المعاهدة الأمريكية المقترحة ومحنة العراقيين
4:51 م | مرسلة بواسطة
hamid
حامد الحمداني
3/11/2008
يتصاعد الجدل بين القوى السياسية المختلفة داخل البرلمان وخارجه، و داخل مجلس الوزراء، حول مصير المعاهدة الأمريكية العراقية المقترحة، بين مؤيد أو رافض بشكل مطلق، وبين مطالب بتعديلات مختلفة، ولكل من هذه الكتل والمجموعات أسبابه ودوافعه، ومدى التأثيرات الداخلية ا والخارجية منها بوجه خاص حيث تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطها المتصاعدة كلما اقترب موعد نهاية المدة التي حددها مجلس الأمن لبقاء القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة لدفع الحكومة العراقية للتوقيع على المعاهدة المقدمة من قبل الإدارة الأمريكية، حتى وصلت تلك الضغوط إلى درجة التهديدات التي ستواجه العراق إذا لم تُوقع المعاهدة حيث رسمت تلك التهديدات صورة قاتمة السواد لمصير العراق.
ومن جهة أخرى يصاعد حكام طهران ضغوطهم على حكام العراق وعلى أعوانهم في البرلمان وأحزاب الإسلام السياسي الشيعية المرتبطة بوشائج متينة بالنظام الإيراني من أجل رفض المعاهدة بشكل مطلق، ويقف إلى جانب حكام طهران في رفض المعاهدة النظام السوري المتحالف معهم منذ أمد طويل.
فقد نقلت صحيفة الحياة اللندنية تحذير الإدارة الأمريكية للحكومة العراقية من عدم التوقيع على مسودة الاتفاق الأمني معها إلى أن واشنطن سوف توقف تعاون قواتها عن تقديم المساعدة في دحر أعداء العراق، وهذا يعني وقف عمليات مكافحة الإرهاب والقاعدة والجماعات الخاصة، وتهديدات أخرى، فضلاً عن عدم المساعدة في عمليات مكافحة التمرد ضد الجماعات الخارجة على القانون، وعناصر النظام السابق وعمليات ضد الشبكات اللوجستية والمالية والمعلوماتية للإرهابيين قائلة: . أنها ستوقف تعاونها مع الحكومة العراقية في كل المجالات الأمنية والاقتصادية والمؤسساتية، محذرة من أن عدم التوقيع على الاتفاق الأمني يعني مخاطر على الأمن والاستقرار، ومخاطر على الأعمال والاقتصاد، وأضافت أنها ستوقف المساعدة الأمريكية للقوات العراقية في حماية البلاد، عبر رفع الغطاء الجوي على مدار 24 ساعة يومياً، وتجميد حماية البحرية الأميركية للمياه العراقية، ولاسيما في ميناء أم قصر ومرفأين لشحن النفط، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين لدى القوات الأميركية، وتجميد التعاون ألاستخباراتي وعمليات مراقبة ورصد العبوات ومخازن الأسلحة. .
و في الشأن الاقتصادي ستوقف الحماية الأمنية الأميركية لفرق إعادة الإعمار، وإنهاء مشاريع إعمار المرصد لها 4.9 بليون دولار، وإلغاء مشاريع لإعمار البنى التحتية للملاحة الجوية في العراق بقيمة مائتي مليون دولار، بالإضافة إلى وقف استثمارات ومشاريع أمريكية بقيمة 23 بليون دولار. وذكرت الصحيفة أن الرسالة أكدت أن مائتي ألف عراقي سيخسرون وظائفهم في حال عدم توقيع الاتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن الآثار المترتبة على المؤسسات العراقية ستشمل وقف الحماية والدعم الأمريكيين للمنظمات الدولية العاملة في العراق، مما يعني عملياً انسحاب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، ونهاية مهمة بعثة الحلف الأطلسي لتدريب القوات العراقية، والتي تخرّجْ سنوياً ستة آلاف شرطي. .
وذكرت أن الإدارة الأمريكية تتوقع انسحاب فرق إعادة الإعمار من المحافظات، بعد رفع الحماية الأمنية الضرورية، مما ينعكس ذلك سلباً على التنمية الاقتصادية والخدماتية وحكم القانون. .
وأشارت كذلك إلى أن ذلك سيؤدي إلى توقف الحماية الأمنية أيضا، ووقف المنظمات غير الحكومية لأنشطتها، ولاسيما منظمة الإغاثة الأميركية التي توفر خدمات أساسية ودعماً للنازحين داخل العراق، علاوة على برامج توظيفية، كما سيؤدي إلى رفع الحماية الأمنية الأمريكية عن المحاكم والقضاة. .
وأشارت الرسالة الأميركية أيضاً بان الولايات المتحدة ستكون في حل من تقديم الدعم الدولي للعراق في إطار برنامج [كومباك]، وعرقلة التقدم الذي حققته بغداد أخيراً على صعيد علاقاتها الدبلوماسية، خصوصاً مع الدول المجاورة، لأن المخاطر المترتبة على أمن البلاد في حال عدم توقيع الاتفاق ستؤثر سلباً في مهمات البعثات الدبلوماسية، وسيكون انهيار العراق حتمي في حال لم توقع الاتفاقية!.
ومن جهة أخرى حذرت مجموعة [مكلاتشي] الصحفية الأمريكية من أن انهيار العراق سيكون أمرا محتما في حال لم يجر إبرام الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد، أو لم يصدر قرار أممي بتفويض وجود القوات الأميركية في العراق. وأشارت مكلاتشي في تقريرها إلى أن الجنرال[ راي أوديرنو] القائد الأعلى للقوات الأميركية في العراق، حذر المسؤولين العراقيين الأسبوع الماضي من أن قواته ستقوم في حال عدم إبرام الاتفاقية بالانسحاب إلى داخل قواعدها العسكرية، لتشرع من ثم بمغادرة البلاد. ولفت التقرير إلى أن هذا التحذير عـُرض بلائحة من ثلاث صفحات، قالت مكلاتشي إنها اطلعت عليها أمس، ونصت على أن العراق سيخسر ستة مليارات وثلاثمئة مليون دولار من المساعدات الأميركية، فضلا عن مبيعات عسكرية بنحو عشرة مليارات في حال لم تُبرم الاتفاقية الأمنية..
وأكد التقرير بأن بعض المسؤولين العراقيين يرون أن هذا التهديد أمرا جديا، معربين عن قلقهم من أن البلاد قد تمر بأزمة في حال وصلت الاتفاقية إلى طريق مسدود.
وفي هذا الشأن،قال الليفتننت كولونيل [جيمس هاتون] المتحدث باسم الجنرال أوديرنو، إن اللائحة وفرت معلومات بوصفها جزءا من الارتباط بين القوات الأمريكية والحكومة العراقية في كثير من القضايا، حسب قوله. .
وبيّن التقرير أن القوات الأمريكية في حال عدم توفر تفويض أواتفاقية بحلول الأول من كانون الثاني المقبل، ستتوقف عن مشاركة الحكومة العراقية بالمعلومات الاستخباراتية وتكف عن توفير الدفاع الجوي والسيطرة الجوية، فضلا عن قطع برامج التدريب، وإيقاف خدمات المستشارين في الوزارات،.وأن تدريب القوات العراقية سيتوقف تماما، وسيجري الحد بشكل كبير جدا من الطلعات الجوية والبحرية والدوريات لمراقبة الحدود وحماية الممرات المائية.
وبموجب لائحة أوديرنو فإن الجيش الأمريكي سينهي توظيف نحو مئتي ألف عراقي، ويحجم عن صيانة ثمانية آلاف وخمسمائة مركبة هَمفي سبق أن أعطتها للقوات الأمنية العراقية وأضاف التقرير إلى أن الجيش الأمريكي هو الذي يدير المخابرات وسلاح الجو العراقيين، وأن المسؤولين العراقيين غالبا ما يستخدمون الطائرات العسكرية الأميركية للسفر بأمان، لافتا إلى أن الحكومة العراقية غير قادرة على مراقبة حركة الملاحة الجوية في سماء البلاد.
ولم تتوقف الضغوط الأمريكية إلى هذا الحد، بل سارعت الإدارة الأمريكية إلى دعوة السيد مسعود البارزاني مع وفد كبير على مستوى عالي مرافق له إلى واشنطن، والالتقاء بالرئيس بوش من أجل ممارسة الضغوط على حكومة المالكي للإسراع في التصديق على المعاهدة، حيث صرح البارزاني خلال زيارته لمعهد الدراسات الاستراتيجية الأمريكية قائلا:
{أن حكومة كردستان ستطلب من الإدارة الأمريكية أقامة قواعد عسكرية في منطقة كردستان العراق}، في تصرف يتعارض مع نصوص الدستور العراقي الذي أعطى هذا الحق للحكومة الاتحادية فقط.
لكني اعتقد أن هذا التصريح ليس إلا من باب الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية، وهو غير قابل للتحقيق لأنه يثير حساسيات خطيرة في البلاد على المستويين الشعبي والحكومي، ويجعل من الدستور ورقة في مهب الريح، وقد يعرّض موضوع الفيدرالية المختلف عليه في الدستور من قبل إطراف عديدة في البرلمان إلى خطر كبير، بل ويمكن أن يهدد العلاقات المتوترة أصلا بين الجانبين العربي والكردي، فلا يمكن التعامل مع الدستور الاتحادي بهذا الأسلوب.
لقد أثارت تصريحات مسعود البارزاني باستعداده لاستضافة قواعد أمريكية، إذا لم يوقع الاتفاق الأمني، ردودا غاضبة في من لدن عدد من أعضاء البرلمان الذين رفضوا تلك التصريحات واعتبروها [مخالفة دستورية]، وطالبوا البارزاني بالاعتذار إلى الشعب العراقي. .
فقد رفض النائب المستقل وائل عبد اللطيف تصريحات البارزاني ووصفها بأنها «تطور خطير في علاقة اقليم كردستان بالحكومة الاتحادية، ومحاولة للتصيد في الماء العكر، وتحدث السيد وائل عبد اللطيف لصحيفة الحياة قائلا:
{إن القادة الكرد يغرّدون دائماً خارج السرب، ففي الأمس منحوا عقوداً نفطية لشركات أجنبية، واليوم يريدون استضافة قواعد عسكرية. إن مثل هذه التصرفات تدل على وجود أمور تحاك ضد القوى السياسية من خلف الكواليس، و أن ذلك سيؤدي إلى خلق أجواء من عدم الثقة بين الكتل السياسية مطالباً الحكومة العراقية بـرفض التصريحات وإدانتها، ومساءلة البارزاني عن أسباب ادلائه بها}.
واعتبر النائب أسامة النجيفي تصريحات البارزاني انقلاباً على الدستور وابتزازاً للحكومة ومجلس النواب بشكل سافر، ومحاولة للتأثير في القرار العراقي، وإعطاء صورة عن العراق بأنه دويلات وليس دولة واحدة.
ودعا البارزاني إلى «الاعتذار عما قاله، وان يعلن صراحة التزامه بالدستور والأسس الديموقراطية لبناء الدولة، وان لا يتجاوز صلاحيات المركز وحقوق الشعب العراقي. .
أما النائب عن الائتلاف الشيعي فالح الفياض فقد صرح لصحيفة الحياة إن «تصريحات البارزاني ليس لها أساس قانوني، ومخالفة للدستور الذي نص على أن السياسات الخارجية والدفاعية والأمن من صلاحيات الحكومة الاتحادية.
وأضاف الفياض أن «الدستور لا يعطي الحق لا لإقليم كردستان ولا لأي محافظة أخرى باستضافة قواعد عسكرية أجنبية أو إقامة علاقات دبلوماسية مع أي دولة كانت.
وقد رد النائب عن التحالف الكردستاني محسن سعدون معتبرا تصريحات البارزاني تنبع من حرصه على أمن العراق من عواقب أي انهيار أمني قد يعقب انسحابا سريعا للقوات الأمريكية . .
وحاول النائب محسن سعدون تبرير تصريحات البارزاني قائلا : {عندما يقول السيد البارزاني إن الإقليم مستعد لتوقيع الاتفاق أو لإقامة قواعد عسكرية أمريكية فهو يأخذ في الاعتبار المخاطر التي قد تحصل في حال انسحاب القوات الأميركية والفراغ الأمني الذي ستتركه، مشيرا إلى أن هذا نابع من حرصه على الوضع في العراق!}.
وهكذا يجري التلاعب بمصير العراق من قبل القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة تحت الحماية الأمريكية والشعب العراقي مغيب، وتتقاذفه الأمواج المتلاطمة التي تهدد بعودة طوفان قوى الإرهاب الفاشية والظلامية والطائفية من جديد، وهو يدرك أن العراق مهدد من قبل حكام إيران المتوثبين لابتلاع العراق كلقمة سائغه، ويقابلهم من الطرف الآخر أيتام نظام البعث الفاشي المتهالك لاستعادة السلطة، وعودة المجازر الرهيبة التي مارسوها لسنوات طويلة، والتي ربما ستكون أكثر بشاعة وقساوة من قبل.
ومن جهة أخرى يدرك الشعب العراقي أن المحتلين الأمريكيين لن يخرجوا من العراق بهذه السهولة، فهم لم يأتوا لإنقاذ العراقيين من بطش نظام صدام القمعي المتوحش، ولا السعي لإقامة نظام ديمقراطي في العراق، بل جاءوا لتنفيذ أجندتهم البعيدة المدى في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك ينتابهم القلق الشديد من عقد الاتفاقية الأمنية الطويلة المدى بعد كل الذي عاناه من ويلات ومصائب وفواجع لا حصر لها منذ وقوع الاحتلال في التاسع من نيسان 2003 وحتى اليوم، وفي نفس الوقت ينتابهم القلق الشديد من عودة العنف وأعمال القتل والتخريب والتدمير والرعب التي أزهقت أرواح مئات الألوف من المواطنين الأبرياء ودمرت البنية الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والخدماتية في البلاد، وشردت ما يزيد على أربعة ملايين مواطن أخرين يقاسون من أوضاع مزرية بعد أن فروا من بيوتهم لينجوا من القتل على أيدي قوى الطغيان الصدامي من جهة وقوى الظلام والفاشية الدينية من جهة أخرى إن الوضع خطير جداً، وما تخبئه الأيام القادمة تثير القلق الشديد والفزع لدى المواطنين الذي باتوا يحلمون بالأمن والسلام ولقمة العيش دون أن يجدوها، أنها محنة وأي محنة.
3/11/2008
3/11/2008
يتصاعد الجدل بين القوى السياسية المختلفة داخل البرلمان وخارجه، و داخل مجلس الوزراء، حول مصير المعاهدة الأمريكية العراقية المقترحة، بين مؤيد أو رافض بشكل مطلق، وبين مطالب بتعديلات مختلفة، ولكل من هذه الكتل والمجموعات أسبابه ودوافعه، ومدى التأثيرات الداخلية ا والخارجية منها بوجه خاص حيث تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطها المتصاعدة كلما اقترب موعد نهاية المدة التي حددها مجلس الأمن لبقاء القوات المتعددة الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة لدفع الحكومة العراقية للتوقيع على المعاهدة المقدمة من قبل الإدارة الأمريكية، حتى وصلت تلك الضغوط إلى درجة التهديدات التي ستواجه العراق إذا لم تُوقع المعاهدة حيث رسمت تلك التهديدات صورة قاتمة السواد لمصير العراق.
ومن جهة أخرى يصاعد حكام طهران ضغوطهم على حكام العراق وعلى أعوانهم في البرلمان وأحزاب الإسلام السياسي الشيعية المرتبطة بوشائج متينة بالنظام الإيراني من أجل رفض المعاهدة بشكل مطلق، ويقف إلى جانب حكام طهران في رفض المعاهدة النظام السوري المتحالف معهم منذ أمد طويل.
فقد نقلت صحيفة الحياة اللندنية تحذير الإدارة الأمريكية للحكومة العراقية من عدم التوقيع على مسودة الاتفاق الأمني معها إلى أن واشنطن سوف توقف تعاون قواتها عن تقديم المساعدة في دحر أعداء العراق، وهذا يعني وقف عمليات مكافحة الإرهاب والقاعدة والجماعات الخاصة، وتهديدات أخرى، فضلاً عن عدم المساعدة في عمليات مكافحة التمرد ضد الجماعات الخارجة على القانون، وعناصر النظام السابق وعمليات ضد الشبكات اللوجستية والمالية والمعلوماتية للإرهابيين قائلة: . أنها ستوقف تعاونها مع الحكومة العراقية في كل المجالات الأمنية والاقتصادية والمؤسساتية، محذرة من أن عدم التوقيع على الاتفاق الأمني يعني مخاطر على الأمن والاستقرار، ومخاطر على الأعمال والاقتصاد، وأضافت أنها ستوقف المساعدة الأمريكية للقوات العراقية في حماية البلاد، عبر رفع الغطاء الجوي على مدار 24 ساعة يومياً، وتجميد حماية البحرية الأميركية للمياه العراقية، ولاسيما في ميناء أم قصر ومرفأين لشحن النفط، بالإضافة إلى إطلاق سراح المعتقلين لدى القوات الأميركية، وتجميد التعاون ألاستخباراتي وعمليات مراقبة ورصد العبوات ومخازن الأسلحة. .
و في الشأن الاقتصادي ستوقف الحماية الأمنية الأميركية لفرق إعادة الإعمار، وإنهاء مشاريع إعمار المرصد لها 4.9 بليون دولار، وإلغاء مشاريع لإعمار البنى التحتية للملاحة الجوية في العراق بقيمة مائتي مليون دولار، بالإضافة إلى وقف استثمارات ومشاريع أمريكية بقيمة 23 بليون دولار. وذكرت الصحيفة أن الرسالة أكدت أن مائتي ألف عراقي سيخسرون وظائفهم في حال عدم توقيع الاتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن الآثار المترتبة على المؤسسات العراقية ستشمل وقف الحماية والدعم الأمريكيين للمنظمات الدولية العاملة في العراق، مما يعني عملياً انسحاب بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، ونهاية مهمة بعثة الحلف الأطلسي لتدريب القوات العراقية، والتي تخرّجْ سنوياً ستة آلاف شرطي. .
وذكرت أن الإدارة الأمريكية تتوقع انسحاب فرق إعادة الإعمار من المحافظات، بعد رفع الحماية الأمنية الضرورية، مما ينعكس ذلك سلباً على التنمية الاقتصادية والخدماتية وحكم القانون. .
وأشارت كذلك إلى أن ذلك سيؤدي إلى توقف الحماية الأمنية أيضا، ووقف المنظمات غير الحكومية لأنشطتها، ولاسيما منظمة الإغاثة الأميركية التي توفر خدمات أساسية ودعماً للنازحين داخل العراق، علاوة على برامج توظيفية، كما سيؤدي إلى رفع الحماية الأمنية الأمريكية عن المحاكم والقضاة. .
وأشارت الرسالة الأميركية أيضاً بان الولايات المتحدة ستكون في حل من تقديم الدعم الدولي للعراق في إطار برنامج [كومباك]، وعرقلة التقدم الذي حققته بغداد أخيراً على صعيد علاقاتها الدبلوماسية، خصوصاً مع الدول المجاورة، لأن المخاطر المترتبة على أمن البلاد في حال عدم توقيع الاتفاق ستؤثر سلباً في مهمات البعثات الدبلوماسية، وسيكون انهيار العراق حتمي في حال لم توقع الاتفاقية!.
ومن جهة أخرى حذرت مجموعة [مكلاتشي] الصحفية الأمريكية من أن انهيار العراق سيكون أمرا محتما في حال لم يجر إبرام الاتفاقية الأمنية بين واشنطن وبغداد، أو لم يصدر قرار أممي بتفويض وجود القوات الأميركية في العراق. وأشارت مكلاتشي في تقريرها إلى أن الجنرال[ راي أوديرنو] القائد الأعلى للقوات الأميركية في العراق، حذر المسؤولين العراقيين الأسبوع الماضي من أن قواته ستقوم في حال عدم إبرام الاتفاقية بالانسحاب إلى داخل قواعدها العسكرية، لتشرع من ثم بمغادرة البلاد. ولفت التقرير إلى أن هذا التحذير عـُرض بلائحة من ثلاث صفحات، قالت مكلاتشي إنها اطلعت عليها أمس، ونصت على أن العراق سيخسر ستة مليارات وثلاثمئة مليون دولار من المساعدات الأميركية، فضلا عن مبيعات عسكرية بنحو عشرة مليارات في حال لم تُبرم الاتفاقية الأمنية..
وأكد التقرير بأن بعض المسؤولين العراقيين يرون أن هذا التهديد أمرا جديا، معربين عن قلقهم من أن البلاد قد تمر بأزمة في حال وصلت الاتفاقية إلى طريق مسدود.
وفي هذا الشأن،قال الليفتننت كولونيل [جيمس هاتون] المتحدث باسم الجنرال أوديرنو، إن اللائحة وفرت معلومات بوصفها جزءا من الارتباط بين القوات الأمريكية والحكومة العراقية في كثير من القضايا، حسب قوله. .
وبيّن التقرير أن القوات الأمريكية في حال عدم توفر تفويض أواتفاقية بحلول الأول من كانون الثاني المقبل، ستتوقف عن مشاركة الحكومة العراقية بالمعلومات الاستخباراتية وتكف عن توفير الدفاع الجوي والسيطرة الجوية، فضلا عن قطع برامج التدريب، وإيقاف خدمات المستشارين في الوزارات،.وأن تدريب القوات العراقية سيتوقف تماما، وسيجري الحد بشكل كبير جدا من الطلعات الجوية والبحرية والدوريات لمراقبة الحدود وحماية الممرات المائية.
وبموجب لائحة أوديرنو فإن الجيش الأمريكي سينهي توظيف نحو مئتي ألف عراقي، ويحجم عن صيانة ثمانية آلاف وخمسمائة مركبة هَمفي سبق أن أعطتها للقوات الأمنية العراقية وأضاف التقرير إلى أن الجيش الأمريكي هو الذي يدير المخابرات وسلاح الجو العراقيين، وأن المسؤولين العراقيين غالبا ما يستخدمون الطائرات العسكرية الأميركية للسفر بأمان، لافتا إلى أن الحكومة العراقية غير قادرة على مراقبة حركة الملاحة الجوية في سماء البلاد.
ولم تتوقف الضغوط الأمريكية إلى هذا الحد، بل سارعت الإدارة الأمريكية إلى دعوة السيد مسعود البارزاني مع وفد كبير على مستوى عالي مرافق له إلى واشنطن، والالتقاء بالرئيس بوش من أجل ممارسة الضغوط على حكومة المالكي للإسراع في التصديق على المعاهدة، حيث صرح البارزاني خلال زيارته لمعهد الدراسات الاستراتيجية الأمريكية قائلا:
{أن حكومة كردستان ستطلب من الإدارة الأمريكية أقامة قواعد عسكرية في منطقة كردستان العراق}، في تصرف يتعارض مع نصوص الدستور العراقي الذي أعطى هذا الحق للحكومة الاتحادية فقط.
لكني اعتقد أن هذا التصريح ليس إلا من باب الضغوط الأمريكية على الحكومة العراقية، وهو غير قابل للتحقيق لأنه يثير حساسيات خطيرة في البلاد على المستويين الشعبي والحكومي، ويجعل من الدستور ورقة في مهب الريح، وقد يعرّض موضوع الفيدرالية المختلف عليه في الدستور من قبل إطراف عديدة في البرلمان إلى خطر كبير، بل ويمكن أن يهدد العلاقات المتوترة أصلا بين الجانبين العربي والكردي، فلا يمكن التعامل مع الدستور الاتحادي بهذا الأسلوب.
لقد أثارت تصريحات مسعود البارزاني باستعداده لاستضافة قواعد أمريكية، إذا لم يوقع الاتفاق الأمني، ردودا غاضبة في من لدن عدد من أعضاء البرلمان الذين رفضوا تلك التصريحات واعتبروها [مخالفة دستورية]، وطالبوا البارزاني بالاعتذار إلى الشعب العراقي. .
فقد رفض النائب المستقل وائل عبد اللطيف تصريحات البارزاني ووصفها بأنها «تطور خطير في علاقة اقليم كردستان بالحكومة الاتحادية، ومحاولة للتصيد في الماء العكر، وتحدث السيد وائل عبد اللطيف لصحيفة الحياة قائلا:
{إن القادة الكرد يغرّدون دائماً خارج السرب، ففي الأمس منحوا عقوداً نفطية لشركات أجنبية، واليوم يريدون استضافة قواعد عسكرية. إن مثل هذه التصرفات تدل على وجود أمور تحاك ضد القوى السياسية من خلف الكواليس، و أن ذلك سيؤدي إلى خلق أجواء من عدم الثقة بين الكتل السياسية مطالباً الحكومة العراقية بـرفض التصريحات وإدانتها، ومساءلة البارزاني عن أسباب ادلائه بها}.
واعتبر النائب أسامة النجيفي تصريحات البارزاني انقلاباً على الدستور وابتزازاً للحكومة ومجلس النواب بشكل سافر، ومحاولة للتأثير في القرار العراقي، وإعطاء صورة عن العراق بأنه دويلات وليس دولة واحدة.
ودعا البارزاني إلى «الاعتذار عما قاله، وان يعلن صراحة التزامه بالدستور والأسس الديموقراطية لبناء الدولة، وان لا يتجاوز صلاحيات المركز وحقوق الشعب العراقي. .
أما النائب عن الائتلاف الشيعي فالح الفياض فقد صرح لصحيفة الحياة إن «تصريحات البارزاني ليس لها أساس قانوني، ومخالفة للدستور الذي نص على أن السياسات الخارجية والدفاعية والأمن من صلاحيات الحكومة الاتحادية.
وأضاف الفياض أن «الدستور لا يعطي الحق لا لإقليم كردستان ولا لأي محافظة أخرى باستضافة قواعد عسكرية أجنبية أو إقامة علاقات دبلوماسية مع أي دولة كانت.
وقد رد النائب عن التحالف الكردستاني محسن سعدون معتبرا تصريحات البارزاني تنبع من حرصه على أمن العراق من عواقب أي انهيار أمني قد يعقب انسحابا سريعا للقوات الأمريكية . .
وحاول النائب محسن سعدون تبرير تصريحات البارزاني قائلا : {عندما يقول السيد البارزاني إن الإقليم مستعد لتوقيع الاتفاق أو لإقامة قواعد عسكرية أمريكية فهو يأخذ في الاعتبار المخاطر التي قد تحصل في حال انسحاب القوات الأميركية والفراغ الأمني الذي ستتركه، مشيرا إلى أن هذا نابع من حرصه على الوضع في العراق!}.
وهكذا يجري التلاعب بمصير العراق من قبل القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة تحت الحماية الأمريكية والشعب العراقي مغيب، وتتقاذفه الأمواج المتلاطمة التي تهدد بعودة طوفان قوى الإرهاب الفاشية والظلامية والطائفية من جديد، وهو يدرك أن العراق مهدد من قبل حكام إيران المتوثبين لابتلاع العراق كلقمة سائغه، ويقابلهم من الطرف الآخر أيتام نظام البعث الفاشي المتهالك لاستعادة السلطة، وعودة المجازر الرهيبة التي مارسوها لسنوات طويلة، والتي ربما ستكون أكثر بشاعة وقساوة من قبل.
ومن جهة أخرى يدرك الشعب العراقي أن المحتلين الأمريكيين لن يخرجوا من العراق بهذه السهولة، فهم لم يأتوا لإنقاذ العراقيين من بطش نظام صدام القمعي المتوحش، ولا السعي لإقامة نظام ديمقراطي في العراق، بل جاءوا لتنفيذ أجندتهم البعيدة المدى في منطقة الشرق الأوسط، ولذلك ينتابهم القلق الشديد من عقد الاتفاقية الأمنية الطويلة المدى بعد كل الذي عاناه من ويلات ومصائب وفواجع لا حصر لها منذ وقوع الاحتلال في التاسع من نيسان 2003 وحتى اليوم، وفي نفس الوقت ينتابهم القلق الشديد من عودة العنف وأعمال القتل والتخريب والتدمير والرعب التي أزهقت أرواح مئات الألوف من المواطنين الأبرياء ودمرت البنية الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتعليمية والخدماتية في البلاد، وشردت ما يزيد على أربعة ملايين مواطن أخرين يقاسون من أوضاع مزرية بعد أن فروا من بيوتهم لينجوا من القتل على أيدي قوى الطغيان الصدامي من جهة وقوى الظلام والفاشية الدينية من جهة أخرى إن الوضع خطير جداً، وما تخبئه الأيام القادمة تثير القلق الشديد والفزع لدى المواطنين الذي باتوا يحلمون بالأمن والسلام ولقمة العيش دون أن يجدوها، أنها محنة وأي محنة.
3/11/2008
التسميات:
حقيبة المقالات
حقيبة المقالات
0 التعليقات: