وهكذا استحصلت الولايات المتحدة قراراً من مجلس الأمن يتضمن إقامة ما دعته مجلس الحكم، وقد جرى اختياره من قبل الحاكم المدني الأمريكي بريمر، وجرى تسليمه السلطة التي لم تكن سوى سلطة شكلية، حيث الإدارة الأمريكية وأداتها العسكرية وسلطة الحاكم المدني بريمر في واقع الحال هي الحاكم الفعلي للبلاد، وقامت بوضع الضوابط التي ينبغي أن يلتزم بها مجلس الحكم بموجب اتفاقية مفروضة على المجلس حيث جرى التوقيع عليها بين الطرفين أطلق عليها الحاكم المدني بريمر[اتفاقية العملية السياسية]، والتي أظهرت بكل وضوح وجلاء الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة على مقدرات الحكم في البلاد، كما هو وارد في نص الاتفاقية، ولم يكن مجلس الحكم قادراً على اتخاذ أي قرار دون موافقة الحاكم المدني بريمر.
ثالثاً: اتفاقية العملية السياسية بين سلطة الاحتلال والمجلس
بعد أن تم تشكيل مجلس الحكم من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر جاءت الخطوة الثانية لتحدد العلاقة بين سلطة الاحتلال ومجلس الحكم من جهة، ولتحديد القانون الأساسي الذي سيلتزم به مجلس الحكم في إدارة البلاد، وقد مثل هذا القانون الأساس المادي لدستور العراق الذي جرى تشريعه من قبل البرلمان فيما بعد، فيما استطاعت أحزاب الإسلام السياسي الشيعية فرض ديباجة الدستور وبعض المواد والفقرات التي تشير إلى طائفيه الدستور، كما استطاعت الأحزاب القومية الكردية فرض العديد من المواد المتعلقة بالفيدرالية وصلاحيات الأقاليم والثروة الوطنية فكانت لها حصة الأسد في صياغة مواد الدستور، والذي سنتناوله فيما بعد. وهذا هو نص القانون الذي أطلق عليه اتفاقية العملية السياسية بين سلطة الاحتلال ومجلس الحكم: . القانون الأساسي: . تجري صياغة القانون الأساسي من قبل مجلس الحكم العراقي، بالتشاور الوثيق مع سلطة التحالف المؤقتة، ويجري إقراره من جانب مجلس الحكم وسلطة التحالف، بحيث يحدد رسميا مدى وهيكل الإدارة الانتقالية العراقية ذات السيادة. . عناصر القانون الأساسي: . يشمل القانون الأساسي مسودة الحقوق، وتشمل حرية التعبير والتشريع، والدين، وبيان المساواة في الحقوق بين كافة العراقيين، بغض النظر عن النوع، أو الطائفة، أو العرق، وتضمن المسار الملائم لإقرار تلك الحقوق وصيانتها، والتي تشتمل على الأسس التالية: 1ـ الترتيبات الفدرالية للعراق، بما يشمل المحافظات، وتحديد السلطات التي تضطلع بها الهيئات المركزية والمحلية، والفصل بين تلك السلطات. . 2ـ بيان استقلال القضاء، وآلية المراجعة القضائية. . 3ـ بيان السيطرة السياسية المدنية على القوات المسلحة العراقية. . 4 ــ بيان بعدم إمكان تعديل القانون الأساسي . 5ـ موعد انتهاء صلاحية القانون الأساسي. 6ـ الجدول الزمني لصياغة الدستور العراقي الدائم من جانب هيئة ينتخبها الشعب العراقي انتخابا مباشرا، وكذلك جدولا زمنيا للتصديق على الدستور الدائم، ولإجراء الانتخابات في ظل الدستور الجديد. . 7ـ صياغة وإقرار القانون الأساسي بحيث يستكمل بحلول28 شباط/ فبراير 2004.
الاتفاقات مع التحالف حول العلاقة الأمنية:
يتطلب أن تتفق سلطة التحالف المؤقتة ومجلس الحكم العراقي على الاتفاقات الأمنية، وتغطي الاتفاقات الأمنية وضع قوات التحالف في العراق، بما يتيح لها نطاقا واسعا من حرية توفير أمن وسلامة الشعب العراقي، ويتم استكمال إقرار الاتفاقات الثنائية بنهاية مارس/آذار 2004
اختيار الجمعية الوطنية الانتقالية:
يحدد القانون الأساسي أجهزة المنظومة الوطنية، كما يوضح في نهاية المطاف تفصيلا للعملية التي سيجري من خلالها اختيار الأفراد لتلك الأجهزة، غير أنه يتعين الاتفاق على خطوط إرشادية معينة اتفاقا مسبقا. . لن تكون الجمعية الانتقالية توسيعا لدور مجلس الحكم العراقي. ولن يكون لمجلس الحكم دور رسمي في اختيار أعضاء الجمعية، وسوف ينحل مجلس الحكم مع تشكيل الإدارة الانتقالية، والاعتراف بها. غير أنه يمكن أن يخدم أفراد من مجلس الحكم في الجمعية الانتقالية، شريطة أن يتم انتخابهم وفق العملية الموضحة أدناه: . 1ـ يجري انتخاب أعضاء الجمعية الوطنية الانتقالية وفق عملية تتسم بالشفافية، والديمقراطية عبر لجان بحثية في كافة محافظات العراق الثمانية عشرة. . 2ـ في كل محافظة تشرف سلطة التحالف المؤقتة على عملية يتم بمقتضاها تشكيل لجنة تنظيمية من العراقيين. وتشمل هذه اللجنة التنظيمية خمسة أفراد يعينهم مجلس الحكم، وخمسة أفراد يعينهم المجلس المؤقت، وفردا واحدا يعينه المجلس المحلي لأكبر خمس مدن داخل المحافظة. . 3ـ سيكون غرض اللجنة التنظيمية الدعوة لانعقاد لجنة انتقاء بالمحافظة من الأعيان من أنحاء المحافظة المختلفة، وللقيام بذلك يتطلب ترشيح أسماء من الأحزاب السياسية، والمجالس الإقليمية المحلية والهيئات المتخصصة والمدنية والكليات الجامعية، والجماعات القبلية والدينية. . 4ـ يتعين أن يفي المرشحون بالمعايير المحددة لقبول الترشيح والمنصوص عليها في القانون الأساسي. وسيتعين الموافقة على ترشيح أي مرشح بأغلبية 11 من 15 من اللجنة التنظيمية، لاختيار هذا المرشح كعضو في لجنة الانتقاء البحثية للمحافظة. . 5 ـ تنتخب كل لجنة انتقاء بحثية لكل محافظة ممثلين يمثلون المحافظة في الجمعية الانتقالية الجديدة على أساس نسبة سكان المحافظة.
6 ـ تنتخب الجمعية الوطنية الانتقالية في موعد أقصاه 31 أيار 2004.
إعادة السيادة للعراق:
1ـ بعد عملية اختيار أعضاء الجمعية الانتقالية، ستجتمع الجمعية لانتخاب مجلس تنفيذي، ولتعيين مجلس الوزراء. . 2 ـ بحلول 30 يونيو/حزيران 2004، سيكون التحالف قد اعترف بالإدارة الانتقالية الجديدة، وسوف تتولى تلك الإدارة صلاحيات سيادية كاملة لحكم العراق. وستنحل سلطة التحالف المؤقتة.
عملية إقرار الدستور الدائم
سوف يشتمل القانون الأساسي في نهاية المطاف على العملية الدستورية والجدول الزمني، غير أنه يلزم الاتفاق عليهما اتفاقا مسبقا، كما هو مفصل أدناه. 1ـ يقوم مؤتمر دستوري ينتخبه الشعب العراقي انتخابا مباشرا، بإعداد دستور دائم للعراق. 2ـ تجري الانتخابات للمؤتمر الدستوري في موعد أقصاه15 آذار/ مارس2005. 3ـ يتم نشر مسودة الدستور على الشعب للتباحث والتعليق. 4 ـ تطرح مسودة نهائية للدستور على الشعب، ويجرى استفتاء شعبي للتصديق على الدستور. 5 ـ تجري انتخابات لحكومة عراقية جديدة بحلول 31 ديسمبر/كانون أول 2005، وعندها تنتهي صلاحية القانون الأساسي وتتولى حكومة جديدة السلطة. (3)
نظرة في الاتفاقية: . ومن خلال دراسة متأنية للاتفاقية الأنفة الذكر والتي جرى فرضها من قبل سلطة الاحتلال نستطيع تحديد السلبية التالية: . 1 ـ إن سلطة الاحتلال قدر فرضت على مجلس الحكم تحديد العناصر الأساسية لقانون إدارة الدولة، والذي هو بمثابة الدستور المؤقت للبلاد، كما أقرت الاتفاقية بعدم جواز إجراء أي تعديل عليه من قبل مجلس الحكم، كما جرى اعتبار القانون المذكور أساسا للدستور الذي جرى تشريعه فيما بعد ما عدى بعض الإضافات الهامشية التي لم تؤثر على
صلب الدستور.
2 ـ فرض الاتفاقية الأمنية من قبل سلطة الاحتلال على العراق، وتغطي الاتفاقية الأمنية وضع قوات التحالف في العراق، بما يتيح نطاقا واسعا من حرية الحركة. وهي عبارة مطاطية غير محددة تتيح لقوات الاحتلال قانونية التواجد على ارض العراق، وحرية تحركاتها كيفما، وقتما تشاء.
3 ـ مهدت الاتفاقية السبيل لإقامة كيانات ما دعته بالعراق الفيدرالي الذي كان بالأساس محصوراً بالنسبة لمنطقة كردستان العراق، مما أتاحت السبيل لقوى الإسلام الطائفي الشيعي للسعي لإقامة كيانات تستهدف تقطيع أوصال العراق باسم الفيدرالية، والذي يهدد بدوره في إشعال الحرب الطائفية في البلاد وتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي.
4 ـ فرضت الاتفاقية تحديد تواريخ متقاربة، وبصورة متعجلة، لإجراء انتخابات برلمانية في البلاد، وتشريع الدستور الدائم، في حين أن الأوضاع السائدة في البلاد لم تكن مناسبة لمثل هذه العجالة، فالشعب العراقي الذي كان قد خرج لتوه من ظلام أربعة عقود من الطغيان والفاشية لم يكن مهيئاً لمثل هذه العملية التي ستقرر مصير العراق لعقود طويلة، فكانت النتيجة هيمنة الأحزاب الدينية الطائفية التي قادت البلاد نحو الصراع الطائفي المسلح الذي نشهده اليوم بكل بشاعته وفضاعته، حيث الشعب دفع كل يوم ثمناً باهظاً من أرواح أبنائه، وتبدد حلمه بالخلاص من نظام صدام القمعي ليقع فريسة الإرهاب الطائفي.
مجلس الحكم يصدر بيانه السياسي الأول:
فور الإعلان عن تشكيل مجلس الحكم تم عقد اجتماع له برئاسة اكبر الأعضاء سناً، رجل الدين السيد محمد بحر العلوم، وحضر الاجتماع كل من الحاكم المدني الأمريكي للعراق [بول بريمر]،وممثل بريطانيا في العراق [جون ساورز]، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق [سيرجيو فييرا دي ميلو] ليعلن لهم تشكيل المجلس في وقت وصف فيه بريمر الاجتماع بأنه يوم تاريخي قائلاً: {يتحرك العراق نحو ما ينتمي إليه حقاً... نحو السلام مع نفسه وجيرانه، وإن المجلس سيمنح العراقيين دوراً مركزياً في إدارة بلادهم].(4) لكن الشعب العراقي سرعان ما وجد نفسه في معمعة الصراع الطائفي المقيت، وبات المواطنون لا يأتمنون على حياتهم وأموالهم وممتلكاتهم. . أما سيرجيو فيييرا دي ميلو فقد تحدث قائلاُ: . {ثمة لحظات حاسمة في التاريخ، واليوم بالتأكيد إحداها في العراق.(5)
لكن الرجل الطيب دي ميلو كان من بين أول الضحايا للصراع الطائفي اللعين، حيث قضى هو والعديد من رفاقه في عملية إجرامية جراء تفجير سيارة مفخخة استهدفت المقر الرسمي للأمم المتحدة في بغداد حيث تم تدميره بالكامل، بمن فيه من الموظفين التابعين للأمم المتحدة، مما دفع الأمين العام للمنظمة إلى غلق المكتب. .
أكد مجلس الحكم الانتقالي بعد اختتام أول اجتماع له انه سيركز علي الأمور الأساسية التالية:
1 ـ توفير الأمن والاستقرارفي البلاد.
2ـ إعادة بناء مؤسسات الدولة، والمجتمع المدني.
3ـ اقتراح مسودة للدستورالدائم للبلاد.
4ـ إقامة نظام ديمقراطي فدرالي في العراق.
وفي الثاني والعشرين من تموز2003 عقد مجلس الحكم جلسة له حيث برزت الاختلافات بين أعضائه حول من يكون رئيس المجلس، وأخيرا اقترح بريمر أن يتم تداول الرئاسة فيما بينهم شهرياً!!، وحسب تسلسل أبجدية الأسماء، إرضاءاً لقادة الأحزاب الاسلامية والقومية الكردية، وهكذا تولى الرئاسة الأولى السيد [إبراهيم الجعفري] زعيم حزب الدعوة الإسلامية، وأصدر المجلس بنهاية الاجتماع بيانه االتالي: .
بيان سياسي: . لقد تشكل مجلس الحكم العراقي، بمبادرة وطنية عراقية!!، تلبية لمتطلبات المرحلة الانتقالية، وأحكام قرار مجلس الأمن 1483، كخطوة أساسية على طريق استنهاض الوطن وبناءه، وتحقيق الاستقلال تمهيداً لتأسيس الحكومة الشرعية القائمة على أساس دستوري ديمقراطي.
ويأتي هذا الحدث في أعقاب سقوط النظام الاستبدادي، بفضل نضالات الشعب العراقي، ودعم قوى التحالف الدولي، والذي نأمل أن يوفر للشعب العراقي الفرصة لإعادة بناء دولته على أسس ديمقراطية سليمة تكفل له الحرية والأمن والحياة الرغيدة، ويواجه العراق أرثاً رهيباً من الدمار نتيجة سياسات التنكيل والقمع، والاضطهاد القومي والطائفي للنظام، ومغامراته الطائشة ضد دول الجوارالذي تمثل بما كشفته الصور المروعة لشهداء المقابر الجماعية، والخراب الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، لذا فإن أعباءاً جسّاما تواجه المجلس في هذه المرحلة العصيبة، الأمر الذي يستوجب تكاتف كل الخيرين من أبناء العراق، ومساندة كافة القوى الدولية والإسلامية والعربية.
وتتمحور المجالات الأساسية للمجلس في ضوء استقراء أعضائه للواقع العراقي والدولي، بالمهمات التالية: .
1 ـ توفير الأمن والاستقرار للمواطنين، وحماية ممتلكاتهم، وتفعيل أجهزة الدولة، وإعادة بناءها، وتحديداً أجهزة الشرطة العراقية والجيش، والتصدي الحازم لمحاولات الإرهاب والتخريب الموجهة من قبل فلول النظام البائد وأعوانه. .
2 ـ تصفية آثار الاستبداد السياسي والتمييز القومي والطائفي، واجتثاث حزب البعث وأفكاره من المجتمع العراقي، وترسيخ مبادىء الديمقراطية التعددية السياسية، والإسراع بتطبيق قرار مجلس الحكم المتعلق بتشكيل محاكم متخصصة لمقاضاة مسؤولي النظام البائد المشاركين في الجرائم ضد الشعب العراقي والإنسانية، وإنزال العقاب العادل بالمجرمين. كما يتعين أطلاق مبادرة المصالحة الوطنية مع الذين لم يرتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وإعادة تأهيلهم ضمن المجتمع العراقي في جو من المكاشفة وإقرار الحقائق. 3 ـ وضع الأسس لنظام ديمقراطي فدرالي تعددي يكفل الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان ويحترم الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، وحقوق المرأة، وتعزيز السلطة القضائية، وضمان استقلالها، ويقف في مقدمة ذلك إطلاق عملية ديمقراطية لإقرار دستور دائم للبلاد. .
4ـ توفير الخدمات العامة للمواطنين من خلال تفعيل أجهزة الدولة، واستئصال بؤر الفساد، والتخريب الذي يستهدف المرافق الاقتصادية، والخدمية، والحفاظ على البيئة.
5ـ إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل وتحسين الوضع المعاشي للمواطنين من خلال أتباع سياسة اقتصادية متوازنة قائمة على أساس تعبئة الموارد المالية، وتحسين الكفاءة الاقتصادية، وتشجيع القطاع الخاص، ومناخ الاستثمار، ومعالجة مشكلة الديون الخارجية، والمطالبة بإلغاء التعويضات الناجمة عن السياسات الكارثية للنظام البائد.
6 ـ تطوير وتأهيل القطاع النفطي، وإعادة هيكلة شركات النفط الوطنية وتطويرها بما يؤمن أهداف السياسة الاقتصادية الوطنية. .
7ـ تشكيل مؤسسة لرعاية ذوي الشهداء وتوفير التعويضات المناسبة لضحايا الاضطهاد الطائفي، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، ومصادرة الممتلكات التي تملكها النظام البائد. .
8 ـ يسعى المجلس لتطوير علاقات العراق الخارجية مع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، بما يكفل الأمن والاستقرار، والمصالح المتبادلة والمنافع المشتركة.
9 ـ إبلاء اهتمام كبير لتوثيق العلاقات مع الأمم المتحدة، وتطوير دورها في العملية السياسية، والإغاثة الإنسانية، وحماية حقوق الإنسان، وإعادة الأعمار، ولاسيما في إنجاز المهمات الملحة بالمرحلة الانتقالية. .
إن بناء العراق الجديد يبقى أساساً مهمة العراقيين، الأمر الذي يستوجب إشراك جميع مكونات المجتمع العراقي من عرب وكرد وتركمان و كلدو آشوريين، وغيرهم من الأقليات المتآخية الأخرى.
ويهيب المجلس بالعراقيين للتكاتف ويناشدهم العمل المشترك لإنجاز هذه المهمات الجسّام للمرحلة الانتقالية، وترسيخ أسس الوحدة الوطنية العراقية، والنهوض بالعراق من كبوته، واستعادة مكانته اللائقة بين الأمم. (6)
لكن المجلس ليس فقط لم يستطع أن يحقق ما تضمنه البيان المذكور، بل اغتصب حقوق المرأة العراقية التي تمثل نصف المجتمع العراقي التي ناضلت من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية لعقود طويلة، وخاضت من أجل ذلك معركة الحرية والإنعتاق، ودفعت الثمن غالياً من الدماء والدموع، وتحملت السجون والمعتقلات والتعذيب وحتى الإعدام من أجل أن تنال حقوقها الإنسانية التي سطرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي طالبت هيئة الأمم المتحدة بأن تتضمن دساتير الدول لنصوص ذلك الإعلان الذي يؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواحبات. فقد أصدر مجلس الحكم قراراً سرياً رقم 137 ألغى بموجبه قانون الأحوال المدنية رقم 188 لسنة 1959 والذي أصدرته حكومة الشهيد عبد الكريم قاسم النافذ منذ عشرات السنين، والذي كان انقلابيوا 8 شباط قد اجروا تعديلات عليه، وسلبوا العديد من الحقوق التي تخص المرأة، لكنهم لم يجرأوا على إلغائه بجرة قلم، كما فعل مجلس الحكم اليوم، وليعيدوا العمل بالشريعة الإسلامية التي كانت سائدة قبل أربعة عشر قرناً !!.
هكذا جاءت الإجراءات من قبل مجلس الحكم الذي وعد الشعب أن يحقق له عصراً من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان نكوص عن أماني الشعب وامتهان لحقوق نصف المجتمع العراقي المتمثل بالمرأة، وتثبيت جائر للمجتمع الذكوري الذي يعتبر المرأة سلعة يتصرف فيها كما يشاء دون قانون يحميها من ظلمه.
أن ذلك الإجراء قد أثار في نفوس العراقيين القلق المشروع لما ينتظرهم في مستقبل الأيام إذا كان هذا هو التوجه للسلطة التي تقود العراق والساعية إلى عودة عصر الحريم ، ودولة طالبان!! .
ولقد مثل ذلك القرار ناقوس الخطرالذي كان يدق بأعلى صوته أن هناك قوى رجعية مؤثرة في مجلس الحكم تسعى للعودة بالعراق القهقرى إلى العصور الماضية، ونحن في مقتبل القرن الحادي والعشرين، عصر تحرر الشعوب من ظلام العصور الماضية.
فهل ناضل الشعب ضد طغمة البعث الفاشية طيلة أربعة عقود، ودفع ثمنا باهظاً من أرواح أبنائه من أجل أن ينال حقوقه وحرياته كاملة غير منقوصة، ليجد نفسه اليوم بمواجه طغيان سلطة دينية وطائفية اشد وطأة وأقسى.
إن المرأة التي تمثل نصف المجتمع هي الأم والمربية والمدرسة، ولم يكن من الحكمة أن يكافئها مجلس الحكم في هذا العهد بالذات الذي توسم الشعب فيه عهد الحرية، وحقوق الإنسان والمساواة، بهذا القرار الجائر، لكي تبدأ المرأة كفاحها من أجل حقوقها المهضومة من نقطة الصفر من جديد ؟
ومن المؤسف أن تتجاهل القوى التي تتشدق بالديمقراطية والتقدمية وحقوق الإنسان هذا القرار، وكأن الأمر لا يعنيها، ولم يسمع المواطن العراقي أي احتجاج داخل مجلس الحكم على صدور هذا القرار.
كان لسان حال المواطن العراقي يتساءل:
هل كان ذلك الإجراء هو كل ما يشغل مجلس الحكم في تلك الأيام العصيبة التي يمر بها الشعب والوطن حيث يفتقد الأمان ولقمة العيش؟
هل حقق مجلس الحكم الأمن والسلام في ربوع العراق، وأتم مكافحة الإرهاب والإرهابيين الذين يمعنون خراباً ودماراً وتقتيلا للأبرياء؟ . هل حل مجلس الحكم مشكلة البطالة المتفشية بشكل رهيب في البلاد تلك البطالة التي اصبحت مرتعاً كبيراً للنشاط الإرهابي في البلاد.
هل تمت معالجة أزمات الكهرباء والماء والصرف الصحي والوقود وغيرها من الأزمات التي كان يعاني منها الشعب أم أنها تعمقت وتفاقمت إلى حد رهيب ؟
أليست هذه الأزمات والمشاكل هي التي كان ينبغي أن تمثل معالجتها أولى الأوليات لمجلس الحكم ؟
لقد كانت هذه هي المهام هي التي انتظرها الشعب من مجلس الحكم، لا إصدار قانون تحت غفلة من الزمن، وبشكل سري ينتهك حقوق وحريات نصف المجتمع العراقي، وكانت الحملة التي قادتها المرأة ومنظماتها المختلفة مدعومة بقوى المثقفين الديمقراطيين ضد ذلك القانون الرجعي هي التي أجبرت الحاكم المدني بريمر على أن يصدر قراراً بإبطال قرار مجلس الحكم.
كان الشعب العراقي ينتابه القلق البالغ بسبب إهمال معالجة هذه القضايا التي جرى استعراضها، وكان يشعر أن من حقه أن يطلب من مجلس الحكم أن يصارحه في كل ما يخص أحواله الحالية ومستقبله ومصيره، لكي يكون على بينة بما يجري، ويساهم مساهمة فعالة في دعم المجلس لإيصال السفينة العراقية إلى بر الأمان.
كان أمله أن يصارحه المجلس بما يدور وراء الأبواب المغلقة بين أعضائه، ويتساءل إن كان أعضاء المجلس قد وضعوا لهم خطوطاً عريضة لمشروع وطني يلتزم به الجميع نصاً وروحاً، ويعملون بتفانٍ لإنجازه، واضعين نصب أعينهم مصالح الشعب والوطن قبل أية مصالح فئوية أو حزبية أو طائفية للقوى والأحزاب المنضوية في هذا المجلس.
كان المشروع الوطني في تلك المرحلة الحساسة والبالغة الخطورة أمر ضروري لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن تحقيق طموحات الشعب بدونه، فقد كان العراق أشبه بسفينة تبحر في محيط هائج تتلاطمه الأمواج من كل صوب وإن إيصال هذه السفينة إلى شاطئ الحرية
والسلام والديمقراطية يتطلب قيادة موحدة للملاحين تضع أمامها أهداف محددة ومتفق عليها بين الجميع.
ولذلك فقد كان الشعب العراقي يتطلع أن يطلعه مجلس الحكم أولاً بأول عما يدور في أروقة المجلس، وما يتخذه من قرارات، وما يواجهه من عقبات سواء كانت من جانب الحاكم المدني بول بريمر، أو من جانب أعضائه ليكون على بينة من أمره، وهذا الأمر حقُ من حقوقه ينبغي أن يمارسه، وليس من حق أحد كائنا من كان أن يمنعه من ممارسة هذا الحق.
فمن حقه أن يطلع على ما يدور وراء الكواليس حول مواقف القوى السياسية التي تشكل المجلس، وما بينها من تناقض و خلافات، وأن يكون على بينة حول ظروف العمل داخل المجلس، ومدى ما يمتلكه من الصلاحيات، ومن حرية العمل، وحرية اتخاذ القرارات، وما مدى تدخل الحاكم المدني بريمر في اتخاذ القرارات وتنفيذها، فقد كان إطلاع الشعب على هذه الأمور أمر هام وضروري جداً، فقد كان مجلس الحكم بحاجة إلى دعم قوي يساعده على الحصول على صلاحيات ومساحات أوسع للتحرك في مختلف المجالات، وليس هناك من أحد يستطيع تقديم مثل هذا الدعم إلا الشعب الذي يملك من الطاقات ومن الإرادة، ومن القدرة على تقديم التضحيات ما يؤهله لصنع المعجزات، وإن أية حكومة تسند ظهرها إلى قوى شعبها، وتتحصن به تكون بكل تأكيد قادرة على تحقيق ما يصبوا إليه الشعب.
لكن مجلس الحكم كان في وادٍ والشعب العراقي في وادي آخر، فقد كانت الأخبار والتقارير تتوارد عن التنافس المحموم بين القوى السياسية الفاعلة في مجلس الحكم من أجل الحصول على أكبر قطعة من الكعكة العراقية في المرحلة الانتقالية القادمة عندما تسلم قوات الاحتلال حكم البلاد للعراقيين ، وتسعى كل فئة من الفئات المتنفذة في المجلس للهيمنة على الحكم في المرحلة القادمة .
فقد تواردت التقارير عن صراع بات مكشوفاً على مستوى الصحافة وبشكل خاص الصحافة الأمريكية بين الدكتور أحمد الجلبي ـ زعيم المؤتمر الوطني العراقي والدكتور أياد علاوي ـ زعيم حركة الوفاق المنشقة عن حزب البعث من أجل استلام القيادة في البلاد في المرحلة الانتقالية مستغلين العلاقات التي تربطهم بالعديد من القيادات الأمريكية المحافظة ووزارة الدفاع الأمريكية والمخابرات المركزية الأمريكية لنيل الحظوة المرجوة التي تؤهلهما لتولي قيادة البلاد. (7)
وقد تجلى هذا الصراع داخلياً في سعي الدكتور أحمد الجلبي إلى اجتثاث البعثيين من أجهزة الدولة ، وبشكل خاص من الدوائر الحساسة والمؤثرة ، في حين وقف السيد أياد علاوي على الضد من هذا الموقف مدعياً أن هذا التصرف لا يخدم المصالحة الوطنية ويظلم الكثير من البعثيين. كما أن السيد علاوي وحزبه كانا قد سعيا بشكل محموم إلى استقطاب البعثيين بدعوى كونهم لم يقوموا بأعمال إجرامية، من دون أن يثبت ذلك، ومن الخطورة بمكان تجاهل حقيقة أن الجهاز الحزبي كان يمثل السيف بيد الدكتاتور صدام حسين ، وكان جهازه التجسسي على المواطنين ، وتقديم التقارير التي أودت بحياة مئات الألوف من المواطنين العراقيين الشرفاء نتيجة تلك الوشايات التي تضمنتها تقاريرهم البائسة والمجرمة. وكان السعي للدفاع عن هؤلاء القتلة والجواسيس وتبرئة ساحتهم من الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا الذين ضمتهم المقابر الجماعية وسجون النظام البشعة ومثارمه التي ليس لها مثيل في العالم أجمع ، وكان السعي لضمهم إلى حزبه من أجل توسيع قاعدته الحزبية عمل مرفوض ويشكل أعظم خطر على مستقبل الديمقراطية في العراق .
ومن جانب آخر سعت القوى السياسية الإسلامية الشيعية حثيثاً من أجل الهيمنة على الشارع العراقي لفرض أجندتها الإسلامية من خلال الاستعجال بفرض الانتخابات التي لم تهيأ لها الظروف الأمنية، ولم يهيأ لها شعبنا الذي خرج لتوه من قمقم الدكتاتورية والفاشية، ولم يتمتع بثمار الديمقراطية التي حرم منها خلال عقود طويلة لكي يتفتح ذهنه على التطورات الديمقراطية الجارية في العالم أجمع ويمارس حقوقه الديمقراطية التي أقرها له المجتمع الدولي من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة، وكان تفكير قيادات تلك الأحزاب محصوراً في السعي للهيمنة على المجلس التأسيسي الانتقالي ، ومن ثم السلطة العليا في البلاد ، وسن الدستور الجديد بما يتوافق مع أجندتهم الإسلامية الطائفية التي اوصلت البلاد فيما بعد للحرب الأهلية الطائفية.
كان ما يحتاجه العراق في تلك الأيام وفي المرحلة الانتقالية التي تلتها هو قيام نظام حكم مستقل عن هيمنة الأحزاب الدينية وغير الدينية يقوده رئيس مؤقت مستقل مشهود له بالوطنية الصادقة وحكومة تنكوقراط من العناصر الوطنية المستقلة النظيفة لمدة لا تزيد عن عام أو عامين على أبعد تقدير، تأخذ على عاتقها أحلال الأمن والنظام العام في البلاد ، وإرساء أسس الديمقراطية، و تهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، وتحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ، وسن دستور علماني يضمن الحقوق المشروعة لأبناء شعبنا من أجل إقامة نظام ديمقراطي يصون الحريات العامة ويضمن الحرية والعدالة والعيش الكريم لسائر أطياف المجتمع العراقي ، ويضمن حرية التنظيم الحزبي والنقابي، وضمان حرية الصحافة وحرية الرأي والعقيدة وغيرها من الحريات العامة الأخرى.
7/4/2008
بعد الضغوطات التي مارستها القوى والأحزاب السياسية في البلاد من جهة، والاستنكار العالمي للاحتلال الأمريكي للعراق من جهة أخرى، اضطرت الولايات المتحدة إلى إقامة سلطة عراقية مؤقتة تحت إشراف الحاكم الأمريكي بريمر، أطلقت عليها [ مجلس الحكم ] لإدارة شؤون البلاد. لكن الحكم الفعلي بقي بيد بريمر، حيث يتمتع بصلاحيات مطلقة في حكم البلاد، وقد جرى اختيار أعضاء المجلس المتكون من [25] عضواً من قبله على أساس المحاصصة الطائفية والعرقية، حيث نالت أحزاب الإسلام السياسي الشيعي حصة الأسد في المجلس، وحصلت على [14] مقعدا. في حين حصلت الأحزاب القومية الكردية على[5] مقاعد في المجلس، وبذلك أصبح لتحالف المجموعتين أغلبية الثلثين بالمجلس.
وجاء تشكيل المجلس على الوجه التالي:
1 ـ إبراهيم الجعفريي ـ زعيم حزب الدعوة الإسلامي
2 ـ أحمد شياع البراك ـ شيخ عشيرة
3ـ أحمد الجلبي ـ زعيم جزب المؤتمر الوطني العراقي.
4 ـ إياد علاوي ـ زعيم كتلة الوفاق الوطني العراقي.
5ـ جلال الطالباني ـ زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني.
6 ـ حميد مجيد موسى ـ سكرتير الحزب الشيوعي العراقي.
7 ـ دارا نور الدين ـ قاضي ومعارض سابق.
8 ـ عبد الكريم المحمداوي ـ رئيس حزب الله العراقي.
9ـ عدنان الباجه جي ـ زعيم تجمع الديمقراطيين العراقيين المستقلين>
10ـ عقيلة الهاشمي ـ دبلوماسية سابقة في وزارة خارجية حكومة صدام.
11 ـ غازي عجيل الياورـ أحد شيوخ شمر، مهندس ومقيم في السعودية.
12ـ محسن عبد الحميد ـ زعيم الحزب الإسلامي العراقي.
13ـ محمد بحر العلوم ـ رجل دين شيعي ورئيس مؤسسة أهل البيت .
14ـ محمود عثمان ـ سياسي كردي مستقل.
15 ـ مسعود البارزاني ـ زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني.
16ـ موفق الربيعي ـ طبيب ومقيم لفترة طويلة في لندن.
17ـ نصير كامل الجادرجي ـ زعيم الحزب الوطني الديمقراطي.
18 ـ وائل عبد اللطيف ـ قاض منذ بداية الثمانينات.
19 ـ يونادم كنه ـ زعيم الحركة الآشورية الديمقراطية.
20 ـ رجاء حبيب الخزاعي ـ مديرة مستشفى للولادة.
21ـ سمير شاكر محمود الصميدعي، رجل أعمال .
22ـ صلاح الدين محمد ـ زعيم حزب الاتحاد الإسلامي الكردستانيز
23ـ صونكول جاجوك، مهندسة تركمانية.
24ـ عز الدين سليم ـ زعيم حزب الدعوة الإسلامية في البصرة.
25ـ عبد العزيز الحكيم ـ زعيم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية.
لقد جاء تكوين مجلس الحكم بهذه الصيغة ليكرس الحكم الطائفي في البلاد، وانعكاساته الخطيرة على تماسك البنية الاجتماعية العراقية، وتأجيج الصراع الطائفي وصولا إلى الصراع المسلح، وتصاعد النشاط الإرهابي بين قوى الطائفتين الشيعية والسنية، والتي أوصلت البلاد إلى أتون الحرب الأهلية التي باتت تحصد المئات من أرواح المواطنين الأبرياء.
لقد كان الأجدر بالإدارة الأمريكية، لو كانت تبتغي حقاً إقامة نظام ديمقراطي حقيقي في البلاد، وهي التي بشرت الشعب العراقي بالديمقراطية أن تقيم حكومة تضم شخصيات وطنية علمانية ولبرالية تؤمن حقاً وصدقاً بالديمقراطية كنظام منشود، ومشهود لها بالكفاءة ونظافة اليد، ولم يسبق لها أن ارتبطت بأية وشيجة مع النظام الدكتاتوري السابق، لكي تتولى السلطة لفترة زمنية محددة من أجل إعادة الأمن والسلام في البلاد، وإصلاح ما خربته الحروب الكارثية التي ورط نظام صدام العراق بها، وبناء القاعدة الأساسية للنظام الديمقراطي المنشود، وتهيئة الظروف الطبيعية والديمقراطية المناسبة لإجراء الانتخابات البرلمانية في البلاد، بعد أربعين عاماً من الحكم الدكتاتوري القمعي الذي عاش الشعب العراقي بظله، مما جعله غير مهيأ بالمرة لانتخابات برلمانية عاجلة كانت نتائجها معروفة سلفا جراء هيمنة قوى الأحزاب الطائفية الشيعية، والأحزاب القومية الكردية على الساحة العراقية بتأثير الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام السابق بحق الشعب الكردي، والطائفة الشيعية في جنوب ووسط العراق، واستغلال التأثير الطائفي والعرقي لتحقيق مكاسب وأهداف سياسية، ولتكريس الطائفية والعرقية في البلاد، فكانت النتيجة قيام نظام تقوده قوى الإسلام السياسي الطائفي الرجعي، والمرتبط بوشائج عدة مع نظام جمهورية إيران الإسلامية، والتي مكنت النظام الإيراني ومخابراته من لعب دور خطير على الساحة العراقية، وتغلغلها في كافة مرافق الدولة، مما كانت له نتائج خطيرة على الوضع الأمني في البلاد، وعلى القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة التي باتت تخشى على مصالحها في منطقة الخليج. لكن الإدارة الأمريكية استمرت في ارتكاب المزيد من الأخطاء التي أوقعتها في نهاية المطاف في مأزق خطير لا تستطيع الفكاك منه، كما سنرى فيما بعد. <.وهكذا استحصلت الولايات المتحدة قراراً من مجلس الأمن يتضمن إقامة ما دعته مجلس الحكم، وقد جرى اختياره من قبل الحاكم المدني الأمريكي بريمر، وجرى تسليمه السلطة التي لم تكن سوى سلطة شكلية، حيث الإدارة الأمريكية وأداتها العسكرية وسلطة الحاكم المدني بريمر في واقع الحال هي الحاكم الفعلي للبلاد، وقامت بوضع الضوابط التي ينبغي أن يلتزم بها مجلس الحكم بموجب اتفاقية مفروضة على المجلس حيث جرى التوقيع عليها بين الطرفين أطلق عليها الحاكم المدني بريمر[اتفاقية العملية السياسية]، والتي أظهرت بكل وضوح وجلاء الهيمنة المطلقة للولايات المتحدة على مقدرات الحكم في البلاد، كما هو وارد في نص الاتفاقية، ولم يكن مجلس الحكم قادراً على اتخاذ أي قرار دون موافقة الحاكم المدني بريمر.
ثالثاً: اتفاقية العملية السياسية بين سلطة الاحتلال والمجلس
بعد أن تم تشكيل مجلس الحكم من قبل الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر جاءت الخطوة الثانية لتحدد العلاقة بين سلطة الاحتلال ومجلس الحكم من جهة، ولتحديد القانون الأساسي الذي سيلتزم به مجلس الحكم في إدارة البلاد، وقد مثل هذا القانون الأساس المادي لدستور العراق الذي جرى تشريعه من قبل البرلمان فيما بعد، فيما استطاعت أحزاب الإسلام السياسي الشيعية فرض ديباجة الدستور وبعض المواد والفقرات التي تشير إلى طائفيه الدستور، كما استطاعت الأحزاب القومية الكردية فرض العديد من المواد المتعلقة بالفيدرالية وصلاحيات الأقاليم والثروة الوطنية فكانت لها حصة الأسد في صياغة مواد الدستور، والذي سنتناوله فيما بعد. وهذا هو نص القانون الذي أطلق عليه اتفاقية العملية السياسية بين سلطة الاحتلال ومجلس الحكم: . القانون الأساسي: . تجري صياغة القانون الأساسي من قبل مجلس الحكم العراقي، بالتشاور الوثيق مع سلطة التحالف المؤقتة، ويجري إقراره من جانب مجلس الحكم وسلطة التحالف، بحيث يحدد رسميا مدى وهيكل الإدارة الانتقالية العراقية ذات السيادة. . عناصر القانون الأساسي: . يشمل القانون الأساسي مسودة الحقوق، وتشمل حرية التعبير والتشريع، والدين، وبيان المساواة في الحقوق بين كافة العراقيين، بغض النظر عن النوع، أو الطائفة، أو العرق، وتضمن المسار الملائم لإقرار تلك الحقوق وصيانتها، والتي تشتمل على الأسس التالية: 1ـ الترتيبات الفدرالية للعراق، بما يشمل المحافظات، وتحديد السلطات التي تضطلع بها الهيئات المركزية والمحلية، والفصل بين تلك السلطات. . 2ـ بيان استقلال القضاء، وآلية المراجعة القضائية. . 3ـ بيان السيطرة السياسية المدنية على القوات المسلحة العراقية. . 4 ــ بيان بعدم إمكان تعديل القانون الأساسي . 5ـ موعد انتهاء صلاحية القانون الأساسي. 6ـ الجدول الزمني لصياغة الدستور العراقي الدائم من جانب هيئة ينتخبها الشعب العراقي انتخابا مباشرا، وكذلك جدولا زمنيا للتصديق على الدستور الدائم، ولإجراء الانتخابات في ظل الدستور الجديد. . 7ـ صياغة وإقرار القانون الأساسي بحيث يستكمل بحلول28 شباط/ فبراير 2004.
الاتفاقات مع التحالف حول العلاقة الأمنية:
يتطلب أن تتفق سلطة التحالف المؤقتة ومجلس الحكم العراقي على الاتفاقات الأمنية، وتغطي الاتفاقات الأمنية وضع قوات التحالف في العراق، بما يتيح لها نطاقا واسعا من حرية توفير أمن وسلامة الشعب العراقي، ويتم استكمال إقرار الاتفاقات الثنائية بنهاية مارس/آذار 2004
اختيار الجمعية الوطنية الانتقالية:
يحدد القانون الأساسي أجهزة المنظومة الوطنية، كما يوضح في نهاية المطاف تفصيلا للعملية التي سيجري من خلالها اختيار الأفراد لتلك الأجهزة، غير أنه يتعين الاتفاق على خطوط إرشادية معينة اتفاقا مسبقا. . لن تكون الجمعية الانتقالية توسيعا لدور مجلس الحكم العراقي. ولن يكون لمجلس الحكم دور رسمي في اختيار أعضاء الجمعية، وسوف ينحل مجلس الحكم مع تشكيل الإدارة الانتقالية، والاعتراف بها. غير أنه يمكن أن يخدم أفراد من مجلس الحكم في الجمعية الانتقالية، شريطة أن يتم انتخابهم وفق العملية الموضحة أدناه: . 1ـ يجري انتخاب أعضاء الجمعية الوطنية الانتقالية وفق عملية تتسم بالشفافية، والديمقراطية عبر لجان بحثية في كافة محافظات العراق الثمانية عشرة. . 2ـ في كل محافظة تشرف سلطة التحالف المؤقتة على عملية يتم بمقتضاها تشكيل لجنة تنظيمية من العراقيين. وتشمل هذه اللجنة التنظيمية خمسة أفراد يعينهم مجلس الحكم، وخمسة أفراد يعينهم المجلس المؤقت، وفردا واحدا يعينه المجلس المحلي لأكبر خمس مدن داخل المحافظة. . 3ـ سيكون غرض اللجنة التنظيمية الدعوة لانعقاد لجنة انتقاء بالمحافظة من الأعيان من أنحاء المحافظة المختلفة، وللقيام بذلك يتطلب ترشيح أسماء من الأحزاب السياسية، والمجالس الإقليمية المحلية والهيئات المتخصصة والمدنية والكليات الجامعية، والجماعات القبلية والدينية. . 4ـ يتعين أن يفي المرشحون بالمعايير المحددة لقبول الترشيح والمنصوص عليها في القانون الأساسي. وسيتعين الموافقة على ترشيح أي مرشح بأغلبية 11 من 15 من اللجنة التنظيمية، لاختيار هذا المرشح كعضو في لجنة الانتقاء البحثية للمحافظة. . 5 ـ تنتخب كل لجنة انتقاء بحثية لكل محافظة ممثلين يمثلون المحافظة في الجمعية الانتقالية الجديدة على أساس نسبة سكان المحافظة.
6 ـ تنتخب الجمعية الوطنية الانتقالية في موعد أقصاه 31 أيار 2004.
إعادة السيادة للعراق:
1ـ بعد عملية اختيار أعضاء الجمعية الانتقالية، ستجتمع الجمعية لانتخاب مجلس تنفيذي، ولتعيين مجلس الوزراء. . 2 ـ بحلول 30 يونيو/حزيران 2004، سيكون التحالف قد اعترف بالإدارة الانتقالية الجديدة، وسوف تتولى تلك الإدارة صلاحيات سيادية كاملة لحكم العراق. وستنحل سلطة التحالف المؤقتة.
عملية إقرار الدستور الدائم
سوف يشتمل القانون الأساسي في نهاية المطاف على العملية الدستورية والجدول الزمني، غير أنه يلزم الاتفاق عليهما اتفاقا مسبقا، كما هو مفصل أدناه. 1ـ يقوم مؤتمر دستوري ينتخبه الشعب العراقي انتخابا مباشرا، بإعداد دستور دائم للعراق. 2ـ تجري الانتخابات للمؤتمر الدستوري في موعد أقصاه15 آذار/ مارس2005. 3ـ يتم نشر مسودة الدستور على الشعب للتباحث والتعليق. 4 ـ تطرح مسودة نهائية للدستور على الشعب، ويجرى استفتاء شعبي للتصديق على الدستور. 5 ـ تجري انتخابات لحكومة عراقية جديدة بحلول 31 ديسمبر/كانون أول 2005، وعندها تنتهي صلاحية القانون الأساسي وتتولى حكومة جديدة السلطة. (3)
نظرة في الاتفاقية: . ومن خلال دراسة متأنية للاتفاقية الأنفة الذكر والتي جرى فرضها من قبل سلطة الاحتلال نستطيع تحديد السلبية التالية: . 1 ـ إن سلطة الاحتلال قدر فرضت على مجلس الحكم تحديد العناصر الأساسية لقانون إدارة الدولة، والذي هو بمثابة الدستور المؤقت للبلاد، كما أقرت الاتفاقية بعدم جواز إجراء أي تعديل عليه من قبل مجلس الحكم، كما جرى اعتبار القانون المذكور أساسا للدستور الذي جرى تشريعه فيما بعد ما عدى بعض الإضافات الهامشية التي لم تؤثر على
صلب الدستور.
2 ـ فرض الاتفاقية الأمنية من قبل سلطة الاحتلال على العراق، وتغطي الاتفاقية الأمنية وضع قوات التحالف في العراق، بما يتيح نطاقا واسعا من حرية الحركة. وهي عبارة مطاطية غير محددة تتيح لقوات الاحتلال قانونية التواجد على ارض العراق، وحرية تحركاتها كيفما، وقتما تشاء.
3 ـ مهدت الاتفاقية السبيل لإقامة كيانات ما دعته بالعراق الفيدرالي الذي كان بالأساس محصوراً بالنسبة لمنطقة كردستان العراق، مما أتاحت السبيل لقوى الإسلام الطائفي الشيعي للسعي لإقامة كيانات تستهدف تقطيع أوصال العراق باسم الفيدرالية، والذي يهدد بدوره في إشعال الحرب الطائفية في البلاد وتمزيق النسيج الاجتماعي للشعب العراقي.
4 ـ فرضت الاتفاقية تحديد تواريخ متقاربة، وبصورة متعجلة، لإجراء انتخابات برلمانية في البلاد، وتشريع الدستور الدائم، في حين أن الأوضاع السائدة في البلاد لم تكن مناسبة لمثل هذه العجالة، فالشعب العراقي الذي كان قد خرج لتوه من ظلام أربعة عقود من الطغيان والفاشية لم يكن مهيئاً لمثل هذه العملية التي ستقرر مصير العراق لعقود طويلة، فكانت النتيجة هيمنة الأحزاب الدينية الطائفية التي قادت البلاد نحو الصراع الطائفي المسلح الذي نشهده اليوم بكل بشاعته وفضاعته، حيث الشعب دفع كل يوم ثمناً باهظاً من أرواح أبنائه، وتبدد حلمه بالخلاص من نظام صدام القمعي ليقع فريسة الإرهاب الطائفي.
مجلس الحكم يصدر بيانه السياسي الأول:
فور الإعلان عن تشكيل مجلس الحكم تم عقد اجتماع له برئاسة اكبر الأعضاء سناً، رجل الدين السيد محمد بحر العلوم، وحضر الاجتماع كل من الحاكم المدني الأمريكي للعراق [بول بريمر]،وممثل بريطانيا في العراق [جون ساورز]، والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى العراق [سيرجيو فييرا دي ميلو] ليعلن لهم تشكيل المجلس في وقت وصف فيه بريمر الاجتماع بأنه يوم تاريخي قائلاً: {يتحرك العراق نحو ما ينتمي إليه حقاً... نحو السلام مع نفسه وجيرانه، وإن المجلس سيمنح العراقيين دوراً مركزياً في إدارة بلادهم].(4) لكن الشعب العراقي سرعان ما وجد نفسه في معمعة الصراع الطائفي المقيت، وبات المواطنون لا يأتمنون على حياتهم وأموالهم وممتلكاتهم. . أما سيرجيو فيييرا دي ميلو فقد تحدث قائلاُ: . {ثمة لحظات حاسمة في التاريخ، واليوم بالتأكيد إحداها في العراق.(5)
لكن الرجل الطيب دي ميلو كان من بين أول الضحايا للصراع الطائفي اللعين، حيث قضى هو والعديد من رفاقه في عملية إجرامية جراء تفجير سيارة مفخخة استهدفت المقر الرسمي للأمم المتحدة في بغداد حيث تم تدميره بالكامل، بمن فيه من الموظفين التابعين للأمم المتحدة، مما دفع الأمين العام للمنظمة إلى غلق المكتب. .
أكد مجلس الحكم الانتقالي بعد اختتام أول اجتماع له انه سيركز علي الأمور الأساسية التالية:
1 ـ توفير الأمن والاستقرارفي البلاد.
2ـ إعادة بناء مؤسسات الدولة، والمجتمع المدني.
3ـ اقتراح مسودة للدستورالدائم للبلاد.
4ـ إقامة نظام ديمقراطي فدرالي في العراق.
وفي الثاني والعشرين من تموز2003 عقد مجلس الحكم جلسة له حيث برزت الاختلافات بين أعضائه حول من يكون رئيس المجلس، وأخيرا اقترح بريمر أن يتم تداول الرئاسة فيما بينهم شهرياً!!، وحسب تسلسل أبجدية الأسماء، إرضاءاً لقادة الأحزاب الاسلامية والقومية الكردية، وهكذا تولى الرئاسة الأولى السيد [إبراهيم الجعفري] زعيم حزب الدعوة الإسلامية، وأصدر المجلس بنهاية الاجتماع بيانه االتالي: .
بيان سياسي: . لقد تشكل مجلس الحكم العراقي، بمبادرة وطنية عراقية!!، تلبية لمتطلبات المرحلة الانتقالية، وأحكام قرار مجلس الأمن 1483، كخطوة أساسية على طريق استنهاض الوطن وبناءه، وتحقيق الاستقلال تمهيداً لتأسيس الحكومة الشرعية القائمة على أساس دستوري ديمقراطي.
ويأتي هذا الحدث في أعقاب سقوط النظام الاستبدادي، بفضل نضالات الشعب العراقي، ودعم قوى التحالف الدولي، والذي نأمل أن يوفر للشعب العراقي الفرصة لإعادة بناء دولته على أسس ديمقراطية سليمة تكفل له الحرية والأمن والحياة الرغيدة، ويواجه العراق أرثاً رهيباً من الدمار نتيجة سياسات التنكيل والقمع، والاضطهاد القومي والطائفي للنظام، ومغامراته الطائشة ضد دول الجوارالذي تمثل بما كشفته الصور المروعة لشهداء المقابر الجماعية، والخراب الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، لذا فإن أعباءاً جسّاما تواجه المجلس في هذه المرحلة العصيبة، الأمر الذي يستوجب تكاتف كل الخيرين من أبناء العراق، ومساندة كافة القوى الدولية والإسلامية والعربية.
وتتمحور المجالات الأساسية للمجلس في ضوء استقراء أعضائه للواقع العراقي والدولي، بالمهمات التالية: .
1 ـ توفير الأمن والاستقرار للمواطنين، وحماية ممتلكاتهم، وتفعيل أجهزة الدولة، وإعادة بناءها، وتحديداً أجهزة الشرطة العراقية والجيش، والتصدي الحازم لمحاولات الإرهاب والتخريب الموجهة من قبل فلول النظام البائد وأعوانه. .
2 ـ تصفية آثار الاستبداد السياسي والتمييز القومي والطائفي، واجتثاث حزب البعث وأفكاره من المجتمع العراقي، وترسيخ مبادىء الديمقراطية التعددية السياسية، والإسراع بتطبيق قرار مجلس الحكم المتعلق بتشكيل محاكم متخصصة لمقاضاة مسؤولي النظام البائد المشاركين في الجرائم ضد الشعب العراقي والإنسانية، وإنزال العقاب العادل بالمجرمين. كما يتعين أطلاق مبادرة المصالحة الوطنية مع الذين لم يرتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وإعادة تأهيلهم ضمن المجتمع العراقي في جو من المكاشفة وإقرار الحقائق. 3 ـ وضع الأسس لنظام ديمقراطي فدرالي تعددي يكفل الحريات العامة وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الإنسان ويحترم الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، وحقوق المرأة، وتعزيز السلطة القضائية، وضمان استقلالها، ويقف في مقدمة ذلك إطلاق عملية ديمقراطية لإقرار دستور دائم للبلاد. .
4ـ توفير الخدمات العامة للمواطنين من خلال تفعيل أجهزة الدولة، واستئصال بؤر الفساد، والتخريب الذي يستهدف المرافق الاقتصادية، والخدمية، والحفاظ على البيئة.
5ـ إنعاش الاقتصاد الوطني وخلق فرص العمل وتحسين الوضع المعاشي للمواطنين من خلال أتباع سياسة اقتصادية متوازنة قائمة على أساس تعبئة الموارد المالية، وتحسين الكفاءة الاقتصادية، وتشجيع القطاع الخاص، ومناخ الاستثمار، ومعالجة مشكلة الديون الخارجية، والمطالبة بإلغاء التعويضات الناجمة عن السياسات الكارثية للنظام البائد.
6 ـ تطوير وتأهيل القطاع النفطي، وإعادة هيكلة شركات النفط الوطنية وتطويرها بما يؤمن أهداف السياسة الاقتصادية الوطنية. .
7ـ تشكيل مؤسسة لرعاية ذوي الشهداء وتوفير التعويضات المناسبة لضحايا الاضطهاد الطائفي، والإبادة الجماعية، والتطهير العرقي، ومصادرة الممتلكات التي تملكها النظام البائد. .
8 ـ يسعى المجلس لتطوير علاقات العراق الخارجية مع الدول العربية والإسلامية والمجتمع الدولي، بما يكفل الأمن والاستقرار، والمصالح المتبادلة والمنافع المشتركة.
9 ـ إبلاء اهتمام كبير لتوثيق العلاقات مع الأمم المتحدة، وتطوير دورها في العملية السياسية، والإغاثة الإنسانية، وحماية حقوق الإنسان، وإعادة الأعمار، ولاسيما في إنجاز المهمات الملحة بالمرحلة الانتقالية. .
إن بناء العراق الجديد يبقى أساساً مهمة العراقيين، الأمر الذي يستوجب إشراك جميع مكونات المجتمع العراقي من عرب وكرد وتركمان و كلدو آشوريين، وغيرهم من الأقليات المتآخية الأخرى.
ويهيب المجلس بالعراقيين للتكاتف ويناشدهم العمل المشترك لإنجاز هذه المهمات الجسّام للمرحلة الانتقالية، وترسيخ أسس الوحدة الوطنية العراقية، والنهوض بالعراق من كبوته، واستعادة مكانته اللائقة بين الأمم. (6)
لكن المجلس ليس فقط لم يستطع أن يحقق ما تضمنه البيان المذكور، بل اغتصب حقوق المرأة العراقية التي تمثل نصف المجتمع العراقي التي ناضلت من أجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية لعقود طويلة، وخاضت من أجل ذلك معركة الحرية والإنعتاق، ودفعت الثمن غالياً من الدماء والدموع، وتحملت السجون والمعتقلات والتعذيب وحتى الإعدام من أجل أن تنال حقوقها الإنسانية التي سطرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي طالبت هيئة الأمم المتحدة بأن تتضمن دساتير الدول لنصوص ذلك الإعلان الذي يؤكد على المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواحبات. فقد أصدر مجلس الحكم قراراً سرياً رقم 137 ألغى بموجبه قانون الأحوال المدنية رقم 188 لسنة 1959 والذي أصدرته حكومة الشهيد عبد الكريم قاسم النافذ منذ عشرات السنين، والذي كان انقلابيوا 8 شباط قد اجروا تعديلات عليه، وسلبوا العديد من الحقوق التي تخص المرأة، لكنهم لم يجرأوا على إلغائه بجرة قلم، كما فعل مجلس الحكم اليوم، وليعيدوا العمل بالشريعة الإسلامية التي كانت سائدة قبل أربعة عشر قرناً !!.
هكذا جاءت الإجراءات من قبل مجلس الحكم الذي وعد الشعب أن يحقق له عصراً من الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان نكوص عن أماني الشعب وامتهان لحقوق نصف المجتمع العراقي المتمثل بالمرأة، وتثبيت جائر للمجتمع الذكوري الذي يعتبر المرأة سلعة يتصرف فيها كما يشاء دون قانون يحميها من ظلمه.
أن ذلك الإجراء قد أثار في نفوس العراقيين القلق المشروع لما ينتظرهم في مستقبل الأيام إذا كان هذا هو التوجه للسلطة التي تقود العراق والساعية إلى عودة عصر الحريم ، ودولة طالبان!! .
ولقد مثل ذلك القرار ناقوس الخطرالذي كان يدق بأعلى صوته أن هناك قوى رجعية مؤثرة في مجلس الحكم تسعى للعودة بالعراق القهقرى إلى العصور الماضية، ونحن في مقتبل القرن الحادي والعشرين، عصر تحرر الشعوب من ظلام العصور الماضية.
فهل ناضل الشعب ضد طغمة البعث الفاشية طيلة أربعة عقود، ودفع ثمنا باهظاً من أرواح أبنائه من أجل أن ينال حقوقه وحرياته كاملة غير منقوصة، ليجد نفسه اليوم بمواجه طغيان سلطة دينية وطائفية اشد وطأة وأقسى.
إن المرأة التي تمثل نصف المجتمع هي الأم والمربية والمدرسة، ولم يكن من الحكمة أن يكافئها مجلس الحكم في هذا العهد بالذات الذي توسم الشعب فيه عهد الحرية، وحقوق الإنسان والمساواة، بهذا القرار الجائر، لكي تبدأ المرأة كفاحها من أجل حقوقها المهضومة من نقطة الصفر من جديد ؟
ومن المؤسف أن تتجاهل القوى التي تتشدق بالديمقراطية والتقدمية وحقوق الإنسان هذا القرار، وكأن الأمر لا يعنيها، ولم يسمع المواطن العراقي أي احتجاج داخل مجلس الحكم على صدور هذا القرار.
كان لسان حال المواطن العراقي يتساءل:
هل كان ذلك الإجراء هو كل ما يشغل مجلس الحكم في تلك الأيام العصيبة التي يمر بها الشعب والوطن حيث يفتقد الأمان ولقمة العيش؟
هل حقق مجلس الحكم الأمن والسلام في ربوع العراق، وأتم مكافحة الإرهاب والإرهابيين الذين يمعنون خراباً ودماراً وتقتيلا للأبرياء؟ . هل حل مجلس الحكم مشكلة البطالة المتفشية بشكل رهيب في البلاد تلك البطالة التي اصبحت مرتعاً كبيراً للنشاط الإرهابي في البلاد.
هل تمت معالجة أزمات الكهرباء والماء والصرف الصحي والوقود وغيرها من الأزمات التي كان يعاني منها الشعب أم أنها تعمقت وتفاقمت إلى حد رهيب ؟
أليست هذه الأزمات والمشاكل هي التي كان ينبغي أن تمثل معالجتها أولى الأوليات لمجلس الحكم ؟
لقد كانت هذه هي المهام هي التي انتظرها الشعب من مجلس الحكم، لا إصدار قانون تحت غفلة من الزمن، وبشكل سري ينتهك حقوق وحريات نصف المجتمع العراقي، وكانت الحملة التي قادتها المرأة ومنظماتها المختلفة مدعومة بقوى المثقفين الديمقراطيين ضد ذلك القانون الرجعي هي التي أجبرت الحاكم المدني بريمر على أن يصدر قراراً بإبطال قرار مجلس الحكم.
كان الشعب العراقي ينتابه القلق البالغ بسبب إهمال معالجة هذه القضايا التي جرى استعراضها، وكان يشعر أن من حقه أن يطلب من مجلس الحكم أن يصارحه في كل ما يخص أحواله الحالية ومستقبله ومصيره، لكي يكون على بينة بما يجري، ويساهم مساهمة فعالة في دعم المجلس لإيصال السفينة العراقية إلى بر الأمان.
كان أمله أن يصارحه المجلس بما يدور وراء الأبواب المغلقة بين أعضائه، ويتساءل إن كان أعضاء المجلس قد وضعوا لهم خطوطاً عريضة لمشروع وطني يلتزم به الجميع نصاً وروحاً، ويعملون بتفانٍ لإنجازه، واضعين نصب أعينهم مصالح الشعب والوطن قبل أية مصالح فئوية أو حزبية أو طائفية للقوى والأحزاب المنضوية في هذا المجلس.
كان المشروع الوطني في تلك المرحلة الحساسة والبالغة الخطورة أمر ضروري لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن تحقيق طموحات الشعب بدونه، فقد كان العراق أشبه بسفينة تبحر في محيط هائج تتلاطمه الأمواج من كل صوب وإن إيصال هذه السفينة إلى شاطئ الحرية
والسلام والديمقراطية يتطلب قيادة موحدة للملاحين تضع أمامها أهداف محددة ومتفق عليها بين الجميع.
ولذلك فقد كان الشعب العراقي يتطلع أن يطلعه مجلس الحكم أولاً بأول عما يدور في أروقة المجلس، وما يتخذه من قرارات، وما يواجهه من عقبات سواء كانت من جانب الحاكم المدني بول بريمر، أو من جانب أعضائه ليكون على بينة من أمره، وهذا الأمر حقُ من حقوقه ينبغي أن يمارسه، وليس من حق أحد كائنا من كان أن يمنعه من ممارسة هذا الحق.
فمن حقه أن يطلع على ما يدور وراء الكواليس حول مواقف القوى السياسية التي تشكل المجلس، وما بينها من تناقض و خلافات، وأن يكون على بينة حول ظروف العمل داخل المجلس، ومدى ما يمتلكه من الصلاحيات، ومن حرية العمل، وحرية اتخاذ القرارات، وما مدى تدخل الحاكم المدني بريمر في اتخاذ القرارات وتنفيذها، فقد كان إطلاع الشعب على هذه الأمور أمر هام وضروري جداً، فقد كان مجلس الحكم بحاجة إلى دعم قوي يساعده على الحصول على صلاحيات ومساحات أوسع للتحرك في مختلف المجالات، وليس هناك من أحد يستطيع تقديم مثل هذا الدعم إلا الشعب الذي يملك من الطاقات ومن الإرادة، ومن القدرة على تقديم التضحيات ما يؤهله لصنع المعجزات، وإن أية حكومة تسند ظهرها إلى قوى شعبها، وتتحصن به تكون بكل تأكيد قادرة على تحقيق ما يصبوا إليه الشعب.
لكن مجلس الحكم كان في وادٍ والشعب العراقي في وادي آخر، فقد كانت الأخبار والتقارير تتوارد عن التنافس المحموم بين القوى السياسية الفاعلة في مجلس الحكم من أجل الحصول على أكبر قطعة من الكعكة العراقية في المرحلة الانتقالية القادمة عندما تسلم قوات الاحتلال حكم البلاد للعراقيين ، وتسعى كل فئة من الفئات المتنفذة في المجلس للهيمنة على الحكم في المرحلة القادمة .
فقد تواردت التقارير عن صراع بات مكشوفاً على مستوى الصحافة وبشكل خاص الصحافة الأمريكية بين الدكتور أحمد الجلبي ـ زعيم المؤتمر الوطني العراقي والدكتور أياد علاوي ـ زعيم حركة الوفاق المنشقة عن حزب البعث من أجل استلام القيادة في البلاد في المرحلة الانتقالية مستغلين العلاقات التي تربطهم بالعديد من القيادات الأمريكية المحافظة ووزارة الدفاع الأمريكية والمخابرات المركزية الأمريكية لنيل الحظوة المرجوة التي تؤهلهما لتولي قيادة البلاد. (7)
وقد تجلى هذا الصراع داخلياً في سعي الدكتور أحمد الجلبي إلى اجتثاث البعثيين من أجهزة الدولة ، وبشكل خاص من الدوائر الحساسة والمؤثرة ، في حين وقف السيد أياد علاوي على الضد من هذا الموقف مدعياً أن هذا التصرف لا يخدم المصالحة الوطنية ويظلم الكثير من البعثيين. كما أن السيد علاوي وحزبه كانا قد سعيا بشكل محموم إلى استقطاب البعثيين بدعوى كونهم لم يقوموا بأعمال إجرامية، من دون أن يثبت ذلك، ومن الخطورة بمكان تجاهل حقيقة أن الجهاز الحزبي كان يمثل السيف بيد الدكتاتور صدام حسين ، وكان جهازه التجسسي على المواطنين ، وتقديم التقارير التي أودت بحياة مئات الألوف من المواطنين العراقيين الشرفاء نتيجة تلك الوشايات التي تضمنتها تقاريرهم البائسة والمجرمة. وكان السعي للدفاع عن هؤلاء القتلة والجواسيس وتبرئة ساحتهم من الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء شعبنا الذين ضمتهم المقابر الجماعية وسجون النظام البشعة ومثارمه التي ليس لها مثيل في العالم أجمع ، وكان السعي لضمهم إلى حزبه من أجل توسيع قاعدته الحزبية عمل مرفوض ويشكل أعظم خطر على مستقبل الديمقراطية في العراق .
ومن جانب آخر سعت القوى السياسية الإسلامية الشيعية حثيثاً من أجل الهيمنة على الشارع العراقي لفرض أجندتها الإسلامية من خلال الاستعجال بفرض الانتخابات التي لم تهيأ لها الظروف الأمنية، ولم يهيأ لها شعبنا الذي خرج لتوه من قمقم الدكتاتورية والفاشية، ولم يتمتع بثمار الديمقراطية التي حرم منها خلال عقود طويلة لكي يتفتح ذهنه على التطورات الديمقراطية الجارية في العالم أجمع ويمارس حقوقه الديمقراطية التي أقرها له المجتمع الدولي من خلال الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الأمم المتحدة، وكان تفكير قيادات تلك الأحزاب محصوراً في السعي للهيمنة على المجلس التأسيسي الانتقالي ، ومن ثم السلطة العليا في البلاد ، وسن الدستور الجديد بما يتوافق مع أجندتهم الإسلامية الطائفية التي اوصلت البلاد فيما بعد للحرب الأهلية الطائفية.
كان ما يحتاجه العراق في تلك الأيام وفي المرحلة الانتقالية التي تلتها هو قيام نظام حكم مستقل عن هيمنة الأحزاب الدينية وغير الدينية يقوده رئيس مؤقت مستقل مشهود له بالوطنية الصادقة وحكومة تنكوقراط من العناصر الوطنية المستقلة النظيفة لمدة لا تزيد عن عام أو عامين على أبعد تقدير، تأخذ على عاتقها أحلال الأمن والنظام العام في البلاد ، وإرساء أسس الديمقراطية، و تهيئة الظروف المناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة ، وتحت إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية ، وسن دستور علماني يضمن الحقوق المشروعة لأبناء شعبنا من أجل إقامة نظام ديمقراطي يصون الحريات العامة ويضمن الحرية والعدالة والعيش الكريم لسائر أطياف المجتمع العراقي ، ويضمن حرية التنظيم الحزبي والنقابي، وضمان حرية الصحافة وحرية الرأي والعقيدة وغيرها من الحريات العامة الأخرى.
التسميات:
بحوث تاريخية
بحوث تاريخية
0 التعليقات: